
بعد كل التعقيدات والصعوبات التي صاحبت وصول غول لمنصب رئيس الجمهورية وبعد أن خاضت البلاد انتخابات مبكرة كانت نتائجها لصالح حزب العدالة والتنمية تمكن عبد الله غول ذو الخلفية الإسلامية الكاملة من احتلال المنصب الذي كان حكرا على العلمانيين.<BR>وبوصول غول إلى سدة الرئاسة فإن تركيا دخلت بذلك مرحلة جديدة من الدمقرطة في مجمل القضايا التي تتعلق بها دولة ومجتمعا وسياسة وهوية.<BR>ويؤكد المراقبون السياسيون أن انتخابات الرئاسة هي ميزان للقوى الشعبية وامتحان لمدى تطبيق الديمقراطية في تركيا بما أن حزب العدالة والتنمية الحاكم أبقى على مرشحه غول نزولا عند إرادة الشعب.<BR><font color="#ff0000"> من هو عبد الله غول؟</font> <BR><BR>يتمتع غول الذي ترتدي زوجته وابنته الحجاب بثقة إردوغان وقد تولى رئاسة الحكومة في مكانه بعد انتخابات 2002 عندما منع رئيس الوزراء الحالي من أن يتولى المنصب بسبب حكم قضائي سابق.<BR>وبعد خمسة أشهر على رأس الحكومة تخلى عن المنصب لاردوغان، وتولى حقيبة الخارجية التي شغلها أربع سنوات حتى الآن.<BR>وولد غول وسط عائلة متواضعة في 29 أكتوبر 1950 في قيصري الذي انتخب نائبا له أربع مرات منذ 1991، وهو يحمل إجازة في العلوم الاقتصادية من جامعة اسطنبول، وبعد ذلك، درس غول الذي يجيد اللغة الإنجليزية في جامعات في بريطانيا حيث نال شهادة الماجستير ثم الدكتوراة في الاقتصاد. وبين 1983 و1991 عمل خبيرا اقتصاديا في البنك الإسلامي للتنمية الذي يتخذ من جدة في المملكة العربية السعودية مقرا له.<BR><font color="#ff0000"> إسلامي في قصر أتاتورك: </font> <BR><BR>وصول عبد الله غول إلى قمة الهرم السياسي التركي يعتبر حدثا تاريخيا بكل معنى الكلمة وسابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ تركيا العلمانية وانتصارا تاريخيا للاختيار الحر في مواجهة الجيش.<BR>ويتفق المراقبون على أن هذه الإستراتيجية الذكية من إردوغان ضمنت لحزبه السيطرة على كرسيي رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء في آن واحد ليحكم سيطرته على المشهد السياسي التركي بالكامل. <BR><font color="#ff0000"> انتصار حزب العدالة: </font> <BR><BR>عبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان عن فرحته بانتخاب مرشحهم عبد الله غول لرئاسة الجمهورية، وقال بأن هذه الانتخاب سيحقق لهم أمنية طالما حلموا بها وهي مصاحبة الرئيس في نشاطات الدولة.<BR> وقال:"لطالما كنا نرغب أن يكون الرئيس معنا في الاجتماعات والمراسم لكن هذا الأمر مع الأسف لم يتحقق مع الرئيس السابق لكن منذ الآن وصاعدا فإننا سنكون معا ونشكل لوحة فريدة وإيجابية عن تركيا.<BR>وهللت الصحف ذات التوجه (الإسلامي) بفوز غول في هذه الانتخابات فقد وصفت صحيفة (يني شفق) الإسلامية الفوز بأنه انتصارا للديمقراطية في البلاد مشيرة إلى الارتياح الكبير لدى الأوساط السياسية والاقتصادية لوصول غول إلى هذا المنصب.<BR>وأكد الكاتب الصحفي على بيرام أوغلو في الصحيفة بأن انتخاب غول رئيسا لتركيا يعتبر انتصار لحزب العدالة والتنمية مشيرا إلى غول هو الشخص المناسب لهذا المنصب الرفيع.<BR>أما صحيفة (زمان) الإسلامية فقد سلطت الضوء على فوز غول في هذه الانتخابات الذي جاء في الدورة الثالثة وقالت لقد بدأت مرحلة جديدة في القصر الجمهوري مع وصول غول.<BR>وقالت الصحيفة: إن التهاني هطلت كالمطر على غول عقب فوزه بالانتخابات مشيرة إلى اهتمام وسائل الإعلام الأجنبية بصعود غول إلى القصر الجمهوري.<BR>أما صحيفة "صباح" العلمانية فقد علقت في مطلع صفحتها بقولها" مبروك لغول" مضيفة أن السيد غول أصبح الرئيس الـ11 للبلاد.<BR>وقالت الكاتبة الصحفية نازلي إلجيك في الصحيفة بأن الشعب التقى مع رئيسه بعد ثلاثة أشهر من الخلافات السياسية.<BR>أما الكاتب الصحفي في صحيفة "حرييت" القريبة من المؤسسة العسكرية آرتغورل أوزكوك فقد علق على فوز غول في الانتخابات الرئاسية بقوله: "غول الرئيس الأول للجمهورية الثانية".<BR>وكتبت صحيفة "مللييت" الليبرالية الثلاثاء أن "انتخاب غول سيشكل منعطفا في تاريخنا السياسي يفترض أن يقربنا أكثر من النضج الديمقراطي".<BR>ويتوقع كثير من المراقبين أن يحاول غول الذي انشق عن حزب إسلامي في عام 1999 تجنب أي مواجهة.<BR>وقال جنكيز تشاندار (الكاتب الصحفي المشهور، والخبير في شؤون الشرق الأوسط) : "يجب ألا تتوقع خطوات راديكالية من غول معارضوه الذين يخشون أن يفعل سيدهشون وأيضا مؤيدوه الذين يأملون في خطوات راديكالية سيخيب أملهم."في تركيا تسيطر الحكومة على معظم السلطات ولكن بمقدور الرئيس أن ينقض القوانين وينقض تعيين المسئولين ويرشح القضاة.<BR><font color="#ff0000"> موقف الجيش التركي:</font> <BR><BR>وفي رسالة وصفتها وسائل الإعلام بأنها "هدنة عسكرية مع القصر الرئاسي" نفى رئيس هيئة الأركان التركي الجنرال يشار بيوكانيت الأنباء التي تحدثت عن وجود توتر بين الجيش والرئيس الجديد عبد الله غول بسبب خلفيته الإسلامية داعيا وسائل الإعلام إلى عدم المبالغة في أخبار قد تقوض الاستقرار في البلاد.<BR>ويقول المحلل السياسي "إسماعيل بالي " أرى أن الجيش سوف يقبل بواقع وصول غول إلى الرئاسة وأعتقد أن الأيام القادمة ستكون عهدا من المصالحة بين المؤسسة العسكرية والرئاسة لأن الجيش لا يريد التوتر حفاظا على استقرار البلاد".<BR>ويقول المراقبون السياسيون أن وصول غول إلى الرئاسة لم يكن سهلا فهو خاض مع حزبه معركة البقاء السياسي وسبح ضد تيار علماني قوي يرفض الماضي الإسلامي للحزب الحاكم ويعتبره بمثابة الخطر الذي يهدد بإعادة الدولة لعصر الخلافة الإسلامي.<BR>وإذا كان غول قد نجح في الوصول إلى قصر الرئاسة فإن المحافظة على هذا النجاح سيكون أصعب بما أن عيون العلمانيين وفي مقدمتهم الجيش ستكون مركزة عليه وخصوصا بكيفية تعاطيه مع حجاب زوجته المرفوض في المراسم الحكومية والذي يعتبر الاختبار الأول له بمدى التزامه قلبا وقالبا بمبادئ الجمهورية الأتاتوركية العلمانية.<BR><font color="#ff0000"> تركيا الجديدة: </font> <BR><BR>ويرى المحللون السياسيون أن عهد غول بداية مرحلة جديدة لتركيا الجديدة وربما يسهل مسألة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي الذي يرى في الرئيس المنتخب ديمقراطيا زعيما معتدلا يستحق التشجيع مادام سينفذ الإصلاحات ويفي بوعوده وينجح في التعايش مع الديمقراطية.وأخيرا .. الصفحة الجديدة هي عنوان المرحلة المقبلة في تركيا الجديدة وسط توقعات بدور أكبر لها في المنطقة.<BR> ويبقى السؤال هل سيغير غول وجه تركيا؟<BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><BR><br>