من يفتح الملف النووي الصهيوني؟
14 ربيع الأول 1425

في الوقت الذي كان فيه نجم الذرة الإسرائيلي مردخاي فعنونو يطالب الرئيس بوش والأمم المتحدة ومحمد البرادعي (رئيس وكالة الطاقة النووية) بتفتيش المنشآت النووية الصهيونية، والضغط على الصهاينة لتدمير مخزونهم النووي (300 قنبلة نووية) كما فعلوا مع كوريا وليبيا وإيران، كان الرئيس الأمريكي بوش في واد آخر يطالب بالضغط على إيران (المتعاونة مع الأمم المتحدة)، ويشيد بالإرهابي شارون، ويقول: إن العالم وخصوصاً العرب مدينون له بالشكر على خطة الانسحاب من غزة !!<BR>إطلاق خبير الذرة فاعنونو بعد سجنه 18 عاماً؛ لأنه أفشي أسرار السلاح النووي الصهيوني أعاد مرة أخرى الحديث عن القدرات النووية الصهيونية بشكل ملح بعدما شن الأمريكيون حرباً شعواء ضد العراقيين وقتلوا الآف بحجة وجود أسلحة دمار شامل، وبعدما ضغطوا علي ليبيا للتخلي عن برنامجها كلياً ونقلوه لأمريكا، وبعدما أصبح الصهاينة وحدهم على رأسهم ريشة في هذا المجال وتوفر لهم أمريكا الحماية والتعتيم !<BR>الصهاينة لم يكتفوا بوضع مزيد من القيود على فاعنونو تتضمن منعه من السفر ومن استعمال الهاتف الدولي أو الدخول على الانترنت، بل وطالب متظاهرون صهاينة بقتله خشية أن يتحول العالم إليهم ويطالب بمهاجمة الدولة الصهيونية؛ لأنها لم تتخل عن أسلحة الدمار الشامل. <BR>كان أول ما فعله فعنونو، هو رفع يديه والتلويح بها أمام مؤيديه بعلامة "V" للتعبير عن شعوره بالنصر، وقال: " أنا وراء التقرير الذي نشر في "صاندي تايمز" في الـ5 من أكتوبر 1986م، وهو التقرير الذي تطرق إلى الأسلحة النووية الإسرائيلية، وقال: "أدعو إلى فتح المفاعل النووي في ديمونا للمراقبة الدولية.. سأستمر في الحديث ضد التسلح النووي.. أريد أن يتكلم بوش وتوني بلير وفلاديمير بوتين وجرهارد شرودر عن الأسرار النووية لإسرائيل وعن التعاون النووي".<BR>ولكنه لم يكد ينتهي حتى خطب بوش يمتدح في شارون ويقول: إنه رجل سلام ويقر إعطاء الصهاينة قرابة 7 مليارات دولار من دم الشعب الأمريكي مكافأة لشارون والصهاينة خطة الانسحاب من غزة، وقال إعلاميون صهاينة: إن فعنونو سوف يصبح في النهاية في طي النسيان وسينسي العالم ما قاله!؟<BR><BR><font color="#0000FF"> أمريكا تعلم وتتواطأ: </font><BR>والحقيقة أن الأمريكان يعلمون هذا منذ بداية البرنامج النووي الصهيوني ولكنهم يتواطؤون معه لحد أن فعنونو نفسه كشف أن من استدرجه كي يعتقله عملاء الموساد في روما ويعيدوه للسجن في الدولة الصهيونية كانت عميلة أمريكية تابعة لجهاز المباحث (FBI) والمخابرات الأمريكية ( CIA )!.<BR>فقد كشفت مقالة نشرت على صفحات موقع الانترنت التابع لمعهد منع انتشار السلاح النووي الذي يديره سلاح الجو الأمريكي أول يوليه 2002م أن إسرائيل تملك ما يزيد على 400 رأس نووي وقنابل هيدروجينية.<BR>وكشف المقال الذي كتبه الكولونيل المتقاعد ورنر فارر (وهو طبيب شغل عدة مناصب قيادية في الجيش الأمريكي) عن تفاصيل غاية في الأهمية بشأن البرنامج النووي الصهيوني يمكن تلخيصها فيما يلي: <BR><BR>1-قال التقرير بأن الدولة العبرية أنجزت كل ما تبغيه من مشروعها النووي عام 1995م عندما أنجزت إنتاج قنابل نيوترونية وألغام نووية وقنابل الحقيبة وصواريخ تطلق من الغواصات، فضلاً عن امتلاكها للقنابل الهيدروجينية المعقدة التطوير والباهظة التكلفة التي لا تملكها سوى كل من الولايات المتحدة،وروسيا، وبريطانيا، وفرنسا، والصين (قوة كل قنبلة هيدروجينية تزيد مائة إلى ألف مرة عن القنبلة النووية الاعتيادية!). <BR><BR>2-كشف التقرير عن أن إسرائيل طورت قنابل نيوترونية تكتيكية قادرة على تدمير القوات المعادية بأقل قدر ممكن من الخسائر والأضرار في الممتلكات، كما توجهت نحو القنابل النووية الصغيرة التي تعد مفيدة لصد هجوم موضعي أو لاستخدامها كألغام. <BR><BR>3-أشار التقرير أيضا إلى وصول غواصات دولفين الألمانية الصنع لإسرائيل التي تمكنها من امتلاك القدرة على توجيه الضربة النووية الثانية. <BR><BR>4-أكد أن إسرائيل أصبح لديها أكثر من أربعمائة قنبلة نووية بينها قنابل هيدروجينية، وهو رقم يبلغ ضعف حجم التقديرات الاستخبارية الشائعة التي كانت تتحدث عن مائتي قنبلة نووية إسرائيلية. <BR><BR>5- قال الكاتب بأن التقرير جزء من نشاطات المركز التابع لسلاح الجو الأمريكي، وأنه أعد لتقديم المعلومات والتحليلات لصناع القرار ذوي الصلة بالأمن القومي الأمريكي ولقادة سلاح الجو الأمريكي لمساعدتهم في مواجهة أخطار تسلح الآخرين بأسلحة الدمار الشامل. <BR><BR>6-يؤكد التقرير أنه كان لدى إسرائيل عام 1967م خمس عشرة قنبلة نووية ارتفعت إلى 200 عام 1980م، ثم إلى 400 قنبلة نووية حتى عام 1997م. <BR><BR>7- سعى كاتب المقال إلى تحليل أسباب سعي إسرائيل لإنتاج كميات كبيرة من السلاح النووي مركزاً على أن "هذه القدرة تعد أحد الأسباب التي تعزز استمرار الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل" أي كنوع من الضغط على الولايات المتحدة! <BR><BR>8-كشف التقرير عن أن القدرات النووية الصهيونية تطورات لأشكال أخرى حيث امتلكت عام 1973م عشرين صاروخاً نووياً، وطورت ما يسمى بالقنبلة الحقيبة، بينما أقامت في عام 1974م ثلاث وحدات مدفعية نووية تحوي كل منها اثنتي عشرة فوهة من عيار 175 ملم و230 ملم، كما أوضح التقرير أنه في عام 1984م امتلكت إسرائيل 31 قنبلة بلوتونيوم، وأنتجت عشر قنابل يورانيوم أخرى، وفي عام 1986م كان لدى إسرائيل ما بين مائة إلى مائتي قنبلة منشطرة، وعدد من القنابل المنصهرة، وفي عام 1994م صنعت ما بين 64 إلى 112 قنبلة برأس حربي صغير وكان لديها خمسون صاروخا نووياً من طراز (أريحا).<BR>وليست هذه هي المرة الأولي التي تنشر فيها أنباء تشير لتستر الأمريكان على البرنامج النووي الصهيوني، فقد سبق الحديث عن ذلك عشرات المرات، ولكن كان تقرير سلاح الطيران الأمريكي هو الأهم؛ لأنه من جهة رسمية.<BR>فقد سبق النشر عدة مرات عن القدرات النووية الإسرائيلية ومن جانب الإسرائيليين أنفسهم (قالوا العام الماضي 2003م بأنهم حملوا غواصاتهم بصواريخ كروز القادرة على حمل رأس نووي، وأنهم قادرون علي الوصول بصواريخهم إلى أي بقعة في العالم)، وقالوا: إن الفارق في التطور التكنولوجي في هذا المجال بين مصر وإسرائيل لا يقل عن 10 إلى 15 عاماً؟! <BR>والمثير هو كيفية تعامل الولايات المتحدة الأمريكية من البداية مع الملف النووي الإسرائيلي، فعلى حين لا تخلو تقارير الأجهزة الأمنية الأمريكية السنوية من بند يتحدث عن سعي مصر والدول العربية للتعاون مع الصين وكوريا الشمالية لتطوير صواريخها أو إنتاج سلاح كيماوي، لا يرد أي ذكر للحديث عن القدرات الإسرائيلية. <BR>وقد ذكرت نشرة اتحاد علماء الذرة الأمريكيين أواخر العام الماضي 2001م أن الولايات المتحدة تصرفت مع القدرات النووية الإسرائيلية طوال السبعينيات والستينيات بإهمال وبتحليل خاطئ في ظل نجاح إسرائيل في التضليل فعجزت عن إدراك أبعاد المشروع النووي. <BR>وأشارت النشرة إلى أن الولايات المتحدة لم توافق ولم تشجع إسرائيل على مواصلة مشروعها النووي، ولكنها بالمقابل لم تفعل شيئاً لإيقافه! بل إنها في المدة ما بين عامي 1961 و1973م سعت إلى تجاهل الأمر، ولم تفد سبع زيارات لمراقبين أمريكيين لمفاعل ديمونة في تكوين أي صورة، بل إن السفير الأمريكي في تل أبيب في تلك المدة أوضح لاحقاً أن "الرئيس لم يرسلني إلى هناك لجلب المشاكل له.. إنه لم يكن يرغب في سماع أخبار سيئة أو مزعجة "!<BR>والجديد فقط هو أن كشف موردخاي فعنونو في عام 1986م عن البرنامج النووي الإسرائيلي جاء تأكيداً على الشكوك بأن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية، كما أظهر هذا الكشف أن البرنامج النووي الإسرائيلي أكبر وأكثر تقدماً مما كان معتقداً فيما سبق. <BR>فقد استولى فعنونو قبل أن يترك وظيفته على فيلمين مصنفين تحت بند (سري للغاية) يشرحان جانباً من الأعمال التي تجري بمفاعل ديمونة والمعدات التي تستخدم هناك بما فيها المواد الخاصة باستخراج المواد الإشعاعية المخصصة للإنتاج العسكري ونماذج معملية للأجهزة النووية الحرارية.<BR>ويقال: إنه لم يكن واضحاً ما إذا كان فعنونو يعتزم الكشف عن الأنشطة النووية السرية لإسرائيل بسرقته لهذين الفيلمين، إلا أنه انخرط في إحدى الجماعات المناهضة للأنشطة النووية في مدينة سيدني بأستراليا واعتنق المذهب الإنجيلي المسيحي، وأقنعه أحد أعضاء المجموعة وهو أوسكار جويريري صحفي حر من أصول كولومبية بنشر صور ومعلومات تفصيلية عن ما يجري بمفاعل ديمونة الإسرائيلي فتم النشر في صحيفة "صنداي تايمز".<BR>ويرجع السعي الصهيوني للحصول على سلاح نووي إلى مدة نشأة الدولة الصهيونية عام 1948م، والرغبة في حمايتها داخل الوسط العربي الكثيف، حيث سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتئذ، ديفيد بن جوريون، إلى امتلاك رادع نووي بطريقة سرية.<BR>وقد بدأ هذا باتفاق سري مع فرنسا لبناء مفاعل ديمونة الذي يعتقد أنه بدأ في تصنيع مكونات الأسلحة النووية في الستينيات، والذي تشكو دول عربية من قدمه وتهالكه، وتخشي تسرب إشعاعات منه،<BR>وقد رفض الصهاينة التوقيع على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، لذا فإن مفاعل ديمونة لا يخضع للتفتيش الدولي، ورغم محاولات وكالة الطاقة النووية التابعة للأمم المتحدة للحديث على استحياء عن القدرات النووية الصهيونية فهي عملياً ليست لها سلطة على الدولة الصهيونية خاصة أن واشنطن تساند الصهاينة وتوافق علناً على سياسة الغموض النووي التي تتبعها إسرائيل بالرغم من وجود قوانين أمريكية تمنعها من تأييد الدول مساعي الدول لامتلاك أسلحة نووية.<BR>وقد سعت الدول العربية العام الماضي في الاجتماع السنوي لوكالة الطاقة الذرية لمحاولة استصدار قرار دولي باعتبار منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بهدف الضغط علي الصهاينة؛ لأنهم هم الدولة الوحيدة التي تمتلك كل أنواع السلاح المحظور دولياً بما فيه النووي، بيد أن التدخل الأمريكي أجهض الخطة أيضاً وتم إرجاء الأمر للعام المقابل.<BR>ويقول خبراء: إن تخلي ليبيا عن سلاحها للدمار الشامل وقبول إيران الخضوع لتفتيش الأمم المتحدة، وتوقيع غالبية الدول العربية على معاهدة منع الانتشار النووي يزيد الضغط على الصهاينة دولياً، بيد أن وقوف أمريكا بشكل منحاز مع الصهاينة يعرقل المساواة بين الدول، ويجعل الصهاينة وحدهم هم أصحاب السطوة النووية في المنطقة.<BR><br>