
نفى العديد من مسلمي الإيغور في تركستان الشرقية ادعاءات الهان لهم بالوقوف وراء حوادث الوخز بالإبر التي تعرض لها العشرات من الهان في الشوارع الأيام الماضية، مطالبين السلطات بتقديم الدليل على صحة هذه الادعاءات.
ومن جانبهم جدد الهان (العرقية السائدة في الصين) هذا الاتهام في مظاهرة نظمها ألف منهم اليوم الجمعة في ميدان الشعب بوسط عاصمة الإقليم أورومتشي، لمطالبة السلطات بتقديم الجناة للعدالة.
وألقى المتظاهرون اليوم الزجاجات البلاستيكية على أفراد الشرطة، مطالبين باستقالة رئيس الحزب الشيوعي الحاكم بالإقليم وانج ليكوان، بزعم أنه عجز عن تقديم الجناة للمحاكمة، وردت عليهم الشرطة باستخدام القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
وأكد من مسلمي الإيغور إنهم تعرضوا لنفس هذه الحوادث، وقد اعتقلت الشرطة 21 شخصا للاشتباه في أنهم الجناة، متعهدة بأن من يثبت تورطه "سينال أشد العقاب".
ووفق الإحصاءات التي أذاعتها وسائل الإعلام الصينية الرسمية فإن 476 شخصا توجهوا للمستشفيات للعلاج من الوخز بالإبر منذ منتصف أغسطس، غير أن 89 منهم فقط من وجد في جسده علامات لهذه الإبر.
وقد ذكرت امرأة تقطن المدينة أن السلطات قامت بإرسال رسائل نصية تحذيرية للسكان على هواتفهم، ذكرت فيها أن الإبر تحتوي على مرض غير محدد، وزاد ذلك من قلق الناس بسبب ارتفاع معدلات الإصابة بالإيدز بين سكان شينجيانغ بسبب تزايد الإدمان على المخدرات.
ولم ترد تقارير عن أي إصابات بالتهابات أو بتسمم جراء استخدام الحقن، لكن من غير الواضح لماذا استخدم المهاجمون حقنا، ولا ما تحتويه.
وقال شهود إنهم رأوا مسلما من الإيغور يتعرض للضرب على أيدي الهان الصينيين يشتبهون في أنه هاجم أشخاصا بالإبر، لكن الشرطة أنقذته ونقلته إلى المستشفى.
وكانت السلطات الصينية قد فرضت أمس حظر تجول على السكان الإيغوريين لضمان عدم المشاركة في المظاهرات؛ وذلك تحسبا لوقوع اضطرابات جديدة بين عرقيتي الهان والإيغور كتلك التي وقعت في يوليو الماضي، وأثارت استنكارا عالميا واسعا.
وكان من الملاحظ أن عددا من المساجد الكبرى في أورومتشي مغلق أمام المصلين في صلاة الجمعة، وقال مسئول إن "أوامر صدرت لنا ألا نفتحها اليوم لصالح أمن الجميع"، في إشارة إلى تخوف السلطات من خروج المسلمين في مظاهرات غضب عقب الصلاة.
وتأتي هذه التطورات بعد شهرين من وقوع اشتباكات بين الإيغوريين من جانب والشرطة وأبناء من عرقية الهان من جانب آخر عقب خروج متظاهرين من الإيغور للشوارع احتجاجا على ما قالوا إنه تهاون الحكومة في التعامل مع حادثة مقتل عاملين منهم على يد عمال من الهان في أحد المصانع بجنوب البلاد أواخر يونيو الماضي.
وكان قد اعتدى صينيون بوذيون من قومية "الهان" على مسلمي الإيجور الذين يشكلون أغلبية سكان تركستان الشرقية "شينجيانج" وذلك خلال تظاهرة قاموا بها أمس الخميس.
واحتشد متظاهرون من قومية "الهان" في العاصمة أورومتشي الخميس للمطالبة باستقالة كبير مسؤولي الحزب الشيوعي في تركستان الشرقية التي يقطنه غالبية مسلمة.
وتتهم الصين جماعات إسلامية في تركستان الشرقية بالسعي لإعادة إقامة دولة إسلامية كانت قائمة بهذا الاسم قبل أن تضمها الصين عنوة في ثمانينيات القرن التاسع عشر، ثم أحكمت قبضتها عليها حين تولى الشيوعيون الحكم عام 1949، وأطلقت عليها اسم "شينجيانج" أي المقاطعة الجديدة التي سعت إلى تحويلها إلى النمط الشيوعي الصيني الملحد خلافا للطابع الإسلامي السائد.
ومنذ أن ضمت بكين تركستان إليها عام 1949 وهي تشجع انتقال الصينيين من عرقية الهان على نطاق واسع إلى الإقليم ليسيطروا على ثرواته وتصبح لهم اليد العليا فيه، وهو ما أدى إلى تراجع نسبة السكان المسلمين في الإقليم من أكثر من 90% قبل هذا التاريخ إلى أقل بكثير من40%، بحسب أحدث الإحصاءات لصالح تزايد أعداد الهان الوافدين من بقية الأقاليم الصينية.