إسرائيل وأكراد العراق
11 جمادى الأول 1425

كررت الحكومة التركية على لسان رئيسها عبد الله كول امتعاضها من النشاط الإسرائيلي في المنطقة الكردية العراقية، وعدت النشاط الإسرائيلي يضر بمصلحة تركيا والأمن الإقليمي في المنطقة؛ لأن إسرائيل إذا أيدت الآن قيام فيدرالية كردية في شمال العراق فإنها مستقبلاً ستشجع الأكراد على الانفصال وتأسيس دولة لهم في المنطقة. <BR>وكانت صحيفة (نيويوركر) الأمريكية قد أكدت في عددها الأخير أن عناصر إسرائيلية تنشط في كردستان العراق وأنهم قاموا بعمليات تسلل من هناك في محيط المنشآت النووية في إيران، وأشارت الصحيفة إلى أن رجال الموساد الذين يقدمون أنفسهم على أنهم رجال أعمال يقومون بتدريب فرق كوماندوز كردية في شمال العراق. <BR>وقالت مصادر وثيقة الاطلاع في العاصمة العراقية: إن رجال الموساد وعملاء إسرائيليين قد دخلوا إلى بغداد عن طريق المنطقة الكردية، وقاموا بنشاطات عديدة استهدفت تصفية علماء وخبراء عراقيين في الميدان النووي ، وأكدت هذه المصادر التي رفضت الكشف عن اسمها أن عناصر (الموساد) الإسرائيلي تتخذ من بيوت فاخرة في المناطق الراقية من بغداد مقرات لها بدعم من أجهزة الاستخبارات الأمريكية وقواتها المنتشرة. <BR>وشرح رجل أمن عراقي على صلة وثيقة بالأمريكيين أن هناك أكثر من موقع فاخر يقيم فيه الإسرائيليون في منطقة (الجادرية) وبالقرب من فندق بابل، لكن رجل الأمن طلب التكتم على اسمه ورتبته، في وقت أبدى استعداده للكشف عن أحد المواقع الإسرائيلية في منطقة عمله. <BR>وكان يهود عراقيون قد دخلوا البلاد في الأشهر الأولى لدخول القوات الأمريكية العراق، وقاموا بشراء العديد من العقارات الفاخرة بأسعار مغرية بحجة العودة إلى وطنهم الأم، لكن الهدف الأساسي كان تسهيل استقبال رجال (الموساد) والتستر عليهم داخل بيوتهم بدعوى أنهم جزء من العائلات اليهودية. <BR>ويقول السيد نبيل جاسم صاحب مكتب للعقارات في منطقة الكرادة الشرقية: إنه تعرف على أجانب كانوا يتهافتون على شراء بيوت صالحة للسكن، وحين سألهم عما إذا كان يناسبهم السكن بجوار إحدى الكنائس في المنطقة رد أحدهم بالقول: إنه كان يتمنى السكن قرب (معبد يهودي) إن وجد في المنطقة، وبذلك عرف الهوية الدينية لأولئك الأجانب. <BR>وعلى صعيد آخر قال الدكتور جمال السامرائي، وهو مدرس في المعهد القضائي: إنه فوجئ ذات يوم بوجود رجل أجنبي بصحبة أحد سماسرة العقار يدخل المجمع السكني في شارع السعدون بالقرب من فندقي الشيراتون والمريديان لمشاهدة شقة معروضة الإيجار في نفس المجمع المخصص لأساتذة الجامعات، والذي يقطنه العديد من العلماء والمفكرون من الأساتذة في الجامعات العراقية، وكان ذلك قبل البدء بتصفيات جديدة طالت بعض الأساتذة الكبار. <BR>هذا وتتزامن ردة الفعل التركية إزاء الوجود الإسرائيلي في شمال العراق، حيث يتمتع الأكراد بوضع مستقل عن الحكومة المركزية في بغداد، وحيث تعمل مؤسسات حكومية كوردية في جميع ميادين الحياة المدنية والعسكرية، ويتزامن الموقف التركي مع زيارة يقوم بها السيد حلال طالباني (زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني المعروف بصلاته الغربية الواسعة هو ورديفه السيد " مسعود البارزاني " زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني).. وتأتي زيارة الطالباني في أعقاب إعلان تركيا أنها لا تمانع من تمتع الأكراد في العراق بالحكم الذاتي شريطة ألا يؤدي ذلك إلى الانفصال، وهو الموقف الذي لم يصدر عن المسؤولين الأتراك من قبل ومنذ منح الأكراد حكماً ذاتياً في عهد الرئيس السابق " صدام حسين " وطوال وجود حزب البعث على رأس السلطة في العراق. <BR>وبخصوص الوجود الإسرائيلي في المنطقة الكردية، فقد توجه أحد الإعلاميين العراقيين بالسؤال لقيادات كردية مسؤولة لمعرفة موقفها من هذه المعلومات التي لم تعد خافية، إلا أنها رفضت الإفصاح عن أية معلو مات تؤيد أو تنفي ذلك. <BR>ومعروف أن القيادات الكردية ومنذ عهد زعيمها الراحل الملا مصطفى البارزاني الذي خلفه ابنه مسعود، لم تتكتم على علاقاتها بإسرائيل.. بل إن الملا البارزاني قد زار إسرائيل سراً، وعندما سئل عن التعاون بين الأكراد والإسرائيليين قال آنذاك لوسائل الإعلام العربية: إنه لا يمانع من مد يده للشيطان إذا كان للكرد مصلحة في ذلك. <BR>وعلى هذا فاستقبال الأكراد لإسرائيليين، وفتح أبواب المنطقة لهم للقيام بأي نشاط كان لا يثير غرابة المراقبين.<BR>وفي نفس السياق أكد عدد من المراقبين السياسيين أن الموساد الإسرائيلي ينشط في المنطقة الشمالية بصورة مثيرة للانتباه، في إطار تشجيع ودعم التيارات السياسية الكردية التي تعمل على خلق الأجواء الكفيلة بانفصال المنطقة الشمالية من خلال افتعال الأزمات مع الحكومة العراقية الجديدة مستغلة ضعف وتخبط هذه الحكومة وعدم امتلاكها الرؤيا الواضحة في إطار حل مشاكل الأقليات في العراق.الأمر الذي دفع الحكومة التركية إلى إعلان مخاوفها إزاء طبيعة التعاون الإسرائيلي مع القيادات الكردية،خشية أن يؤدي ذلك الدعم إلى إعلان دولة كردية مستقلة عن العراق وهو ما لا تقبله الحكومة الكردية لما له من تأثير سلبي على وضع ملايين الأكراد الذين يعيشون في تركيا، والذين يناضلون منذ سنين طويلة من أجل الاستقلال عن تركيا. <BR>كما أن هذا التنسيق المنظم بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية " الموساد " والأجهزة الكردية شجع الأتراك على إعلان دعمهم للمواطنين التركمان في العراق بصورة علنية، وتأكيد التزام تركيا بالدفاع عن حقوقهم ضد الأطماع الكردية التي أضحت مكشوفة، والتي تستهدف السيطرة على منطقة كركوك وضمها إلى المناطق الخاضعة للنفوذ الكردي، نظراً لما تتمتع به من ثروات نفطية هائلة، <BR>وقد حذرت بعض الأحزاب والمنظمات العراقية والعربية من تمادي بعض المسؤولين الأكراد في الدعوة إلى الانفصال عن العراق، ودعت الحكومة العراقية إلى الحذر من التهاون أو التساهل مع مثل هذه الدعوات المشبوهة التي ترمي إلى تمزيق أرض العراق، والقضاء على وحدة شعبه بكل ما يضمه من أطياف عرقية ودينية مذهبية.<BR><br>