أنت هنا

التهافت العربي على بغداد خدمة مجانية للمشروع المعادي!!
12 شعبان 1429

فجأة بدأ سباق غريب إلى حد الاستعصاء على الفهم، بين عدد من العواصم العربية على فتح سفارات لها، في عاصمة المنصور والرشيد، الأسيرة تحت سنابك الصليبيين ومخالب الصفويين!! والعنوان المزعوم لهذا "الهجوم"الدبلوماسي هو التصدي للنفوذ الفارسي في العراق الجريح!!فما مدى صحة هذا الادعاء؟ وإذا كان غير صحيح فما الغاية الحقيقية وراء تحرك مريب في أصله كما في توقيته؟

إن أول ما يوهن هذه الدعوى العريضة، هو عجز المروجين عن تفسير تأخر همتهم خمس سنوات بالتمام والكمال، حتى بلغ النفوذ المجوسي حدوداً تجاوزت أحلام الشاه الحقود إسماعيل الصفوي ذاته!! بل إن خميني نفسه هلك وهو لا يحلم بأن يغزو أذنابه مراكز السلطة ومفاصل صنع القرار ومواقع الهيمنة على الثروة في بلاد الرافدين.

فما الذي يفعله السفراء بعد خراب العراق كله لا البصرة وحدها؟

ولو كان لدى النظام العربي الرسمي استراتيجية -أي استراتيجية- لأصبح الأمر قابلاً للأخذ والرد، فكيف وهم يذهبون فرادى تحت ضغط حسابات ضيقة سخيفة أو بتأثير العصا الأمريكية الباحثة عن سند خارجي في الحملة الانتخابية لمصلحة الحزب الجمهوري، صانع الورطة العراقية، الذي جاء إلى العراق غازياً يحلم بنهبه وإذلال شعبه بكل خنوع واستسلام، وفقاً لأكاذيب الرافضة الذين ضحكوا على المحافظين الجدد، لكن الكذبة لم تكن صحيحة إلا في مناطق الرفض التابعة للمجوس عقدياً وفي مناطق سيطرة العملاء الكرد بالقوة على الشعب المسلم الذي أنجب صلاح الدين طارد الصليبيين من المشرق قبل بضعة قرون.

وإذا كان الذيلان القذران الرافضي والكردي هما مطية العدوين-في وسائل الإعلام فحسب-أمريكا وإيران، فعلى من يراهن العرب الزاحفون إلى بغداد الجريحة؟

بالطبع يستحيل أن يعتمدوا على أهل السنة باعتبار أن أكثريتهم الساحقة هم أهل المقاومة ضد الغزوين :الصليبي والصفوي، وهم الذين جاهدوا من دون سند خارجي حتى أثخنوا العدوين القويين وأدواتهم المحلية، في ظل خذلان عربي عام وتآمر من بعض العرب ضدهم .

إنها باختصار شديد ليست سوى خدمة تُقَدّم للمشروع المعادي للعراق بخاصة وللعرب والمسلمين بعامة، من خلال دعم حكومة المالكي ذات العمالة المزدوجة، فيصبح الأمر وكأنه إقرار عربي مذهل بأن العراق بات محمية أمريكية إيرانية بقبول عربي رسمي، ليس له ميزة واحدة بكل المقاييس المعتبرة حتى في منطق السياسة الغربية النفعية المحضة!!

أفلا يكفي خسراناً أن النظام العربي الرسمي العقيم تخلى عن المقاومة العراقية الشريفة، وتواطأ بعضه ضدها رغبة أو رهبة أو انخداعاً بأسطورة الأمريكيين التي تتهم كل من يقاوم الاحتلال بأنه "إرهابي"؟

إن خطأً بهذا الحجم وفي هذا التوقيت تحديداً، يعني لدى العراقيين الأحرار الانتقال من مرحلة الخذلان المؤلم، إلى حقبة عداء فعلي، وتحول حكومات عربية من مقاعد المتفرجين على نحر العراق، إلى موقع شاهد الزور والشريك الصامت في إكمال مراحل وأد العراق!!

وإن مما يضاعف من الحسرة على هذا التخبط المؤذي للذات، أنه يتم في وقت حرجة لطرفَيْ المؤامرة على العراق، فالتناقضات الثانوية في حسابات الحصاد بينهما، يمكن أن تفجر خلافاً فعلياً بينهما على تقاسم الفريسة.وها هم آيات قم يضغطون على أدواتهم في المنطقة الخضراء ليعترضوا على بنود الاتفاق الأمني مع المحتل الأمريكي، بهدف رفع سقف المكاسب الفارسية المستقبلية.فهنالك خلاف على الحصص اللصين الغازِيَيْن، كان الأجدر بالحكومات العربية توظيفه لتقديم مساندة سياسية مهمة-ولو متأخرة-لأبطال الجهاد هناك، بما يعزز احتمالات استعادة العراق عافيته، وما يحقق ربحاً ضخماً للعرب، حتى بالمنطق الذرائعي الأناني.

فهل غابت كل هذه الحقائق عن صانعي قرار السباق على فتح سفارات في العراق الرازح تحت احتلالين كل منهما شر من صاحبه؟