أنت هنا

صفعة لأعداء المقاومة..
14 جمادى الثانية 1429

أخيراً اضطرت دولة العدوان والحقد والتوسع إلى تجرع كأس السُّم والقبول بإبرام تهدئة مع حركة حماس مدتها ستة أشهر، ودخلت نطاق التنفيذ خلال أقل من 48 ساعة من الاتفاق على الهدنة، الذي تم في القاهرة نتيجة مفاوضات غير مباشرة برعاية الحكومة المصرية.
وقد تصمد التهدئة حتى انقضاء مدتها على الأقل، وربما تنهار بعد أيام أو أسابيع، فالمسألة تتعلق بمدى التزام العدو بتعهداته، وسِجِلّ اليهود في هذا المجال شر سجل لأي جماعة بشرية على الإطلاق، وذلكم حكم الله عز وجل عليهم وواقعهم الملموس لدى أمم الأرض كافة من قبل ومن بعد.وهذا ليس قضية حيوية، فإذا عاد الصهاينة سيرتهم الأولى، فليس لدى شعب فلسطين المجاهد ما يخسره، حيث الاستعداد الرفيع للجهاد بالنفس والمال في أعلى ذراه، والعدو قد خَبِرَ بسالة هذا الشعب وصلابته، بالرغم من تواطؤ الأعداء جميعاً، وخذلان الأقربين، ولولا هذا الثبات لما ارتضت تل أبيب المتغطرسة المغرورة بسلاحها النووي وعتادها الرهيب، إلى القبول باتفاق مع حماس حتى على تنظيم حركة المرور!!
وهنا مربط الفَرَس –كما يُقال-، فحتى أيام قليلة مضتْ، كان العدو المتكبر يرفض مجرد الحديث عن تهدئة مع حماس، وعندما أدرك أنه ليس أمامه خيار آخر، حاول ساسته المجرمون رفع سقف شروطهم، ثم لم يجدوا مفرّاً من التسليم بالتهدئة من دون شروط مسبقة.
وأسوأ ما في هذه السابقة بالنسبة إلى أحفاد قتلة الأنبياء، أن الطرف الآخر لا يعترف بوجودهم الظالم فوق ثرى فلسطين، الأمر الذي يجعل من اتفاق التهدئة هذا، نقطة تحوّلٍ تاريخية، ومؤشراً حاسماً على مستقبل الصراع الجذري بين أمة الإسلام والعدو اليهودي المعتدي عليها في عقر دارها.فهذه هي المرة الأولى في تاريخ الكيان الصهيوني، التي يقبل فيها بالاتفاق مع طرف لا يعترف باغتصاب فلسطين(أراضي 1948م)..بل إن المضحك المُبْكي يتجلى في ركض العرب وراء العدو يتسولون منه القبول بهم، وهم مقرّون له بطمس فلسطين، وبعضهم موافق-ضمناً-على إسقاط حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، بالرغم من إقرار منظمة الجور الدولية(هيئة الأمم المتحدة)لهم بهذا الحق!!
أما عملاء الرضوخ لإملاءات اليهود، فليس هنالك من يأبه بنباحهم الحاقد، وتزييفهم الحقائق القطعية التي يشاهدها الناس مباشرة، من دون حاجة إلى تحليل سياسي مؤدلج كاذب أو صادق.
فما من عاقل سوف ينخدع بافتراءاتهم وقلبهم الحقائق الساطعة، مثل ادعائهم أن حركات المقاومة الفلسطينية الشريفة، هي التي لهثت وراء العدو لكي يرتضي عقد التهدئة!!وكأن عدونا الطاووسي ينقصه الاستكبار الذي يمارسه على عملائه فحسب.
ولو كان لمزاعمهم الرخيصة أدنى ظل من الصدق، لكان اليهود"أنبل"عدو في التاريخ الإنساني!!فما من خصم قوي يستجيب لرجاءات خصمه المهزوم، فكيف بعدو يحفل تاريخه بالدماء والاستئصال حتى للبهائم والشجر؟!
ويكفي لفضح ما في هذه الأباطيل مما يثير السخرية، عقد موازنة عاجلة بين ما أنجزته المقاومة التي تآمر عليها هؤلاء بالتنسيق مع سادتهم في واشنطن وتل أبيب، وبين ما"حققه" أولئك المنبطحون بعد 14 عاماً من الإذعان المستمر لإملاءات الصهاينة وضغوط العم سام"راعي السلام!!!!".
أفلم يضطر الاحتلال إلى الخروج من قطاع غزة راغماً، تحت وطأة المقاومة الصلبة؟ثم ها هو يأتي محسوراً مخذولاً إلى اتفاق غير مسبوق في تاريخ الصراع على مدى ستين عاماً؟
أما الضفة الغربية التي يمسك بخناقها أتباع الرباعية الدولية وخريطة الطريق، فالاحتلال والتهويد يطوقانها من كل جانب، والحواجز العسكرية للعدو تُقَطّع أوصال المدينة الواحدة!!
إنها صفعة قوية لليهود ولراعيهم الأمريكي بخاصة والغربي بعامة، وكذلك لكل المتآمرين على قضية أمتهم، ولجميع المنهزمين نفسياً والمتخاذلين، الذين طالما شكّكوا في جدوى المقاومة، وروّجوا للاستسلام بذريعة الواقعية المزعومة!!