أنت هنا

طالباني ومصافحة باراك.. العلمانية والعمالة والتوائم السيامية!!
29 جمادى الثانية 1429
جلال الطالباني-المُعَيّن من الاحتلال الأمريكي رئيساً لجمهورية العراق-ليس أول متسلط في البلاد الإسلامية يهرول وراء قادة اليهود المجرمين أصحاب سجلات الغدر الجبان وذوي الأيدي الملطخة بدماء الشرفاء منا رجالاً ونساء وأطفالاً، ولا يتوقع أن يكون الأخير في مسلسل السقوط المستمر منذ عشرات السنين، حيث يلهث الساسة المفروضون على شعوبهم وراء الصهاينة إن لم يكن هياماً بهم فطلباً لمرضاة البيت الأبيض!!
فالطالباني الذي يُفترض فيه حد أدنى من احترام مشاعر العراقيين الذين يرأس جمهوريتهم-!!-، ما دامت غالبيتهم الساحقة تنظر إلى الدولة اليهودية باعتبارها العدو الأول وشبه الوحيد.لكن الرجل اللاهث وراء تل أبيب من خلال مصافحة الإرهابي السفاح إيهود باراك، لما فاجأته ردة الفعل القوية في العراق على مسلكه المرفوض، لجأ إلى عذر بارد يستحق صفة العذر الأقبح من الذّنْب، إذ زعم مكتبه أنه صافح باراك بصفته زعيم حزب سياسي وليس كرئيس للعراق!!
فمن بدهيات السياسة وأبجديات المنطق، أن قائد الدولة يجب أن يكون في مستوى زعامته للجميع، بل إن كثيراً من البلدان المتقدمة تُلزم من يتم انتخابه لموقع الرئاسة الأولى بالاستقالة من موقعه الحزبي، فهو-في ما ينبغي أن يكون-أصبح رئيساً لكل مواطنيه.بيد أن الطالباني ربما اعترف من حيث لا يدري بحقيقته وهي أنه ليس رئيساً عن جدارة للعراقيين، بل إنه ليس رئيساً حقّاً للكرد شبه المنفصلين عن العراق، فمن المعلوم للكافة أنه وخصمه اللدود مسعود البرزاني يقتسمان السيطرة على الشمال الكردي في السياسة والإدارة ونهب الموارد على حد سواء.وبعبارة أخرى فهو نصف زعيم لأكراد العراق، من الناحية العملية فحسب، أما بالمقاييس المبدئية فهو والبرزاني مفروضان على الكرد بقوة الميليشيات الذيلية التي تعيش على قمع المخالفين ونهب الجميع بمن فيهم الأتباع والموالون!!
أما المشهد البائس في عمقه فيلخص المأزق التاريخي للعلمانية التعسة في البلدان الإسلامية، التي يجري فرضها منذ زهاء مئة عام بالبطش وبالقبضة الفولاذية للجيوش بعد تحريفها عن واجبها الأساسي، وهو فرضٌ ثبت بالدليل تلو الدليل أنه عقيم ولا مستقبل له.فالعلمانية نبتة خبيثة غريبة قد تصلح-جدلاً-للغرب الذي اكتوى بديكتاتورية الكنيسة ووصايتها الفظيعة على العقل ومحاربتها الصلبة للعلم واستعبادها الناس وسلبهم ثرواتهم، لكنها لا تصلح مطلقاً في بيئة مسلمة.ومن هنا ظلت العلمانية في البلاد الإسلامية مرادفة للاستعمار والتنصير، ومؤشراً على عمالة سياسية أو حضارية أو مزدوجة تضمهما معاً.وها هو حصادها المُرّ ملموس في كل بلد اكتوى بنار جلاديها، من تركيا التي أحالها أتاتورك من قائد للعالم الإسلامي إلى ذيل للغرب ويأبى هذا الغرب قبولها في اتحاده الأوربي!!
أما القضية الكبرى للمسلمين(فلسطين الحبيبة السليبة)فليست في حاجة إلى تقديم الشواهد لأنها ما زالت ماثلة، تنطق بحجم الكوارث التي جلبها الساسة العلمانيون من هزائم متكررة وفشل دائم وتوسيع لرقعة الاحتلال وتوهين لقدرات الأمة على الثبات والجهاد.
وكأن عبيد التغريب لم يكتفوا بجريمتهم الأم لخدمة العدو-أي:إقصاء مليار مسلم على الأقل عن الإسهام في التصدي لليهود الغاصبين-فقد سعوا سعياً حثيثاً إلى إخماد الصوت الإسلامي الأصيل المعبر عن ضمير الأمة، حتى في داخل الساحة الفلسطينية الضيقة!!

وها هم عملاء العدو الذين اغتصبوا حركة فتح المقاومة أصلاً، لم يقفوا عند دور كلاب الحراسة للمحتل ومطاردة المجاهدين ورصد تحركاتهم لإبلاغ استخبارات اليهود عنها تسهيلاً لجريمة تصفيتهم، بل مضى كبيرهم اليوم إلى تشجيع جلال الطالباني على التودد إلى عدو الله إيهود باراك، مع أن ذلك لا ينقص من وزر العلماني الكردي ذرة واحدة.