الحل الأمريكي لمشكلة اللاجئين: أمريكي فعلا أم "إسرائيلي"؟!
20 محرم 1429

ما يسمى بالحل أو التصور الأمريكي لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين هو بالطبع ليس حلاً أمريكياً خالصاً، بل هو حل "إسرائيلي" أو تصور "إسرائيلي" لحل المشكلة يخدم في الأساس "إسرائيل"، ولا يحل مشكلة اللاجئين بل يحل مشكلة "إسرائيل"، هذا الحل "الإسرائيلي" تبنته الولايات المتحدة وأعادت صيغته بنفس المضمون باسم الحل الأمريكي، وهكذا فنحن أمام تصور "إسرائيل"ي وليس تصوراً أمريكياً . <BR>الحل الأمريكي لمشكلة اللاجئين، أو الحل "الإسرائيلي" – سمه ما شئت – يقوم على عدد من البنود – ومن ثم المغالطات والظلم – كالتالي <BR>- أنه يجب النظر إلى مشكلة اللاجئين الفلسطينيين، كمشكلة سياسية يتم التفاوض حولها على أسس سياسية، سواء بالرجوع إلى الحق البديهي لهؤلاء اللاجئين في العودة إلى ديارهم التي تم تهجيرهم منها قسراً بأساليب وحشية غالباً، مثل المجازر والطرد ومنع عودة من يخرج لأي سبب حتى ولو كان العمل أو الذهاب إلى الحج أو غيرها، مع ملاحظة أن الجزء الرئيسي من هؤلاء اللاجئين قد تم تهجيرهم بالقوة تحت التهديد بالذبح، وهو نوع من الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بالطبع يخالف أبسط القواعد الإنسانية، أو حتى الرجوع إلى القوانين الدولية المنظمة لمثل تلك الحالات، أو مجرد الرجوع إلى القرارات الدولية الصادرة بهذا الصدد، ونقصد به القرار 149 لسنة 1948 الذي ينص صراحة على عودة هؤلاء اللاجئين إلى ديارهم، بل وتعويضهم عن الأضرار المادية التي لحقت بهم من جراء تهجيرهم قسراً، وإذا استندنا إلى ذلك القرار، أو أي قانون مكتوب لدى الأمم المتحدة، أو حتى القانون البديهي والطبيعي فإن حق هؤلاء، العودة فوراً إلى ديارهم داخل فلسطين المحتلة، وهو ما يعني فوراً نهاية دولة "إسرائيل"، لأن "الإسرائيليين"، أو اليهود الذين قدموا إلى فلسطين أقاموا بيوتهم ومزارعهم على أنقاض بيوت وأراضي وممتلكات هؤلاء الفلسطينيين، وكذا تلتزم "إسرائيل" أو اليهود المقيمين فيها بدفع تعويضات تصل إلى عدة تريليونات من الدولارات عن استغلال هذه الأراضي والممتلكات طوال عشرات السنين، فضلاً عن ضرورة دفع مقابل للآلام والمذابح والترويع والتشرد الذي عاناه الفلسطينيون، بالإضافة طبعاً لمحاكمة قادة العدو الصهيوني، وكل من ساهم وساعد في هذه الجريمة . <BR>- الرؤية الأمريكية لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين ترفض بالطبع هذا المنطق، وتدعي أنه أمر مستحيل وغير عملي، وعلينا بالتالي ما دام الأمر مستحيل أو صعب أن نكون واقعيين ونقبل حل المشكلة في الإطار الإنساني . وهذا بالطبع منطق الظالمين الأقوياء تجاه الضعفاء . وهو منطق مرفوض لكل من كان يتمتع بأي قدر من الإيمان أو الكرامة . <BR>- أن هذه الرؤية الأمريكية التي عبر عنها جورج بوش في جولته بالشرق الأوسط في بداية عام 2008، ليست رؤية جديدة، بل هي رؤية أمريكية "إسرائيلية" تقليدية، طالما دعا إليها وحاول تنفيذها أكثر من رئيس أمريكي سابق، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن الرئيس الأمريكي بيل كلينتون " 1992 مـ – 2000مـ " كان قد قدم مشروعاً مماثلاً لمشروع بوش الذي عرضه في زيارته للمنطقة عام 2008 . <BR>- أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة قد مارست من السياسات ما يجعل الحل الإنساني ممكناً، فهي أولاً طلبت من الدول العربية الغنية المساهمة في صندوق لحل المشكلة ودفع التعويضات للاجئين كما طلبت من عدد من الدول الأوروبية واليابان . . . الخ نفس الشيء وفي نفس الوقت شجعت على ضرورة السماح لهؤلاء اللاجئين بالهجرة إلى دول مثل استراليا وكندا وأوروبا، وفي نفس الوقت قالت أنها سوف تمول توطين الفلسطينيين في مناطق الهجرة الكبرى مثل الأردن وسوريا ولبنان، بل إن كثيراً من السياسات الأمريكية في لبنان مثلاً تعمل على توطين اللاجئين الفلسطينيين هناك، وهو ما يرفضه الفرقاء اللبنانيين – لأسباب كثيرة منها ما هو قومي ومنها ما هو وطني ومنها ما هو طائفي . <BR>- إن إعادة الحديث في هذا الوقت بالتحديد، متصل بالجهد الأمريكي "الإسرائيلي" لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية، فالوضع العربي ضعيف، والوضع الفلسطيني شديد الانقسام بين فتح وحماس أو السلطة وحماس وقيادة السلطة سوف ترضى بأي مكاسب محدودة، ومن ثم فإن حل المشكلة الأكثر خطورة وهي مشكلة اللاجئين الفلسطينيين أم المشاكل والقضايا، ممكن أن تتم تصفيته الآن، وأن تلك فرصة تاريخية يجب على "إسرائيل" استغلالها، وينسى هؤلاء أنه ليس من حق محمود عباس، ولا غيره التحدث باسم 7 مليون لاجئ فلسطيني، أو التخلي عن حقوقهم، وفي هذا الإطار يجب أن يفرز اللاجئون الفلسطينيون لجنة للتعبير عنهم، لا تتدخل في الصراعات والسياسات الفلسطينية والعربية والدولية، بل تقتصر فقط على التمسك بحق العودة، وعدم تخويل أي قيادة فلسطينية في السلطة أو حتى حماس بالتخلي عن هذا الحق . <BR>- تدرك "إسرائيل" ومعها الولايات المتحدة أن وجود اللاجئين، واستمرار تمسكهم بحق العودة يعني خطراً مستقبلياً على وجود "إسرائيل" لأنه لو لم يستطع هذا الجيل تحقيق حلم العودة، فربما جاءت أجيال أكثر قدرة من هذا الجيل على تحقيق ذلك، ومن ثم فإن "إسرائيل" والولايات المتحدة مستعدان لدفع أموال طائلة للاجئين وتحقيق تسهيلات معيشية لهم في كل مكان بالعالم، لتصفية هذا الخطر . <BR>- يجب النظر إلى الرؤية الأمريكية لحل مشكلة اللاجئين والتي طرحها الرئيس بوش في زيارته للمنطقة " يناير 2008 " في إطار التصور الأمريكي لحل المشكلة الفلسطينية، فقد طرح بوش عدداً من النقاط مثل الاعتراف بشرعية المستوطنات الصهيونية الكبيرة، تصفية المستوطنات العشوائية – وهذه لن تضر سياسة الاستيطان الصهيوني في حالة إزالتها – إلغاء حق العودة، إقامة دولتين عنصريتين – دولة لليهود فقط، ودولة فلسطينية على جزء من أراضي غزة والضفة، ومعنى هذا أنه ليس فقط يتم إلغاء حق العودة للفلسطينيين في الشتات، بل إمكانية تهجير كل عرب 1948 المقيمين داخل "إسرائيل" " عددهم 1.2 مليون عربي مسلم ومسيحي ودرزي " ويشكلون خطراً ديمغرافياً على "إسرائيل" " . إمكانية تهجير هؤلاء أو جزء كبير منهم إلى داخل الدولة الفلسطينية التي سوف تقام . <BR>وهكذا فإن التصور الأمريكي "الإسرائيلي" لحل مشكلة اللاجئين ليس فقط ظلماً لفلسطيني الشتات، بل تهديد بالظلم أيضاً لعرب 1948 .<BR><br>