أنت هنا

..وتدنيس آخر في نابلس
7 رجب 1429

لا يبدو تدنيس المساجد والمصاحف وإهانة المقدسات الإسلامية حكراً على طائفة دون أخرى، أو ديانة دون ديانة في العالم تخالف ديننا وتعاديه؛ فالأخبار التي طالعناها هذا الأسبوع عن تدنيس المساجد في الضفة الغربية ليست إلا حلقة من حلقات القهر الديني الذي يمارس على المسلمين في شتى أنحاء العالم.

ولم نكد نكتب عن جريمة دوس المصاحف في سجن صيدنايا في سوريا قبل أيام حتى صدمتنا الأخبار الآتية من نابلس، والتي تفيد بأن الجيش الصهيوني قد داهم منذ الاثنين عددا من المؤسسات والجمعيات الخيرية التابعة لحركة حماس في مدينة نابلس وأغلق بعضها وصادر محتويات البعض الآخر، وفي أثناء مداهمتهم هذه دنس الجنود ستة مساجد، وصادروا ثلاث حافلات من مدرسة إسلامية في البلدة، وفقاً للمسؤولين الفلسطينيين.

وبحسب موقع المركز الفلسطيني للإعلام؛ فإن الجنود الصهاينة قد اقتحموا "مسجد الساطون في البلدة القديمة وعاثوا فيه فساداً".

إن المساجد قد جرى تدنيسها هذه المرة تحت سمع وبصر "السلطة الفلسطينية" التي لم تحرك ساكناً لوقف هذه الإهانة الدينية، وبدت متساوقة مع الجهد الصهيوني في تحجيم أنشطة حماس في الضفة ولو على حساب جمعيات الأيتام والمساجد التي تديرها حماس، ولم يصدر احتجاجها إلا حين اشتملت الجرائم على مبنى بلدية نابلس التابع للسلطة، ما حدا بحافظ شاهين القائم بأعمال رئيس بلدية نابلس إلى القول "البلدية مؤسسة خدماتية. لا أرى أي سبب يدعو لمداهمتها. إنه اعتداء على السلطة الفلسطينية أيضا".

والغارة الصهيونية جاءت تتمة لجهد قامت به السلطة الفلسطينية ضمن حملة مشؤومة لوقف العمل الخيري التابع لحماس في الضفة الغربية، وما خلفته تلك الغارة يتضاءل أمام مشروع رئيس الوزراء المعين في الضفة سلام فياض الاستئصالي لكل ما هو يمت لحركة حماس بصلة، ولو كان مؤسسات توزع الحليب على الأيتام أو تعول أسرة ارتقى عائلها إلى السماء، وهو ما استدعى تنديداً قوياً من الحركة ومن رئيس حكومة فلسطين إسماعيل هنية، الذي اتهم  في تصريحات للصحفيين خلال زيارته مقر وزارة الأوقاف في مدينة غزة السلطة الفلسطينية بالمشاركة في "الحرب الإسرائيلية" على الجمعيات الخيرية في الضفة "بسبب أحقاد داخلية" ، مشيراً إلى أن السلطة كانت قد أغلقت من قبل أكثر من 100 جمعية بالفعل، ووصف إغلاق إسرائيل نحو 37 جمعية ومؤسسة مدنية في مدينتي نابلس ورام الله خلال الأيام الثلاثة الماضية "بأنه جريمة بشعة ضد الإنسانية" ، مطالباً بوقف هذه الإجراءات بشكل فوري وإعادة فتح تلك الجمعيات "التي لا ترعى سوى أبناء الشهداء والجرحى".

إننا هنا أيضاً ندين هذا التدنيس، أكان من "إسرائيل" وحلفائها، أو إيران وسوريا وأشياعهما، لا فرق بين إجرام وإجرام، ومعتقد وآخر، ما دام في النهاية قد أديا إلى نتيجة واحدة، وهي إهانة مقدسات المسلمين، وليس لنا موقف انتقائي من هذا أو ذاك؛ فالازدواجية هنا درب من دورب الخيانة للضمير والمبادئ، والصمت مساهمة بقسط وافر في جريمة تمس أصول الدين وثوابته ومقدساته، وهو ما نربأ به عن كل مسلم يعظم حرمات الله.