أنت هنا

على من نراهن ؟!
24 ربيع الأول 1429

حجة سمجة يريدون بها تبرير رهن إرادتهم لإيران وهزيمتهم النفسية تجاه قوتها الواعدة وتعلقهم بحبال من الناس واهية.
ثقتهم المهزوزة بأمتهم وبقدرتها على النهوض من كبوتها الراهنة تدفعهم على الدوام إلى النظر شرقاً أو غرباً أملاً في أن يجدوا يداً تأخذ بهم لتعبر بهم طريق السياسة والوجود والحضور.. أوهام أغرار، وأضغاث أحلام.. إن أي امبراطورية على مر التاريخ لم تمد يدها للدول المهيضة لتقف إلى جوارها كما يمد أحدنا يده لعجوز يعبر به أو بها الطريق، إنه تبسيط مخل للمعادلات الاستراتيجية فضلاً عن أن يكون علامة على ثقة بالله ولجوء إليه وتعلق بذاته سبحانه وتعالى واستناداً إلى عروة وثقى لا تنفصم أبداً.
البسطاء منهم والواهنون والضعفاء والمستضعفون لا حيلة لهم إلا أمريكا أو إيران، لا يرون من سبيل إلى النجاة في المنطقة إلا بالاقتراب من هذه أو تلك، كحال الأشقياء من الإنس، الذين كانوا يعوذون برجال من الجن "فزادوهم رهقاً" (كما في سورة الجن)، ولو أنهم تمثلوا سير خالد بن الوليد وعمر بن الخطاب والنعمان بن مقرن لا ما رهبوا فرسَ ولا رومَ ولما جزعوا من كل تصريح من هنا أو هناك، ولما حسبوا كل صيحة عليهم.
والخبثاء من الطابور الخامس لكلا القوتين الأكبر في المنطقة اليوم يريدون أن يحشروا المستقلين والأحرار والمصلحين في زاوية ضيقة جداً؛ فمن عادى هؤلاء كان من حلف الآخرين، ومن عادى أولئك كان إلى الأولين أقرب!
إننا يا سادة أهل إسلام، يملك حضارة عالية اليد على كل الدنيا، لم يرهب يوماً لا فُرسَ ولا رومَ ولا صينَ ولا هندَ، ولا غيرهم ما دامت أمتنا باقية على عهدها مع ربها متأسية برسولها صلى الله عليه وسلم، وحين تبتعد فلا حل لديها إلا بالرجوع إلى مصادر قوتها وتفوقها وريادتها ولا ترضى بالتبعية والخور والخنوع.. وأما استجداء الآخرين والرضا بالدنية؛ فنأباه على أمة تمثل ربع سكان الأرض وتملك من مقومات القيم والحضارة ما يجعلها ترفع هامتها عالياً وتبحث عما فقدته في أرضها هي لا في أرض غيرها.
تسألون على من نراهن إذن في تلك اللحظة؟ لا.. لسنا نراهن على أحد، بل لا نراهن أصلاً ولا نعرفه لنا سبيلاً.. إننا ننادي وسنظل ندعو ما حيينا بأننا أهل عزة ونخوة تأبى إلا أن تعيد ذاتها بذاتها، وإلا فغيرنا يراهن في سبيل خاطئة ويحرث بحراً من الأوهام، ويتعلق بحبال التبعية الواهنة؛ فكلاهما محور شر.. والخير بين يدينا في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
فإذا ما عالجنا اللحظة وأردنا أن نضع أنفسنا من جديد على الخارطة؛ فدوننا سلسلة من الإجراءات والأفعال العملية والفعالة في شتى الأصعدة تجعلننا ننهض من جديد، ومن بين هذه السلسلة الطويلة من الإجراءات لن نقرأ لا اسم الولايات المتحدة ولا "إسرائيل" ولا إيران.