لأسباب خارجة عن إرادتي، لما أتمكن بعد من مشاهدة الفيلم الأمريكي الوثائقي عن خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. لكن الجدل الذي أثاره الفيلم بين مؤيد ومُعَارِضٍ، دفعني إلى تسجيل خواطر أولية من وحي ما قرأته، والمَشَاهِد القليلة التي أتيح لي رؤيتها حتى الآن من الفيلم الجديد.
فالفيلم هيّج أشجاني المتراكمة في هذا الموضوع الحساس. نحن-المسلمين- نلوم الآخرين لأنهم يقدمون ديننا ومقدساتنا وتاريخنا ورجالاتنا تقديماً غير موضوعي، وذلك حق إنساني لنا بامتياز. ومصدر الزلل لدى كثير ممن يَعْرضون تلك القضايا لبني جلدتهم يتراوح بين الضغينة الموروثة، والجهل وقلة المعلومات بسبب حواجز اللغة والمفاهيم والثقافة.
لكن ذلك في الحالتين لا يعفينا من وزر التقصير الفادح. فليس أحدٌ أجدر منا لتقديم حقائق الإسلام وتاريخه المشرف، فما السر وراء اكتفائنا بتقريع الآخرين الذين يشوهوننا عمداً أو جهلاً؟
ومبدئياً، ينبغي لنا تسجيل نقطة إيجابية للفيلم، فهو أول عمل غربي يعرض السيرة النبوية الشريفة على مدى ساعتين، من خلال قناة تلفزيونية واسعة الانتشار(PBS).
وقد حرص المُعِدّان: ((مايكل وولف)) و((أليكساندر كرونيمير)) على مشاركة ضيوف مسلمين قدموا ما لديهم من معلومات وآراء بصورة معقولة، في حين كانت الغلبة لمستشرقين غير منصفين!!
ويلاحَظ تركيز الفيلم على الشيعة، ربما بتأثير مسارعة القوم إلى رعاية العمل مادياً؟
وفي انتظار أن يجود علينا أحد المثقفين المتخصصين بقراءة وافية نقدية ومتوازنة للفيلم، أختم ملاحظاتي بالإلحاح على دعوتي إلى أن نتولى زمام المبادرة بأنفسنا فنقدم الحقيقة بلغة فنية راقية تخاطب الآخر بالحكمة والموعظة الحسنة دون تفريط ولا مجاملة، على أن نوكل أمانة سلسلة من الأفلام الوثائقية عن مبادئ ديننا وتاريخه، إلى متخصصين يجمعون سلامة الاعتقاد مع التمكن المهني.