11 ربيع الأول 1429

السؤال

زوجي رجل مستقيم ومحافظ إلا أنه بدأ يرجع القهقرى بالتخلف عن صلاة الجماعة وهجر مقرأة حفظ القرآن
والصحبة الصالحة إلى متابعة الصور والمواقع غير اللائقة.
يغضب كثيراً عندما أنصحه.. ماذا أفعل؟ أرجوكم فقد بدأت أخسره.

أجاب عنها:
أسماء عبدالرازق

الجواب

الأخت الفاضلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. نسأل الله أن يثبتك على الخير، وأن يهدي زوجك ويوفقه لطاعته.
لا شك أن هذه محنة عظيمة، أسأل الله أن يرفعها عنك، ويرد المسلمين إلى دينه رداً جميلاً.
ولعل مما يمكنك القيام به للخروج منها الدعاء لزوجك بالهداية، ورجاء لا تستصغري هذه النصيحة.
ومع الدعاء احرصي على دعوته للخير بأسلوب غير مباشر فكثير من الناس يستنكفون عن قبول التوجيه المباشر حتى لو كان الأسلوب مهذباً، واحذري أن تشعريه بأي نوع من اللوم أو التوبيخ، وأول ما تبدئين به الصلاة في الجماعة، لأن الصلاة سبب في النهي عن الفحشاء والمنكر. أما المواقع السيئة فحاولي أن تشغليه عنها بافتعال بعض البرامج الاجتماعية أو غيرها مما يناسبه، واستعيني بمن يمكن أن يعينك من العقلاء من أهلك أو أهله، دون أن يكون ذلك سبباً في التشهير به.
واحرصي على أن تملئي وقت فراغه بالنافع المفيد، وإن لم يكن طاعة.

وأوصيك بأن تثابري على تثبيته على الخير والفضيلة ولا تيأسي فإن الإنسان تعتريه أوقات يضعف فيها إيمانه، فإن عرف أسباب فتوره وعمل على التخلص منها فإنه يعود إلى الاستقامة على سواء الصراط بإذن الله، ومن أهم أسباب الفتور: عدم الإخلاص في العمل وهذا مما لا يمكن أن يطلع عليه الناس، لكن يتواصى الصالحون على الحرص عليه ومراقبة النفس ومجاهدتها حتى تؤدي الطاعة لا تبتغي بها غير رضوان الله تعالى. ومن أسباب الفتور كذلك: ضعف العلم الشرعي، وتعلق القلب بالدنيا، ونسيان الآخرة، والحياة في الأجواء الفاسدة، والصحبة السيئة، والمعاصي والمنكرات، وأكل الحرام، وغيرها. ويمكنك الرجوع لكتاب الفتور: المظاهر، الأسباب، والعلاج، للشيخ ناصر العمر، وهو موجود في هذا الموقع المبارك، وفيه فوائد قد تخرجين منها بأفكار نافعة.

وإجمالاً فإن المطلوب منك أن تستعيني بالله، وتستفرغي وسعك، ولا تنسي أن هداية القلوب بيد الله تعالى، والله تعالى يقول: "إنك لا تهدي من أحببت"، فإن كتب الله له الهداية فلله الحمد والمنة، وإن كانت الأخرى فتكونين قد أديت الذي عليك، والله لا يضيع أجر المحسنين.

وتذكري أن الله ابتلى نفراً من رسله وخيرة خلقه فكانوا هم في واد وزوجاتهن في واد آخر، يقول تعالى: "ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا". كما ابتلى آسيا بنت مزاحم، وهي واحدة من خير نساء العالمين برجل بلغ به الظلم لنفسه أنه ادعى الربوبية، قال صلى الله عليه وسلم: "سيدة نساء العالمين مريم، ثم فاطمة، ثم خديجة، ثم آسية" [حسنه ابن حجر في فتح الباري 7/168].

وليس الغرض من هذا تزهيدك في هداية زوجك، والحرص على إرجاعه إلى طريق الاستقامة، ولكن المقصود أن تبذلي جهدك دون يأس أو استعجال، وأن تعلمي أن جهدك هذا سبب من الأسباب، والقلوب بيد الله تعالى يصرفها كيف يشاء بعلمه وحكمته. مع التحذير من الاغترار به أو الصيرورة حيث صار.
وفقك الله لما يحب ويرضى، وهدى زوجك إلى صراطه المستقيم، وثبتنا وإياك على طاعته.