مع قدوم التوابيت القادمة من العراق: فشل حركة التجنيد في أمريكا!
6 جمادى الأول 1426

أخيراً سمحت الرقابة العسكرية الأمريكية بالإفراج عن عشرات الصور لنعوش وتوابيت قتلي الجيش الأمريكي في العراق وأفغانستان، وبدأت الصور تنشر على نطاق واسع، وتجلب معها مزيداً من المخاوف في قلوب الأمريكان من الانضمام إلى الجيش الأمريكي كي لا يلقوا المصير نفسه.<BR><BR>بعد أن ذكرت تقارير أمريكية عديدة أن هناك بوادر رفض من جانب الأمريكان للانخراط في صفوف الجيش الأمريكي خشية القتل، بعدما اكتشفوا أن الجيش الأمريكي ليس كما يصفونه لهم: مال وثراء وتدريب عسكري راق ونزهة في دول العالم المختلفة وملذات، وبدا أنه يتلخص في صورة واحدة هي: "نعوش العراق"!!<BR>المقاومة العراقية كانت أول من كشف أن الجيش الأمريكي يعاني من نقص حاد في جنوده لدرجة قيام جنود الوحدات الأمريكية بنصب تماثيل وهمية مثل خيال المآته لخداع المقاومة، ولتغطية النقص الحاد في قواتها.<BR>إلا أن "تقرير واشنطن" الذي يستعرض أهم أخبار أمريكا بعدة لغات عالمية، عرض في آخر نشراته تقريراً حول النقص في أعداد المجندين الأمريكيين، مؤكداً حقائق خطيرة في هذا الصدد، وأنه رغم حالة الحرب وزيادة المغريات المالية، فقد أصبح الجيش الأمريكي يعاني نقصا في أعداد المجندين للمرة الأولى منذ 1999م، وأن الآباء والأمهات يرفضون انضمام أولادهم للجيش الأمريكي! <BR><BR>يقول التقرير: إن الجيش الأمريكي لم يحقق هدفه المنشود في جذب العدد المطلوب من المجندين خلال شهر إبريل الماضي، ليكون بذلك الشهر الثالث على التوالي الذي يفشل فيه في ذلك، حيث يعتمد الجيش الأمريكي أساسا علي نظام التطوع منذ عام 1973م، في أعقاب نهاية حرب فيتنام، وأنه مع استمرار ارتفاع عدد قتلى القوات الأمريكية في العراق إلي 1600 قتيل ـ وفقا للتقرير ذاته ـ، من المتوقع أن يتكرر هذا العجز خلال الشهور القادمة.<BR><BR><font color="#0000FF"> نقص كبير: </font><BR>يهدف الجيش الأمريكي – وفق التقرير - إلى ضم 80.000 جنديا جديدا قبل شهر سبتمبر من هذا العام، فيما يشكّل زيادة قدرها 6.200 جنديا عن متطلباته لعام 2004م، ولكن المؤشرات لا تبدو إيجابية حتى شهر مايو من العام الحالي، ويظهر الجدول التالي نقص عدد المنضمين الجدد للجيش الأمريكي عن العدد الإجمالي الذي كان من الواجب تحقيقه. <BR><BR>ومعروف أن القوات المسلحة الأمريكية تتكون من أربعة أفرع رئيسة، هي الجيش والقوات البحرية والقوات الجوية، وقوات المارينز، وجميعها تابعة هرمياً إلى وزارة الدفاع، ويبلغ إجمالي عدد القوات المسلحة الأمريكية 1.4 مليون جندي عامل، مقابل 2.1 مليون عامل عام 1990، هذا بالإضافة إلى 1.2 مليون جندي من الاحتياط والحرس الوطني. <BR><BR>ويتألف الجيش الأمريكي من وحدات عاملة، ووحدات الاحتياط والحرس الوطني، وتتوزع أعمال كل منهم بين العمليات العسكرية والمهمات اللوجستية، وحتى 30 سبتمبر 2004م، شكّل الجيش الأمريكي نسبة 35% (500.000 جندي) من إجمالي القوات الأمريكية، فيما تبلغ موازنته حوالي 97 بليون دولار فقط مقارنه مع القوات الجوية أو البحرية التي تصل إلى 120 بليون دولار. ويعاني هذا الجيش من الإنهاك نتيجة لامتداداته العسكرية في مختلف بقاع العالم، وينتظر الجنود عودتهم إلى الوطن بفارغ الصبر في ظل وجود إمكانية صدور قرارات إدارية تسمح بتمديد مهامهم رغم انتهاء مدتها. وفي يناير 2005، شملت هذه القرارات 6.657 جندياً فقط بين الاحتياط والحرس الوطني مما سبب سخطا كبيرا بين صفوفهم. <BR><BR><font color="#0000FF"> مواقف الشباب من الخدمة العسكرية: </font><BR>منذ بدء الحرب في أفغانستان والعراق وتضارب المعلومات حول مبرراتها، حدث تحوّل تدريجي في موقف الشباب من الجيش ونقص عددي في الالتحاق بالجيش، وأزمة ثقة من الشباب الأمريكي في الحكومة الأمريكية في أحد أبعادها، حتى أن شاب أمريكي رفض ذكر اسمه قال: "لن أنضم للجيش إذا كان يعني هذا ضرورة الذهاب للعراق.. لماذا أخاطر بحياتي من أجل قضية سياسية بالأساس"!؟<BR><BR><font color="#0000FF"> صورة سلبية للجيش في عقول الأمريكان: </font><BR>وينقل "تقرير واشنطن" عن تقرير وضعته مؤسسة GFK Custom Research في شهر أغسطس 2004، تحت عنوان "صورة المؤسسة العسكرية الأمريكية"، إلى نتائج مماثلة في هذا الإطار. ويقارن التقرير بين آراء الشباب الأمريكي بين عامي 2000 و 2004، ويشير إلى أن مواقفهم أصبحت سلبية تجاه الجيش في السنوات الأخيرة بحيث يشعرون بصراع داخلي أمام خيار الخدمة، وتنتصر الجامعة دائماً كطريق أفضل لمستقبلهم. وعلى صعيد العوامل التي تدفع إلى الالتحاق بالخدمة في الجيش، يتابع التقرير إلى أن 42% من المنخرطين ذكروا موضوع التمويل الجامعي و34% تحدثوا عن تلبية الواجب القومي.<BR><BR> وبين الذين عارضوا فكرة الانخراط في الجيش، كان الخوف السبب الرئيس (26%) وعبّر 21% عن مشاعرهم السلبية تجاه الحياة العسكرية وعارض 20% الجيش كمؤسسة. <BR>وفي استفتاء نشره المركز المشترك للدراسات السياسية والعسكرية في واشنطن سنة 2004، اعتبر 50% من الشباب أن الجيش هو خيارهم الأخير بين مؤسسات الخدمة العسكرية، والمشكلة الأخرى التي يواجهها الجيش هي كيفية التعاطي مع الجنود الشواذ، إذ أصدرت وزارة الدفاع قانوناً في عام 1993 يحظر على هؤلاء إعلان ميولهم الجنسية داخل المؤسسة. وطرد البنتاجون بموجب هذا القرار نحو 10.000 عنصرا كانوا في مراكز حساسة شملت الترجمة العربية والتحليل الاستخباراتي. <BR><BR><font color="#0000FF"> إغراءات وزارة الدفاع الأمريكية لا تجدي!! </font><BR>وقد عرض البنتاجون حوافز مادية ومعنوية على الشباب الأمريكي لإغرائه للانضمام إلى الجيش وتوقيع عقود طويلة الأمد أو للخدمة في قواعد عسكرية معيّنة ردا على هذه السلبية من جانب الشباب للالتحاق بالجيش، بالإضافة إلى القيام بالمزيد من الجهود على مستوى الإعلانات الدعائية التي تركّز على المؤثرين في خيارات الشباب المهنية مثل الأهل والأساتذة. <BR><BR>ومن بين الوسائل المتبعة الزيارة المنزلية والتواصل مع الشباب في حرم الجامعات وعبر وسائل الاتصالات الحديثة مثل الإنترنت والهواتف النقّالة. كما يقدّم الجيش فوائد أخرى مثل الرعاية الصحية وتسهيلات في الضرائب وإنشاء صندوق لتمويل الدراسة الجامعية. كما وقّع (الرئيس الأمريكي) جورج بوش في 28 أكتوبر 2004 قانون الموازنة العسكرية لسنة 2005 مضيفاً 3.5% على رواتب كافة العسكريين بالإضافة إلى زيادة في التقديمات الأساسية للإسكان. <BR><BR>بل لقد تم رفع سن البقاء في الحرس الوطني التابع للجيش من 34 إلى 39 سنة، من أجل إبقاء المزيد من الجنود لفترات خدمة أطول، وإلى جانب هذا يتم الاعتماد علي العاملين بعقود من القطاع لخاص، وهم يوفرون ما يقرب من 250.000 ألف شخص يعملون في وظائف مثل توفير الطعام للجنود، الحراسة، قيادة سيارات النقل، والتموين. <BR><BR>أيضا بدأ الجيش الأمريكي في اتخاذ خطوات لجذب أعداد أكبر من الشباب وتم التغاضي عن شرط الحصول على شهادة الثانوية العامة، والنجاح في اختبار بسيط للغة الإنجليزية والرياضيات، حيث سمح مؤخرا بتجنيد ما لا يزيد عن نسبة 2% ممن لا يحملون شهادة الثانوية العامة.<BR>ويقول اللواء مايكل روتشيل (قائد وحدة التجنيد بالجيش الأمريكي): "إن الجيش يمر بأوقات عصيبة فيما يتعلق بتجنيد متطوعين جدد، ولا أستطيع أن أنكر إننا بحاجة ماسة إلى المزيد من المتطوعين، وأن المهمة الأخطر أمام الجيش هي جلب المزيد من المتطوعين في الوقت التي تخوض فيه أمريكا حربين في العراق وأفغانستان".<BR> وتعرض وزارة الدفاع ما يصل إلى 20.000$ كمكافأة مالية للمنضمين الجدد، وتغطية مصاريف التعليم بما قد يصل إلي 60.000$، بالإضافة إلى ما قد يصل إلى 150.000$ كحوافز لبعض المنضمين لوحدات العمليات الخاصة ويتمتعون بمؤهلات غير عادية، ومع هذا لا يقبل الأمريكان على التطوع.<BR><BR><font color="#0000FF"> حتى الأجانب لا يرغبون في الجيش الأمريكي: </font><BR>ويشير "تقرير واشنطن" إلى أن الجيش يواجه معضلة أخرى على صعيد تشجيع الأجانب على الانضمام إلى صفوفه، حيث يضم الجيش الأمريكي اليوم حوالي 30.000 جندي من أكثر من 100 بلد، معظمهم من ولاية كاليفورنيا، فخدمة الأجانب في الجيش الأمريكي ليست سابقة في التاريخ الأمريكي، فقد ساهم الإيرلنديون في معارك الحرب الأهلية الأمريكية، كما سبق لحوالي 100.000 من الأوروبيين أن خدموا أثناء الحرب العالمية الثانية، ويري الكثير من الخبراء الأمريكيين أن هؤلاء الأفراد لا يريدون الانضمام للجيش الأمريكي، بل هم فقط يحتاجون الجيش الأمريكي! <BR><BR>وفي نوفمبر 2003 وقّع الرئيس بوش قانوناً يخفّض معاملات الحصول على الجنسية الأمريكية من ثلاث سنوات إلى سنة واحدة بعد فشل الإغراءات السابقة لإغراء هؤلاء بالانضمام للجيش، وفي العام الماضي حصل 7.500 جندي على الجنسية بفضل هذه السياسة، وهي النسبة الأعلى منذ حرب فيتنام. <BR><BR>ويمنح مسؤولو الهجرة الجنسية لهؤلاء الأجانب خلال احتفالات تُجرى داخل المراكز العسكرية، وذلك رغم انتقادات المجموعات المحافظة التي تخاف من انعكاسات ارتفاع عدد الأجانب على الجيش، ولكن حتى الآن هذا الخوف غير مبرر؛ لأن عددهم ينخفض بشكل متواصل منذ خمس سنوات بحيث تقلّص بحوالي 20% بين عامي 2001 و 2004، وفقاً لمعلومات عسكرية. وقد لقي نحو 142 من غير الأمريكيين مصرعهم في العراق وأفغانستان.<BR><BR>ويبدو أن الأنباء التي تحدثت عن تلاعب في ذكر الأرقام الحقيقية لعدد القتلى الأمريكان في حروب العراق وغيرها ترجع لقتل أعداد من هؤلاء الأجانب بشكل أكبر وجزء كبير منهم من غير الحاصلين على الجنسية الأمريكية بعد، ما يعني عدم إحصائهم ضمن عدد القتلى "الأمريكيين"!!<BR><br>