
نفى الملا عمر زعيم حركة طالبان الأفغانية تقديمه عرض لملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز يتضمن صيغة لوقف أعمال العنف في أفغانستان وشروط الحركة لوقف عملياتها. كما نفى ما زعمه مسؤولون أفغان من وجود حوار بين حركته وحكومة كابول بوساطة سعودية.
وقال الملا عمر في بيان نشر على الموقع الإلكتروني للحركة: "إن الإمارة الإسلامية في أفغانستان (طالبان) لم تجر مفاوضات سلام سواء في السعودية أم في الإمارات كما إنها لم تقدم أي عرض لملك السعودية أو للحكومة الأفغانية، ولم تتلق منهم أي رسالة بهذا الشأن".
وأضاف البيان إن كل ما يقال بهذا الشأن يأتي في إطار حرب إعلامية ذات أغراض "دنيئة"، مؤكدا أن "هذه المعلومات لا أساس لها وليست إلا دعاية تروج لها بعض الأوساط".
وكانت تقارير إعلامية إيرانية قد أشارت إلى أن الملا عمر قام بتقديم "عرض للسلام" في أفغانستان إلى السعودية، وأشارت أنباء أخرى إلى أن الصيغة التي اقترحها الملا عمر لهذا الاتفاق تتضمن استبدال عشرات الآلاف من قوات الناتو المنتشرة في أفغانستان بقوات من دول إسلامية، بالإضافة إلى تقاسم السلطة مع الرئيس الأفغاني حامد قرضاي.
لكن الملا عمر نفى ذلك في بيانه الأخير قائلا: "لم أبعث رسالة إلى العاهل السعودي (...) أو إلى خصومي (حكومة قرضاي والاحتلال المؤيد لها). ولم أتلق رسالة من جانبهم".
ويرى مراقبون إن الحديث عن مفاوضات مع طالبان يهدف إلى عزل العناصر "المتشددة" في الحركة وأنصار تنظيم القاعدة في أفغانستان.
وكان قرضاي قد أعطى الأمان للملا عمر إذا ما وافق على الدخول في مفاوضات من أجل إنهاء الصراع والتوصل إلى اتفاق سلام. وقال قرضاي في تصريحات له نهاية نوفمبر الماضي إنه على استعداد لتأمين حياة الملا عمر والتفاوض معه حتى إذا رفض ذلك شركاؤه الغربيون. وأضاف إنه طلب مساعدة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لتحقيق السلام في المنطقة.
ورفض الملا عمر عرض قرضاي مؤكدا أنه لن يدخل في مفاوضات حتى خروج قوات الاحتلال من البلاد.
كما سبق أن أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في نهاية أكتوبر الماضي إن بلاده رعت محادثات بين حكومة كابول و"عناصر معتدلة في طالبان". لكن طالبان عادت أيضا لتنفي ذلك قائلة إن الأشخاص الذين ربما يكونون تحاوروا مع حكومة قرضاي لا يمثلون طالبان. ولم تؤكد الحكومة الأفغانية إجراء هذه المفاوضات.
وحكمت طالبان أفغانستان بين عامي 1996 و2001، حيث أسقطها الاحتلال الأمريكي للبلاد. ومنذ نحو عامين عادت طالبان لتشدد من ضرباتها ضد قوات الاحتلال حيث باتت تسيطر على أكثر من 70% من الأراضي الأفغانية بحسب تقارير عسكرية.
ودفعت المقاومة الأفغانية التي تقودها طالبان بالقيادات الميدانية للاحتلال إلى القول بأنه من المستحيل تحقيق نصر عسكري على الأرض في أفغانستان، كما دعا عدد منهم إلى إجراء مفاوضات مع طالبان. وبدأت حكومة قرضاي الموالية للاحتلال والقوى الغربية المؤيدة لها تدرس فرص إجراء مفاوضات مع العناصر المعتدلة والبراغماتية من الحركة.
وفي الوقت نفسه، أعلن الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما اعتزامه إرسال قوات إضافية تبلغ ما بين 20 و30 ألف جندي إلى أفغانستان في الصيف المقبل، للمساعدة في قتال طالبان.
ويعتبر عام 2008 الأكثر دموية للاحتلال الأمريكي، حيث عززت طالبان سيطرتها على شرقي وجنوبي وغربي البلاد رغم انتشار أكثر من 70 ألف جندي من قوات الاحتلال في إطار قوتين إحداهما بقيادة أمريكية والأخرى متعددة الجنسيات بقيادة حلف شمال الأطلسي.