
شددت سلطات الاحتلال الهندية إجراءاتها الأمنية في الجزء الذي تسيطر عليه من إقليم كشمير، الذي تسكنه أغلبية إسلامية، عشية تنظيم انتخابات محلية، أعلنت جماعات المقاومة الرئيسية مقاطعتها لها.
وتجرى الانتخابات التي أصر الاحتلال الهندي على إجرائها على الرغم من الرفض الشعبي لها، على 7 مراحل، وتستمر حتى 24 من ديسمبر المقبل.
وقد اعتقلت قوات الاحتلال الهندية أكثر من 30 من قادة جماعات المقاومة الكشميرية بموجب مايسمى "قانون السلامة العامة"، الذي يسمح للشرطة الهندية بإحتجاز الاشخاص لمدة تصل الى سنتين من دون محاكمة. كما فرضت السلطات المحلية الإقامة الجبرية على زعيم كبرى جماعات المقاومة الكشميرية "ميرويز عمر فاروق"، لكن ذلك لم يمنعه من الدعوة إلى تنظيم "اجتماعات حاشدة للحرية" في المناطق التي ستجرى فيها الانتخابات، التي وصفها بـ "المهزلة".
ونشرت سلطات الاحتلال أكثر من نصف مليون من عناصر الجيش والشرطة الهندية في إقليم كشمير الذي شهد مؤخرا مظاهرات احتجاجية مطالبة بالاستقلال، كانت الاضخم منذ أكثر من عقدين.
وكانت الأشهر القليلة الماضية شهدت مظاهرات مؤيدة لاستقلال كشمير عن الهند لكنها قمعت بالقوة واعتقل العشرات من قادة جماعات المقاومة والمنادين بالاستقلال لمنعهم من قيادة التظاهرات ضد الاقتراع.
وكان مئات الآلاف من الكشميريين المسلمين نظموا خلال الصيف الماضي أكبر مظاهرات تشهدها كشمير لعقود ضد الحكم الهندي. وأدى تدخل الشرطة الهندية العنيف لفض المظاهرات إلى استشهاد نحو 40 مسلماً، على الرغم من أن التظاهرات كانت سلمية.
وتسيطر كل من الهند وباكستان على أجزاء من إقليم كشمير الذي تسكنه أغلبية مسلمة، وخاضتا حربا لمدة عامين بسبب النزاع حول السيطرة على الإقليم الذي قتل عشرات الآلاف من سكانه منذ أن خاضت حركات المقاومة فيه ثورة ضد حكم نيودلهي بدأت عام 1989 ، لإجبار قوات الاحتلال الهندية على الانسحاب منه.
وتقع كشمير في جنوب وسط آسيا، تحدها باكستان من الغرب والشمال الغربي، والصين من الشمال الشرقي والجنوب الشرقي، والهند من الجنوب، ويبلغ عدد سكانها نحو 12 مليون نسمة منهم مليون ونصف لاجئ في باكستان، ومائتان وخمسون ألف مغترب في دول متفرقة من العالم، وتقدر نسبة المسلمين فيهم بأكثر من 85% .
دخل الإسلام إلى كشمير بداية القرن الرابع عشر الميلادي، حيث تمكن أحد دعاة الإسلام ويدعى "بلبل شاه" من إقناع حاكمها البوذي "رينجن شاه" بالإسلام؛ فأسلم وأطلق على نفسه اسم "صدر الدين". بعد ذلك ظلت كشمير تحت الحكم الإسلامي حتى القرن الثامن عشر الميلادي، وسيطر عليها السيخ عام 1819م حتى عام 1846م. وما كادت تنفك كشمير من حكم السيخ حتى سيطر عليها الاستعمار البريطاني عام 1846م، الذي باعها إلى طائفة "الدوجرة" الهندوسية بمبلغ قدره سبعة ملايين ونصف مليون روبية هندية.
وفي عام 1947م تقرر تقسيم قارة جنوب آسيا إلى دولتين هما "باكستان" و"الهند"؛ على أن تنضم المناطق ذات الأغلبية المسلمة (ومن بينها كشمير) إلى الباكستان، بينما تنضم المناطق ذات الأغلبية غير المسلمة إلى الهند، إلا أن الهند استمرت تماطل في تنفيذ هذا القرار، وتمارس كل أنواع الضغوط على المسلمين فيها وبالأخص على الأغلبية المسلمة في كشمير، ولم تكتف بذلك، بل نقضت الاتفاق مع دولة باكستان وأعلنت السيطرة على ولاية كشمير بالتعاون مع المحتل الإنجليزي؛ فرفع الشباب المسلم الكشميري راية المقاومة لتحرير الولاية، وتمكنوا بفضل الله تعالى من إنقاذ ثلث الولاية، فتأسست الحكومة الحرة لولاية جامو وكشمير في 24 أكتوبر عام 1947م وسمي الجزء المحرر "بكشمير الحرة" وهو الذي يمثل 37% من مساحة الولاية التي بقي 63% منها تحت سيطرة الهند، ويطلق عليه "كشمير المحتلة".
اضطرت الهند بفضل انتصارات الشباب الكشميري إلى رفع القضية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أصدرت قراراً بإجراء الاستفتاء لتقرير مصير الولاية، ومن ثم الانضمام إما إلى الهند أو إلى باكستان، وكان ذلك في 5 يناير عام 1949م. وافقت حكومة الهند على القرار واستمرت موافقة عليه إلى عام 1956م، ثم بدأت تماطل مرة أخرى في تنفيذه، إلى أن رفضت تنفيذه تماماً وبقي موقفها هذا حتى الآن.
وقد حاول المسلمون في كشمير طوال فترة الاحتلال، الحصول على الاستقلال بالطرق السلمية السياسية؛ ولما لم تفلح هذه الطرق تطورت حركتهم الجهادية على ساحة الأحداث، واشتد زخم المقاومة واستجاب الشعب لدعوة المقاومة بشكل واسع.