الشيخ لكبير لـ"المسلم" :ضرورة الحوار مع المصالحة.. اتفاق مع السلطة الجزائرية ..بلحاج برئ
2 ذو الحجه 1426

حوار: ياسمينة صالح ـ الجزائر<BR>ضيفنا في سطور:<BR>ولد الشيخ "عبد الحميد محمد الأمين لكبير" بمدينة معسكر بالغرب الجزائري سنة 1940م، تلقى تعليمه الأول في المدارس القرآنية، حيث تعلم اللغة العربية وحفظ القرآن إلى أن ختمه في سن مبكرة.. إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر اضطر إلى الدراسة في المدرسة الفرنسية، وكان ذكياً وخلوقاً ، مما جعله محل تقدير من الجميع، ومع ذلك كانت رغبته في الالتحاق بالثورة التحريرية الجزائرية مستمدة من رغبته في طرد المستعمر الغاشم عن أرض الجزائر العربية المسلمة، في نهاية الخمسينات كان قد وجد نفسه مناضلاً في صفوف الفدائيين الجزائريين الشباب، كان دوره يقتصر على نقل الرسائل التي كان يتبادلها الثوار فيما بينهم من منطقة إلى أخرى ولم يكن قد تجاوز سنه السابعة عشر، بعد الاستقلال التحق الشيخ عبدالحميد لكبير بالجامعة، تخصص في اللغة العربية. كان يريد أن ينشر العربية في ظل مشروع التعريب الذي كان يعني بالنسبة إليه طرد كل أشكال التواجد للغة الأعداء في الجزائر.. حين تأسست الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية كان من بين الأعضاء المؤسسين، كان مشروعه الأهم هو غرس مفاهيم الإسلام في عقول الجزائريين لأجل التغيير نحو الأفضل، كانت الانتخابات التي شاركت فيها الجبهة الإسلامية بمثابة النصر الحقيقي بالنسبة له؛ لأنها أكدت فوز المشروع الإسلامي الذي بدأ في بنائه، وعكست أيضاً جوع الجزائريين إلى الإسلام كحل حقيقي لكل مشاكلهم الاجتماعية والسياسية على حد سواء، لكن إلغاء نتائج الانتخابات وقتها جعل الأمور تسير إلى التعقيد، بحيث تم حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ وإلغاء وجودها السياسي في البلاد مما أثار جملة من الاعتراضات التي تحولت مع الوقت إلى مواجهات دامية استمرت أكثر من عشرية كاملة، يعد الشيخ عبد الحميد لكبير، أحد الأعمدة الفكرية في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية، كان فيها عضواً في مجلس الشورى والمكتب الوطني إبان التسعينات قبل أن يصير اسمه "ملاحقا" من قبل الأجهزة الأمنية التي اعتقلته أكثر من مرة وأطلقت سراحه بعدها، غادر الجزائر العاصمة نحو مسقط رأسه بمدينة معسكر بالغرب الجزائري، و صار يزاول عمله الأول التجارة والدعوة السلمية إلى الله.. <BR>في الحقيقة وللأمانة المهنية، لم يكن من السهل الحصول على موافقته على إجراء هذه المقابلة الصحفية، فهو الذي قال لنا: إن تصريحاته تعرضت للكثير من التأويل عبر الصحف داخل وخارج الجزائر، ولهذا صار يتجنب المقابلات الصحفية.. وافق حين وعدته أنني سأسلمه نسخة من الحوار كاملاً بعد صياغته كي يطلع عليه، وأنني سألتزم مهنياً كي لا أغير شيئاً مما سيقوله لنا، في هذا الحوار الحصري والصريح، نحاول التطرق مع شيخنا الفاضل إلى العديد من النقاط الراهنة التي تخص الواقع الجزائري والعربي الإسلامي على حد سواء.<BR> <font color="#0000ff">ـ كثيراً ما اعتقلتم بسبب ما تسمونه بالفبركة الإعلامية ضدكم، ماذا تقصدون بالفبركة الإعلامية تحديداً؟</font><BR>ـ بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد.. فصار ملموساً أننا نتعرض للكثير من المضايقات الإعلامية والأمنية في الجزائر منذ سنوات، والسبب الأكبر هو ما تصوغه الأجهزة الإعلامية الرسمية والعلمانية من تقارير وتصريحات لم يكن لنا لا ناقة ولا جمل فيها، لقد كتبت عني العديد من الصحف الفرانكفونية الجزائرية كلاماً لا علاقة لي به، وذكرت تصريحات أنا نفسي لم أقلها ولست أتهرب من تصريح أقوله عن قناعة وعن حق، إنما الحرب الإعلامية التي تمارسها الأقلام العلمانية الفاسدة والفرانكفونية بالخصوص جعلت الحرب اليوم على كل مسلم يريد أن يدعو إلى الحق في بلادنا وخارج بلادنا. أنا لا أخشى في أقوالي إلا الله _تبارك وتعالى_، ولهذا ما تملصت من كلمة قلتها أو تصريح أدليت به في الداخل وفي الخارج، إنما أعلم علم اليقين أن تشويه الكلام يفسد فكرته، وهذا ما تمارسه أغلب الأجهزة الإعلامية الكارهة للدين والرافضة أن يقام شرع الله على هذه البلاد وعلى بلاد المسلمين.<BR><font color="#0000ff">ـ لقد وصفتم دائما بالعقل المصلح داخل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، بحيث أنكم رفضتم اللجوء إلى القوة كخيار سياسي، ومع ذلك لا تخلو بعض خطاباتكم من عنف على السلطة، كيف تفسرون ذلك؟</font><BR>ـ العنف هو خيار يرفضه كل مسلم على حق، ونحن _ولله الحمد والمنة_ كنا دائماً على حق. لقد كانت تجربتنا السياسية السابقة برغم كل ما حصل فيها وداخلها مهمة وقد أمدتنا بالقوة لنعرف اليوم بالذات أن الشعب الجزائري كفر فعلاً بالسياسيات العلمانية المارقة، وأن تلك السياسات لم تبعده عن دينه فقط ، وبل وأبعدته عن نفسه وعن أهله وعن مستقبله. مشروعنا الإسلامي لم يقتصر على الجبهة الإسلامية للإنقاذ كحزب سياسي قوي، بل وعلى المدارس الدعوية التي كنا نجتهد في إقامتها لأجل غرس مبادئ الإسلام في نفوس أبنائنا أولاً. نحن لا ندعو إلى العنف؛ لأننا أصحاب دعوة إلى الحق شرعها الله _سبحانه وتعالى_، لسنا أصحاب مصالح دنيوية كما هو حال السلطة والأنظمة العربية الفاسدة والمارقة التابعة للأمريكان وأذنابهم.. ما حدث في السنوات الماضية نعترف أن من أسبابه أيضاً نقص الخبرة السياسية عند شباب الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الممارسة السياسة داخل المجتمع الجزائري، ولكن أسبابه التي يعرفها القاصي والداني كانت بسبب تعنت السلطة وممارستها العنف علينا جميعنا؛ لأننا أردنا أن نصلح من هذا المجتمع لأجل إيجاد حلول لمشاكله بما أمر الله به. السلطة الجزائرية هي التي مارست العنف علينا وعلى الجزائريين ككل، هذا لأن أغلب الجنرالات يخافون على مصالحهم الدنيوية الفانية، ويخافون أن ينتصر الحق على باطلهم؛ لأن الحق يكشف عوراتهم وما ارتكبوه ضد هذه الأمة منذ سنوات طويلة وليس في العشر سنوات الماضية فقط. لقد أراد أعداء الأمة أن يدخلوا البلاد إلى الحرب الأهلية طويلة المدى لتصفية كل مدافع عن الحق، مما أدى إلى فتنة نسأل الله _تبارك وتعالى_ أن يزيل أسبابها عن بلادنا وعن بلاد المسلمين. ما زلنا مقتنعين أن الإسلام ليس فقط خطابنا السياسي، بل هو خيار يريد الشعب الجزائري أن يتبناه ولو أقامت السلطات الجزائرية استفتاء شعبياً حول الإسلام فنحن على يقين أن الشعب سيختار الإسلام كحل حقيقي وجذري لكل المشاكل التي يتخبط فيها المجتمع المدني والسياسي. لقد كثر الفساد والفسق والربا والمحسوبية، كثرت المعاصي المعلنة التي لم يعد يخجل أصحابها من ارتكابها علانية أمام أعين المسلمين، سواء في الجزائر أو في تونس أو المغرب أو في كل البلاد العربية التي سقطت في العفن السياسي العلماني الغربي. هل الدعوة إلى الحق وإلى شرع الله يعد عنفاً ؟ هل الدفاع عن كلمة الله عنف ؟ العلمانيون يسمون ذلك عنفاً؛ لأنهم يسعون إلى إبعاد هذه الأمة عن مبادئها وقيمها وأصالتها. <BR> <font color="#0000ff">ـ ربما الحملة التي شنها من تصفونهم بالتغريبيين في البلاد ضد مشروع المصالحة الوطنية أنتجت شيئاً عكسياً بحيث إن الذين دعوا إلى مقاطعة الاستفتاء على مشروع المصالحة لم ينجحوا في مسعاهم، كيف تفهمون إقبال الجزائريين على المصالحة في ضوء ما يجري سياسياً في الداخل؟</font><BR>ـ لقد أجبت على سؤالك الأول قبل حتى أن تطرحيه حين قلت لك: إن الاستئصالين من أذناب فرنسا حاولوا استغلال الأزمة الدموية الجزائرية للمتاجرة باسم الشعب الجزائري العظيم، ولكنهم كما تفضلت في سؤالك فشلوا؛ لأن قيمة ما نعنيه في كل أعمالنا هو أننا ننطلق من الشعب الجزائري ونعتمد على حكمه على الأشياء. فكرة أن الشعب لا يفهم وأنه يقبل بالأمر الواقع فكرة لم تعد صالحة اليوم، وقد أثبتت التجارب الدولية أن الشعوب العربية ليست بلهاء ولا أمية ولا جاهلة، والصحوة الإسلامية التي تعيشها أمتنا العربية اليوم لم تأت من فراغ، بل كانت نتيجة طبيعية عن فطرة إسلامية أولاً وأيضاً؛ لأن كل الحلول العلمانية والاستئصالية أثبتت فشلها. في الماضي كانت الأنظمة تتغنى بالاشتراكية الشيوعية وقد طبقتها على شعوبها الإسلامية وأثبتت فشلها الكبير، مثلما طبقت أيديولوجيات لا علاقة لها بثقافة الأمة ولا بدينها وقد أثبتت فشلها، اليوم يتم الحديث عن الديمقراطية الأمريكية الكافرة لتكون "مدرسة" يتقدى بها. الإسلام هو من صاغ قبل قرون أصول الحياة والحوار والتشاور وأعطى للشعب حقوقه وكرمه، إلى أن يرث الله الأرض ومن فيها، لا نؤمن بالديمقراطية التي قتلت أطفالنا في العراق وأبادت المسلمين في كل بقاع الدنيا، ولا نعترف بديمقراطية القصف الجوي على المدن الآمنة في الأراضي الفلسطينية المجاهدة والباسلة، ولهذا لا نشعر أننا معنيون بكل ما يحاك خارج هدفنا الأول والأخير في دولة إسلامية تكون فتحاً مباركاً على دول المغرب العربي وعلى شمال إفريقيا، وعلى إفريقيا كلها أيضاً. نحن لا تهمنا المسميات الجاهزة التي ابتكرها أصحاب المصالح؛ لأننا كما قلت وأقول دائماً نحن أصحاب حق وشرع، ونحن على يقين أن ما اختاره الشعب الجزائري كان أمراً طبيعياً؛ لأن العنف والفتنة لا تخدم أحداً، بل تضره، والشعب أثبت أنه مسؤول وقادر على الحكم على الأحداث ولهذا عارض القوى الاستئصالية المارقة واختار المصالحة الوطنية التي ستسمح لأبناء الشعب الذين حملوا السلاح أن يدخلوا في حوار سياسي فاعل مع كل الجهات المعنية، وأن يستعيدوا مكانهم في صفوف الشعب العظيم، لكن كما قلنا من قبل أن مشروع المصالحة ليس كافياً، وأن العنف لم يكن فقط مقتصراً على الشباب الجهادي، بل وكان سببه السلطة وأجهزتها. عودة السلم إلى الجزائر يجب أن يقود إلى عودة الحوار الصريح مع كل الفئات السياسية الوطنية بعيدا عن الخبث وعن المناورات العقيمة. مشروعنا الذي طرحناه من قبل كان لأجل السلم أيضاً ولأجل عودة كل المنفيين إلى بلادهم ولأجل إعادة الحقوق للجزائريين البسطاء. لا نعارض أي جزائري مخلص ومجتهد في حواره ولسنا ضد احد من الذين يريدون الخير للبلاد، لكننا نرفض أن يقود هذه الأمة أشخاص غير جديرين، وأقصد هنا الأشخاص الذين يقفون على رأس بعض المؤسسات الإعلامية والإدارية المهمة في البلاد وحتى العسكرية. نجاح مشروع السلم المدني سيكون من أهم أسبابه ابتعاد الجيش عن التدخل في السياسة وترك الشعب يختار مستقبله وممثليه بكل حرية وهذا ما نريده ونسعى إليه بمشيئة الله _تعالى_.<BR> <font color="#0000ff">ـ تنتقدون السلطة بشكل عام أحياناً ولكن دعوني أسألكم هل تنتقدون أيضاً سياسية عبد العزيز بوتفليقة؟<BR></font><BR>ـ لسؤالك العديد من الإجابات، ولكن حرصنا على الصدق مع القارئ نقول أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قام بأشياء كثيرة لم يقم بها غيره من الرؤساء الذين "اقتحموا" السلطة. نعترف للرجل أنه أراد أن يوقف العنف الدموي في الجزائر، وقد نجح بنسبة تفوق 70% في ذلك. هذا بفضل الله وتوفيق منه، أنا شخصياً أعتقد أن ما يعانيه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أنه محاط بأشخاص غير جديرين فعلاً، وهو بنفسه ذكر ذلك في أكثر من تصريح ومن خطاب سياسي والجميع يعرف صراعه الكبير مع الجيش لأجل أن يبتعد (أي الجيش) عن التدخل في السياسة. مبادرة بوتفليقة التي أطلقها كمشروع وطني للمصالحة كانت نتيجة تنسيق عميق مع العديد من الجهات منها شخصيات قيادية من الجبهة الإسلامية للإنقاذ (المحظورة) سواء في الخارج أو في الداخل، ونعتقد بأمانة أن مساندة شخصيات قيادية من الجبهة الإسلامية للإنقاذ مثل شيخنا الفاضل عباسي المدني، ومثل الشيخ علي بلحاج (الذي نطالب بإطلاق سراحه)، وكمال قمازي ورابح لكبير ومختار لعريبي ومحدثكم وغيرهم من الإخوان المخلصين.. هذا لا يعني أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة منزهاً عن الأخطاء، بل نعيب عليه بشدة الكيل بمكيالين أحياناً والانحياز في بعض الأحيان إلى الاستئصالين والعلمانيين فيما يخص اللغة العربية مثلاً، وفي محاولة إعادة صياغة القوانين المرتبطة بالمجتمع (كقانون الأسرة مثلاً) وفق ما تطالب به التيارات المفرنسة التي تجاهد كي تحول الجزائر إلى قطعة تابعة لفرنسا فكرياً ولغوياً. لا ننكر أن تراجعاً كبيراً يلمسه كل غيور على بلاده حدث فعلاً، فيما يخص اللغة العربية مثلاً. عودة الفرنسية إلى البلاد بقوة سببه تخاذل المؤسسات المعنية في القيام بواجبها فيما يخص مشروع التعريب الشامل والكامل، وهي القوانين التي لا يطيقها هؤلاء، بينما يسعى الجميع إلى تطبيق القانون على أب عائلة "سرق" قطعة خبز لإطعام أطفاله الجياع في دولة تحصد 21 مليار دولار إيرادات بترولية في السنة.<BR> <font color="#0000ff">ـ قلتم قبل سنوات أن الإسلام في الجزائر صار في خطر. هل تعدون الأمر كذلك اليوم مثلاً؟</font><BR>ـ الإسلام صار في خطر في كل البلاد الإسلامية التي تتراجع عن مكاسبها التي حققتها لأجل إرضاء الأمريكيين والصهاينة؛ لأنهم يخافون الموت في سبيل الله. ما تفعله الإدارة الأمريكية بقيادة بوش هو الإرهاب المناوئ لحقوق المسلمين. الغرب يساومنا اليوم على مبادئنا وعلى ديننا كي لا يسمينا إرهابيين! هذه سياسة رعناء من أولئك الذين لا دين لهم ولا ملة. نعتقد أن الإسلام صار في خطر في كل بلاد المسلمين وليس في الجزائر فقط.<BR> <font color="#0000ff">ـ هنالك اليوم ما يسمى بمبادرة إصلاح المنظومة التربوية التي ربطتموها أنتم بالإرهاب الفكري ضد الشعوب.<BR></font><BR>ـ إصلاح النظام التربوي لا يخيفنا حين ينطلق من قناعاتنا ومن أصلنا، الغرب يعيد أبناءه إلى مكتسباتهم القديمة ويدرسون لهم أساطير أغلبها وهمية ويسمون ذلك محافظة على جذور الصليب الذي يربطونه بالعقيدة. هؤلاء الغرب، فكيف نتنازل نحن عن قيمنا؟ لقد سارعت الأنظمة العربية العميلة إلى ما تسميه إصلاح المنظومة التربوية ليس انطلاقاً من قيمنا، بل انطلاقاً من مطالبة الأمريكيين بذلك. أمريكا هي التي تختار لأبنائنا المناهج الدراسية التي عليهم تعلمها ويختارون لهم كتب التاريخ ويختارون لهم كتب اللغة وما إلى ذلك. كل هذا يعني أن أمريكا التي تربط الإرهاب بالإسلام ستلغي كل وجود للدين في الكتاب المدرسي، وهذا ما نرفضه رفضاً تاما. نحن امة جذورها الدين الحنيف المسالم والداعي إلى العدل والحق. الانحياز إلى أمريكا يعني الانحياز إلى الجرائم التي ترتكبها. مشروع التغريب سيلقى فشلاً كبيراً؛ لأن فطرتنا هي الإسلام، ولأن الصحوة التي بلغت صفوف الشباب المسلم كما قلنا لم تكن من فراغ، وأن إفلاس المشاريع التغريبية سيكون على أيدي هؤلاء الشباب المسلمين الذين مثلنا يريدون إقامة شرع الله في مجتمعاتهم، وهم كثر _ولله الحمد والمنة_ ، سمعت كما سمع غيري أن البنتاجون الأمريكي نشر تقريراً عن الشباب المسلم الذي يعود إلى دينه وعقيدته _ولله الحمد والمنة_، وعن عدد الشباب المتزايد الذين يذهبون إلى المساجد كل جمعة، وعن الآلاف في أوروبا وأمريكا من الذين يدخلون إلى الإسلام مباركين _بحمد من الله_. هذا كله قد لا يذكره إعلامنا العربي العلماني؛ لأنه يخشى على مصالحه الدنيوية الفانية.. نحن ندرك أن الإسلام هو الحل لكل مشاكل الإنسان في كل بقاع الأرض وأن محاولة الكفرة في التقليل من شأنه لم تنجح ولن تنجح _بمشيئة الله تبارك وتعالى_.<BR> <font color="#0000ff">ـ كيف تنظرون إلى مستقبل الإسلام في الجزائر اليوم في ظل التحديات الكبيرة دولياً وداخلياً؟</font><BR>ـ الحمد لله الذي هدانا إلى نعمة الإسلام كي نسعى في الأرض حاملين شذاه كما حمله سلفنا الصالح. نحن نعرف المصاعب التي يواجهها الإسلام في البلاد وفي بلاد المسلمين بسبب الأنظمة الفاسدة التي تخاف على نفسها وعلى كرسيها وعلى مصالحها الفانية على حساب امة بحالها، حسبنا الله عليهم. صدقوني نحن برغم كل شيء نؤمن أن مسار الإسلام في الجزائر يبقى بخير؛ لأن المجتمع الجزائري مجتمع مسلم، وقد أثبت أكثر من مرة تمسكه بدينه وعقيدته. ولو تم القيام باستفتاء حول مشروع الدولة الإسلامية في الجزائر (بالطرق التي يسمونها ديمقراطية) فأنا متأكد أن الشعب سيختار بنسبة كبيرة ذلك المشروع. شبابنا بخير ويحتاج إلى من يشد أزره ومن يقوده من يده إلى الإسلام الحقيقي، في الجزائر وفي الدول العربية والإسلامية.<BR> <font color="#0000ff">ـ ربما قصدت سؤالكم عما تطلقون عليه في الكثير من المرات بالمضايقات العمدية على قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، ولعل اعتقال الشيخ علي بلحاج أكبر دليل، الشيخ علي بلحاج الذي اتهمته السلطة بأنه أيد اغتيال الدبلوماسيين الجزائريين في العراق، بماذا تعلقون على ذلك؟</font><BR>ـ ما من مؤمن يتشفى في قتل مسلم مثله، وأنا على ثقة أن الشيخ علي بلحاج ضحية حملة إعلامية مسبقة ضده، وأن تأويل أقاويله ليس جديداً على الأجهزة الإعلامية في الداخل والخارج. لقد عارضنا اختطاف الدبلوماسيين الجزائريين في العراق واغتيالهم؛ لأننا نعرف أنهم ينتمون إلى طبقة الشعب ونعرف عائلتيهما المحافظة والمسلمة. العملية لا تخلو من تصفيات جسدية وقفنا ضدها بكل ما أوتينا من قوة ومعرفتي بالشيخ علي بلحاج يجعلني أقول: إن وسائل الإعلام تترصده في كل صغيرة وكبيرة ولم يكن ليسعد بقتل مسلم.. اعتقاله منافي للاتفاق الذي أبرم مع السلطة وإن كنت أعتبر أن الشيوخ القياديين للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الداخل يعيشون داخل سجن كبير محاصرين ومراقبين وعلى وشك الاعتقال لأي سبب وهمي ومفبرك. يؤسفنا أن السلطة تكيل بمكيالين كالعادة، فهي تطبق حصاراً كبيراً على قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ وعلى كل من يتكلم كلمة حق بينما تعد أولئك العلمانيين الذين يطالبون جهراً بالفسق والتغريب، تعد هم ديمقراطيين وتتحاور معهم، بل وتسمح لهم بالتحرك بحرية كبيرة في الداخل والخارج. في منطقة القبائل فئة ضالة تطلق على نفسها اسم " العروش" تطالب السلطة بجعل يومي السبت والأحد نهاية الأسبوع في الجزائر بدل الجمعة المباركة، وتطالب بالتغريب العلني وبالاستئصال الجذري عن مبادئ الشعب الجزائري، ومع ذلك يتم التعامل معها بلطف ومجاملات سياسية وصلت إلى درجة من الاستفزاز ضد الشعب كله. هذا هو الكيل بمكيالين الذي نرفض السقوط في فخه؛ لأننا أصحاب حق ولن ينصر الله القوم الكافرين.<BR> <font color="#0000ff">ـ تكلمتم عن اتفاق حدث بينكم وبين السلطة. هل لنا أن نعرف أهم بنود ذلك الاتفاق، وهل من ضمنه عودة ممكنة للجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى الساحة السياسية الجزائرية؟</font><BR>ـ في الحقيقة سعينا إلى أن نوقف العنف بكل الوسائل التي أتيحت لنا. شيوخ الجبهة الإسلامية للإنقاذ سواء الموجودين في الداخل أو في الخارج ساهموا بشكل مسؤول لأجل الوصول إلى اتفاق يعتمد بالخصوص على ضرورة إيقاف العنف الدموي ومحاسبة المسؤولين عن المجازر التي ارتكبت ضد شعبنا العظيم. هذا واجب إسلامي قبل أي شيء فليس من مصلحة أحد أن يستمر العنف وأن يقتل الأخ أخاه. إيقاف العنف سيحرج الذين تاجروا فيه وساوموا عليه من الذين يجلسون في هرم السلطة وأتباعهم.. ليس هنالك أي حديث صريح عن عودة الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلى الساحة السياسية؛ لأن الجبهة لم تغب عن قلوب ونفوس الناس. لكن نعتقد أن إيجاد أرضية عمل رسمية شيء طبيعي وسيكون لكل حادث حديث بمشيئة الله _عز وجل_، فنحن رجال أعمال ولسنا رجال أقوال، ونسأل الله أن يوفق امتنا إلى الخير ويخرجها من باطن الشر ويرفع شأنها وينصر إسلامها ولو كره الكارهون. <BR><BR><BR><br>