مواقف عربية ودولية متباينة من نقل السلطة في العراق
12 جمادى الأول 1425

سارعت العديد من دول وحكومات ومنظمات عربية وعالمية إلى إظهار مواقفها إزاء نقل السلطة العراقية من إدارة الاحتلال الأمريكية، إلى الحكومة العراقية المؤقتة والمعينة من قبل الاحتلال !<BR><BR>وعلى الرغم من كثرة التصريحات والبيانات الرسمية، والتي زاد من عددها مواقف بعض الصحف العربية والعالمية، إلا أنها أخذت بالعموم أحد موقفين؛ مؤيد أو معارض، تتناسب طرداً مع قرب وبعد هذه الدول من الولايات المتحدة، عدا بعض المواقف التي اتخذت لوناً رمادياً في إعلان (قلقها) أو (ترقبها) لما ستؤول إليه الأوضاع في العراق.<BR><BR><font color="#0000ff">مواقف عراقية: </font><BR><BR>من أكثر المواقف شفافية ووضوحاً، الموقف الذي اتخذه جميع أعضاء مجلس الحكم السابق المعين من قبل الاحتلال، وغيرهم من القيادات الحزبية والعشائرية وبعض القيادات الدينية الشيعية، والذي تمثل بالترحيب بهذه النقلة التي اعتبروها في صالح العراق الجديد!!<BR><BR>وسادت هذه الأوساط العراقية بالتحديد أجواء فرح واحتفالات، لم تنتهي حتى الآن، إلا أنها تحولت اليوم إلى خطابات سياسية وإعلانات أشبه ما تكون بالإعلانات الحكومية، الداعية إلى استباب الأمن والعمل على تسريع استلام (الرئيس العراقي السابق) صدام حسين لمحاكمته، والوعود بفرص عمل لاحقة لملايين الجوعى والفقراء العراقيين (!!).<BR><BR>أما المقاومة العراقية، فقد أعلنت أيضاً موقفها، بلغة السلاح التي اعتادت عليها منذ احتلال العراق قبل أكثر من عام، إذ فجرت اليوم قنبلة محلية الصنع، استهدفت دورية أمريكية، ما أسفر عن مقتل ثلاثة من قوت المارينز وجرح اثنين آخرين.<BR>كما شنت هجمات مسلحة ضد أفراد الشرطة العراقية في بغداد وضواحيها، وهو ما يعبر عن موقف رافض لتسليم السلطة من قيادة الاحتلال إلى حكومة معينة من قبل الاحتلال.<BR><BR>أما غالبية الشعب العراقي، فقد اتخذ موقف (المراقب والمتأمل)، يحدوه الأمل بسبب تردي الأوضاع المعيشية إلى مستويات لم يعيشها من قبل، منتظراً أن يأتي اليوم الذي يقول فيه كلمته (عبر انتخابات حرة) في تنصيب اسم رئيس للجمهورية أو الحكومة، وهو ما وعدت به الولايات المتحدة منذ أكثر من عام، ولم تظهر بوادره حتى الآن.<BR><BR><font color="#0000ff">الحكومات العربية: </font><BR><BR>رحبت حكومات عربية مقربة من الولايات المتحدة بنقل السلطة المحدود إلى الحكومة العراقية المؤقتة.<BR>وقال (وزير الخارجية المصري) أحمد ماهر: " إن تسليم السلطة للعراقيين سيسهل من استعادة الاستقرار في العراق، حيث اندلع صراع منذ الغزو الأمريكي في مارس 2003م" !!<BR><BR>وأضاف ماهر للصحفيين "هذا هو ما تتمناه مصر للشعب العراقي لكي تتاح له الفرصة لتولي أموره بنفسه، وأن يسترد سيادته كاملة".<BR>وتأتي تصريحات الوزير المصري منافية لما يتم على أرض الواقع في العراق، وتبدو هذه التصريحات أقرب ما تكون منها إعلان تأييد لموقف أمريكي اتخذته قيادة الاحتلال؛ من موقف دولة كبيرة كمصر.<BR><BR>أما الكويت التي احتلها العراق خلال عامي 1990-1991م، فقالت: " إن تسليم السلطة في بغداد يؤذن ببداية مرحلة جديدة".<BR>وقد أعلنت لاحقاً عن تطور واقعي، إذ أعربت الكويت عن استئناف التبادل الدبلوماسي مع العراق، بعد قطيعة استمرت منذ عام 1990م.<BR><BR>كما رحبت الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بنقل السلطة من قوات الاحتلال إلى الحكومة العراقية المؤقتة.<BR>واعتبرت الأمانة في بيان لها مساء أمس الاثنين بأن ذلك خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لبناء عراق موحد ينعم من خلاله الشعب العراقي الشقيق بالأمن والاستقرار !<BR>وأعربت عن ثقتها بالحكومة المؤقتة (...) وبالشعب العراقي بتجاوز الظروف العصيبة التي يمر بها العراق من خلال ترسيخ الوحدة الوطنية لبناء مستقبل مشرق للعراق الشقيق يتبوأ من خلاله دوره العربي والإقليمي والدولي إلى جانب إسهاماته المعهودة في الحضارة العربية.<BR><BR>فيما اتخذت الحكومة السورية موقفاً محايداً من نقل السلطة، حيث أعلنت دمشق عن تشككها في إيجابية نقل السلطة للحكومة المؤقتة، مبدية إمكانية تقديم المساعدة للعراقيين في سبيل تحقيق الحرية والاستقلال الكاملين للشعب العراقي.<BR><BR>وقالت دمشق: " إنها تعرب عن أملها في أن تؤدي خطوة تسلم العراقيين للسلطة إلى استعادة كاملة للسيادة بما يمكن شعب العراق من ممارسة حقه الكامل في تقرير مصيره وإرساء دعائم استقلاله في حياة حره كريمة ومزدهرة بعد طول معاناة".<BR>كما أعربت في تصريح لإدارة الإعلام في وزارة الخارجية عن استعدادها الكامل لتقديم المساندة والدعم في سبيل وصول العراق إلى ما يصبو إليه من حرية واستقلال.<BR><BR><font color="#0000ff">جامعة الدول العربية: </font><BR><BR>شككت جامعة الدول العربية أيضاً في نقل السيادة إلى العراقيين قائلة: " إنها تأمل في أن يكون نقل السلطة خطوة نحو استعادة السيادة".<BR>وقال (الأمين العام للجامعة) عمرو موسى: " إن كل ما تريده الجامعة أن تكون الحكومة العراقية قادرة على ممارسة سيادتها وسلطتها بطريقة تكسبها المصداقية".<BR>وقال للصحفيين تعقيباً على تسليم السلطة للعراقيين يوم الاثنين:"نقل السلطة مسألة تتم في إطار قرار مجلس الأمن الإجماعي... وكل ما نرجوه هو التوفيق، وأن تمكن الحكومة العراقية من ممارسة سلطتها وسيادتها بالطريقة التي تكتسب مصداقية."<BR><BR>وأضاف "من المهم أن يكون هناك توافق عراقي في الرأي... حتى يمكن أن ينتقل العراق إلى مرحلة جديدة في مواجهة موقف خطير جداً، سواء (تمثل) في وجود القوات الأجنبية أو في وجود الموقف المتدهور الخطير الموجود في العراق".<BR><BR><font color="#0000ff">محللون سياسيون يشككون في إعلان نقل السلطة: </font><BR><BR>بيد أن محللين وسياسيين عرب أعربوا عن شكوكهم في أهمية خطوة نقل السلطة التي تسمح ببقاء أكثر من 160 ألف جندي أجنبي في العراق خارج سيطرة الحكومة.<BR>وقال المحللون: " إنهم يتوقعون أن تتريث أغلب الحكومات العربية في التعامل مع الحكومة العراقية مع الامتناع عن الاعتراف الدبلوماسي الكامل بها في الوقت الحالي".<BR><BR>و قال مصطفى رميد (عضو البرلمان المغربي من حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل): " إن الولايات المتحدة تريد من العراقيين أن يقاتلوا العراقيين وتقليل الكلفة المتزايدة لوجودها العسكري في البلاد"، وأضاف " إن الرأي العام العالمي لن ينطلي عليه هذا النقل الصوري للسلطة".<BR><BR>كما قال حسن نافعة (رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة): " إنه ليس من المحتمل انتهاء الصراع طالما بقيت القوات الأجنبية"، وأضاف "ليس من السهولة خداع الشعب العراقي."<BR><BR>فيما أكد مصطفى كامل السيد (أستاذ العلوم السياسية بالجامعة ذاتها) بأن ما حدث لا يمثل في الحقيقة تسليماً للسيادة بمعنى الكلمة مع استمرار هذا الوجود العسكري والمدني الأمريكي المكثف، ومع قدرة القوات الأمريكية على اتخاذ أي إجراء عسكري دون أن يتطلب منها ذلك بذل الكثير من الجهد للحصول على تفويض مسبق."<BR><BR><font color="#0000ff">حكومات ومنظمات دولية: </font><BR><BR>تباينت أيضاً مواقف بعض الدول والمنظمات العالمية من نقل السلطة إلى العراقيين، حسب الموقف السابق من الاحتلال، والوضع الحالي مع الولايات المتحدة.<BR><BR>حيث فضّل الرئيس الفرنسي جاك شيراك فصل اجتماعات قمة الناتو التي انعقدت في نفس يوم نقل السلطة في العراق، عن موضوع السيادة العراقية.<BR>وقال شيراك: " إن الحلف الأطلسي ليس من شأنه التدخل في العراق".<BR>إلا أنه أضاف خلال مؤتمر صحفي عقده أمس الاثنين في اسطنبول على هامش مؤتمر قمة حلف الأطلسي " إن عودة السلطة إلى العراقيين تشكل بنظرنا شرطاً ضرورياً لعودة السلام والتطور إلى العراق"<BR><BR>أما بريطانيا، فقد اعترفت بوضوح أن عملية نقل السلطة هي عملية شكلية فقط لا غير، مؤكدة بقاء قوات الاحتلال في العراق إلى أجل غير مسمى.<BR>حيث أعلن (الناطق باسم القوات البريطانية في العراق) النقيب هشام حلاوي: " أنه لا شيء كبير سيتغير في العراق بعد تسليم السلطة للعراقيين" متوقعاً أن تطلب الحكومة العراقية التي تسلمت هذه السلطة من قوات الاحتلال البقاء في العراق لمساعدتها في الأمن.!!!<BR><BR>وذهب الناطق البريطاني إلى أكثر من ذلك بالقول: "يجب على محافظ البصرة الذي سيكون مسؤولاً في هذه المدينة العراقية، أن يعمل على كسب قبول العراقيين للقوات البريطانية خلال وبعد انتقال السلطة" !!!<BR><BR>خافيير سولانا (الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوربي)، أكد دعم الاتحاد الأوروبي للحكومة الانتقالية العراقية، مشيراً إلى أن الاتحاد جاهز للعمل مع هذه الحكومة من أجل إعادة إعمار العراق.<BR><BR>بدوره أكد الكسندر ياكوفينكو (المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية) على صفة (الاحتلال) للقوات الأمريكية في العراق، معلناً عن أمل روسيا بأن تركز الحكومة العراقية المؤقتة جهودها على تحقيق السلام والاستقرار وإعادة إعمار الاقتصاد واحترام حقوق وحريات المواطنين العراقيين.<BR>وقال ياكوفينكو في تصريح له: " إن نجاح عمل الحكومة العراقية المؤقتة يتوقف على قدرتها على القيام بتلك الخطوات العملية التي من شأنها أن تكسب ثقة الشعب العراقي وتشعره بأن الاحتلال في طريقه إلى الزوال".<BR>مضيفاً أن روسيا على استعداد لإبداء الدعم اللازم للحكومة العراقية المؤقتة، سواء في إطار ما يبذله المجتمع الدولي من جهود جماعية أو على أساس ثنائي.<BR><BR>فيما أعربت المفوضية الأوروبية عن أملها في أن يتمكن العراق من استعادة استقراره وأمنه.<BR>وقال ريوكا مبينين (المتحدث باسم رئيس المفوضية) في تصريح للصحفيين: " إن عملية نقل السلطة إلى العراقيين ما هي إلا خطوة يجب أن تتبعها خطوات على طريق استعادة العراق لاستقلاله" مشيرا إلى أن عملية حفظ الأمن هي من أخطر التحديات التي يواجهها العراق في هذه المرحلة. <BR><BR><font color="#0000ff"> (الجارديان) تسخر من إعلان بوش: </font><BR><BR>صحيفة (الجارديان) البريطانية سخرت من تصريحات (الرئيس الأمريكي) جورج بوش في أعقاب تسليم السلطة بصورة شبه سرية حين قال: " إن رئيس الحكومة إياد علاوي ورفاقه فيها أثبتوا أنهم من الناس الذين يحبون الوقوف على أرجلهم، وأنهم مستعدون للسير إلى الأمام، ولذلك فإنهم لا يستطيعون الانتظار إلى حين الموعد المحدد لتسليم السلطة لهم في الثلاثين من الشهر الجاري". <BR><BR>ورأت الصحيفة أن العملية برمتها تؤكد مجدداً أن العنف وعدم الاستقرار والعمليات العسكرية ستتواصل في العراق إلى أجل غير مسمى، وأن الشعب العراقي لن ينعم بالاستقرار المطلوب في وقت مبكر.<BR>وأضافت الصحيفة في عددها الصادر اليوم الثلاثاء قائلة: " إن قضية تسليم السلطة وموعدها ليست قضية هامة أو ذات معنى عميق، ولكن الأهم منها هو ما يريده الشعب العراقي".<BR><br>