من مظاهر الانحطاط الأخلاقي في العراق الأمريكي
15 جمادى الأول 1428

اغتصاب القاصرات والاعتداء على الطاهرات, وانتهاك الحرمات والاستهزاء بالمقدسات والإذلال المتعمد للإنسان وانتهاك المتواصل لحريته وكرامته, وقتل الأبرياء وبالجملة أصبحت أموراً ملازمة للعسكرية الأمريكية ومن سماتها ومعالمها, والتي نشرت الإرهاب تحت مسمى الحرب عليه، وحملت إلينا ثقافة العنف والقتل والصدمة والترويع والوحشية والتوحش في إطار إصلاحاتها الديمقراطية المزعومة وسعيها الحثيث للحفاظ على "حقوق الإنسان" و"تحريره".<BR> آخر الصرعات الأمريكية والتي تناقلتها وكالات الأنباء حديثا هو موضوع تبول الجنود الأمريكيين على جثث القتلى؛ فقد اعترف جندي أمريكي من مشاة البحرية في سياق إفادته أمام محكمة عسكرية أنه قد تبول على جثة عراقي كان بين 24 مدنيا عراقيا قتلهم أفراد وحدته في بلدة حديثة بعد أن غضبوا لمقتل زميل لهم في انفجار, وأضاف السارجنت سانيك ديلا كروز الذي حصل على حصانة من المحاكمة بعد أن تم إسقاط تهم القتل التي وجهت إليه أنه شاهد قائد مجموعته وهو يطلق النار على خمسة مدنيين عراقيين كانوا يحاولون الاستسلام، وأبلغ كروز المحكمة العسكرية بأنه تبول على رأس عراقي القتيل لأنه كان ناقما وثائرا لمقتل صديقه. وأضاف أنه رأى قائد المجموعة السارجنت فرانك وتريتش وهو يطلق النار على خمسة رجال كانت أيديهم مقيدة قرب سيارة. واعترف ديلا كروز بأنه أطلق النار أيضا على الرجال الخمسة بعد أن سقطوا على الأرض. وتتعلق القضية بما حدث في 19 نوفمبر 2005 عندما انفجرت قنبلة على طريق فقتلت أحد مشاة البحرية وأصابت اثنين آخرين. فما كان من جنود مشاة البحرية الناجين إلا أن أوقفوا سيارة وأطلقوا النار على ركابها الخمسة ثم اقتحموا منزلين وقتلوا من كانوا في داخلها.<BR>بين حين وآخر تتسرب لوسائل الإعلام تفاصيل عن تصرفات مشينة لجنود أمريكيين, تضرب تلك التصرفات بعرض الحائط كل القيم الإنسانية والأخلاقية وتنتهك مجمل الاتفاقات الدولية وتهزأ بالحد الأدنى من القيم التي تعارفت عليها المجتمعات المتحضرة منها والمتخلفة على حد سواء. <BR> التعذيب في أبو غريب, لم يكن تعذيبا لمشتبه بهم أنهم من المقاومين بغية أخذ اعترافاتهم فحسب على فداحة المسألة, كان الأمر أسوأ من ذلك بكثير, إنه الإمعان في امتهان كرامة الإنسان والتحرش الجنسي والأخلاقي بالمعتقلين والذي ينم عن نفوس غير سوية, مريضة وعن انحطاط في المفاهيم والقيم.<BR>تدنيس القرآن الكريم ورميه في الحمامات والاعتداء على كتاب مقدس في معتقل جغوانتنامو – رمز حقوق الإنسان في العهد الأمريكي- يشير أيضا إلى طريقة في التفكير تظهر بأن الأمر ليس حربا على الإرهاب بقدر ما هو حرب على الأخلاق السوية والقيم الإنسانية. <BR>في نهاية عام 2005, عرضت محطة التلفزيون الأسترالي اس بي اس شريطا مصورا يظهر جنودا أمريكيين يحرقون جثث قتلى يزعم أنهم من حركة طالبان، وقالت المحطة إن الشريط جرى تصويره بواسطة مذيعها ستيفن دي بونت في قرية جوبينز القريبة من مدينة قندهار، بينما كان المذيع يرافق القوات الأمريكية. وأظهر الشريط خمسة جنود أمريكيين يقفون على حافة مكان صخري، يتمتعون بمراقبة جثتين تحترقان وقد بدت الأيدي والسيقان متدلية خارج النيران فيما الجنود يعزفون موسيقى صاخبة بدرجة عالية ويتراقصون على أنغامها.<BR>غير أن أكثر المناظر بشاعة كانت لجثتين لشخصين يفترض أنهما أعضاء في حركة طالبان وقد سجيتا في اتجاه الكعبة بمكة قبل إشعال النيران فيهما. وأكد مراسل تلفزيون في تعليقه أن هذه العملية كانت ترمي إلى تدنيس المعتقدات الإسلامية عن قصد. <BR>تكرار تلك الأحداث، والتي تأتي عبر تسرب أشرطة أو صور أو اعترافات، توحي بأن تلك التصرفات ليست استثناء أو شذوذا، بل هي على الأغلب السلوك العام الطاغي والمنتشر في أخلاقيات الجنود الأمريكيين؛ فالكاميرات وأجهزة الرصد ليست موجودة وبشكل دائم، وحتى إن وجدت فإن احتمالية تسربها ليست كبيرة، فمقاربة إحصائية لتلك الأحداث المتسربة، تشير إلى أنها أسلوب عام وداء متفش داخل صفوف العسكرية الأمريكية.<BR> ومما يِؤكد هذا الاستنتاج هو سعي الإدارة الأمريكية الدائم والحثيث والحاسم لمنح جنودها الحصانة القضائية، إن كان عبر الأمم المتحدة أو من خلال قوانين تسنها قوات الاحتلال والحكومات المرتبطة بها كما حصل في العراق أو أفغانستان، فلماذا يحرص الأمريكيون بشدة على منح الحصانة القضائية لجنودهم، إن لم تكن الجرائم والانتهاكات الأخلاقية وسيلة من وسائل العسكرية الأمريكية في السيطرة والهيمنة ؟ <BR>لقد نشرت قوات جورج بوش ثقافة القتل والكراهية والعنف في عالمنا الإسلامي، ومما يزيد من بؤس تلك الثقافة الدموية وغير الإنسانية، والتي تقوم القوات الأمريكية بعولمتها، هو في الادعاءات البائسة والكاذبة للإدارة الأمريكية حول نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وحريته.<BR>لقد دمرت القوات الأمريكية العراق وطنا ومقدرات وإنسانا, ونشرت فيه الكراهية والأحقاد والبؤس والموت والمفخخات وحولت الحياة إلى مأساة متواصلة وجحيما لا يطاق. القوات الأمريكية كقوة احتلال تعتبر مسئولة مسؤولية مباشرة: قانونية وأدبية ومادية ومعنوية عن كل قتيل أو جريح يسقط في بلاد الرافدين وعن كل دمار وخراب يحل بتلك بالعراق, حتى لو افترضنا بصحة ادعاءات بوش وهو الكذوب بأن الإرهابيين هم من يقف خلف التفجيرات الإجرامية في العراق, فإن هذا الفكر "الإرهابي" نما وترعرع في أجواء الاحتلال وثقافته الموغلة بالانحطاط والانحدار والتي من عناوينها ورأس جبل الجليد فيها التبول على جثث الأبرياء والرقص على أنغام موسيقى مصاحبة مع إحراق الجثث وغيرهما كثير, وما خفي بطبيعة الحال أعظم وأشد هولاً.<BR><br>