مزايا الخطة الأمريكية الجديدة!
21 ربيع الثاني 1428

الخطة الأمنية الجديدة التي طرحتها الولايات المتحدة الأمريكية لإحياء ما يسمى بعملية السلام، جاءت لحاجتها الماسة لتهدئة في المنطقة لتخفيف ضغط الملف العراقي عليها داخلياً، ولإخراج (إيهود أولمرت) من مأزقه الحالي، ولترسل برسالة للدول العربية أنها معنية بما يجري في المنطقة.<BR>الخطة أشبه ما تكون بعلاج خدش في القدم وترك جرح غائر ينزف في الصدر، وأقل ما توصف به الخطة أنها تقزيم للقضية وإلهاء وإشغال بالتفاصيل وقراءة في الهوامش.<BR>أساس الخطة يقوم على تخفيف الحواجز عن الفلسطينيين في الضفة الغربية وزيادة ساعات العمل في المعابر مقابل وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة.<BR>تهدف الخطة أيضاً في تفاصيلها إلى إعطاء فرصة لترتيب البيت "الإسرائيلي"، وكذلك البيت الفلسطيني والمراد هنا تقوية حرس الرئاسة وإعطاء فرصة أخرى لـ"التيار المعتدل" للسيطرة على الأمور وضبطها، وكما يقال: يكمن الشيطان في التفاصيل، فقد كشفت صحيفة (هآرتس) العبرية في عددها الأخير النقاب عن شيء من الخطة الأمنية الأمريكية، التي أطلق عليها اسم (اختبارات التنفيذ)، تنص من بين بنودها على أن تنفذ قوات الأمن الفلسطينية ومستشار مجلس الأمن القومي بالتحديد، العقيد محمد دحلان، سلسلة خطوات محددة بجدول زمني معين ضد فصائل المقاومة الفلسطينية، ولإيقاف إطلاق الصواريخ الفلسطينية باتجاه المغتصبات "الإسرائيلية"، بموعد أقصاه الحادي والعشرين من شهر يونيو المقبل، وأن يأمر رئيس السلطة محمود عباس بنشر قوات حرس الرئاسة، التي يجري تسليحها، حتى هذا التاريخ عند المناطق التي تطلق منها فصائل المقاومة صواريخها. <BR>كما تطالب الخطة الأمريكية الأجهزة الأمنية الفلسطينية الخاضعة لإمرة رئيس السلطة بـمنع عمليات تهريب الأسلحة في منطقة رفح بالتنسيق مع الكيان الصهيوني.<BR> وبالرغم من خطورة هذه الأهداف التي تسعي إليها الخطة، فإنها حملت في طياتها مزايا من أبرزها: إعلان نجاح الصواريخ الفلسطينية في التأثير على الكيان الصهيوني، مما اضطره للتفاوض على إيقافها، فكيف لو اجتمع مع هذه الصواريخ عمليات الأنفاق وعمليات التفجيرات والاقتحامات وغيرها.<BR>والمراقب لما يجري يتضح له أن اتساع نطاق المقاومة هو مسألة وقت خاصة مع عدم الحراك في ملف التفاوض للإفراج عن الأسرى واستمرار الاعتداءات الصهيونية، وهذا ما يتضح من تصريحات قادة المقاومة الفلسطينية، حيث أعلن رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل رفض الخطة الأمريكية وذلك في مهرجان خطابي بمخيم اليرموك في دمشق ووعد بشهور ساخنة. وقال مشعل: « أعلن رسمياً رفض حماس لهذه الوثيقة أو أي مشروع أميركي أو أوروبي أو إسرائيلي أو حتى عربي يعرقل القضية الفلسطينية بهذا الشكل».<BR>أما الميزة الثانية للخطة فهي: إعلان فشل الكيان الصهيوني ونفاذ خياراته ومحدوديتها، فهو يُحاصر نفسه بجدار، ويحاصر المدن والقرى الفلسطينية بحواجز جاعلاً منها سجناً كبيراً، متخذاً من أسلوب العقاب الجماعي منهجاً له، وهذا ينعكس سلباً عليهم، فهذه الممارسات توسع من دائرة المقاومة ضد الاحتلال، وتزيد الناس حنقاً على الاحتلال وممارساته، وحالهم كما وصفهم الله عز وجل: {يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار}.<BR>والميزة الثالثة: أنها تظهر بوضوح الطرف الحريص على المواطن الفلسطيني وحقوقه وثوابته، حيث أعلن كبير المفاوضين الفلسطينيين د. صائب عريقات أن الخطة تشمل تطبيق إجراءات تهدف إلى تسهيل حركة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وتلبية الاحتياجات الأمنية لإسرائيل، مضيفاً أنها «مقاربة جيدة جداً». مع كون هذه الخطة لم تشر إلى أكثر من أحد عشر ألف أسير وأسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني، ولم تشر إلى ما يجري من عمليات تهويد يومية للمسجد الأقصى المبارك، ولا حتى لقضية اللاجئين، في المقابل، قال مسئول في مكتب رئيس الوزراء "الإسرائيلي" (ايهود اولمرت) إن الوثيقة محل مناقشة «وسيجري رئيس الوزراء مباحثات بشأنها الأسبوع المقبل».<BR>الاحتلال الصهيوني يقيم 530 حاجزاً عسكرياً ثابتاً، و630 حاجزاً طياراً جاعلاً من الضفة الغربية سجناً كبيراً، وأمريكا تطرح اليوم تحسين الأوضاع داخل هذا السجن، إن هذه الخطة الجديدة ينطبق عليها تماماً عبارة لـ(شيمون بيرز) حين قال: "إن العرب حتى يقبلوا بواقع ما، ينبغي أن نفرض عليهم واقعاً أسوأ ليقبلوا بهذا الواقع الجديد"، ، ويـبدو أن المقاومة الفلسطينية هي من سيفرض الواقع الأسوأ على الكيان الصهيوني في المرحلة القادمة.<BR>أمر آخر لابد من الإشارة إليه، ألا وهو فقدان خطط السلام مع الكيان الصهيوني للمصداقية، فالزخم الإعلامي الذي كان يصاحب أي مبادرة أمريكية للسلام انتهى وبلا عودة، وهذا دليل على صعود كبير في مؤشر سهم المقاومة وهبوط حاد لسهم المساومة.<BR>إن المقاومة قادرة –بإذن الله – على أن تجعل مصير هذه المخططات لا يتجاوز حدود المؤتمرات الصحفية التي أعلن فيها عن تلك المخططات، وستضع هذه الخطة الجديدة في سلة المحذوفات مع مخططات سابقة جرى الحديث عنها كــ(الفوضى الخلاقة) أو (الشرق الأوسط الجديد) . <BR>قال تعالى: { وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ} أي أنه يَذْهَب باطلاً ويَحيق بهم ما يريده اللهُ عز وجل .<BR><br>