قصة منع الكتاب الاسلامي في المغرب
17 محرم 1428

عبر اتحاد مسلمي فرنسا عن نيته دعوة جميع دور النشر العربية والإسلامية التي منعتها وزارة الثقافة المغربية من حضور فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء (9-18 فبراير)، للمشاركة في المعرض الدولي لاتحاد مسلمي فرنسا الذي سيقام أيام 17 إلى 20 ماي 2007, بباريس، وقال رئيس الاتحاد مولدي علي المجاهد: (سوف نستدعي كافة دور النشر والكتاب العربي والإسلامي , وإن مُنعت بعض هذه المؤسسات من المشاركة في بعض المعارض في أيّ دولة كانت , فإن إتحاد مسلمي فرنسا يفتح صدره الرحب لاستضافة العرب والمسلمين على أرض فرنسا).<BR><BR> وأبدى المجاهد حماساً كبيراً للتعرف إلى عناوين وأسماء دور النشر المتضررة، في خطوة لعلها تكون لرد الاعتبار للكتاب الإسلامي. <BR> ونقلت مصادر عليمة أن وزارة الثقافة أغدقت من عطاياها على دور النشر العلمانية، بينما ضيقت الخناق على ما تبقى من دور النشر العربية الأخرى، فيما هو أشبه بـ "المنع الجزئي"، إذ حتى هذه الدور نفسها- تزيد المصادر - لم يسمح لها سوى بعرض الكتاب المترجم وإصدارات الأطفال، مما يشي أن المقصود هو الكتاب الإسلامي.<BR><BR>إلى ذلك وجه أحد القياديين البارزين في حزب العدالة والتنمية الإسلامي اتهامات لاذعة لوزير الثقافة المغربي بشأن هذا المنع، وقال عبد الإله بنكيران إنه لـ"عيب أن يبقى الأشعري وزيرا للثقافة في بلد ينص دستوره على أنه دولة إسلامية"، مضيفا في إحدى الحوارات الصحفية: نحن لا نقوم إلا بالحد الأدنى من واجبنا في انتقاد وزير لا يحترم مرجعية الأمة ولا يحترم مبادئ الدولة".<BR><BR><font color="#0000FF">من هنا كانت البداية: </font><BR>خيوط المؤامرة اليسارية على الكتاب الإسلامي انكشفت عندما كتب أحد قياديي حزب الاستقلال مقالا قويا اتهم فيه المنظمين بالوقوف في وجه الثقافة الإسلامية، والتمكين بالمقابل للثقافة العلمانية، ليتلوه بعد ذلك مقال أشد لهجة من الأول أشار فيه نائب اتحاد الناشرين العرب محمد عدنان سالم إلى أن وزارة الثقافة المغربية قد مارست نوعا من الأدلجة الثقافية، واصفا هذه الممارسات بالعودة إلى العصور البائدة وبـ "الخطوة السافرة إلى الوراء"، التي تروم طمس هوية الثقافة العربية الإسلامية وتمارس هواية الرقابة على الكتاب بمزاجية وعشوائية.<BR><BR>محمد عدنان سالم، اعتبر إجراءات وزارة الثقافة المغربية، تصنيفا جديدا للناشرين العرب يتوزع، بين علماني محض وإسلامي مبعد وآخر يحفظ ماء وجه الوزارة، وتهديدا صارخا لصناعة النشر، كما اتهم عدنان سالم، وزارة الثقافة المغربية ومندوبية المعرض، بالترويج للأحادية الفكرية وإقصاء التعددية وروح الحوار، والانتقائية في تحديد معايير المشاركة، إذ يتم التضييق والاستخفاف بالكتب الإسلامية، في مقابل الاحتفاء بالكتاب العلماني والحظوة التي يحظى بها الناشرون الآخرون إلى درجة إعفاء بعضهم من الرسوم.<BR>كلا المفكرين اقترحا على الوزير أن يستبدل عنوان المعرض المذكور من معرض للكتاب العربي والإسلامي إلى معرض للكتاب العلماني.<BR><BR>في غضون ذلك بدت تصريحات الوزير ومن يدور في فلكه متأرجحة بين تشبثه بموقفه القاضي بعدم السماح لما أسماه بالكتب التي تنشر "الشعوذة الثقافية" بحسب زعمه، في إشارة إلى الكتب التراثية، وبين نفيه منع أية مؤسسة نشر، سوى دار نشر سعودية واحدة لم تحترم برأيه القوانين.<BR><BR>هذه الدار السعودية التي يعنيها الوزير بالحديث، تشير جهات حضرت معرض الكتاب في الدورة ما قبل الماضية، إلى أنها احترمت القوانين المنظمة للعرض، غير أن ما غاض المنظمين حينها ذلك الإقبال الكبير للزوار على جناحها بفعل تفردها في بيع كتب لم يسبق لها أن وزعت بالسوق المغربية لطول المسافة وارتفاع تكلفة الشحن.<BR><BR>الجهات نفسها أكدت أن هذه المؤسسة التي تعد من كبريات دور النشر السعودية، وبرغم كونها تقدم خدمات ثقافية وعلمية للمغرب من خلال إشرافها على طبع العديد من رسائل الدكتوراه للباحثين والأساتذة المغاربة، إلا أن ذلك لم يشفع لها في شيء، مما حدا بها- تضيف الجهات- إلى رفع رسالة تظلم لدى سفارة المغرب بالسعودية تشكوه فيها من الحيف الذي طالها إثر قرار الوزير الذي ينتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي. <BR><BR>ومع توالي الضربات سلك الوزير الاتحادي- تفيد بعض المصادر- سياسة فرق تسد، إذ عاود الاتصال ببعض دور النشر داعيا إياها إلى نشر عناوين دون أخرى، خاصة ما تعلق منها بكتب الفكر الإسلامي، في مقابل السماح بكتب الترجمات والمعاجم والكتب العلمية وإبداعات الطفولة، وهي الخطوة التي قد تكون باءت بالفشل، في ظل استمرار الحديث عن المنع.<BR><BR><font color="#0000FF">الملف يجد طريقه إلى البرلمان: </font><BR> في السابع عشر من شهر يناير الماضي شق موضوع منع الكتاب الإسلامي طريقه إلى البرلمان المغربي، وهكذا ساءل فريق العدالة والتنمية وزير الثقافة بشأن أسباب المنع ودواعيه، مطالبا إياه بالكشف عن عناوين الكتب التي تخالف قانون العرض، والإعلان عن "مضامينها التي أوجبت المنع.<BR><BR>ونقل الفريق عن دور النشر المتضررة تأكيدها أن وزارة الثقافة تفضل الكتب العلمانية والكتب القادمة من الخارج ومن غير الدول الإسلامية، وتوفر لها شروطا تفضيلية، في وقت "تعاني فيه دور النشر المعروفة بالكتاب الإسلامي" من التضييق والمنع.<BR>فريق العدالة والتنمية دعا في معرض تعقيبه وزير الثقافة إلى الكف عن هذه الممارسات، لأن ليس لها أي جدوى، مبرزا أن "الكتاب الإسلامي هو أكثر الكتب من حيث المبيعات في العالم كله.<BR><BR>إلا أن الوزير اختار سياسة الهروب إلى الأمام، وظل متشبثا برأيه القائل: "ليس هناك رفض لمشاركة أي ناشر في المعرض الدولي للكتاب، إلا إذا خالف قانون المعرض"، وساق في خضم ذلك أرقاما ومؤشرات للتدليل على الحضور القوي لدور النشر العربية، وهي الأرقام نفسها التي تؤكد النزعة الإقصائية لوزارة الثقافة بدعوى التنوع الثقافي والمشترك الإنساني، إذ أن زهاء الخمسين بالمئة من العارضين فقط هم من الدول العربية والإسلامية وفق إفادات الوزير، دون أن يعني ذلك كونها ستعرض الثقافة العربية والإسلامية، مادامت الكثير من هذه الدور التي تم قبولها فيما بعد أجبرت على عدم عرض الكتاب الإسلامي والاقتصار من ثم على الكتاب المترجم وإنتاجات الأطفال التي غالبها يحمل بين دفتيه ثقافة غربية، بينما 50 بالمائة المتبقية خصصت لدور النشر الأوروبية والأفريقية والأمريكية، وهو ما يعني هجوم الثقافات غير الإسلامية على معرض يقام فوق تراب بلد إسلامي. <BR><BR><font color="#0000FF">ليست الأولى: </font><BR>ليست هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها وزير الثقافة معاداته للكتاب والثقافة الإسلاميتين.فقد سبق لهذا الوزير أن منع المصحف الشريف على رواية حفص في دورة 2000، ومنع عرض الكتاب الإسلامي مدعيا أن السبب يعود إلى كون مداخلها تحول إلى جهات مشبوهة، كما منع العديد من الجمعيات ذات التوجه الإسلامي من عرض منتوجاتها خلال السنة نفسها، هذا في وقت تنفق فيه الوزارة ملايين الدراهم لإحياء مهرجانات المجون ودعم ثقافة الميوعة والتفسخ الأخلاقي، كان آخرها إعلانه الوزير دعمه لموسيقى الهيب هوب. <BR><BR>لقد صار هذا المنع سبة في جبين المغاربة بتعبير عبد الإله بنكيران القيادي في حزب العدالة والتنمية، كيف لا وقد ذكر هذا المنع أمام جمع غفير من العلماء في إحدى المؤتمرات بالكويت، على لسان الداعية المعروف نبيل العوضي، في سياق حديثه عن نماذج من الهجمات الشرسة على الإسلام بالبلدان العربية.فهل ضاق صدر العلمانيين المغاربة بالكتاب الإسلامي بينما فتحت له الأحضان بباريس.<BR><br>