19 شوال 1429

السؤال

انا الان أقراء في بعض الكتب و المطلوب أان تدلوني كيف أكون :
1/ منطلق في الحديث
2/ مثقف لدي مخزون ثقافي كبير
3/ ملم بالواقع افهم مايدور حولي
4/ لدي سرعة بديهيه
اعلم أنها لا تأتي في يوم وليله ولكن أريد اختصارا لذلك .

أجاب عنها:
إبراهيم الأزرق

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخ الكريم أسأل الله أن يوفقك إلى ما فيه خيري الدنيا والآخرة وأن يرزقك من الملكات ما يمُنُّ عليك بتسخيره في طاعته وإلا فكم من أناس أعطاهم الله علوماً وفهوماً فما أغنت عنهم العقول والأفهام لما سخروها في غير مرضاة الله، وما ابتغوا بها وجه الله، وقد قيل: ما لم يكن بالله فلا يكون، وما لم يكن لله فلا ينفع.
ثم اعلم أن ما طلبت لن تناله بكلمات تقال هنا أو تسمعها هناك بل الأمر يحتاج إلى جد واجتهاد ودأب ومران وذلك بحسب قدراتك الحالية ورصيدك من المعارف والعلوم.
فحتى يكون لسانك منطلقاً في الحديث فلا بد لك من مخزون ثقافي ورصيد معرفي، ثم مع ذلك لا بد أن تكون على علم باللغة، صاحب دربة في النطق بقواعدها، وزيادة على ذلك فلا بد من أن تكون قد مرست نفسك على الحديث ومرنت لسانك على ذلك.. فإن دأبت مجتهداً في التعلم والمران فسوف تجد عاماً بعد عام أن ملكة التعبير والانطلاق في الحديث قد زادت عندك.
ولعل مما يساعد في اختصار الوقت شيئاً ما سماعك لمن تأمل أن تكون مثله، وكذلك ربما كانت بعض الدورات في تعليم الخطابة مجدية أو فيها من الفوائد والتنبيهات ما يناسبك، وذلك بحسبك وحسبها.
وأياً ما كان فإني أعظك أن تكون بعد ذلك من الذين قال فيهم محمد إقبال: "قد يكون – أحد هؤلاء الشبان – لبقاً في الحديث، متشدقاً في الكلام، ولكن عينيه لا تعرف الدموع، وقلبه لا يعرف الخشوع".
وأما المخزون الثقافي فلا سبيل إليه بغير مكابدة للكتب والدوريات، وقراءة في الصحف والمجلات، ونظراً في النافع من برامج الفضائيات، مع صبر وطول زمان وحسن فهم وذلك فضل الله.
وهنا ينبغي أن تعلم أخي الحبيب أنه ليس كل ما سمي ثقافة ينفع المرء ويفيده، بل كثير مما اندرج في ثقافة الناس اليوم علمه لا ينفع وجهله لا يضر، بل ربما كان علمه ضاراً وجهله نافعاً، والمسلم الحق المثقف هو الذي يميز بين ما فيه نفع فيأخذه ويتعلمه ويملأ به ذهنه وبين ما لا نفع فيه أو فيه ضرر فلا يعبأ به ولا يشغل به لحظات عمره الثمينة.
فإن أنت حصلت ما ذكرت لك واستعنت بالله وأخلصت القصد له وفقك لإنزال ثقافتك على واقعك وعلمك ما لم تكن تعلم ودلك وأرشدك وهداك وسددك.
فاصبر على التعلم، وأكثر اللّجَأَ إليه سبحانه، وأخلص القصد إليه، واستعن به، وقل: يا معلم آدم وإبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني، وقد قيل:
أخلق بذي الصبر أن يظفر بحاجته ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
والله أسأل أن يوفقنا وإياك إلى ما فيه رضاه.