أنت هنا

ويحدثونك عن الحوار.. أوربا تتعاون على العدوان
4 ربيع الأول 1429

(على الصحافة الأوربية كلها أن تنشر الرسوم الكاريكاتيرية الدانمركية انتصارا لحرية الرأي ولكي يتعلم المسلمون أن نشر رسوم بائسة كهذه-وأعترف أنها بائسة-لا يبرر الرد عليها بالعنف).
هذا الكلام المضطرب الحافل بالكذب والمخاتلة والتناقض،هو ما أعلنه وزير داخلية ألمانيا فولفانج شويبل،في حديثه لصحيفة دي تسايت الألمانية،ثم حاول التنصل منه،زاعما أن الصحيفة حرّفت كلامه،فلما أفحمته دي تسايت بتأكيده أنها نشرت كلام الوزير حرفيا،وأن النص موثّق لديها،وأنها عرضت الحوار عليه قبل نشره،لجأ إلى مراوغة مكرورة وممجوجة،فادعى أن أقواله فُهمت على غير ما يعنيه!!
وما زاد سفاهة الوزير الألماني انحدارا،أنها تزامنت مع مؤتمر للحوار بين ألمانيا ومسلميها،بل إن المؤتمر المذكور يُعقَد تحت رعاية الوزير المستفز نفسه!!وقد سعى المسلمون المتورطون في المؤتمر إلى التخلص من الحرج الشديد الذي وضعهم شويبل فيه بالتركيز على عنصر التوقيت فحسب!!وكأن الموقف الشائن الذي اتخذه لم يكن ليثير غضبهم لو أنه جاء في وقت بعيد عن حوارهم المضحك/المبكي!!

نحن لا نظن أن المشاركين في هذا الحوار يرتضون دعوة فاجرة كالتي تبناها راعي مؤتمرهم،لكننا نجدها فرصة سانحة لبيان حقيقة أمثال هذه المؤتمرات التي يراد منها تدجين المسلمين،وتحريف الإسلام وصولا إلى ما يسميه القوم صراحة"الإسلام الأوربي" ليغدو أليفا يلائم أهواء الغرب ومصالحه،وليصبح نسخة مشوهة من النصرانية المحرّفة.
ولعل مؤتمر برلين أشد افتضاحا من سواه،لأنه يجري بتخطيط وإشراف مباشرين من وزارة الداخلية وجهاز الاستخبارات،إذ لم يعد القوم في حاجة إلى التستر وراء جهات علمية أو مرجعيات دينية أو مراكز إعلامية لتكون بمثابة قناع يخفي الهوية الفعلية لأصحابها.
ومن هنا يتجلى مدى الازدراء الذي تتعامل به مراكز صنع القرار الغربي مع من يستجيب لرغباتهم من المنتسبين إلى الإسلام،من خلال الانخراط في مشاريع التحريف ممن يطلق عليهم سادتهم"الليبراليين المسلمين".وربما انطلت الحيلة على بعض طلبة العلم الذين يُدعون من خارج القارة الأوربية،بما يرونه من مظاهر تديّن على بعض الأدوات،فيحسنون بهم الظن،ويضفون على مؤتمرات التخريب والتزييف طابعا محترما لا تستحقه.

إن الغرب اليوم يعمل بأقصى طاقاته لمحاربة الإسلام ولا سيما بعد أن ازداد حضور الدين الحنيف في دول الغرب وبخاصة أنه لم يعد حضورا وافدا من خارج الحدود العرقية والكنسية الموروثة،بل أصبح انتشاره ملحوظا بين ذوي البشرة الشقراء،الأمر الذي أثار كوامن الصليبية التي كانت لدى البعض غافية أو مسترخية!
أما تصريح وزير الداخلية الألمانية فلا يعدو أن يكون إعلانا للأضغان التي كانت تتسلل عبر زلات الأقلام وهفوات الألسنة،ولو كان هو وأمثاله يحملون البلدان الإسلامية على محمل الجد لما جرؤ على هذا الصلف البواح.فهم يدركون أنهم أمنوا العقوبة فأساؤوا الأدب.
وإلا فليكن شويبل رجلا في مستوى تشدقه بحرية التعبير،وليتحدث بكلمة عن عدد اليهود الذين ماتوا في أفران الغاز الهتلرية،ولو بكلام موثق،وليس برسوم يقرّ بنفسه أنها بائسة!!
إن ما يجري هناك ليس سوى شهادة من الغربيين بأننا-نحن المسلمين-هُنّا على أنفسنا فكان هواننا على عدونا القديم/الجديد أوضح وأقوى.

صحيح أن الأمة لم تمت لكن الصمت الرسمي الفظيع يوحي بضعف الأمة،كما يترك الباب مفتوحا للغلاة والانفعاليين،وفي ذلك ضرر على الصامتين قبل غيرهم.