أنت هنا

حاصدو رؤوس المسلمين في الجزائر
19 شعبان 1429

فجع المسلمون في العالم بأنباء المجازر الرعيبة التي ينفذها القتلة في الجزائر والذين حصدوا أرواح أكثر من سبعين مسلماً وجرحوا العديد غيرهم خلال عمليات متزامنة جرت هذا الأسبوع.

لا حاجة بنا أن ننتظر لنعرف من يتبنى مسؤولية هذه الجريمة؛ لأن من فتح الباب مأخوذ بجريرة من يمر منه، ومدان على كل حال، ما ظن أن أصحاب هذه المجازر هم أتقى وأورع وأصدق من أن يتحملوا آثام دم ينزف على أرض الجزائر هو عند الله أعظم حرمة من كعبة بيته الشريفة.

كما لا حاجة لنا أن يقسم ألف مرة بأنه ليس من الخوارج ولا على دينهم وعقيدتهم إن كان يرتكب الجرائم تترى، ويسفك دماء المسلمين بحجج واهيات لا تقف أبداً أمام الأدلة الشرعية وإدانة جماهير العلماء لأفعالهم المنكرة الأثيمة، إذا كان  يشاطرهم المشهد.

ولا قيمة أن يحظوا بتزكية فلان أو علان، ما دام المزكي والمزكى في الإثم والعدوان سواء، وما دمنا نرى بأم أعيننا ما يقوض أي تزكية وأي مبرر يسوقه هذا أو ذاك.

ولا فرق بين أن يدعونها "غزوة" أو ندعوها مجزرة بعدما أركسوا تلك الكلمة العزيزة في ذهن كل من قرأ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم بأفعالهم الجائرة الرخيصة.

لقد كانت غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم تثخن في الكافرين، وتنصر هذا الدين، وما برحت غزواتكم تحصد رؤوس المسلمين، وتنسف جهود المخلصين، ولقد كان جهاده صلى الله عليه وسلم عنوان المروءة والشجاعة والأخلاق والقيم الساميات، وكانت أفعالكم عنوان الخسة والعدوان والآثام المهلكات.

أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدفع بجيش أسامة عنا الروم، وكنتم لهم لنا جالبين؛ فلله أنتم بأي منطق تقولون، ولأي منحدر تهوون؟! فمن أفتاكم بقتل المسلمين ومن جرأكم على الدم الحرام، ومن أوهمكم أن الانتحار شهادة، وخدمة مخططات الأعداء ـ بدراية أو بدون ـ سبيلاً لقتالهم، ومن خدعكم في إخوانكم فصيرتموهم لكم تروساً ودروعاً ولأحلامكم سلماً وطريقاً؟!

إننا استقبلنا هذه الأخبار الأليمة بحزن بالغ ولهفة عظيمة على أهلنا المنكوبين في الجزائر، ونحن نستمع إلى أخبار مفجعة تشي لنا بقيمة دماء المسلمين عند  مقترفيها ومدى الاستهتار بحرمة الدماء المعصومة.

وما شاهدناه ألفناه في غير ما بلد مسلم، رفع فيه الأغرار السيوف فوق عمائم الشيوخ واغتروا بما يحفظونه ولا يعوونه تماماً مثلما كان يفعل أجدادهم في العصور الماضيات؛ فاكتسبوا الآثام وامتطوا الرزايا واجتلبوا المحن والمصائب. 

لقد حال ربنا سبحانه وتعالى بين المسلمين واكتساب المعرة بقتل مسلمين لم يتزيلوا من بين أظهر مشركي مكة فقال:  " وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا "[سورة الفتح ـ الآية 25]؛ فكيف بهذه المعرة التي تصيب المسلمين بجرائم ترتكب بين أظهر المسلمين أنفسهم؟!

فإن كان هؤلاء ممن يرعوي؛ فدونه ما يوقظه، وإن كان خياره في "استدراج" الاحتلال إلى بقعة أخرى غالية من بلاد المسلمين؛ فحسبنا الله ونعم الوكيل.