
تفاجأ العراقيون منذ أيام بخبر يدمي قلوب فريق منهم بسبب تناثر الكتب مع الأشلاء في شارع المتنبي ببغداد، حيث لم تسلم الكتب القديمة كما الأجساد من شظايا القتل الدامي..<BR>بكى الناس الكتب مثلما بكوا ذويهم، وقد التقط بعض المراسلين هذه الكلمات التي تنم عن عظم الجرح لدى أصحاب المكتبات هناك، فكانت شديدة التعبير عن عمق جراحهم :<BR>"لقد احترقت مكتبتي التي تضم موسوعات وكتب تاريخية نادرة ودينية مهمة جدا غير موجودة إلا في بغداد", قالها محمد حميد صاحب إحدى المكتبات التاريخية القديمة، وراح يبكي وهو يردد "لا حول ولا قوة إلا بالله". <BR>إنه حصاد الغزو ونحن نقترب من عامه الخامس، مس كل مناحي حياتنا، خرب الثقافة مثلما خرب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية بل والدينية.. ونحن ما سمعنا في يوم من الأيام أن الاحتلال جاء بخير لشعب من الشعوب ، والاحتلال آفة مخيفة وآكلة مدمرة إن أصابت بلاد من البلدان فلا تبقي ولا تذر ، وما حصل في العراق من احتلال غاشم خبيث طال في خبثه وتدميره كل شيء .<BR> ومن هذه الأشياء دار المخطوطات العراقية وهي واحدة من أهم المؤسسات العراقية التي تم إنشاؤها في زمن الحكومة السابقة ولها جذور تمتد إلى أبعد من ذلك بكثير.<BR>وترجع أهمية الدار أنها تحتوي على مخطوطات أصلية وعددها كبير جداً حيث يمكن اعتبارها من أكبر مكتبات أو دور المخطوطات في الوطن العربي والعالم الإسلامي، ومن أهم وأثمن ما تمتلكه هذه الدار صفحات من مصحف خط بيد الإمام علي رضي الله عنه .<BR>ازدادت أهمية الدار قبيل الاحتلال لأنها أصبحت بمثابة الخزانة المركزية للتراث في العراق ، حيث تم الإيعاز إلى كافة الجامعات والمكتبات والمعاهد العلمية ومن ضمنها المجمع العلمي العراقي بتحويل جميع ما تمتلكه هذه المؤسسات من مخطوطات وتبنى الدار جمع المخطوطات وحفظها في صناديق مخصصة لهذا الغرض مسبقاً وفي مكان خاص وهو ملجأ في منطقة اليرموك تحسباً لأعمال السلب والنهب التي ممكن أن تحدث أثناء الحروب.<BR>الدار تحتوي على أكثر من (47.000) موجودة وتم الإعلان عنها قبل الاحتلال، ولا يوجد فهارس إلا لـ(500) مخطوطة فقط اعد في فترة سابقة وكذلك تم إيداع (4000) مخطوط اصلي كأمانة من المجمع العلمي لديهم قبل الاحتلال .<BR>تم تحويل المخطوطات التي كانت في معرض الهدايا الخاص بالرئيس العراقي السابق صدام حسين إلى هذه الدار في حياته وقبل الاحتلال وتقدر حسب معلومات شبه أكيدة بأكثر من (1600) مخطوط.<BR>توجد محاولات سيئة للاستحواذ على ممتلكات هذه الدار من قبل جهات لها غاية أدناها شراً نقلها إلى مناطق الجنوب وأعلاها هو إتلاف المخطوطات التي تشير إلى تاريخ العراق السني خلال الـ 400 سنة الماضية ، والاستحواذ على ما تحتويه من مخطوطات والتلاعب بها حسب الأهواء.<BR>الشواهد على هذه المحاولات:<BR>1. تم نقل الأستاذ عبدالله حامد محسن وهو المدير العام للدار الذي كان له دور في الحفاظ عليها منذ الاحتلال وحتى هذا العام 2006 وتم مفاتحة الأستاذ طارق الهاشمي والدكتور محسن عبدالحميد وجهات كردية من قبل غيورين على الدار لغرض الإبقاء على هذا الشخص الأمين على الدار على الرغم من كونه من الشيعة ومن مدينة العمارة إلا انه ابن الدار حيث عمل فيها مدة عشرين عام.<BR>2. بعد إرجاعه إلى الدار كمدير عام تم استبعاده مرة ثانية وبمدة لا تقل عن شهر وتم استبداله بمدير آخر من جامعة الكوفة ، علماً أن الدار تابعة لوزارة الثقافة حالياً والأستاذ المعين من وزارة التعليم العالي.<BR>وهناك في هذه الأيام إشارات كثيرة في جرائدهم على وجود مخطوطات لديهم والإشارة إلى فقدان المخطوطات من هذه الدار وهي الخطوة الاستباقية لتسهيل عملية السرقة أو النقل لها.<BR>إنني من هنا أطلق دعوة إلى الجامعة العربية والمنظمات الدولية لمناشدة ما تسمى بالحكومة العراقية إلى المحافظة على هذا الكنز الكبير لأنه ليس ملكاً للنظام السابق هل هو ملك للأمة وللإنسانية ، ألا هل بلغت اللهم فاشهد.<BR><br>