شارون.. نهاية اللعبة السياسية في الليكود
27 شوال 1426

بعد ساعات قليلة على تصويت حزب العمل "الإسرائيلي" لصالح الانسحاب من الائتلاف الحاكم بقيادة (رئيس الوزراء) آرييل شارون، طلب شارون من الرئيس "الإسرائيلي" حل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، معلناً انسحابه من حزبه (الليكود) الذي كان أحد مؤسسيه عام 1973م، والبدء بتشكيل حزب جديد، سيحمل اسم (كديما) أي (إلى الأمام). بعد أن أطلق عليه في البداية اسم (حزب المسؤولية الوطنية).<BR><BR>جاء قرار شارون الأخير للانسحاب من حزب الليكود كرسالة واضحة موجهة إلى الكيان الصهيوني بضرورة إعادة رسم الخارطة السياسية الداخلية، وضرورة وجود حزب جديد يتبنى أفكاره السياسية التي اكتسبها بعد سنوات طويلة في العمل العسكري والسياسي.<BR><BR>من وجهة نظر عربية، يعتبر شارون (البالغ من العمر 78 عاماً) أحد أكثر اليهود تطرفاً ورغبة في إنشاء "الدولة الإسرائيلية" المترامية الأطراف، وأكثرهم رغبة في إراقة دماء الفلسطينيين، الذين استشهد الآلاف منهم منذ دخوله إلى الحرم القدسي الشريف الذي أطلق أول شرارة للانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.<BR>كما يساهم شارون منذ توليه مقاليد رئاسة الحكومة "الإسرائيلية" في تنفيذ عشرات عمليات الاغتيال التي طالت رموز وقيادات فلسطينية مسلحة، على رأسها الشهيد الشيخ أحمد ياسين (رئيس ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس) والدكتور عبد العزيز الرنتيسي (رئيس حركة حماس تاليا)، وغيرهم. فضلاً عن بنائه الجدار العازل (أحد أبرز معالم خنق الفلسطينيين)، وتوسيع المستوطنات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية بشكل كبير.<BR><BR>إلا أن شارون ذاته يعد –"إسرائيلياً"- أحد اليهود المعتدلين الذين سمحوا للفلسطينيين بحصد ثمار المقاومة المسلحة، وقدّم أراضي المستوطنات "الإسرائيلية" (المحتلة) للفلسطينيين على طبق من ذهب، وسحب قواته من مناطق ومدن فلسطينية عديدة، وأنهى حياته السياسية في رئاسة الحكومة الحالية باتفاق مع الفلسطينيين لفتح معابر رفح، وتمكين الفلسطينيين من التواصل مع العالم، وتصدير بضائعهم الزراعية، وغيرها.<BR><BR>ويرى قادة سياسيون في تل أبيب أن شارون عاش حالة كبيرة من الضغط النفسي والحصار خلال محاولته إقرار خطة الانسحاب من مستوطنات في غزة والضفة الغربية. لذلك فقد قرر أن يبقى على رأس الحكومة، ويسير في ذات الاتجاه ما كان ذلك ممكنا. فيما كانت تتشكل لديه فكرة إقامة حزب "إسرائيلي" جديد معتدل (حسب وصفه).<BR>يقول شارون: " إن حزب الليكود قد أصبح غير محتمل". لذلك، فقد ظهر خلال المؤتمر الصحفي الخاص بالإعلان عن انسحابه من الليكود، سعيداً ومسترخياً، وصفته صحيفة (هآريتس) "كامرأة حصلت أخيراً على طلاقها".<BR><BR>ومع آخر طلقة أطلقها حزب العمل لحكومة شارون بإعلان الانسحاب منها، بدأ شارون بتنفيذ خطته المبيتة، بطريقة قانونية، طلب فيها حل البرلمان، وتقديم موعد الانتخابات الحكومية، والانسحاب من الليكود، وإعلانه النية في تشكيل حزب جديد.<BR><BR>ويبدو أن شارون يريد عبر تحركاته الجديدة، تشكيل حزب "معتدل" جديد، مغاير للأحزاب التقليدية (العمل والليكود) ومتابعة ما بدأه من سياسة الفصل أحادية الجانب مع الفلسطينيين، وإنهاء جدار العزل، وتوسيع مستوطنات الضفة الغربية لضم القدس الشرقية إلى دولة الكيان. <BR>وهو بالتالي ما يعني تشكيل حدود دولة الكيان، وعزل الفلسطينيين بجدار عازل، وتسليم مهمة حماية حدود الكيان للجدار ولدول عربية (الأردن ومصر)!<BR><BR>ويعتمد شارون لتحقيق ذلك على الدعم الدولي لخطة فك الارتباط ، وانشغال القادة الفلسطينيين بالانتخابات وإعادة بناء الأراضي التي انسحبت منها القوات "الإسرائيلية" في غزة، والخلاف القائم بين السلطة الفلسطينية وحركات المقاومة الفلسطينية، والهدنة المفترضة مع المقاومة المسلحة.<BR>لذلك، فإنه يحاول تنفيذ هذه الخطة في أسرع وقت ممكن.<BR>لذلك، فقد أطلق أفكاره الجديدة حول حزبه، قائلاً: " إنه حزب معتدل ومتحرر، وسيعمل على منح السلام للإسرائيليين، والالتزام بخطة خارطة الطريق المدعومة دولياً التي تقتضي قيام دولة فلسطينية". مشدداً على أنه لن تكون في سياسة حزبه انسحابات أخرى من الضفة الغربية، ما يعني التأكيد على ضم القدس الشرقية لدولة الكيان.<BR><BR>حسب القانون "الإسرائيلي"، فإنه وبعد طلب رئيس الحكومة حل البرلمان، يكون أمام الكنيست فرصة 21 يوماً للانحلال، وبعد ذلك بـ 90 يوماً، يتعين إجراء انتخابات جديدة، ما يعني أنه خلال شهر مارس 2006، ستكون هناك حكومة "إسرائيلية" جديدة، لا يستطيع أحد الجزم بتبعيتها لأي من الأحزاب الحالية أو القادمة.<BR>وهذا يعني أن أمام شارون فرصة ثلاثة أشهر من أجل إعادة ترتيب أوراقه السياسية، وتقوية حزبه الجديد، لدخول معترك الانتخابات القادمة.<BR><BR>حزب الليكود، وحسب مصادر سياسية "إسرائيلية"، سيتقلص حجم مقاعده في الكنيست (البرلمان) "الإسرائيلي"، إلى 20 مقعداً فقط. وهو ما يعني تقلّص حجم المؤيدين للحزب، فضلاً عن التركة السياسية التي خلّفها شارون، والصراع القادم على رئاسة الحزب بين بنيامين نتنياهو (الذي بدا قلقاً بعد إعلان شارون الأخير) وشاؤول موفاز (وزير الحرب "الإسرائيلي") وسيلفان شالوم (وزير الخارجية والسياسي الخبير).<BR><BR>وربما أراد شارون من هذه العملية، إبعاد حزب العمل عن اللعبة السياسية، عبر تشكيل حزب جديد، والاستفادة من أعضاء حزبه الجديد لتشكيل ائتلاف حاكم مع أعضاء حزب الليكود الناجحين خلال الانتخابات القادمة.<BR>وعلى كل الأصعدة، فإن الخطوة الأخيرة التي اتخذها شارون تؤكد أن الخارطة السياسية الداخلية في دولة الكيان بدأت بالتغيّر لتناسب المرحلة المقبلة من مستقبل المنطقة، والتي يأمل القادة "الإسرائيليون" أن يكونوا أحد المؤثرين في صنعها، حسب رؤيتهم وخبرتهم السابقة.<BR><BR><br>