أنت هنا

التعذيب صناعة "ديمقراطية"!!
19 جمادى الثانية 1429

الفيلم الذي بثته الجزيرة مساء أمس، ويستعرض مشاهد تعذيب جرت وقائعها في العراق، وظهر فيها نمط من الاستهانة بالمواطنين العراقيين المقيدين بشكل قاسٍ ويساقون إلى المسالخ العراقية الطائفية الرسمية على عربات عسكرية أمريكية يمتلكها الجيش العراقي الموالي للاحتلالين الأمريكي والإيراني، لا يقدم كثيراً فيما يخص الأحوال في العراق، لكنه يضيف جديداً في تقويم الحالة "الديمقراطية" في العراق.
كان الرئيس الأمريكي "يبشر" بدولة القانون والمساواة والديمقراطية في العراق، كنموذج يصلح للتنفيذ في كل المنطقة، والآن بعد مرور خمس سنوات على العدوان لم "تفلح" الولايات المتحدة (لو كانت أرادت) في إقامة نظام يمنح مخالفيه حتى حق قصر التعذيب على أقبية السجون فقط، وإنما يزيد ليعرض الأسرى مقيدين في عربات الاحتلال لتوزيع الرعب بالمساواة على أهالي المدن العراقية الأبية.
الصورة التي بثت أمس، وجد نظيرها في اليوم ذاته خلال تقرير نشرته المواقع العراقية عن التعذيب الذي ينفذ في سجون الكرد في الشمال العراقي، وجاء في التقرير أن "الجهازين الأمنيين (الاسايش– الأمن) التابع لحكومة الإقليم في السليمانية و(زانياري – الاستخبارات) التابع للاتحاد الوطني الكردستاني قد تفوقا في أدائهما على أجهزة النظام السابق البوليسية التي طالما تحدث العراقيون والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان عن الفظائع التي كانت ترتكب في دهاليزها على مرأى ومسمع من العالم المتمدن والمنظمة الدولية من دون أن يتحرك أحد أو جهة لإنقاذ العراقيين من تلك المظالم والانتهاكات الفريدة من نوعها في تاريخ البشرية".
في مناطق الكرد، كما تلك التي يسيطر عليها الشيعة في العراق، كلتيهما تضم مسالخ تعذيب برعاية أمريكية، وتلك الرعاية التي سجلتها جماعة أمريكية لحقوق الإنسان ذكرت قبل يومين أن فحوصا طبية أجريت لمعتقلين في سجون الجيش الأمريكي بالعراق وكوبا أكدت وجود أدلة على تعرضهم للتعذيب، وهو بدوره ما يعد امتداداً طبيعياً لحلقات التعذيب التي مارسها المحتلون في أبو غريب وغيره بالعراق.
المفارق أيضاً، أنه في يوم أمس أيضاً، أكدت "اللجنة الإسرائيلية ضد التعذيب"، في تقريرها السنوي، الذي أصدرته، على "استفحال ظاهرة التعذيب التي يمارسها جنود الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين، خاصة وهم مكبلي الأيدي والأرجل، إضافة إلى زيادة استخدام الكلاب المدربة، كعامل مهين من الناحيتين الإنسانية والدينية".

كل ما تقدم ليس جديداً ولا بدعاً في عرف هؤلاء، لكن العجيب أن يجتمع كل هذا في هذا الوقت القصير في وقت يظل بعض الحالمين لدينا مستمسكين بالوهم القائل بأن الغرب يريد أن يصدر إلينا ديمقراطيته وحريته، وتتضافر الأخبار في يوم واحد لتنسف كل هذه الوساوس والأوهام.
إن الغرب لم يزل يعلم عملاءه وأتباعه في المنطقة طرائق التعذيب والإهانة التي لم يكن يعرف بها سكان المنطقة في أزمنة ما قبل "الاستعمار"، بما يجعلنا واثقين تماماً أنه لولا تدخل الغرب في بلداننا لما سمعنا صرخة معذب ولنعمنا بالحرية التي كنا دوماً نحياها قبل أن يطأ المجرمون "الديمقراطيون" بلداننا!!