بدأت معركة جديدة في الظهور بسوريا طرفاها روسيا وإيران، اللتان دعمتا نظام بشار الأسد طوال الجرب، قبل أن تطفو الخلافات على السطح.
ورغم أن الدولتين تشاركتا دعم الأسد على الساحة السورية لفترة طويلة، فإن لكل منهما أجندة مختلفة ومصالحهما بدأت تتباعد.
وخلف الكواليس، تجري الآن معركة حول من سيسيطر على نظام الأسد في "سوريا الجديدة"، خاصة بعد تصاعد التوترات الأسبوع الماضي، عندما نقلت روسيا قوات بحرية باتجاه الساحل السوري، بينما انتقد حلف شمال الأطلسي قرار موسكو لما وصفه بـ"تحركات عدوانية".
وذكرت وسائل الإعلام الروسية إن هذا الانتشار البحري يعد الأكبر من نوعه، منذ تدخلت روسيا بشكل عسكري مباشر في سوريا عام 2015.
ويأتي هذا الحشد العسكري بالتزامن مع هجوم متوقع على آخر معقل كبير يسيطر عليه المعارضون، في إدلب شمالي البلاد.
وأرسلت روسيا قواتها البحرية إلى المنطقة في نفس الوقت الذي أعلن به النظام السوري توقيع اتفاقية أمنية جديدة مع إيران، عقب زيارة لوزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي إلى دمشق، الاثنين الماضي.
وقبل 3 سنوات، انتشر سلاح الجو الروسي في سوريا من أجل ترجيح كفة الحرب لصالح الأسد.
وبموجب الاتفاقية الأمنية الموقعة بين طهران ونظام الأسد، ستساعد إيران في إعادة بناء الصناعات العسكرية والدفاعية لنظام الأسد، حيث تحدث وزير الدفاع الإيراني عن التزام طهران بإعادة إعمار سوريا.
كما تهدف طهران إلى السيطرة على صناعة الاتصالات السورية، التي تضررت خلال الحرب، لكنها لم تُدمر بالكامل.
ونشر محلل شؤون الشرق الأوسط في واشنطن ماثيو برودسكي مؤخرا، مراجعة للوضع المالي لنظام الأسد، فأشار إلى اتفاقيات الاتصالات الموقعة بالفعل مع إيران.
وأوضح أن "قطاع الاتصالات يشكل أهمية واضحة لإيران، ليس فقط بسبب العائدات المالية، وإنما للتنصت على المواطنين أيضا. لقد حققت عقود اتصالات حزب الله في لبنان عوائد هائلة في هذا الصدد".
كما أشار برودسكي، الباحث في مؤسسة "الدراسات الأمنية"، إلى اتفاق بين إيران ونظام الأسد يسمح لإيران بتطوير مناجم فوسفاتية في سوريا، رغم أنه ليس من الواضح ما إذا كانت طهران ستحصل على حقوق حصرية لتلك المناجم أم ستشاركها مع روسيا.
بالإضافة إلى ذلك، كتب برودسكي عن عقود انتفاع بين إيران والنظام السوري، تشمل حوالي 12 ألف فدان من الأراضي في محافظتي حمص وطرطوس، يمكن استخدامها لبناء محطات للنفط والغاز.
ومن المنافع المالية الأخرى لإيران التي قد تخرج بها من عملية إعادة الإعمار، نقل ملكية الأراضي الزراعية في سوريا التي تركها المواطنون السوريون الفارون من الحرب على مدار السنوات السبع الماضية، إلى أيدي الإيرانيين.
وكتب برودسكي عن "مخططات إعادة التوطين" التي يتبعها نظام الأسد، وتقضي بتحويل بعض تلك الأراضي إلى أعضاء الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، كوسيلة لمساعدتهم على ترسيخ وجودهم في سوريا.