أبو حصيرة واليهود وانتهاك أحكام القضاء
24 ذو الحجه 1426

قرار الحكومة المصرية الذي سمح لليهود بإقامة مولد أبي حصيرة هذا العام في إحدى القرى المصرية ، بعد صدور عدة أحكام قضائية بمنع إقامة الاحتفال أثار موجة من الاستياء لدي جموع الشعب المصري الرافض للتطبيع مع اليهود ، والذين يعدون ما يحدث مهزلة كبيرة وتحد سافر لإرادة الشعب الرافض لهذه الممارسات من قبل قتلة الأنبياء ومغتصبي فلسطين والقدس والأقصى والمقدسات.<BR>فـ"إسرائيل" تستغل المقبرة للتطبيع السياحي مع مصر ، وتتخذها ذريعة لدخول آلاف اليهود سنويا إلى مصر ، ويعتبرها اليهود حائط مبكى آخر لهم في بلد الأزهر بعد أن استولوا على حائط البراق في المسجد الأقصى ، ويفدون إليه كل عام بالآلاف على مرأى ومسمع من أهالي القرية ، لإقامة الحفلات الماجنة على مدى أسبوع كامل ، ويتراقصون ويشربون الخمور وهم شبه عراة ، في تحد سافر لمشاعر أهل القرية المسلمين.<BR>وموافقة الحكومة على السماح لأكثر من500 يهودي بإقامة المولد هذا العام تحت شعار تشجيع التطبيع مع اليهود ، يعد تطورا خطيرا في قضية هذه المقبرة التي نظرها القضاء المصري وأصدر فيها عدة أحكام نهائية تقضي بمنع الاحتفال، فيوم الخميس 19 يناير قام وفد "إسرائيلي" مكون من القنصل "الإسرائيلي" بالقاهرة و4 حاخامات يهود و186 "إسرائيلياً" بزيارة قبر أبيحصيرة للإعداد للمولد ، وقام القنصل بالتجول في منطقة المولد ، والإشراف علي التجهيزات استعداداً لحضور أكثر من 500 يهودي من "إسرائيل" إلى الاحتفال في البحيرة.<BR>&#61550;<font color="#0000ff"> حسم القضية</font><BR>ولقد شهدت السنوات الأخيرة حسما تاريخيا لهذه القضية الهامة التي ظلت مثارة لعدة سنوات على الساحة المصرية ، حول مقبرة الحاخام اليهودي " أبو حصيرة " المدفون وسط مجموعة من المقابر في إحدى قرى مصر بمحافظة البحيرة ، فقد أصدر القضاء المصري حكما تاريخيا أكد فيه أن أبا حصيرة لا يعدو كونه شخصاً عادياً أقيم له مقام بقرية (دميتوه) في محافظة البحيرة ، وسمي المكان باسمه ، وأصبح يقام له احتفال سنوي يحضره عدد من "الإسرائيليين" يمارسون خلاله الفجور غير عابئين بعادات وتقاليد أهل القرية فضلاً عن الحصار الأمني الذي يؤثر على الحياة اليومية للمواطنين.<BR>وأعلنت المحكمة في حكمها أنه لا يحق لوزارة الثقافة المصرية إسباغ الأثر التاريخي على مكان شخصي عادي لا تتوافر له مقومات هذا الوصف ، وذلك رداً على (وزير الثقافة) فاروق حسني الذي طالب باعتبار المقبرة أثرا تاريخيا وإدخال المنطقة المحيطة بمقام أبي حصيرة ضمن الأثر ، وهو ما عارضته محكمة القضاء الإداري التي أصدرت الحكم التاريخي.<BR>ولكن وزير الثقافة لم يعتد بهذا الحكم القضائي ، الذي يرفض اعتبار مقام (أبو حصيرة) اليهودي أثرا تاريخيا ، مع عدم إقامة أية احتفالات له ، وقدم طعنا ضد حكم محكمة القضاء الإداري ، ومازال يصر علي تسجيل المقبرة كأثر ، وهذا ما دفع المحامي "نبيه الوحش" لإقامة دعوى تحمل رقم 3687 لسنة 2003 بمحكمة أمبابة الجزئية ضد الوزير للخضوع للحكم القضائي الحاسم ، وإنهاء أكذوبة أبي حصيرة ، وخلع آخر مسمار لليهود من مصر ، وجاء حكم القضاء للمرة الثانية بتأييد الحكم السابق الذي ينهى أكذوبة أبي حصيرة ، ورفض الطعن الوزاري. ثم صدر بعد ذلك حكم المحكمة الإدارية العليا الحاسم ، برفض زعم وزارة الثقافة وإلغاء الاحتفال ، حيث إن المحكمة لم يتوافر لها ما يثبت أن المقام لشخصية يهودية أو مسيحية أو إسلامية ، وهو ما يترتب عليه منطقياً إيقاف الاحتفال السنوي به ؛ لأن صاحب المقام شخصية وهمية.<BR>&#61550;<font color="#0000ff"> شخصية مجهولة</font><BR>و"أبو حصيرة" شخصية مجهولة لا تاريخ لها ، استغلها اليهود لإقامة هذا الحفل السنوي مدعين أنه حاخام يهودي كان يعمل إسكافيا وله كرامات ، ففي عام 1907 ميلادية ، كان يعيش في مصر حوالي عشرة آلاف يهودي يتمركزون في القاهرة والإسكندرية ، وكان عدد كبير منهم يعملون في تجارة المنسوجات، والساعات ، وتصليح الأحذية ، ويتجولون في القرى المصرية في الشمال والصعيد ؛ لبيع منتجاتهم.<BR>وقد ادَّعى بعض هؤلاء اليهود أنه تُوجَد في منطقة المقابر، التي تقع على ربوة عالية ، وتضم رفات 88 من اليهود ، مقبرة لحاخام يهودي من أصل مغربي يُدعَى "أبو حصيرة"، واسمه الأصلي "أبو يعقوب" ، وأنه من أولياء الله في زعمهم، وله "كرامات" مشهودة!!<BR>ومنذ ذلك العام ، بدأ يتوافد على القرية في المدة من أواخر (ديسمبر) وحتى أوائل (يناير) كل عام ، عدد لا يتجاوز أصابع اليد من اليهود للتبرك بهذا الحاخام، الذي ذاع صيته بينهم.<BR>وعقب توقيع اتفاق "كامب ديفيد" بين مصر و"إسرائيل" عام 1978 بدأ اليهود يطلبون رسميًّا تنظيم رحلات دينية إلى هذه القرية ؛ للاحتفال بمولد "أبي حصيرة"، الذي يستمر قرابة 15 يومًا، وبدأ عددهم يتزايد من بضع عشرات إلى بضع مئات ثم الآلاف ، حتى بلغ عددهم قبل عدة أعوام قرابة أربعة آلاف ، ومع الزيادة العددية توسع أسلوب الاحتفال من مجرد الجلوس عند المقبرة ، وذِكْرِ بعض الأدعية اليهودية والتوسلات.. إلى البكاء ، لا سيما من العجائز طالبات الشفاء من مرض ما ، إلى ذبح ذبائح غالبًا ما تكون خرافًا أو خنازير، وشرب الخمور أو سكبها فوق المقبرة ولعقها بعد ذلك، والرقص على بعض الأنغام اليهودية بشكل هستيري وهم شبه عرايا ، بعد أن يشقوا ملابسهم ، إلى حركات أخرى غير أخلاقية..<BR>وشهدت المقبرة بعض التوسعات مع تزايد عدد القادمين ، وجرى كسوة "الضريح" بالرخام ، والرسوم اليهودية ، لا سيما عند مدخل القبر، ثم بدأ ضم بعض الأراضي حوله وبناء سور ، ثم قيام منشآت أشبه بالاستراحات ، وهي عبارة عن غرف مجهزة ، واتسعت المقبرة من مساحة 350 مترًا مربعًا إلى 8400 متر مربع ، وبدأت التبرعات اليهودية تنهال ؛ لتوسيعها وتحويلها إلى " مبكى " جديد لليهود الطالبين الشفاء أو العلاج من مرض؛ لدرجة أن "إسرائيل" قدمت معونة مالية للحكومة المصرية طالبة إنشاء جسر يربط القرية التي يُوجَد بها الضريح بطريق علوي موصل إلى مدينة دمنهور القريبة ، حتى يتيسر وصول اليهود إليها، وأطلقوا على الجسر أيضًا اسم "أبو حصيرة" ، ومع الوقت تحول "أبو حصيرة" إلى مسمار جحا لليهود في مصر.<BR>وقد حرص اليهود على لفت الأنظار إليهم ، وتضخيم الاحتفال إلى درجة استقدام طائرة خاصة إلى مطار الإسكندرية تحمل وفدًا كبيرًا من الحاخامات اليهود ، ومعهم أحيانا "وزير الأديان والعمل"، و"أعضاء من الكنيست" (البرلمان) "الإسرائيلي" ، وسعوا أيضا إلى شراء خمسة أفدنة مجاورة للمقبرة بهدف إقامة فندق عليها لينام فيه "الإسرائيليون" خلال مدة المولد ، إلا أن هذه المساعي قوبلت بالرفض من أهالي القرية الذين رفضوا بيع أرضهم لليهود.<BR>&#61550;<font color="#0000ff"> مولد صهيوني</font><BR>ووجود هذه المقبرة في مصر كانت بمثابة ذريعة يهودية تعتمد عليها الشركات السياحية الصهيونية في تنشيط السياحة الدينية إلى مصر ، حيث ينظم مولد أبو حصيرة الذي يقيمه اليهود كل عام في قرية "دميتوه" المجاورة لمدينة دمنهور، ويشارك فيه أكثر من ألفين يهودي يحضرون من "إسرائيل" ومن المغرب سنويا لحضور هذا الاحتفال ، الذي يعد صورة صارخة لما تفعله السياحة الصهيونية في مصر تحت سمع وبصر المسئولين المصريين وبحراسة من الشرطة المصرية التي تحمي الاحتفال .<BR>وكانت الصحف المصرية قد أكدت مؤخرا أن مجلس مدينة دمنهور قرر منع الاحتفالات التي تبدأ في ذكرى مولد الحاخام "أبو حصيرة"؛ بسبب معارضة أهالي المدينة لتصرفات اليهود في الحفل ؛ وتناول الخمور؛ والرقص بشكل خليع ، ونقلت على لسان أهالي القرية أنهم سعداء لإلغاء الاحتفال بالمولد الذي قالوا: إنه "حائط مبكى آخر" لليهود في قريتهم.<BR>كما طالب أهالي قرية "دميتوه" عبر محامين من القرية ، أجهزة الحكم المحلي المصرية بتغيير اسم القرية إلى "قرية الشهيد محمد الدرَّة"، حتى تُذَكِّر اليهود الذين يزورونها كل عام بجرائمهم في انتفاضة الأقصى. <BR>وأكد محامون من القرية أنهم رفعوا قضايا لإزالة رفات القبر، ونقله إلى "إسرائيل"، تنفيذًا للقانون الذي يقضي بأن تتم إزالة أي مقبرة لا تُستخْدَم لمدة 15 عامًا ، كما عارضوا إقامة طريق خاص للمقبرة سبق أن طالب به اليهود.<BR>وأذنت وزارة الخارجية المصرية للبرلمان المصري في ديسمبر عام 2000م بمناقشة الأمر في البرلمان المصري في أعقاب إثارة نواب لهذا الأمر معتبرة أن اتفاقية السلام المصرية "الإسرائيلية" لا تنص على عقد الاحتفال بـ"أبو حصيرة" كل عام.<BR>&#61550;<font color="#0000ff"> 2000 يهوديّ</font><BR>وكانت الاحتفالات السابقة التي تقام حول المقبرة ، يشارك فيها قرابة 2000 يهوديّ سنويًّا أغلبهم قادمون من "إسرائيل" ، كسياح إلى مصر ، إضافة إلى دول أجنبية أخرى مثل: فرنسا، وأمريكا ، وكذلك المغرب ؛ حيث يحضرون بالطائرات في المولد السنوي ، الذي يُقَام للاحتفال بـ"أبو حصيرة" .<BR>والمعروف أن الاحتفال كان يبدأ فوق قبر "أبو حصيرة" الذي يعتبر حائط مبكى أخر لليهود في مصر، بمزاد على مفتاح المقبرة ، الذي يؤمن بعض اليهود أن لصاحبها كرامات دينية ، ولديه قدرة على شفائهم من أمراض معينة ، ثم تبدأ عمليات شرب الخمور، وشي اللحوم ، والرقص ، ثم البكاء بحرقة أمام القبر، وضرب الرؤوس في جدار المبنى للتبرك وطلب الحاجات.<BR>&#61550;<font color="#0000ff"> المطالبة بهدم المقبرة</font><BR>وقد قام بعض المحامين المصريين – كما ذكرنا - برفع قضايا أمام المحاكم للمطالبة بهدم المقبرة وتسويتها بالأرض ؛ باعتبار أن اليهود الذين يشاركون في الاحتفال قد حوَّلوا القبر لحائط مبكى ، ويقومون بأداء طقوس تنطوي على مظاهر مبتذلة وغير أخلاقية ، مثل الرقص بجنون ، وشق الجيوب ، والبكاء والصراخ ، وسكب الخمور، وهي عادات تخالف الإسلام ، كما تصدم مشاعر أهل القرية المصرية ، لا سيما في رمضان ، حيث كان يتصادف احتفالهم مع حلول شهر الصيام.<BR>وقدم المحامي "مصطفى رسلان" الذي رفع الدعوى منذ عدة سنوات ما يؤكد للمحكمة أن "أبو حصيرة" المزعوم ما هو إلا رجل مسلم وليس يهوديًّا؛ وذلك بتقديمه شجرة عائلته ، التي قدمها له بعض المسلمين من المغرب في موسم الحج ؛ ولكن تأجلت القضية عدة مرات ثم حُكِم فيها برفض الطلب لتقديمه من غير ذي صفة ، كما رفضت الطعن المقدم لمعارضة الحكم ، ولكن السعي لوقف هذه المهزلة اليهودية التي تقام كل عام على أرض مصر ، وتتخذ ذريعة لتدنيس الأرض المصرية الطاهرة بأقدام اليهود النجسة ، ونشر فسادهم وفجورهم تحت شعارات السياحة والتطبيع وتبادل الثقافات ، لم يتوقف حتى صدر حكم القضاء الذي حسم القضية.<BR><font color="#0000ff"> &#61550; تطبيع سياحي</font><BR>وهذه المقبرة المشبوهة كانت تستغلها "إسرائيل" للتطبيع السياحي مع مصر ، حيث تتخذها ذريعة لدخول آلاف اليهود الصهاينة سنويا الى مصر والتغلغل في إحدى قراها وممارسة كافة أشكال الشذوذ والفجور والرقص وتناول المخدرات ، مما يسبب أضرارا كثيرة لأهالي القرية وشبابها ، الذين يرفضون هذا التطبيع الصهيوني.<BR>ومن المعروف أن السياحة الصهيونية نشطت في مصر عقب توقيع اتفاقية " كامب ديفيد " بين مصر و"إسرائيل" في عهد الرئيس السادات ، فبعد التوقيع مباشرة قامت شركة العال "الإسرائيلية" بإعداد دراسة حول تطوير رحلاتها للشرق الأوسط وخاصة مصر ، وذلك بالتعاون مع شركات في الولايات المتحدة ، وقد ساهم ذلك في تنشيط حركة السياحة ، حيث بلغت عدد الرحلات الجوية التي قامت بها شركة العال "الإسرائيلية" بعد سنة فقط من تشغيل خطها مع القاهرة حوالي 253 رحلة في الاتجاهين ، ونقلت 34927 راكبا ، بينما بلغت رحلات شركة نفرتيتي المصرية 117 رحلة في الاتجاهين ، ونقلت 26354 راكبا ، وتم بيع 38% من التذاكر في "إسرائيل" و33% في الولايات المتحدة و19% في مصر.<BR>وفي نفس الإطار حرصت "إسرائيل" على توقيع اتفاقية تعاون بين مطاري ايلات وعتسيون كشرط تسليمه لمصر في 25 إبريل 1982م ، للسماح للطائرات المتجهة إلى ايلات ورأس النقب باستخدام المطارين بشكل متبادل.<BR>ولتنشيط حركة السياحة والمواصلات بين البلدين أيضا ، تم الاتفاق على تشغيل النقل البحري بين أشدود وبور سعيد لنقل السياحة الشعبية بين البلدين ، ووقع مديرو وزارات السياحة في كل من مصر و"إسرائيل" في فندق هيلتون القدس في 17 مايو 1981م على مذكرة تفاهم ، استمرارا لاتفاق وقع في 24 مارس 1980م بشأن تبادل المعلومات حول قوانين ومشاريع السياحة المستقبلية ، مما سيتيح للشركات "الإسرائيلية" التدخل والاستفادة والمشاركة في المشروعات السياحية المصرية ، وبالتالي توسيع الحصيلة من الصادرات السياحية غير المنظورة.<BR>ورغم تحفظ الحكومة المصرية على السياحة البرية بين مصر و"إسرائيل" ، والتي يترتب عليها فتح الحدود ، فان الإصرار "الإسرائيلي" وفق اتفاقية مارس 1980م ، استطاع أن يحصل على حق دخول السيارات السياحية من "إسرائيل" إلى مصر ، وفق المادة الثانية من الاتفاقية والتي تنص على ذلك.<BR>وهناك العديد من المشروعات "الإسرائيلية" في هذا الصدد مثل تنشيط السياحة العلاجية المصرية إلى "إسرائيل" ، على وجه التحديد في منطقة البحر الميت وبحيرة طبرية.<BR><br>