
ما يجري في الباكستان قمة " اللعبة الديمقراطية الأمريكية الأكثر سخفا" تقول "هيرالد تريبيون".. صورة طبق الأصل للحاكم " النموذجي" الذي يعتبره البيت الأبيض " مثاليا" لأنه مطيع و يعده " مقرفا" عندما تتحول الطاعة العمياء إلى أخطاء هوجاء و متكررة إلى هذه الدرجة من الغباء.. الجنرال الباكستاني برفيز مشرف (الذي وصل إلى الحكم على دبابة أطاحت بسابقه نواز شريف"، لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه دون دعم مباشر و كامل و علني من واشنطن.. حتى جرائمه الشنيعة ضد شعبه اعتبرت " دفاعا عن الجمهورية الديمقراطية" كما جاء في افتتاحية هارتس الإسرائيلية، أيام أباد الطلبة في المسجد الأحمر بتهمة الإرهاب المسبق.. و لأن التهمة كانت بمثل هذا العنوان لم يتكلم الغرب الديمقراطي عن " السبب الذي يجعل برفيز مشرف يأمر جنوده بإطلاق النار دونما أدنى ضمير على النساء و على الشباب لمجرد اعتصامهم في مسجد، و كان بإمكانهم التساير معهم بدبلوماسية " الديمقراطيين التي يتغنون بها أمامنا ليل نهار" لأجل أن تنتهي أزمة المسجد الأحمر دون إراقة كل تلك الدماء.. لم يسأل الغرب قط لماذا بقي برفيز مشرف جنرالا ثابتا في مكانه، بكامل أوسمته في الداخل والخارج و قد أثبت أنه فاشل على كل الأصعدة، سياسيا و عسكريا وحتى في تعاطيه مع القضايا العامة و الطارئة غير السياسية، كما جرى في الزلزال الذي ضرب باكستان و الذي بقي الجنرال " المزمن" يتفرج على شعبه و هو يعاني نصفه تحت الأنقاض ينتظر من ينتشله و من يمد له يد العون في قمة مأساته.. صحف سويسرية كتبت وقتها: " من العار أن يكون برفيز مشرف حاكما على أي دولة كانت.."! لكنه كان حاكما على باكستان التي حولها من دولة محترمة إلى دويلات تنازعها كل أنواع الطائفية التي غرسها بمعية أصدقائه الأمريكيين ( و فرسان مالطا ) الذين تسربوا إلى عمق القرار السياسي، لأجل ضرب الثوابت و تحقيق أقصى درجة من الحقد بين الباكستانيين أنفسهم الذين يبدون اليوم جاهزين للدخول في أي حرب أهلية سوف يتفرج عليها الغرب ـ كما العادة ـ من منبر الأمم المتحدة الذي يقوده اليوم السيد " بوكيمون"! <BR><font color="#0000FF">دولة الانقلابات البيضاء والسوداء: </font><BR>لم يكن الأمريكيون ليقبلوا بحاكم يعارض سياستهم قط في الباكستان التي يعتبرونها الدولة الإستراتيجية الأهم، بالخصوص بعض قضية القنبلة النووية التي صارت تحصيل حاصل بالنسبة إليهم، و بعد قضية العالم النووي" عبد القدير خان" التي كشفت الكثير من التقارير الغربية أن المخابرات الليبية ساهمت في كشفه للأمريكيين في إطار صفقة كان المراد منها التغطية على قضية لوكربي..! ما كشفته التقارير الاستخباراتية الأمريكية " حسب صحيفة " كونفدونسيال" كان في منتهى الخطورة، مفاده أن الخطر الباكستاني حسب التقرير الإسرائيلي ليس قط إزاء حالة الحرب و "اللا.حرب" القائمة بين دلهي (الهند) و كراتشي ( الباكستان) و ليس في "حفل" التسابق العسكري و النووي بين البلدين، بل لأن الباكستان ليست الهند، إنها حسب "الواشنطن بوست" بوابة إسلامية خطيرة " حتى لو كان حاكمها " مجرد دمية" بين أيدي الأمريكيين و الإسرائيليين معا الذين يلعبون معه لعبة القط و الفأر بتزويده بتقارير مغالطة عن نشاطات الهند في المجالين العسكري و النووي، في الوقت الذي تدعم إسرائيل الهند بشكل مباشر بكل ما تحتاجه لتنظيم جيشها بعد اكتشاف قضية الفرقة العسكرية الثانية التابعة للجيش الإسرائيلي التي كشفتها صحيفة "نيويوكز" الأمريكية و التي ذكرت أنها متواجدة في الهند منذ سنة تقريبا و مهامها ليس فقط تدريب فرق هندية على " حرب العصابات" بل لها أيضا دورها التجسسي في المنطقة.. برفيز مشرف يعرف كل هذه الحقائق التي يمكنه تصفحها على صدر الصحف الأمريكية التي يعشق الاطلاع عليها قبل تناول فطور الصباح، و يعرف انه يشكل في بلده عدوا حقيقيا لملايين من الباكستانيين الذين وجدوا أنفسهم اليوم بالذات في مأزق حقيقي إزاء أوضاع معيشية صنعت من الأثرياء "زعماء" على حساب أغلبية الشعب الباكستاني المتهم مسبقا بالإرهاب! برفيز مشرف لم يصل إلى الحكم عبر صناديق الاقتراع " الديمقراطية" و لم يلجأ إلى الشعب لأجل تقرير مصير البلاد، بل جاء كما يأتي أي جنرال من العالم الثالث، مدعوما من قبل مكتب الاستخبارات الأمريكية التي تصنعه قبلا في الخارج كواحد من الدمى الذين سوف يدافعون عن مصالحها أكثر منها، و سوف يفعلون ما بوسعهم لأجل البقاء في الحكم في دولة لم تعرف استقرارا حقيقيا أبدا.. دولة وصل أغلب الحكام فيها عبر الانقلابات العسكرية و الاغتيالات التي كانت تطيح بالسابق لتحمل اللاحق إلى كرسي الحكم، بمباركة الغرب الذي ظل ينظر منذ ثلاثين سنة إلى باكستان بأنها " الدجاجة التي تفرخ الإرهاب" بالرغم من أن كل الثوابت تؤكد أن الإرهاب الحقيقي هو الذي مارسه الحاكم نفسه بمباركة الخارج و الذي أدى إلى اختلال رهيب في البنية الاجتماعية في البلاد، جعل العنف فيها مسألة " دفاع عن البقاء" كما تقول صحيفة " لابوليتيك" التي انتقدت في ملفها الأخير برفيز مشرف و اعتبرته ديكتاتوريا من الطراز النادر، و اعتبرت أن التواطؤ الغربي معه " عار" لا يمكن النظر إليه سوى بعيون مليئة بالخجل و الدموع.. <BR><font color="#0000FF">ـ أنا الزعيم! </font><BR>سابقة حقيقية أن يقاضي برفيز مشرف شعبه بالبذلة العسكرية.. يساومه بكل غباء و حقارة و يراهن على بقائه في الحكم لسنوات أخرى " على الرغم من أنف المعارضة"، متواطئا بشكل خفي مع " بينازير بوتو" الصورة الثانية لنفس العملة الرديئة التي تعتبر الباكستان إرث لا يتجزأ من إرث الأسرة، دون نظرة حقيقية لواقع شعب يعيش 90% منه تحت الخط الأحمر من الفقر، شعب يقتات من القمامة في الوقت الذي يشكل 10% أثرياء يدوسون على رقاب الفقراء يوميا بكل الطرق.. ها هو اليوم برفيز مشرف يتقمص دور " الزعيم " الأوحد، و يساوم شعبه أمام أعين العالم: إما أبقى حاكما و أتخلى عن البذلة العسكرية و إما أظل حاكما و عسكريا على قلوبكم! تلك نكتة حقيقية حسب صحيفة "لاتربيون" التي رأت فيها نكتة مثيرة للسخرية، ليس لأن مشرف من قالها، بل لأنها تأتي في وقت تبدو فيه الحامية الرسمية لــه (أمريكا) مستاءة منه، بدليل أن " الآنسة! " كونداليسا رايس اعتبرت " سياسته الأخيرة هوجاء" في تصريح أدلت به لقناة فوكس نيوز التلفزيونية المقربة أيديولوجيا من البيت الأبيض.. لكن صاحب السياسة الهوجاء لا يريد ترك الحكم لغيره، فهو يقول لشعبه: إما يكون حاكمكم برفيز و إما يكون مشرف..! و لا خيار بعدها، و هي إشكالية تصب في الديمقراطية التي تحبها أمريكا التي تقول أن ما يجري هو شأن " باكستاني داخلي"، في الوقت التي تبدو معنية جدا بالشؤون الداخلية للسلطة الفلسطينية التي تعتبر عبرها " حركة حماس" تنظيما إرهابيا يجب اجتثاثه من جذوره، و في الوقت الذي تكترث بالشؤون الداخلية للسودان، و أفغانستان، و العراق الذي أعاثت فيه فسادا منذ أربعة أعوام.. لكن باكستان شأنا داخليا يخص برفيز و مشرف معا!!! كلاهما شخص واحد يجب أن يختار الشعب أحدهما لعهدة رئاسية جديدة سوف تمتد خمسة أعوام من الجحيم إن تحقق، فسوف يعاني فيه الشعب الباكستاني أكثر مما عانى قبلا، ليس لشيء سوى لأن اللعبة الجديدة في المنطقة سوف تأخذ أبعادا مغايرة و بالتالي أمريكا التي " تبقي" على " الدمى التقليديين" لن تتورع عن تغييرهم في أي وقت لو كانت اللعبة الجديدة لا تتناسب مع أجسامهم الثقيلة.. فالقفز على الحبل يحتاج إلى الخفة كما يقول المثل التركي، و كل الحكام الحاليين يعانون من بدانة " و "هوجائية" في السلوك المناهض لشعوبهم" و لهذا لن يستطيعوا القفز على الحبل الأمريكي الجاهز للدمى الجاهزين!!!<BR> <BR><BR><br>