دافوس شرم الشيخ يحذر من الإسلاميين!!
29 ربيع الثاني 1427

إذا كانت الإشارات الأمريكية المتتالية للحكومات العربية بشأن توقف سياسة الضغط من أجل الإصلاح أو المطالبة بقدر من الإصلاحات لا يستفيد منه الإسلاميون ، قد ظهرت بوضوح في العديد من المواقف السياسية لإدارة بوش فيما يتعلق بالتعامل مع ملفات حكومات عربية عديدة ، فقد دشنت مواقف الأطراف العربية والدولية المختلفة ما يمكن اعتباره سياسة رسمية مشتركة للتحذير من الخطر الإسلامي .<BR>ولأن مصر هي أكثر الدول تضرراً من هذه الضغوط الأمريكية بعدما أدت إلى وصول 88 نائبا للإخوان المسلمين للبرلمان يمثلون صداعا في رأس الحكومة ، وبدأ هذا التيار الإسلامي يرفع من صوته وينزل للشارع مطالبا بإصلاحات أكبر ، فقد حرص المسئولون المصريون على الاستفادة من دافوس شرم الشيخ في التخويف من "فزاعة" الإسلاميين ، والإيحاء بأن هناك تطابق في المواقف العربية والغربية بشأن ضرورة وقف تقدم هؤلاء الإسلاميين ، بل وسحب ما حصلوا عليه من إنجازات في انتخابات سابقة مستقبلا !.<BR>ولم يقتصر الأمر على الإسلاميين في مصر فحسب ولكنه تطرق إلى حماس فلسطين، وبحث أفضل السبل لمنع انتشار التطرف بين الشعب أبناء الفلسطيني نتيجة الحصار، وفتح أبواب التفاوض مرة أخري بين السلطة الفلسطينية وحكومة تل أبيب، مع التجاهل التام لحكومة حماس، والسعي للضغط عليها بوسائل شتي.<BR>فقد لوحظ أن خطاب وتصريحات (الرئيس المصري) حسني مبارك و(رئيس وزرائه) أحمد نظيف في المنتدى ركزت على أن عملية الإصلاح السياسي تحتاج لسنوات قادمة ولا ينبغي التعجيل به؛ لأن البديل هو (الفوضى) ، ولم يخف نظيف أن هذا التوجه الإصلاحي البطيء يرجع إلى الصعود السياسي للإسلاميين بعد النجاحات التي حققوها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر وبلدان عربية أخرى . <BR>كما لوحظ أن الرئيس مبارك تحدث عن "إصلاح يحترم الدستور والقانون وليس الخروج والجنوح للفوضى" ، في إشارة واضحة للمظاهرات التي قامت بها قوى معارضة مصرية، ومنها جماعة الإخوان لمناصرة القضاة ، وحذر في تصريحاته لوسائل الإعلام الغربية من أن فتح باب الديمقراطية على مصراعيه يمكن أن يؤدي إلى صعود "المتطرفين" إلى الحكم؛ وهو ما يؤدي لانتشار الفوضى وهو ما يمكن أن يهدد أيضاً المصالح الغربية. <BR>وكان الوزير نظيف أكثر وضوحاً حينما قال – رداً على اتهامات توقف الإصلاح - أن الحكومة "اضطرت" لأن تقوم بإجراءات تأخذ بعين الاعتبار النجاحات التي حققها "الإسلاميون" في المنطقة من خلال الانتخابات البرلمانية ، قائلاً : "ما إن تبدأ هذه العملية الديمقراطية حتى تحدث تطورات.. ترى الإسلاميين على سبيل المثال يحققون مكاسب في البرلمان هنا وفي فلسطين وفي العراق ولهذا نبدأ بإعادة النظر في حساباتنا بشأن ما يجري". <BR>وما قاله نظيف لم يخرج عما قاله للأمريكان في مايو 2005 خلال زيارة لأمريكا حيث نجح خلالها في "تخويف" الأمريكان مما أصبح يطلق عليه "فزاعة" المعارضة الإسلامية خاصة جماعة الإخوان المسلمين التي تسيطر على 88 مقعداً من بين 454 من مقاعد البرلمان المصري. كما أقنعهم بالنموذج المصري البطيء للديمقراطية الذي يستثني القوى الدينية؛ بدعوى خطورتها على استقرار مصر وعلى مصالح واشنطن .<BR><font color="#0000ff"> التصدي لصعود أسهم الإسلاميين </font><BR>وجاء الموقف الأكثر وضوحا من التحذير من خطر الإسلاميين والسعي لمنع وصولهم للبرلمان مرة أخري عندما قال نظيف: إن الحكومة تريد أن تمنع الإخوان المسلمين من تشكيل كتلة معارضة في البرلمان في الانتخابات المستقبلية، كما جاء الموقف الأمريكي الواضح المؤيد لهذا في صورة تصريحات لأعضاء في وفد الكونجرس الأمريكي خلال لقاء الدكتور أحمد نظيف (رئيس الوزراء) على هامش منتدى دافوس بشرم الشيخ، حينما عبروا عن قلق بلادهم من نمو نشاط الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية في مصر والشرق الأوسط .<BR>كما ظهر هذا الموقف بوضوح حينما لم تعلق واشنطن على قول مصدر رسمي قريب من مجلس الوزراء: إن (الرئيس الأمريكي) جورج بوش، أعرب عن ذلك القلق لنظيف أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن، وقال له: إن واشنطن تري أن جماعة الإخوان قريبة من الإرهاب ، ما يعني موافقة واشنطن ضمنا على هذا الطرح الرسمي المصري الجديد .<BR>وعلى نفس المنوال بدأ ظاهرا أن المنتدى ناقش خلال اللقاءات الفلسطينية "الإسرائيلية" الأمريكية خطط تخفيف الحصار عن الشعب الفلسطيني مع استمرار محاصرة حكومة حماس، وتوصيل معونات مباشرة للفلسطينيين بدون المرور على حكومة حماس بما فيها موظفي الدولة الفلسطينية، ما يعني ضمنا تقويض أركان حكومة حماس لأنه لن يكون لها ولاية على موظفي الحكومة في ظل هذه الخطة الشيطانية المتعلقة بتوصيل مرتبات الموظفين عبر البنك الدولي أو أي مؤسسة دولية .<BR>وأكثر الصهاينة من التخويف من خطر حماس والجهاد وتمدد تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط وما يشكله هذا من ضغوط على الحكومات العربية، ما أكد ما سبق تردده عن دور "إسرائيلي" في حث إدارة بوش على وقف الضغوط الإصلاحية في المنطقة لأنها ستأتي بالإسلاميين كما جاءت بحماس .<BR><font color="#0000ff"> دافوس السياسي ؟! </font><BR>ولم يكن حديث الإسلاميين وحده هو محور النقاش ولكنه كان قضية عامة تمس العديد من المناقشات ، خصوصا ما يتعلق منها بكيفية تهيئة السبل للاستثمارات الغربية في المنطقة بدون التخوف عليها من خطر صعود أسهم التيارات الإسلامية واحتمالات وصولها للحكم .<BR>فقد طغت السياسية الدولية على مناقشات المؤتمر وندواته وجلساته وتم تخصيص العديد من الجلسات لمناقشة قضايا سياسية، وحتى الندوات الاقتصادية المباشرة لم تخل هي الأخرى من السياسية ، خاصة الهموم السياسية لمنطقة الشرق الأوسط التي طغت على الهموم الاقتصادية؛ لأنها تؤثر سلباً على الاقتصاد .<BR>صحيح أن بعض الحضور الفلسطينيين إضافة إلى عمرو موسى (أمين عام الجامعة العربية) دافعوا عن حماس باعتبارها حكومة منتخبة ، وحذروا من أن الدبابات "الإسرائيلية" لن تنجح في فرض اتفاق سلام ، ولكن ظل الجو العام ملبد برفض حماس ورفض صعود القوي الإسلامية في العالم العربي عموما ، وشارك في هذا رجال أعمال عرب!<BR>فنجيب ساويرس (رجال الأعمال المصري) استفاض في الحديث عن حركة حماس (الإرهابية) ، فانبرى الأمين العام للجامعة ليذكره هو والجميع بالإرهاب الذي يمارسه "الإسرائيليون" ضد الفلسطينيين، والذي وصل ذروته أخيراً بخنقهم اقتصاديا، مما يهدد بمأساة إنسانية في الأراضي الفلسطينية، ونالت كلمات عمرو موسى تصفيق الحاضرين.<BR>كما تكرر التصفيق أيضاً لـ(وزير الخارجية المصري) أحمد أبو الغيط حينما قال: إن الفلسطينيين لا يطالبون سوى بأموالهم للإفلات من الكارثة الإنسانية التي يتهددهم الآن وهي أموالهم الضرائب الفلسطينية التي تحتجزها الحكومة "الإسرائيلية" والأموال التي جمعتها الجامعة العربية لهم فضلاً عن المساعدات الأوربية المقررة لهم سلفا.<BR>وظهر هذا التحذير من الاستفاضة في التحذير من حماس دون حل المشكلات في كلمة (رئيس الوزراء التركي) طيب اردوغان الذي دافع عن حكومة حماس المنتخبة ، وقال: إن الاضطراب الاجتماعي يقضي على الرفاهية ويعطل خطط التنمية والتخلص من المشكلات الاقتصادية، كما دافع عن إيران ضمنا ومحاولات الغرب حشد ضغوط عليها حينما قال: إن لدى تركيا برنامجاً نووياً سلمياً في الصناعة، وأن هذا البرنامج لا يجب أن يثير قلق أحد ، ولذلك يتعين حل مشكلة الملف النووي الإيراني بالحوار.<BR>أيضا كان من أبرز الكواليس النقاش الذي دار بين مسؤولين عرب وأوروبيين حول أزمة الرسوم المسيئة ، والتي لوحظ أن رئيس الوزراء الدنمركي غاب عنها وأناب عنه السفير الدنمركي بالقاهرة لحضور المنتدى ، حيث أكدت مصادر دبلوماسية أن غياب المسئول الدنمركي جاء تحسبا لسماعه انتقادات حادة من المسئولين العرب . <BR>ومع هذا فقد حظيت قضية التوتر المتصاعد بين الغرب والعالم الإسلامي بمناقشات واسعة ، وقال مسؤولون غربيون: إن المنطقة العربية غير مفهومة من دول عدة في العالم الغربي (مثل الدنمارك) وهذا ما سبب المشكلة، مما يدفع إلى ضرورة خلق آلية للتوصل لتفاهم متبادل في دافوس . <BR>خلاصة دافوس شرم الشيخ بالتالي تمثلت في سعي مصر ودول عربية عديدة على الحصول على قسم من كعكة الاستثمارات الغربية من جهة ، والتخفيف من حدة الانتقادات الموجهة إلى النظام السياسي المصري من جهة أخرى ، وإقناع الغرب وأمريكا بالمخاوف الحقيقية من صعود التيار الإسلامي ممثلا في جماعة الإخوان على المنطقة والمصالح الأمريكية والغربية فيها .<BR>وإذا كانت القاهرة قد حصلت ضمناً على دعم غربي فيما يتعلق بإبطاء خطوات الإصلاح واستثناء القوي الإسلامية منها ، فهي قد حصلت على دعم أكبر بإقناع قادة الكونجرس الذين حضروا دافوس بأهمية عدم الربط بين المساعدات الأمريكية التي يناقشها الكونجرس حالياً لمصر ، وبين أي ضغوط سياسية تتعارض مع هيبة الدولة المصرية أو تفيد خصومها من التيارات الدينية ، وبالتالي استمرار المساعدات الأمريكية كما هي دون أي خصومات كما طالب بعض أعضاء الكونجرس .<BR><br>