المقاطعة.. الأهداف والأبعاد
13 ربيع الثاني 1425

تفرض المقاطعة نفسها في مواجهة المشروع الصهيو-أمريكى، كرد فعلي طبيعي عبرت عنه مشاعر الشعوب العربية، ويتناول هذا الموضوع الجوانب الاقتصادية للمقاطعة مع الإشارة إلى بعض الجوانب السياسية التي يقتضي الإشارة إليها، باعتبار المقاطعة تأتي في إطار الحدث السياسي. وتعد المقاطعة بأشكالها المختلفة - بما فيها المقاطعة الاقتصادية - إحدى وسائل الدفاع عن النفس بين الدول ضد المعتدين على أراضيها أو سياساتها أو مواطنيها، كما تعد وسيلة من وسائل الضغط الجماعي التي تستخدمها مجموعة من الدول لتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وقد يكثر الجدل حول العائد من المقاطعة وحجم اقتصادنا في الاقتصاد العالمي، وكثير من الآراء التي تحاول أن تفوت الفرصة على استخدام المقاطعة في عملية المواجهة، ولكن الحقيقة التي ننطلق منها هنا في تأييد استخدام المقاطعة هي استبعاد المفهوم المادي للحياة المستمد من المنهج العلماني والقائل بـ"الاقتصاد من أجل الاقتصاد"، ولكن الإسلام يجعل من الاقتصاد وسيلة وليس غاية، فهو في خدمة عقيدة الإسلام. <BR><BR><BR><font color="#0000FF" size="4">أنواع المقاطعة: </font><BR>من حيث الجهة الفارضة للمقاطعة توجد ثلاثة أنواع،هي:<BR><font color="#0000FF">المقاطعة الأهلية: </font> التي تكون غير رسمية أو ما يطلق عليها مقاطعة شعبية يفرضها ويتولى تطبيقها أفراد أو هيئات غير رسمية بدافع من عواطفهم وحماسهم الوطني فيقررون إيقاف التعامل بالبضائع والمنتجات المستوردة من الدولة المعتدية وإيقاف التصدير إليها والامتناع عن التعامل مع رعاياها، ومن أمثلة هذا النوع ما تمارسه الآن الشعوب العربية والإسلامية تجاه المنتجات الإسرائيلية والأمريكية، سواء كانت هذه الممارسة من قبل الأفراد أو من قبل النقابات والجمعيات أو ما يطلق عليه عموماً مؤسسات العمل الأهلي، وليست هذه هي المرة الأولى التي تمارس فيها هذا النوع من المقاطعة فقد شهدت مثلاً مصر قبل ذلك مقاطعة للمنتجات الإنجليزية في العشرينات من القرن الماضي. <BR><font color="#0000FF">المقاطعة الرسمية: </font> تكون رسمية وتفرضها سلطات الدولة المسؤولة ضد جماعات أو دول معتدية، ومثال ذلك ما تم من قبل الدول العربية سابقا تجاه إسرائيل منذ الخمسينات عن طريق إنشاء مكتب المقاطعة من خلال جامعة الدول العربية. <BR><font color="#0000FF">المقاطعة الجماعية: </font> وهي التي تقررها منظمة دولية، وهي جماعية حين تتولى فرضها المنظمات الدولية استناداً إلى السلطة التي تستمدها من ميثاق المنظمة كجزء يفرض على الدولة التي انتهكت الميثاق، وهو ما مورس بشكل واضح في حالات العراق وليبيا وباكستان وإيران.<BR><BR>ويوجد تقسيم آخر لصور المقاطعة من حيث الممارسة، وهو: <BR><font color="#0000FF">أ- الصورة السلبية: </font> من خلال عدم الدخول في أية علاقات اقتصادية مع الدولة المعتدية، سواء في الميدان التجاري أو المالي أو النقدي، وينطلق من نقطة أساسية هي فقر هذه الدولة في المواد الأولية اللازمة للصناعة والمواد الغذائية، سواء كان ذلك بالطريق المباشر مع الدولة المعتدية أو غير المباشر عن طريق دول وسيطة، تسعى لتكون وسيطاً بين الدولة المعتدية والجهة فارضة المقاطعة.<BR><font color="#0000FF">ب- الصورة الإيجابية: </font> ومثال ذلك العمل على وقف تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى أراضي الدولة المعتدية أو هروب الموجود بها إلى الخارج عن طريق الامتناع عن شراء السلع التي يتم إنتاجها بواسطة هذه الاستثمارات أو منافسة منتجاتها في الأسواق الدولية. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4">أهداف المقاطعة: </font><BR>تتوجه عملية المقاطعة التي تنتهجها الشعوب العربية والإسلامية بشكل أساسي الآن إلى كل من دولة الكيان الصهيوني، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وذلك في المرحلة الحالية باعتبار أن معظم دول العالم كان لها موقف رافض لممارسات إسرائيل وأمريكا ضد الشعبين الفلسطيني والعراقي. ومن هنا وجب تحديد هدف لهذه المقاطعة، وبشكل عام فإن الأدبيات السياسية تحدد خمس نقاط رئيسة تعد أهدافاً هامة لعملية العقوبات الاقتصادية من منظور الجهة الفارضة، وهي: <BR>1- إحداث تغير معتدل نسبياً في سياسات الدولة المستهدفة. <BR>2- ضرب استقرار حكومة الدولة المستهدفة. <BR>3- وقف مغامرة عسكرية محدودة. <BR>4- إعاقة الإمكانات العسكرية للدولة المستهدفة. <BR>5- إحداث تغيير جوهري في سياسات الدولة المستهدفة. <BR>وتعد الأهداف الخمسة السابقة مطلوبة التحقيق بالنسبة لعملية المقاطعة التي تمارس من قبلنا بعد الأحداث الأخيرة، بالنسبة للدولة الصهيونية، باعتبارها أداة التنفيذ، وذلك في الأمدين: قصير وطويل الأجل، أما بالنسبة لأمريكا فهذه الأهداف معتبرة لعملية المقاطعة؛ لأنها راعية ممارسات الصهيونية، وقد يكون الهدف الأول والخامس هما المطلوب تحقيقهما في إطار القضية الفلسطينية، أما ممارسات أمريكا تجاه العراق والعديد من الدول الإسلامية فتستأهل أن تكون الأهداف الخمسة للمقاطعة واجبة التحقيق. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4">الأبعاد الاقتصادية للمقاطعة: </font><BR>توجد بعض الأبعاد لا بد من أخذها في الاعتبار عند تناول الجانب الاقتصادي للمقاطعة، وهي: <BR><font color="#0000FF">أولا: </font> الوضع الراهن للاقتصاد العالمي من حيث سيطرة اقتصاديات العولمة، ووجود مساحة مشتركة تجمع البلدان العربية والإسلامية وأمريكا وإسرائيل من خلال عضوية المؤسسات الدولية، والالتزامات الناتجة عن هذه العضوية، ويمثل هذا الأمر قيداً على الحكومات التي لها عضوية هذه المؤسسات، وعلى الرغم من أن البعض قد يرى أن هذا الأمر يمثل قيداً، فإنه في ذات الوقت يمثل مساحة للعمل لصالح إدانة إسرائيل والممارسات الأمريكية من خلال هذه المنظمات، وحتى على الصعيد الإقليمي توجد اتفاقية الشراكة الأورو-متوسطية، والتي انضمت إليها كل من مصر والمغرب وتونس وقريبا تشترك لبنان وسوريا والجزائر، وقد دخلت إسرائيل في هذه الاتفاقية منذ عام 1995م بعد تونس مباشرة، ومن خلال هذه الاتفاقية سوف تكون هناك منطقة تجارة حرة بين بلدان الاتحاد الأوروبي وهذه البلدان، ولكن رغم هذا القيد فهناك مخرجان: الأول: دور المنظمات غير الحكومية التي باستطاعتها تنفيذ المقاطعة كما حدث في اجتماع الاتحادات التجارية للدول الأورو-متوسطية، والذي كان مقرراً عقده بالقاهرة في عام 2001م، ولكنه ألغي بسبب اعتراض البلدان العربية على حضور إسرائيل للمؤتمر. والثاني: هو منافسة الإنتاج العربي للمنتجات الإسرائيلية في سوق دول الاتحاد الأوروبي، وبالامتناع عن التبادل التجاري مع دولة الكيان الصهيوني في هذا التجمع سوف يزيد من عزلتها، ويقلل من فرص استفادتها منه.<BR>كما أن مؤسسات المجتمع المدني أصبح لها صوت مسموع من خلال هذه المؤسسات على الرغم من عدم عضويتها بها، ومثال ذلك ما حدث في سياتل في مؤتمر منظمة التجارة العالمية ومدينة جنوة الإيطالية وغيرها، وبالتالي فإن الأمر هنا يفتح مساحة كبيرة أمام المجتمع المدني بمختلف مؤسساته ليفعل المقاطعة باعتبارها خيار شعبي وليس حكومي.<BR> <BR><font color="#0000FF">ثانياً: </font> الدور المتعاظم للشركات متعدية الجنسيات، والتي أصبحت تتحكم في معظم الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي تحتاج إليها البلدان العربية والأجنبية لتمويل مشروعات التنمية بها، هذا الشركات تبحث عن مصالحها بالدرجة الأولى، وبالتالي لا بد من أن تصلها رسالة المقاطعة بأن استثماراتها مهددة بالخطر إذا ما انحازت استثماراتها لصالح إسرائيل، ومن البديهيات التي لا تحتاج إلى تعليق أن الإجابة على هذا التساؤل يجاب عنها بالسؤال الذي يردده الجميع، وهو: أين الاستثمارات العربية؟ والتي تهيم على وجهها في الغرب، حيث تتراوح تقديراتها ما بين 800 و1200 مليار دولار أمريكي. <BR><BR><font color="#0000FF">ثالثاً: </font> رد الفعل الغربي قد يكون سلبياً تجاه المقاطعة العربية والإسلامية بتقديم مزيد من الدعم لإسرائيل في حالة استمرار المقاطعة العربية، وهنا لا بد من وقفة من خلال المقارنة بين تجربة المقاطعة، والتي استمرت إلى ما قبل التسعينات من القرن الماضي وحتى الآن، إذ إن هناك تغييرات بالفعل في الموقف الأوروبي على الأقل في تقييم الموقف ولعل خير شاهد على هذا قرار البرلمان الأوروبي في عام 2003م بفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل، وإن كان لم ينفذ من خلال وزراء الخارجية الأوروبيين بسبب أن رأي البرلمان استشاري، إلا أنه تحول إيجابي في أحد روافد تشكيل الرأي العام واتخاذ القرار في أوروبا. هذا بجانب وجود العديد من مؤسسات المجتمع المدني التي ساءتها ممارسات إسرائيل في الأحداث الأخيرة، وسوف تعد مساهمات مؤسسات المجتمع المدني في الأوساط العربية والإسلامية محل تقدير في المجتمع الغربي. <BR><BR><font color="#0000FF">رابعاً: </font> الأوضاع الاقتصادية لبلدان العالم العربي والإسلامي التي تعتمد بشكل أساسي على الخارج. الخارج لا يعني أمريكا فقط، بل هناك في المجال الاقتصادي العديد من الدول التي تستطيع أن توفر ما تحتاج إليه البلاد العربية والإسلامية من تكنولوجيا ومستلزمات إنتاج، وهو ما يطلق عليه في الأدبيات الاقتصادية بتحويل التجارة، وإذا ما نجحت المقاطعة في تحقيق هذا الأمر أو جزء منه، فلا شك أن رسالة قوية سوف تصل إلى أمريكا تحديدا، فهي لا تحكم فقط بالرئيس ولكن توجد قوى عديدة لها دور بارز ومؤثر. ومن خلال استقراء اهتمام أمريكا بما منيت به شركاتها في منطقة الخليج من خسائر فقط خلال شهر مارس 2002م على سبيل المثال، والتي قدرت بنحو 200 مليون دولار يجعلنا نرى أن الأجل الطويل للمقاطعة سوف يكون مجدياً، من خلال معرفة حجم الواردات العربية من الشركات الأمريكية خلال عام 2001م والتي قدرت بنحو 20 مليار دولار. هذا فضلاً عن البلدان الإسلامية التي تتخوف أمريكا بالفعل أن تنتقل إليها عدوى المقاطعة الشعبية، ولا يفوتنا أن نوصي هنا بسرعة التنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني في الدول الإسلامية للتفاعل مع دعوى المقاطعة.<BR><BR><font color="#0000FF">خامساً: </font> الاستثمارات والعمالة الوطنية المرتبطة بشراكة إسرائيلية وأمريكية. لا نعتقد بأن هناك خلاف من أي طرف حول أهمية تصفية الأنشطة القائمة مع دولة الكيان الصهيوني، ولكن الأمر بالنسبة لأمريكا قد يكون مسار خلاف من قبل البعض، ولكن علاج هذا الأمر يحتاج إلى بعض الوقت مع التركيز على اعتبار أن يتم تحويل هذه الاستثمارات المشتركة لطرف بديل للأمريكان، فالطرف العربي الآن هو الأقوى من حيث القوة باستخدام أداة الضغط على شركائه لإيصال رسالة المقاطعة إلى الإدارة الأمريكية. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4">آليات التنفيذ: </font><BR>نرى أن عملية المقاطعة الآن تتم عبر عملية عشوائية من قبل الأفراد دون وجود جهات منظمة لها، ومن هنا وجدت بعض الأخطاء بإدراج أسماء بعض الشركات على سبيل الخطأ، وهذا لم يمنع من وجود بعض الجهات المنظمة، مثل: نقابة الصيادلة المصرية، ويرجع هذا إلى توافر معلومات لديها عن شركات إنتاج واستثمارات الدواء ومصادره، ونرى أن آليات تنفيذ المقاطعة يمكن أن تتم من خلال المصادر الآتية: <BR><font color="#0000FF">1- الحكومات: </font> تستطيع الحكومات العربية والإسلامية أن تتخذ خطوات إيجابية تجاه قضية المقاطعة، من أهمها: <BR>- عدم التضييق على حركات المجتمع المدني النشطة في هذا المجال، وإتاحة الفرصة لها لتنظم صفوفها وإتاحة الفرصة لإنشاء اتحاد عام ينسق عملها. <BR>- صدور تعليمات إلى أجهزتها للاتجاه قدر المستطاع إلى الداخل لتوفير احتياجاتها أو إلى الدائرة العربية والإسلامية فإن لم يكن فالدول البعيدة عن تأييد إسرائيل، ولا يشترط أن يكون ذلك من خلال قرارات أو قوانين سيادية مكتوبة، ولكن يكفي أن تكون تعليمات غير مكتوبة حتى لا تتعرض مصالحها لبعض الأضرار. <BR>- تفعيل دور مكتب المقاطعة العربية الذي يتخذ من دمشق مقراً له، ويعمل من خلال جامعة الدول العربية، ولا شك أن الدول هنا سوف يكون لها دور إذا ما أخذنا في الحسبان أن الدول التي تربطها اتفاقيات مع إسرائيل قد يتذرع بها لعدم التفاعل مع هذا المكتب هي ثلاث دول فقط (مصر، موريتانيا، الأردن)، ويكون باقي تسع عشرة دولة بإمكانها أن تؤدي دورها في هذا المضمار. <BR>- تحويل استثماراتها في أسواق المال أو في سندات الخزانة الأمريكية إلى الأسواق الأوروبية واليابان، وكذلك الأمر بالنسبة لتعاملاتها البنكية. <BR>- أهمية التحول إلى تكوين أرصدتها من النقد الأجنبي من الدولار إلى سلة عملات أخرى، مثل: الين الياباني واليورو، وسوف يحقق لها هذا الأمر فائدة عدم التقييد والتبعية للدولار الأمريكي.<BR>- تقنين إنتاج وتصدير النفط من قبل الدول العربية والإسلامية، وسوف يكون لهذا الأمر مردود إيجابي على عوائد البترول، وهذا التناول الخاص بالنفط أخذ في الاعتبار الموقف الضعيف وغير المتوحد حيال استخدام النفط في قضية المقاطعة، وبذلك تكون عمليات تقنين الإنتاج والتصدير أضعف الإيمان في هذا المجال.<BR> <BR><font color="#0000FF">2- الأفراد: </font> يعد الأفراد هم أقوى حلقات الآليات المستخدمة في عملية المقاطعة، ونلمس تجاوباً بشكل جيد من قبلهم خلال المدة الأخيرة، ولعل مثال الشعب الياباني سوف يكون مثال جيد في مسألة الولاء للمنتجات الوطنية على الرغم من مشاركة اليابان بقوة في عملية الاندماج بالاقتصاد العالمي، فالمنتجات اليابانية تغزو جميع بقاع العالم، ومن أصعب الأمور أن تجد السلع الأجنبية سوقاً داخل اليابان نظراً لقناعة المواطن الياباني بشراء السلع اليابانية على الرغم من رخص السلع الأجنبية المماثلة لعلمه بالأضرار الاقتصادية والاجتماعية على قرار شراء المنتجات الأجنبية، فالتذكير بهذه الأمثلة يقوي من عزيمة الأفراد على الاستمرار في عملية المقاطعة، وكذلك يمكن القيام بـ:<BR>- تقوية الحس الديني والقومي بأهمية المقاطعة لدى ذويهم من أبناء وزوجات وأزواج وجيران.<BR>- التفاعل مع أطروحات المجتمع المدني لأشكال المقاطعة. <BR>- تفضيل استخدام المنتجات الوطنية والعربية والإسلامية والبديل من الدول الأخرى غير المنحازة لإسرائيل وأمريكا.<BR>- أن توفر المنظمات غير الحكومية مركزاً للمعلومات في شكل جمعية أهلية أو شركة مساهمة لا تهدف إلى الربح لتقديم الأبحاث والدراسات الخاصة بعملية المقاطعة؛ لأنها من المفترض أن تكون قائمة إلى أن تحقق أهدافها الخاصة بالقضية الفلسطينية ومواجهة الممارسات العدوانية من قبل أمريكا وإسرائيل. <BR>- الاهتمام بقيم العمل والإنتاج داخل المؤسسات الإنتاجية والخدمية باعتبار أن قوة الاقتصاديات الوطنية أهم مقومات المواجهة. <BR>- البعد عن التمادي في السلوك الاستهلاكي حتى نتفادى سلبيات العولمة التي حرصت على شيوع الاقتصاديات الاستهلاكية التي لا تناسب اقتصاديات البلدان النامية التي تشمل معظم إن لم يكن كل الدول العربية والإسلامية. <BR>- وجود مركز تنسيق بين النقابات المهنية وغيرها من المؤسسات الأخرى لجمع ما صدر عنها من بيانات تؤيد المقاطعة ومتابعة تنفيذها والإشراف على ما ورد من هذه البيانات من سلع وشركات وأسماء وكلاء لشركات أمريكية وإسرائيلية، ويفضل أن يتسع هذا المركز ليشمل منظمات الأعمال.<BR> <BR><font color="#0000FF">3- المستثمرون: </font> وهنا يكون الدور على المستثمرين كأفراد أو منظمات الأعمال، سواء كانت اتحادات صناعية أو تجارية أو جمعيات مستثمرين أو رجال وسيدات الأعمال، ففي مصر - على سبيل المثال - اتخذ مجتمع الأعمال العديد من الخطوات الإيجابية حيال المقاطعة على الصعيدين الأمريكي الإسرائيلي، وهو ما لمسناه من خلال قرارات اتحاد الصناعات المصرية والاتحاد العام لغرف التجارية وبيان جمعية رجال الأعمال المصريين، ومن أهم ما يمكن الإشارة إليه في هذا المضمار ما نشر عن مهمة وفد رجال الأعمال المصريين الذي يزور أمريكا بصفة دورية كل عام تحت عنوان "مهمة طرق الأبواب"، إذ أعلن أن المهمة الرئيسية والموسعة للوفد نقل الصورة الحقيقية لتدهور الأوضاع في المنطقة بسبب الممارسات الإسرائيلية، وخاصة أن كل أعضاء الوفد أصحاب استثمارات مشتركة مع الشركات الأمريكية في مصر وكان من المقرر أن يلتقي الوفد بنائب الرئيس الأمريكي وأعضاء الكونجرس وصناع القرار السياسي والاقتصادي في أمريكا، ولعل الآليات التي يمكن من خلالها التفاعل مع قضية المقاطعة من خلال المستثمرين، هي: <BR>- تصفية الاستثمارات المشتركة مع دولة الكيان الصهيوني في أقرب وقت ممكن، وكذلك الأمريكية. <BR>- العمل على توفير السلع والخدمات التي تحتاجها الأسواق الوطنية بسعر وجودة مناسبين.<BR>- عدم التركيز على استخدام تكنولوجيا إنتاجية تعتمد بشمل مباشر على الأمريكان والتوجه نحو اليابان أو الصين ودول جنوب شرق آسيا باعتبارها دول غير منحازة لإسرائيل ومنافسة لأمريكا وتبحث عن مصالحها. <BR>- إقامة استثمارات إنتاجية جادة تحقق قيمة مضافة تستفيد منها الاقتصاديات الوطنية. <BR>- أداء حقوق العاملين وتوفير ظروف عمل مناسبة تساعد على العمل وزيادة الإنتاجية، ودفع حقوق الدولة من خلال سداد الضرائب ومديونيات البنوك. <BR>- التوجه نحو الاستثمارات التي تعاني منها اقتصادياتنا من نقص، والبعد عن الاستمارات المتشابهة التي تعد أحد أسباب البعد عن مجال الاستثمار أو الارتباط بالتوكيلات لاستثمارات أجنبية. <BR>- الاستفادة من أسواق المال المحلية، ومحاولة جعلها مصادر للاستثمار وليس أداة للمضاربة.<BR><BR><font color="#0000FF">4- المستوردون: </font> لعل هذه الفئة أكثر الفئات التي تستطيع أن تكيف أحوالها مع ظروف المقاطعة، فالاستيراد يمكن توجيهه بسرعة إلى بلدان أخرى توفر السلع البديلة، ويتوافر للمستوردين الآليات الآتية:<BR>- محاولة اعتماد عملات أخرى في التعامل مع مورديهم غير الدولار الأمريكي، وهذا في حد ذاته سوف يخفف عنهم عبء تدبير الدولار الذي يعانون من تدبيره - في بعض البلدان - إلا من خلال الأسواق السوداء، وهو الأمر الذي يزيد من تكلفة الاستيراد، ويحقق أيضاً إضعاف مركز الدولار الأمريكي اقتصادياً. <BR>- اتجاه الواردات العربية فقط إلى خارج الولايات المتحدة سوف يؤثر على مقدرات الاقتصاد الأمريكي، وإن كانت تجارة العرب الخارجية مع أمريكا فقط نحو 3% من حجم التجارة العالمية، فهذا هو الأثر المباشر، أما الأثر غير المباشر فيكون في القطاعات التي ستتأثر بعملية المقاطعة في حالة تحويل الواردات العربية إلى أماكن أخرى، مثل: العمال، والمصارف، والموانئ وشركات الملاحة، وغيرها.<BR>على الرغم من أن المزايا التي تناولها العديد من الكتاب لممارسة المقاطعة كثيرة، فإننا نستطيع أن نجملها أو نشير إلى أهمها في النقاط الآتية: <BR>- تقوية موقف المفاوض السياسي العربي بعودة استخدام المقاطعة كورقة ضغط، خاصة أنها هذه المرة يلعب فيها المجتمع المدني الدور الأكبر، وبالتالي لا يرضخ للضغوط التي تمارس عليه لتقديم تنازلات بل يطالب هو بتقديم تنازلات، وأن ورقة المقاطعة متجددة ما لم نحصل على حلول عادلة. <BR>- تخفيض قيمة الواردات العربية، وإعادة ترتيب الأوضاع والأولويات في عمليات الإنتاج والاستيراد. <BR>- الدفع بقوة تجاه تكامل أو تعاون اقتصادي عربي.<BR><br>