28 شعبان 1439

السؤال

هل الأفضل لي في رمضان أن أصلي التهجد مع الجماعة (أقصد بالتهجد الصلاة الليلية بعد صلاة التراويح)، أم أصليها وحدي إذ إنني أشعر بأن الصلاة وحدي أقرب لقلبي.

أجاب عنها:
الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر

الجواب

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

كل ما يصليه المؤمن بالليل هو قيام ليل، والمؤمنون يبادرون إلى صلاة القيام عملا بقوله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه".

 

واختصت تسمية التهجد بذلك كونها تأتي بعد النوم، كما قال النووي رحمه الله، فإن من صلى بالليل بعد نوم فهو متهجد وصلاته هذه من قيام الليل.

 

وعن عائشةَ رضيَ الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم خَرَجَ ليلةً مِن جَوفِ الليلِ فصلَّى في المسجدِ، وصلَّى رجال بصلاتهِ، فأصْبحَ الناسُ فتَحدَّثوا، فاجتمع أكثر منهم، فصلَّى فصلّوا معَهُ، فأصْبحَ الناسُ فتَحدثوا فكثُرَ أهلُ المسجدِ منَ الليلةِ الثالثةِ، فخرَجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم فصُلِّيَ بصلاتهِ، فلمّا كانتِ الليلةُ الرابعةُ عَجَزَ المسجدُ عن أهلهِ حتى خَرَجَ لصلاةِ الصبح، فلمّا قضَىَ الفجر أقبلَ على الناس فتشهدَ ثمَّ قال: أما بعدُ فإِنهُ لم يَخْفَ عليَّ مَكانُكم. ولكِنِّي خَشِيتُ أن تُفرَضَ عليكم فتعجزِوا عنها. رواه البخاري.

 

وعن أَبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: «صُمْنَا مَعَ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حتى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ فقامَ بِنَا حتَى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا في السَّادِسَةِ وقَامَ بِنَا في الخَامِسَةِ حتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا له يا رسولَ الله لو نفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ إنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ. ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتى بَقِيَ ثَلاَثٌ مِنَ الشهْرِ وصَلَّى بِنَا في الثَّالِثَةِ وَدَعَا أَهْلَهُ ونِسَاءَهُ فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الفَلاَحَ، قُلْتُ لَهُ: ومَا الفَلاَحُ؟ قالَ: «السُّحورُ» رواه أحمد والنسائي والترمذي.

 

وفيما يخص سؤالك:

- فانا أرى أن تجمع بين الأمرين، صلِّ مع الجماعة فصلاة الجماعة فيها بركة.

 

- وكما سبق في الحديث فالصحابة رضوان الله عليهم كانوا قد اجتمعوا على النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج اليوم الأول والثاني، لكن في اليوم الثالث لم يخرج خوفاً من أن تُفرض عليهم.

 

- لما جاء عمر رضي الله عنه ولم يعد هناك خوف من أن تُفرض؛ فقد توفي الرسول صلى الله عليه وسلم، فجمع الناس على صلاة التراويح التي هي مشروعة.

 

- لا شك أن صلاة الجماعة فيها خير وتنافس وإعانة على العبادة.

 

- فانظر كم يبقى عندك من الساعات بعد الجماعة وصلّ ما شئت.

 

- فتصلي مع الإمام وتحافظ عليها مع الجماعة، فتكثر جماعة المسلمين، وتغيظ أعداء الله جل وعلا، وفي الوقت نفسه صلِّ ما شئت بعد الإمام واختمها بوتر.

 

- أهم شيء في ذلك هو الصدق والإخلاص.

 

- واحذر أن يدخل عليك الشطان فيبعدك عن صلاة الجماعة والتراويح فهي خير وبركة. والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.