
تطالعنا الصحف العربية ـ وبالذات اللبنانية منها ـ هذه الأيام بمباحثات جادة بين الحكومة اللبنانية والانتربول وحكومة المالكي ، لتسليم الشيخ مظهر الخربيط إلى حكومة المالكي التي تتهمه بالتهمة الجاهزة لكل عراقي يرفض الوضع الحالي في العراق،ألا وهي الإرهاب أو دعم الإرهاب .<BR>وكانت حكومة المالكي قد أصدرت بتاريخ 21/08/2007، وعن طريق وزارة الداخلية التابعة لها قائمة تضم أسماء مطلوبين معظمهم ممن يشغلون مناصب مهمة في الحكومة السابقة لمرحلة ما قبل الاحتلال ومتهمون بدعم الجماعات الإرهابية المسلحة في العراق. <BR>وحينها قال اللواء الركن عبد الكريم خلف (مدير مركز القيادة الوطني في وزارة الداخلية) : "إن جميع من وردت أسماؤهم بالقائمة متهمون بتمويل ودعم الجماعات الإرهابية المسلحة التي تحاول تقويض الأمن في العراق ".<BR>وأضاف أن "من يتواجد منهم خارج العراق سيتم ملاحقته عبر الشرطة الدولية (الانتربول) وتسليمهم إلى الجهات الأمنية العراقية ومن ثم تسليمهم إلى القضاء" .<BR> وتابع أن "من بين المتهمين مسؤولين سابقين أمثال عزة الدوري نائب رئيس مجلس قيادة الثورة السابق ، ويونس الأحمد احد كبار القياديين في حزب البعث ، فضلا عن مسؤولين في الأجهزة الأمنية في عهد النظام السابق منهم طاهر جليل حبوش رئيس جهاز المخابرات ومحمود ذياب الأحمد وزير الداخلية وابنه احمد محمود الأحمد ، وأولاد الأخ غير الشقيق للرئيس السابق صدام حسين سبعاوي إبراهيم الحسن وهم أيمن وعمر السبعاوي ، وكذلك أولاد الأخ غير الشقيق لصدام وطبان إبراهيم الحسن ، وعدد آخر." <BR>وأوضح أن " القائمة تضمنت أسماء مسؤولين عراقيين سابقين على قائمة المطلوبين ألـ 55 التي نشرتها وزارة الدفاع الأميركية بعد احتلال العراق عام 2003.<BR>موقع الشرطة الدولية "الانتربول " نشر تفاصيل عن كل شخص مطلوب ، والقائمة تضم أسماء أكثر من 40 مطلوباً ومنهم الشيخ مظهر الخربيط .<BR>مظهر عبد الكريم الخربيط شخصية عشائرية عامة معروفة تاريخياً بنفوذها وغناها في العراق، فُرِض الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة في العهد السابق للاحتلال، وفي الأيام الأولى للغزو قصفت الطائرات الأميركية منزله، مخلفة وراءها ثمانية عشر قتيلاً من عائلته، ظناً منهم أن الرئيس العراقي كان يختبئ في داره.<BR> بعد احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وتأليف الحكومة العراقية، رفض الخربيط التعاون مع سلطات الاحتلال رغم المغريات السياسية والمادية.<BR>عام 2006 أوقفه الأمن العام اللبناني في محلة المصنع على الحدود اللبنانية ـ السورية أثناء محاولته الحصول على تأشيرة للدخول بقصد توفير العلاج لزوجته المصابة بالسرطان.<BR>تسلم مكتب مكافحة الإرهاب الخربيط وأخضعه للتحقيق بموجب مذكرة من «الإنتربول العراقي» بتهمة «دعم الإرهاب».<BR>في 25/12/2007 استجوبه القاضي سعيد ميرزا، باعثاً بعدها بكتاب إلى السلطات العراقية أبلغها فيه أنّ لبنان نفّذ مذكرة التوقيف بحق الخربيط. <BR>الحكومة اللبنانية وفي موقف لا يمكن تفسيره بسهولة رتبت الإجراءات الخاصة بتسليم الخربيط إلى العراق حيث حقق معه بتاريخ 25/12/2007 وتم استجوابه من قبل القاضي سعيد ميرزا باعثاً بعدها بكتاب إلى السلطات العراقية يبلغها فيه أنّ لبنان نفّذ مذكرة التوقيف بحقه، وطلب إرسال معاملة لاسترداده.<BR> الخربيط من معارضي الاحتلال الأميركي، وتسليمه حصل بناءً على صلاحيات الرئيس التي انتقلت إلى الحكومة،حسب ما ذكرت صحيفة الأخبار اللبنانية يوم الثلاثاء 22/1/2008.<BR>والمعروف أن ملايين العراقيين تركوا البلاد بعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003 ومنهم مئات العلماء والشيوخ ورجال السياسة الذين لم يرضوا بالاحتلال ولا بالحكومات العميلة المتعاقبة على البلاد والتي نصبها الاحتلال.<BR>وحكومة المالكي فعلت ما لم يفعله الذين تسلموا زمام الحكم من السياسيين في مرحلة ما بعد الاحتلال ـ مع تحفظاتنا على بقية الحكومات الأخرى ـ فالمالكي أرسل موفق الربيعي مسؤول ما يسمى الأمن الوطني في العراق إلى الأردن وسلم الحكومة الأردنية قائمة بأسماء مطلوبين وتراوحت أسماء قائمة المطلوبين من قبل حكومة المالكي والموجودين في الساحة الأردنية ما بين شخصيات بعثية لجأت إنسانيا إلى عمان أو شخصيات معارضة .<BR>وشملت قائمة الربيعي حسب مصادر أردنية مطلعة كريمة الرئيس العراقي رغد صدام حسين وأمين عام هيئة علماء المسلمين الذي يقيم في عمان الشيخ حارث الضاري إضافة إلى شخصيات بعثية كانت محسوبة على الرئيس السابق مثل محمد سبعاوي وأحمد وطبان.<BR>وشدد الربيعي خلال تحريضاته في عمان على أن هؤلاء الأشخاص يدعمون نشاطات إرهابية داخل بلاده ويمولون نشاطات معارضة ويقيمون اتصالات مع جماعات إرهابية تحت عناوين عشائرية أو حزبية أو إصلاحية.<BR>وجاء الوفد بأجندة أمنية واضحة استمعت لها السلطات الأردنية لكنها لم تقر بمضامينها حسبما يرشح من الأوساط الحكومية التي ترفض الاعتراف بوجود نشاط معارض في الأردن لحكام بغداد الحاليين.<BR>فالمالكي لا يرضى بأي شخصية لا توافقه الرأي في أي مسالة كانت ، وهو إن كان حريصاً على تطبيق القانون كما يدعي ،فعليه أن يلجم المليشيات الطائفية المنتشرة في العراق بثياب رجال الجيش والشرطة ،وعليه أن يسلم اللص الهارب أحمد الجلبي رئيس المؤتمر الوطني العراقي وعضو البرلمان الحالي , والجلبي ترك العراق وعمره 11 عاما وعاش فترة طويلة في الأردن ولم يتردد على العراق إلا لأوقات قصيرة خلال التسعينات، وكان يسعى لتكوين تمرد ضد النظام العراقي في شمال البلاد ورأس ما يسمى بالمجلس الوطني العراقي الذي تموله وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويضم فصائل مناهضة للرئيس صدام حسين, وأحمد الجلبي كان قد فر من الأردن بعد اختلاسه أموالا طائلة من بنك البتراء الذي كان يتولى رئاسته في العاصمة عمان ولا يزال مطلوبا لصدور حكم عليه بالسجن 20 سنة فأحمد الجلبي رئيس ما يسمى بالمؤتمر الوطني العراقي المعارض الذي يحظى بتأييد إسرائيل كأفضل مرشح لرئاسة عراق ما بعد الحرب <BR>ويتمتع الجلبي بمساندة قوية لدى قيادات بالحزب الجمهوري الأمريكي ومنهم ريتشارد بيرل وبول ولفوويتز اللذان كانا يخططان للحرب على العراق منذ 1991 .<BR>وكانت صحيفة لوفيجارو الفرنسية قد أشارت ـ بأنه ـ أي الجلبي ـ أحد الأسماء المطروحة من جانب واشنطن لتولى مناصب عليا في عراق ما بعد الحرب،فلماذا يتجاهل المالكي هذه الجرائم اليومية في العراف ويتعامل مع رجال حكم عليهم بالقانون بأنهم سراق ،أم أن الأمر مع رجالات الحكومة مختلف والقانون ينحى جانباً حينها !؟؟<BR>السابقة اللبنانية إن حدثت فأنها ستقود إلى سنّة سيئة وإنها ستهدد امن وسلامة الآلاف من المطلوبين لحكومة المالكي وبالحجة الثابتة التي هي الإرهاب وما يتعلق به .<BR>حيث قررت الحكومة اللبنانية في مرسوم أصدرته يوم 28/12/2007 تسليم الشيخ مظهر الخربيط، أحد زعماء العشائر البارزين في محافظة الأنبار العراقية، إلى السلطات العراقية. <BR>المرسوم الخاص بتسليم الخربيط ، كما تقول العديد من المنظمات الإنسانية انه مرر مع العديد من المراسيم الأخرى ، والحكومة صادقت على جملة مراسيم في جلستها التي عقدت يوم 28 كانون الأول 2007 بعدما تسلمت صلاحيات رئيس الجمهورية، والرئيس السنيورة برر تلك الخطوة بأنها تيسير لشؤون اللبنانيين ومصالحهم.<BR> لكن هل يعرف أهلنا في لبنان أن من بين تلك المراسيم التي تهم اللبنانيين تصديق المرسوم 427 القاضي بتسليم اللاجئ السياسي الشيخ مظهر الخربيط للحكومة العراقية، وهو نزيل مستشفى الحياة في بيروت منذ أكثر من عام؟!!<BR>المصادقة على المرسوم أحدثت صدمة بين المنظمات الدولية والأهلية المعنية بحقوق الإنسان، فضلاً عن استنكار القوى والفصائل العراقية المناهضة للاحتلال الأميركي للعراق، حيث صدرت مذكرة عن مكتب المفوضية التابعة للأمم المتحدة في بيروت بتاريخ 14/1/2008 تطالب الحكومة اللبنانية «بعدم تسليم السيد الخربيط للسلطات العراقية إلى حين البت بطلبه لدينا، علماً بأن إدارتنا المركزية في جنيف منكبة حالياً على دراسته، ولاسيما لجهة الحصول على معلومات عن ماضيه في العراق».<BR>منسق الحملة الأهلية لنصرة فلسطين والعراق معن بشور تحدث للصحافة اللبنانية عن مشروعية المرسوم اللبناني، وتساءل: «ألا ينتهك هذا المرسوم حقيقة عدم وجود معاهدة قضائية بين لبنان والعراق تجيز تسليم مطلوبين بين البلدين، وألا يتجاوز عدم انضمام لبنان إلى الاتفاق العربي الموقع في الرياض بتاريخ 1/4/1983 لتسليم المطلوبين؟ <BR>ألا يخالف هذا المرسوم القانون اللبناني نفسه الصادر بتاريخ 10/7/1962 الذي لا يجيز تسليم أي طالب للجوء السياسي لأية جهة خارجية، علماً بأن الخربيط تقدم بمثل هذا الطلب منذ فترة طويلة ولم يحصل على جواب بالقبول أو الرفض».<BR>وحول تذرع الحكومة اللبنانية بالتعاون مع الإنتربول الدولي رد بشور: «صدر المرسوم بتسليمه، وهو مرسوم، كما يشير الحقوقيون، يخالف نصوصاً وأوضاعاً قانونية واضحة بما فيها المادة 2 من نظام الإنتربول الدولي التي لا تجيز له ملاحقة متهمين بقضايا لها علاقة بالسياسة أو المعتقد الديني». <BR>البشور تساءل أيضاً : «هل يقدِّر المسؤولون الذين وقعوا على هذا المرسوم أي تشويه سيلحق بهم وبسمعتهم وبسمعة لبنان ومصالحه، وخصوصاً لدى الشعب العراقي، ولا سيما بعد اندحار الاحتلال الأميركي وعملائه؟ <BR>وهل يتحمل المسؤولون عن توقيع هذا القرار الخطير مسؤولية ما يمكن أن يتعرض له الشيخ الخربيط من أذى في حال تسليمه إلى سلطات الاحتلال؟ وهل ينسجم هذا القرار الخطير مع الدور التاريخي للبنان ملاذاً وحصناً للدفاع عن حقوق الإنسان؟».<BR>ونحن الذين اضطررنا لهجر البلاد الحبيبة بسبب ظلم وجور الاحتلال والحكومات التابعة له ،لا نعرف في ظل هذا التطور الخطير في قضية العراقيين المتواجدين في بعض الدول العربية ؛هل يعني ذلك انه سيتم مقايضتنا بحفنة من الدولارات والدراهم أو بعض البراميل من النفط العراقي الذي أصبح اليوم مرتعاً ونهباً لحكومة المالكي والمتنفذين فيها؟!!<BR> إلا أن يقيننا ، الذي لا شك فيه ، أن الخلق العربي لا يمكنه أن يسمح بمثل هذه الأفعال المشينة ، التي تريد من خلالها حكومة المالكي القضاء على الوطنيين والشرفاء في العراق الجريح بحجج ملاحقة الإرهاب ؛ وما مواقف العديد من الحكومات العربية من مسالة تواجد العراقيين الهاربين من شبح الموت الذي تنشره قوات الاحتلال والحكومات المتعاقبة على أراضيها ، إلا دليل على ما نقول ، وحينها سيبقى المالكي ومن لف لفه بوجه الخزي والعار .<BR><br>