من بغداد إلى جوانتنامو: الطريق واحد إلى الموت !
1 جمادى الثانية 1427

وثيقة خطيرة نشرت بعضها جريدة "ميموار" الكندية في العاشر من الشهر الحالي، جاء فيها أن الكيان الصهيوني بمعية بعض العراقيين شكلوا في نهاية السنة الماضية مليشيات تقوم على تصفية العراقيين، ممن تعدهم "غير مرغوب فيهم" و الذين تحتاج إلى تصفيتهم لأجل مواصلة خطة بعينها تسعى أولا إلى إحداث الفجوة السحيقة بين السنة و الشيعة و كل الأطياف السياسية العراقية من جهة، و من جهة أخرى سحب البساط عن القوى العراقية الشريفة التي ترفض الاحتلال و تجابهه سياسياً و فكرياً و هي الفئة الأكثر تعرضاً للاغتيال.<BR><BR> و الحال أن الكشف عن الوثيقة لم يكن سبقاً صحفياً باعتبار أن صحف عراقية نفسها تصدر على الإنترنت سبق وأكدت أن ما عرف في المدة السابقة بمليشيات "فرق الموت" بأنها نتاج خطة طويلة المدى كان الهدف منها من البداية خلق حالة من الكراهية العميقة بين مختلف الأطياف العراقية. في الأسبوع الماضي نشرت مجلة الأهرام المصرية تأكيدا آخر عن تلك الفرق التي تمولها "إسرائيل" و تسعى من خلالها إلى إعادة العراق إلى مئة سنة ماضية، حيث لن يكون ثمة مطلب أكثر أهمية عن مطلب الأمن الذي سيساوم الصهاينة عليه لأجل منحه للعراقيين.<BR><BR><font color="#ff0000"> مليشيات الموت الأسود!</font><BR>قبل سنة، و تحديدا في بداية سنة 2005، نشر موقع البصرة على الانترنت أن الاغتيالات التي تطال العملاء العراقيين وصلت إلى ذروتها. و الحقيقة أن الذين كانت تتم تصفيتهم كانوا من العراقيين الذين رفضوا مغادرة العراق نحو جهات كثيرة لأجل "استثمار" قدراتهم العلمية لصالح دول بعينها، بيد أن الحقيقة الجلية التي نشرها نفس الموقع هي أن العلماء تم تصفيتهم من قبل ضباط يهود تابعين للموساد "الإسرائيلي". <BR>من قبل نشرت مجلة "نيويوركز" الأمريكية تحقيقاً مطولاً عن " الوجود غير الواضح" للعديد من الضباط الصهاينة الذين كان بعضهم موجوداً في إطار مهمات استخباراتية في دول أفريقية، ولعل دخول هؤلاء الصهاينة إلى العراق قبل سقوط بغداد من عام 2003 كان بداية أخرى لهذا الانفلات الأمني الذي كان مخطط له في العراق، و الذي يراد به عودة أخرى للحرب الأهلية العراقية/العراقية و التي ستستثمر فيما بعد في المنطقة كلها عبر إثارة كل أنواع الهجمات الإرهابية على دول الجوار، ليس المقصود منها تغيير" الأنظمة" بل التشكيك" شعبياً في قدراتها على مواجهة الخطر الخارجي الذي سيساهم في تفجير الخطر الداخلي. لم يكن صدفة تلك المقتطفات و الأخبار الصحفية المنقولة عن شخصيات و صحف صهيونية المنشورة على موقع" شباب كوول" (وهو موقع صهيوني متطرف) حول " خطة الموت" بما معنى "إعادة" هيكلة العراق وفق الأولويات الجديدة والتي لابد أن تكون بعيدة عن "التطرف الديني" المرتبط بالإسلام السياسي (!) كما جاء في الموقع..<BR><BR> و الحال أن الإسلام السياسي الذي يتم التطرق إليه في العديد من المواقع الصهيونية هو ذلك المرتبط بالمقاومة الإسلامية الرافضة للاحتلال و الرافضة تدنيس المواقع العراقية المقدسة سواء تلك التي يمتلكها الشيعة أو السنة على حد سواء. <BR>لم يكن الأمر صدفة أيضا و المجرم الصهيوني "شاؤول موفاز" يصف ما اصطلح على تسميته في العراق بفرق الموت بأنها "تساهم في تنظيف الأجواء لأجل نشر السلام الحقيقي(!)" و الحال أن مجلة "ميموار" الكندية التي نشرت التصريح نشرت أيضا أن "تنظيف الأجواء" تقوم به مليشيات متكونة من بعض المرتزقة العراقيين مواليين للجيش الأمريكي و يهود تابعين إلى جهاز الاستخبارات الإسرائيلية بمساعدة القوات الأمريكية الخاصة التي تشكلت في نهاية عام 2002 على يد "جون نجروبونتي" رئيس جهاز الاستخبارات المركزية الأمريكية الذي اشتغل سفيرا لبلاده في بغداد قبل تعويضه بالسفير الحالي" زلماي خليل زاده".. جريدة ليبرتي الفرنسية كانت قد نشرت في الشهر العاشر من السنة الماضية تقريرا مطولا عن شخصية " جون نجروبونتي " جاء فيه أن ذلك " الرجل" غريب الأطوار كان وراء تشكيل أكبر فرقة مليشيات أمريكية ساهمت في إحداث الفوضى في العديد من دول أمريكيا اللاتينية، و أنه انتهج من البداية خيار" حرب العصابات" حتى في الدول التي لم تكن لها نزاعات مباشرة مع الولايات الأمريكية، بينما في دول أخرى فقد شكلت الفرق ما سمي في أمريكا اللاتينية بمليشيات " الموت الأسود" و التي كانت جزء لا يتجزأ من سياسة "جامس أليغيرا" في جنوب أمريكا، و هو الذي صنع مليشيات الموت في الشيلي للإطاحة بالرئيس الثوري الأرجنتيني " سلفادور ألندي" في السبعينات و الذي تم اغتياله داخل مقر القصر الرئاسي من قبل فيلق الموت المشكل من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية باعتراف " جامس أليغيرا"، و الحال أن الطبعة الجديدة من فرق الموت، أو مليشيات "الموت الأسود" التي كانت تتغذى من الفكر الصهيوني الرافض لكل الثورات الفاعلة في العالم، و الذي كان يعتبر القضايا العادلة "خطرا" على الامبريالية الأمريكية و على الصهيونية على حد سواء، و هو ما ذكره أيضا " أليغيرا" في آخر أيامه، هي نفسها فرق الموت الجديدة التي نجحت الإدارة الأمريكية في تشكيلها فعلياً في العراق أول الأمر قبل أن تتحول تلك الفرق إلى طبعة صهيونية تعمل تحت إمرة ضباط الموساد الصهيوني لاغتيال الشيعة و السنة على حد سواء و لتدمير كل أماكن العبادة لكلتا الطائفتين. <BR>و إن كانت العديد من المرجعيات الدينية العراقية قد انتبهت لهذه الخطة الأمريكية/ الصهيونية القذرة في العراق، إلا أن العديد المشاهد تؤكد أن الأوضاع في العراق تسير نحو المزيد من الانفلات الأمني الذي تسعى جهات أمريكية مقربة من الكيان الصهيوني إلى إثارته لأجل خلق أجواء مواتية لها في العراق، و لأجل أن تغرس نفسها بشكل "قانوني" أيضا يبيح لها بعدئذ المساومة على المكان تماما كما هي تساوم الآن في العديد من مناطق الأرض المحتلة الخاضعة "قانونيا" للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاقيات دولية مثبتة. <BR><BR><font color="#ff0000"> جوانتانامو العار الأمريكي: </font> <BR>خبر "انتحار" المعتقلين السعوديين و اليمني في معتقل غوانتانامو عكس مرة أخرى الأسلوب الحربي غير الشريف الذي تتعامل من خلاله الإدارة الأمريكية مع المعتقلين الذين يحظون أساسا بكل الحقوق التي أقرتها لهم مواثيق أممية مواثيق جنيف التي تضمن للأسير أهم حقوقه الإنسانية. لكن الواقع ليس واقعا عاديا حين يتحول الأسير إلى "حيوان" من المنظور الأمريكي الراهن. ربما لأن غوانتانامو في حد ذاته لم يكن في يوم من الأيام معتقلا عادياً، كان حبسا لأشياء أخرى و ممارسات أخرى و إهانات لم يتوقف عندها المجتمع الدولي المتباكي على "الحريات" و على "حقوق الإنسان". <BR>ذلك المجتمع الدولي الذي لا يتردد على الإدلاء بشهادته ضد دول العالم الثالث لابتزازها قدر المستطاع مقابل أن تتنازل عن حقوقها و حتى لا تنشر المنظمات "الحقوقية" قوائم الاعتداءات الممارسة ضد البسطاء فيها.. لم يكن الأمر في يوم من الأيام "شيئا لوجه الله"، بل كل شيء كان مدفوعا مسبقا، منذ انكشفت حقيقة جل المنظمات المدنية الحقوقية التي تتعاطى جلها مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بشهادة أولئك الذين كانوا داخل تلك المنظمات نفسها مثل "توماس هاردلي" الذي صرح أن الدعم اللوجستيكي الذي تحصل عليه منظمة " الأوسايد" الدولية "الإنسانية" يوازي 70% من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (السي إي أي) و أن العديد من المنظمات الإنسانية المنتشرة في العالم تأخذ دعما ماليا مباشرا من الأمريكيين، سواء مؤسسات خاصة أو عامة و هو الأمر الذي عرى الدور "السياسي" لمنظمة مثل "النيد" أو "الأوسايد" في أوكرانيا مثلا، و في دول افريقية مثل أثيوبيا و الصومال و أريتريا. <BR>لم يعد ثمة شيء اسمه "منظمات مدنية حقوقية" خارج المصالح الأمريكية في العالم و هي المصالح التي صارت تغض النظر حين يتعلق بحقوق المعتقلين المسلمين المتهمين مسبقاً بالتطرف أو بالإرهاب و المدانين مسبقاً بكل أنواع الجرائم، لا لشيء سوى لأن أمريكا هي التي تحكم العالم كما قالها جورج بوش في أكثر من مرة! ما قيل عن انتحار المعتقلين السعوديين و اليمني سرعان ما كذبه العديد من الملاحظين الذين تكلموا عن سوء المعاملة التي يتلقاها المعتقلين في غوانتانامو و الأوضاع اللا إنسانية البشعة التي تفرضها "أمريكا الحضارة و الحرية و الديمقراطية" على شباب عربي مسلم دون حتى محاكمة عادلة و دون حتى إدانة واضحة، فقد نشرت مجلة "سانتيه" البلجيكية أن أكثر من 30% من معتقلي غوانتانامو لم توجه إليهم أدنى تهمة واضحة و مع ذلك ممنوعين من الحديث مع المحامين، و يعاملون كمجرمين و هو الشيء الذي سعت إليه الإدارة الأمريكية الرسمية لتحبط من معنويات المعتقلين كلهم، لكن لا أحد يصدق الانتحار، بالخصوص كما تقول مجلة "سانتيه" لتذكر الجميع أن الأوضاع المزرية للمعتقلين كانت في السنوات الماضية أفظع من هذه و مع ذلك لم يفكر أحد في الانتحار، و كانت كل جرائم التعذيب التي يذهب ضحيتها هؤلاء المحبوسين تكتب تحت خانة " الانتحار" لتبرئة المجرمين الحقيقيين من جريمة تظل تطاردهم إلى الأبد. <BR>و لهذا السبب لم يستغرب أحد حين قرأ في أكثر من جريدة أوروبية التشكيك الواضح في "انتحار" المعتقلين، و ذهبت صحيفة "ميموار" الكندية إلى حد القول أن إسرائيل و أمريكا تشتركان في القتل و توعزان ذلك بالانتحار! و الحقيقة ألا فرق بين القتل عبر فرق الموت التي تزرعها إسرائيل و أمريكا و بين فرق الموت التي تدير المعتقلات الأمريكية السرية أو المعروفة و التي تكتب تحت اسم الضحية عبارة: انتحر لأنه غير ديمقراطي!!!! <BR><BR><BR><br>