أنت هنا

التهديد للصدريين والذبح للموصل!!
15 جمادى الأول 1429

صدق شاعرنا العربي عندما قال:
ومُكَلّفُ الأشياء ضد طباعها
متطلبٌ في الماء جذوة نارِ
فالعاقل لا يتوقع من الذئب أن يصبح نعجة أليفة،ولا يتوهم أن ينعم بدفء طبيعي في شتاء سيبيريا المتجمدة على مدار العام،وبلهجة أشقائنا المصريين :لا ينتظر من الحدأة(الشوحة) أن ترمي له كتاكيت!!
لقد حاولت حكومة نور المالكي إقامة سيرك تهريجي من خلال استهدافها "جيش المهدي"الذي يتزعمه مقتدى الصدر. ومنبع القوة في هذا التهريج أن حكومة المنطقة الخضراء سعت فعليا إلى استئصال الصدريين عسكرياً، بما يعنيه ذلك من إقصاء فريق قوي عن ساحة النهب المنظم وتقاسم ثروات العراق بين حفنة من الأدوات المشتركة لـ"الخصمين اللدودين":"الشيطان الأكبر"و"كبير محور الشر" في آن معاً!!
فالمالكي يدرك منذ البداية أن قدرته على صنع القرار هامشية ومحدودة جدا ولاسيما في موضوع ذي نتائج حاسمة مثل موضوع إنهاء طرف شيعي مدجج بالسلاح ومدعوم من طهران-وهي ولي نعمة الطرفين الشيعيين المتناحرين-.فهذه الحكومة الكرتونية عاجزة عن تنفيذ شؤون الحياة اليومية خارج طاعة رؤوس الفتنة وقادة ميليشيات القتل وفرق الموت،فضلا عن المهيمن الفعلي:الاحتلال الأمريكي، بل إن ما يسمى حكومة يعجز منذ مدة طويلة عن مجرد الالتئام بصورة طبيعية بعد أن غادرها الصدريون وجماعة علاوي وجبهة التوافق!!
لكن لمسرحية مهاجمة ميليشيا جيش المهدي أكثر من فائدة؛ فهي تموّه الوجه الطائفي القبيح والمفضوح للمالكي وعصابته، وتقلص حصة الصدر في نهب النفط وتقاضي الإتاوات، أما الهدف الأهم والأشد خطورة فيتمثل في اتخاذها قناعاً لتبرير وقائي للهجمة الشرسة المبيتة ضد آخر معقل لأهل السنة في العراق أي : منطقة الموصل، تحت الراية الكاذبة الخاطئة ذاتها: ملاحقة تنظيم القاعدة!!
إذ سبق للاحتلال وزبانيته وشريكهما الإيراني المتدثر بعباءة العداء للأمريكان، سبق لهذا التحالف الثلاثي الخبيث أن أمعن في تدمير المناطق السنية في بغداد ومحيطها وفي محافظة الأنبار، ولما أدرك عجزه عن ذلك توسل بسياسات المخاتلة لشقّ صفوف أهل السنة، وهو الأمر الذي نجح هؤلاء الحاقدون فيه نسبيا.
فلقد تسلل المحتل من خلال بعض ضعفاء النفوس الباحثين عن دور بأي ثمن والمتعطشين إلى المال والزعامة السخيفة على أهلهم مع رضاهم بأن يكونوا أعوانا للعدو الخارجي والداخلي ضد أبناء دينهم وعشيرتهم معا،كما استغلوا الجبناء الذين توهموا أن اللحظة العابرة ستدوم وأن الأمة سوف تستسلم راضخة مهزومة. وقد تنوعت أسماء تلك الزعامات الهزيلة من "صحوات"غدا أشياعها مخبرين على تحركات المقاومة، إلى أحزاب تآلفت مدة من الزمن، وبالرغم من أنها لم تحصل حتى على الفتات الذي وُعِدَتْ به؛ فإن المكاسب التافهة مزقت جبهتها فأصبحت ثلاثة أشلاء متنافرة متنابزة!!
إن هؤلاء الخائرين والمنهارين نفسيا لا يدركون سنن الله عز وجل في خلقه ولم يطالعوا حقائق العدوّين: القريب جغرافيا والبعيد، ومدى قربهما سياسيا واستراتيجيا، وطبيعة حقدهما المشترك علينا. ولو كان لدى هؤلاء الخائرين حدّ أدنى من عقيدة الولاء والبراء لما تمكن الاحتلال وزبانيته من الضحك عليهم.
أما الموصل العريقة فلن ترضخ لجبروت المعتدين ولن تستكين لأطماع آيات قم، والعراقيون الشرفاء سيواصلون جهادهم حتى يتحرر بلدهم من رجس الصليبية وأعوانها، بإذن الله تعالى. وذلك وعد الله لعباده المؤمنين، وتلك قصة العراق تحديدا مع ضغائن المجوسية التي تتجدد بين حقبة تاريخية وأخرى ثم يخزيها الله سبحانه، لكن وارثيها لا يتعظون بمصير أسلافهم الهالكين. وليس أدل على صدق هذه القاعدة الثابتة من تجربة الاحتلال وأذنابه مع الموصل قبل ثلاث سنوات عندما حشدوا ضدها حملة ضخمة ضمّت الطيران والمروحيات والدبابات والمدفعية لكنها آبت بالخسران المبين وعادت تجر أذيال الخيبة.