أنت هنا

ليسمعنا الليبراليون صوتهم في تركيا
26 ربيع الأول 1429

من اليسير أن يرفع الليبراليون صوتهم عالياً بالدفاع عن حقوق التعبير وحرية الرأي إذا ما تعلق الأمر بالدفاع عن مهرطق أو مجدف أو مشكك في ثوابت الدين؛ فتلك سبيل معبدة لكل عابر "ثقافة" وباغٍ شهرة من أقصر الطرق وأوسع الأبواب.
لا عناء يتكبده هؤلاء.. فقط بإمكانهم ابتداع لطمية جديدة عن حرية الرأي وعدوان "الثيوقراطيين" على حق التعبير عن الأفكار والمعتقدات، ناهيك عن مصادرتهم المجحفة لحق الآخرين في نقدهم والرد عليهم وبيان الرأي فيهم جملة دون تعيين بخلاف جرأتهم المعهودة على التعرض للأشخاص، ونقد سلوكهم الشخصي، وحياتهم الخاصة ـ ربما ـ، حتى تتداعى لهم أصوات الغرب بالعويل والنحيب على ضياع الحريات في بلاد العرب.
نعم حرياتنا ضائعة في بلاد العرب؛ فحين تتسلط الأجهزة الأمنية في بعض البلدان العربية على المساجد وتذر الكنائس والبيع وتجعلهما "محميات طبيعية" لا يجوز الاقتراب منها أو التصوير؛ فلا لهؤلاء صوت عن حرية الخطباء في البوح بما يعتقدون، وحينما لا يشارك ممثلو الشعوب الحقيقيون في التخطيط لمناهج تعليم باتت تفرغ كلياً من القيم الدينية في بعض بلدان الشمال الإفريقي، فلا نجدهم إلا مصادرين لحق الشعوب في تعلم ما تريد.
حينما تُُعتدى على الحريات السياسية من المحيط إلى الخليج ويزج بالمعارضين السلميين في غياهب السجون ويُمنع المرشحون من مجرد التقدم بأوراق ترشيحهم للجهات المعنية حتى لو تعلق الأمر فقط بمجرد انتخابات محلية ليس من شأنها أن تؤسس لسياسة أو تتعامل مع "اتفاقات السلام".. هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً؟!
دعونا من الداخل العربي إن كنتم جبناء لهذا الحد برغم المساندة الغربية المباشرة وغير المباشرة، فهلموا إلى الفضاء الرحب الذي يمكنكم من توجيه انتقاداتكم للأوضاع الجائرة في العالم..
يؤسفنا جداً أن بعض الحكماء والمؤمنين بالفكرة الليبرالية عن قناعة في الغرب وهم قلة نعم غير أنهم موجودون بخلافكم أنتم الذين لا نجد فيكم ذاك الغراب الأعصم من بين غربان سود.. يؤسفنا أن منهم من يقف بقوة الآن أمام هذا العدوان الجائر في تركيا على الحريات السياسية وتأليه مؤسسة علمانية لحد جعلها فوق رغبة شعب باح بها علناً في انتخابات حرة؛ فإذا هي تراه قاصراً ـ كما بعض حكوماتنا العربية ـ عن أن يختار من يريد لحكمه.
من المخزي أن لا نسمع كلمة من "ليبرالي" بح صوته في قضايا الداخل حتى ظننا أنه مؤمن بحرية التعبير حقاً! فيما يتعلق بعدوان المحكمة الدستورية التركية على الخيار الشعبي التركي كنموذج فج وواضح على خلاف ما يدعون زيفاً أنهم به يؤمنون.
إننا لم نرقَ في مطامحنا أن ندعوهم لإدانة جرائم الولايات المتحدة و"إسرائيل"، ولم نتطلع إلى قولهم الحق في قضايا تتعلق بالفساد في الدول العربية وسوق الإعلام والاقتصاد المسيس والطغيان الممتد في البلدان العربية.. لا نتطلع إلى كل هذا.. فقط أسمعونا صوتاً في أي قضية خارجية حدثونا حتى عن الصومال وكشمير والشيشان وأبخازيا وتركستان فتلك دول لن تصيب مناصبكم وأموالكم ومراكزكم بشيء.. فهلا أريتمونا منكم ما يخجلنا من نقدكم!!