أنت هنا

بين جولَتَيْ كارتر ورايس.. الاستراتيجية الأمريكية/ الصفوية الخفية؟
16 ربيع الثاني 1429

هل يمكن اتهام (الرئيس الأمريكي الأسبق) جيمي كارتر بمناوأة الدولة الصهيونية العدوانية التوسعية؟
إنه سؤال ساذج بلا ريب، غير أنه يفرض نفسه فرضاً في ضوء حملات التشكيك في جولته الحالية في المنطقة، من قِبَل الأبواق اليهودية المتشنجة في واشنطن وتل أبيب على السواء-وربما بدا الصوت أعلى في بلاد العم سام. فالقوم يعارضون لقاءات كارتر بقيادات حماس، بالرغم من تمسكه بالانحياز الغربي التقليدي للباطل الصهيوني، لكنه لأسباب واقعية يؤيد عن قناعة عملية بقيام"دولة"فلسطينية على بعض الأراضي التي احتلها الجيش الصهيوني عام1967م.فهو لا يخالف إدارة بوش الصغير في "حق إسرائيل"في الوجود والأمن!!بيد أن بوش غير مقتنع فعليا حتى بدويلة تقوم بدور السياج الأمني لكيان اليهود الغاصب؟
ومن ناحية استراتيجية لا يحق لغلاة الصهاينة أن يزايدوا على كارتر"المتدين نصرانيا"، في وده المفرط للدولة اللقيطة، فهو صاحب أكبر إنجاز تاريخي لفائدتها بالمعنى الاستراتيجي السياسي والعسكري والأمني-لئلا نقول:الوجودي-، فالرجل صاحب كامب ديفيد التي أخرجت مصر من الصراع العربي مع الصهيونية منذ نحو30عاماً –وليس سرّاً أن مصر هي كبرى الدول العربية وأقواها عسكريا والتي يقال فيها عن حق:لا حرب من دون مصر-.
ولكي تكتمل فضيحة النفاق الأمريكي، يجدر بالمراقب الموضوعي أن يتأمل في جولة (وزيرة الخارجية الأمريكية) كونداليزا رايس، وهي جولة تزامنت مع جولة كارتر.ومهمة رايس الأساسية في جولتها الراهنة، هي الترويج لحكومة نور المالكي عربياً، وتزييف حقائق مجريات الأمور في العراق، فهي تصوّر المالكي الطائفي الحقود والمتحالف حتى النخاع مع نظام ملالي قم، في ثوب الشخص الوطني الذي يحتاج إلى مؤازرة عربية للوقوف في وجه سيدته :طهران!!
وبصرف النظر عن السخرية التي تثيرها هذه الصورة الكاريكاتيرية السخيفة، فإن للعاقل أن يسأل إدارة بوش الابن:هل علاقة حماس النفعية الاضطرارية المحدودة مع إيران أقوى من علاقة المالكي وعبد العزيز الحكيم وسائر أعضاء عصابة المشروع الصفوي البغيض؟
نقول ذلك من خلال قراءة الواقع على الأرض كما هو وليس كما يشتهي زيد أو يكره عمرو، وإلا فقد أُميط اللثام عن محادثات مستمرة منذ سنوات بين واشنطن وطهران، وأحاطها الطرفان"المتناقضان لفظياً فقط"بكتمان شديد استعصى على أنوف الصحافيين الغربيين كافةً.
ومن جهة موازية يحق لنا أن نسأل:ما الذي قدمته سلطات الاحتلال في العراق لأهل السنة والجماعة-بعد حروب الإبادة الفاشلة بالتواطؤ مع أبو درع وأمثاله من المجوس الموتورين-باستثناء تمزيق وحدتهم وتوسيع دائرة خلافاتهم، ما بين صحوات مزعومة هي بمثابة متنفس نفعي ذاتي بائس لبعض الزعامات العشائرية الانتهازية، إلى شق جبهة التوافق بعدما ضحك المحتل على رموزها وجعلها عارية أمام جمهورها، فلا هي قاومت وحظيت بتقدير الأحرار المخلصين، ولا هي حصلت على شيء من المكاسب الحقيقية مثل تقليص خطر المشروع الطائفي التقسيمي وإعادة بناء الدولة على أسس وطنية!!
إن على الدول العربية أن تتنبه إلى الأبعاد الحقيقية لما تُخْفيه الطلبات الأمريكية، ولا سيما أن أكثر هذه الدول، تدرك الخطر الصفوي، وتلمس أثر أنيابه في الخليج العربي-الاستمرار في احتلال الجزر الإماراتية الثلاث-وكذلك في العراق ولبنان...أما نشر الرفض الصفوي والسعي إلى إثارة الفتن الطائفية في كل رقعة عربية يتمكنون من التسلل إليها، فلم يعد يحتاج إلى شواهد فقد بات مفضوحا وعلنيا.
وفي الأقل ينبغي لهذه الدول أن تتساءل عن السر وراء إصرار البيت الأبيض على إسقاط ديونها عن العراق المحتل، في حين يتطوع الصفويون في بغداد بتحميل بلدهم المنكوب حتمية دفع جزية لطهران تكفيرا عن الحرب العراقية الإيرانية، والتي لم تكن من طرف واحد، وكان"تصدير"ثورة الرفض هو السبب الرئيسي لاندلاعها!!