حكومة حزب " العدالة والتنمية " التركية : حرب على جبهتين
7 ربيع الأول 1427

هذه هي المرة الأولى في تركيا التي توجه فيها اتهامات إلى واحد من أرفع المسؤولين العسكريين من جانب القضاء المدني.<BR>فقد اتهم المدعي العام التركي في إقليم "فان" شرق البلاد "فرحات صاري قايا" قبل أيام قائد القوات البرية التركية يشار بيوكنت بتهم كل منها تفوق الأخرى خطورة والمتمثلة "بتشكيل تنظيم سري، وتزوير الوثائق، وإساءة استخدام منصبه".لقد شهدت القضية في الأيام الماضية توتراً كبيرا ًعلى كافة الأصعدة واتخذت طابعا وبعدا سياسيا خطيرا الأمر الذي دفع (رئيس الأركان التركي) الجنرال حلمي أوزكوك بإجراء مباحثات مكثفة مع ركني الحكم في البلاد رئيس الجمهورية أحمد نجدت سيزار و(رئيس الوزراء) رجب طيب إردوغان.لقد فجر التحقيق الذي فتحه الادعاء العام التركي بحق بيوكنيت أزمة كبيرة في أنقرة حيث أعرب رئيس هيئة الأركان الجنرال حلمي أوزكوك عن انزعاجه من هذه المسألة مطالبا الحكومة بإيجاد حل سريع لها في غضون يومين على أبعد تقدير وذلك خلال لقاءه مع (رئيس الوزراء) رجب طيب إردوغان.وكان الادعاء العام قد طلب من رئاسة هيئة الأركان السماح بفتح دعوى ضد قائد قوات البرية بعد ورود أسمه في الأحداث الإرهابية التي وقعت في مدينة شمدينلي العام الماضي.وشدد الجنرال حلمي أوزكوك على أن هذه المسألة لها أحكام سياسية أكثر منها قانونية مطالبا إما بتقديم أدلة مادية واضحة تسند هذه الادعاءات أو باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق المدعي العام في غضون يومين.هذا وتسود قناعة عامة لدى المؤسسة العسكرية بأن هذه المسألة هي بمثابة اعتداء موجه إلى قائد قوات البرية كشخص وللقوات المسلحة التركية بشكل عام.الرد جاء سريعا من إردوغان الذي أكد أن هناك محاولات هادفة إلى زرع بذور الفتنة بين المؤسسة العسكرية ونظام القضاء في البلاد محذرا من الانقياد لهذه التحريضات التي ستضر بالبلاد.المعارضة بدورها استغلت هذه القضية لتسدد سهامها صوب الحكومة فقد ادعى زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي دنيز بايكال بأن هناك من يستغل القانون من أجل إجراء انقلاب على الجيش، ودافع بايكال عن الجنرال بيوكانيت معربا عن أسفه من استغلال القانون لأهداف غير عادلة بقوله:"نحن نعرف بأن الجيش هو عادة من يقوم بالانقلابات العسكرية.. لكنها المرة الأولى التي يقوم فيها سياسيون بانقلاب ضد الجيش مستغلين العدالة التركية" موجها التهم للحكومة التركية بأنها وراء هذه اللعبة.إعلاميا،،دافعت الصحافة العلمانية عن بيوكنت فقد قال الكاتب الصحفي في جريدة حرييت آرتغورل أوزكوك في مقالة له "بيوكنت سيكون رئيس الأركان المقبل وأقوى مما هو عليه الآن".أما صحيفة صباح العلمانية فقد أشارت إلى أن الساحة السياسية التركية ستشهد في المرحلة القادمة أياما صعبة للغاية.<BR><BR>هل من الممكن أن يصبح بيوكانيت رئيسا لهيئة الأركان؟"،،،<BR>أول سؤال يخطر على البال في ضوء تطورات أزمة الاتهامات الموجهة إلى قائد القوات البرية يشار بيوكانيت هو: هل من الممكن أن يتولى يشار بيوكانيت رئاسة هيئة الأركان لعامين قادمين خلفا للجنرال حلمي أوزكوك كما كان متوقعا في شهر أغسطس المقبل.<BR>كما تعلمون بأن التصريحات التي أدلى بها الجنرال يشار بيوكانيت مؤخرا والتي وصفت بأنها تدخل في نطاق سياسي ومواقفه التي توحي بتدخله في الحياة السياسية قد أزعجت الحكومة كثيرا مما فتح باب الإشاعات على أوسعه من أن (رئيس الوزراء) رجب طيب إردوغان (الذي يملك نظريا حق تسمية رئيس الأركان الجديد) يحاول منذ مدة قطع الطريق أمام تولي الجنرال يشار بيوكانيت لرئاسة الأركان.هذا الادعاء هو الأكثر انتشار في الوقت الحالي خلف الكواليس السياسية أي أن هناك ضغوط تمارس على إردوغان لكي يمنع الجنرال يشار بيوكانيت من رئاسة الأركان (الذي سيتولى هذا المنصب لعامين فقط بدلا من أربعة أعوام نظرا لأنه سيحال على المعاش بسبب تقدم سنه)... المراقبون السياسيون يقولون(أنه لن يتمكن من إعاقة ذلك مهما فعل).. وتؤكد المصادر نفسها بأن العامل الرئيسي الذي يدفع بإردوغان إلى قول ذلك يقوم على أن (فاتورة إحالة الجنرال يشار بيوكانيت إلى المعاش قبل توليه منصب رئاسة الأركان قد تكون باهظة جدا؛ لأن ذلك سيصعد من حدة التوتر الموجود أصلا بين المؤسسة العسكرية وحكومة حزب العدالة والتنمية..كما أن إعاقة الحكومة لرئاسة بيوكانيت رغم قرار المؤسسة العسكرية التي حددت له هذا المنصب سوف يضع الحكومة في مواجهة الجيش).<BR> من جهة أخرى، فإن رئيس الجمهورية أحمد نجدت سيزار يملك السلطة في قطع طريق الرئاسة أمام الجنرال يشار بيوكانيت نظرا لتمتعه بحق تسمية رئيس الأركان الجديد لكن لحد الآن فإن موقفه لا زال غامضا سيما بعد موقف المؤسسة العسكرية القوي وخصوصا (رئيس هيئة الأركان الحالي) الجنرال حلمي أوزكوك المدافع عن بيوكانيت. بكل الأحوال، فإن السياسة التي تركز عليها الحكومة حاليا والتي ستنتهجها في الأشهر القليلة المتبقية هو تحديد ما إذا كان بيوكانيت سيتولى رئاسة الأركان أم لا.. خصوصا ما إذا اتحد البرلمان مع "العدالة" في التحقيق بشأن تورط الجنرال يشار بيوكانيت بأحداث شمدينلي..ومن هذا المنطلق، يتعين الانتظار لأشهر قبل توضيح وضعية الجنرال يشار بيوكانيت بشكل نهائيا مع العلم أن التطورات يمكن أن تغير الموازين الموجودة بالكامل..<BR><br>