أكذوبة حرية الإعلام العراقي في ظل الاحتلال
13 صفر 1425

أعلن " السفير بول بر يمر " الحاكم المدني الأمريكي في العراق مؤخرا عن تشكيل هيئة للإعلام العراقي برئاسة "سمير الصميدعي " عضو مجلس الحكم الانتقالي ، وعضوية عدد من الإعلاميين العراقيين، الذين كانوا يقيمون في الخارج، والذين يتهمهم الإعلاميون في العراق، بأنهم عملاء لوكالة المخابرات المركزية الأمريكي ، ويؤكدون انهم تلقوا تدريباتهم على أيدي خبراء الوكالة، وعملوا ضمن أجهزتها الدعائية . <BR><BR><font color="#0000FF">غرامة ديمقراطية: </font><BR>في الوقت الذي أعلن فيه بر يمر عن تشكيل هيئة للإعلام العراقي أصدر مجلس الحكم قرارا ينص على إقامة دعاوى على القنوات التليفزيونية يحركها المدعي العام في العراق ضد هذه القنوات التي تقوم بالتحريض وتشجيع أعمال العنف. <BR>ونص القرار على فرض تعويضات مالية قدرها 10 ملايين دولار لكل قضية ولكل من يقوم بالتحريض أو القذف ضد مجلس الحكم. <BR>ويرى المحللون السياسيون أن هذه الغرامة تهدف إلى بث الرعب في صفوف الصحفيين والإعلاميين الذين قد يفكرون يوما بتوجيه أي نقد لأداء مجلس الحكم، وطالب بعض الصحفيين من نقابتهم الاعتراض على هذا القرار غير المسبوق. <BR><BR><font color="#0000FF">المنع مدى الحياة: </font><BR>على أن هذه الادعاءات لم تصمد طويلاً أمام الممارسات الحقيقية للديموقراطية المزيفة، ففي الوقت الذي يتبجح فيه أعضاء مجلس الحكم بالأجواء الديمقراطية، وبحرية الصحافة التي يؤكدون إنها توفرت بعد سقوط النظام السابق؛ فانهم يهاجمون كل صحيفة أو قناة فضائية تسلط الضوء على تجاوزات قوات الاحتلال واعتداءاتها على المواطنين الأبرياء، كما أنهم يضيقون الخناق على المراسلين الذين يتناولون نشاط المقاومة العراقية.<BR><BR>ويتندر الإعلاميون العراقيون كيف أن الصحفية العراقية " مريم العطية " منعت من العمل الصحفي مدى الحياة لمجرد أنها وصفت عضو مجلس الحكم " موفق الربيعي " بالكاذب على الصحافة، ورغم أن " الربيعي " تظاهر بعدم الانزعاج ، بل وأبدى إعجابه بجرأة الصحفية المذكورة، متبجحا بأن ذلك الطرح يؤكد حرية الصحافة، وأن العراق يعيش المناخ الديمقراطي الصحيح، إلا أن مجلس الحكم سرعان ما اتخذ قرارا يقضي بمنع الصحفية الشابة من العمل " مدى الحياة "بعد ساعة من انفضاض المؤتمر <BR><BR><font color="#0000FF">القتل العمد للصحفيين: </font><BR>لاشك أن قتل الصحفيين في العراق كان من ابرز سمات تصدير الحرية الأمريكية للعالم عبر الحروب، حيث تعرض اكثر من عشر صحفيين عرب، وعدد مقارب من الصحفيين الأجانب إلى الاغتيال جراء إطلاق النار عليهم من قبل القوات الأمريكية منذ الأيام الأولي لغزو العراق، رغم انهم كانوا عزلا لا يحملون السلاح، ويستذكر الإعلاميون كيف أن قوات الاحتلال أطلقت النار على مكاتب قناتي " الجزيرة " وأبو ظبي " مما أدى إلى استشهاد الصحفي "طارق أيوب " من الجزيرة، وجرح عدد من زملائه.<BR> <BR>ولعل حادثة اغتيال مراسل ومصور قناة " العربية "علي الخطيب وعلي عبد العزيز بعد عام على بداية الغزو، كانت تستهدف أول ما تستهدف تخويف الصحفيين وإرعابهم، لكي لا يتجاوزوا الخطوط الحمراء التي تفرضها الديمقراطية الأمريكية على الإعلام.<BR><BR>ومعروف أن الحادث وقع في وسط بغداد ولم تكن هناك حرب أو رصاص أو قنابل بل كانت هناك سيطرة أمريكية، وكانت سيارة مدنية قد تجاوزت تلك السيطرة دون أن تعلم بها، ولم يكن أمام الجندي الأمريكي المذعور بعد موجة انفجارات في بغداد إلا أن يضع يديه على الزناد ليطلق الرصاص لتأتي إحدى الرصاصات في قلب المصور علي، وفي رأس المراسل علي الآخر <BR>فيما لا يزال عدد الصحافيين الذين تم اعتقالهم رقما غير معلن حيث تتعدد الاعتقالات وفي أماكن متفرقة من العراق وربما لا يتاح حتى لمؤسساتهم الإعلان عن ذلك خوفا من بقاء الصحافي رهن الاعتقال <BR><BR><font color="#0000FF">إغلاق الصحف واعتقال الصحفيين: </font><BR>دأبت إدارة الاحتلال على إغلاق أية صحيفة لا تتفق في توجهاتها مع السياسة الأمريكية في العراق، وعمدت إلى اعتقال العديد من الصحفيين الذين تتهمهم تلك الإدارة بالتحريض على إثارة العنف ضد قوات الاحتلال.<BR>وقد أغلقت جريدة " الجزيرة "التي كانت تصدر في الانبار لأنها كانت تدعو إلى دعم المقاومة العراقية، والعمل على طرد القوات الأجنبية من العراق، كما داهمت قوات الاحتلال عددا من مكاتب الصحف التي تدعو إلى محاربة المحتلين. <BR><BR><font color="#0000FF">الصحافة تقاطع مؤتمرات بريمر ومجلس الحكم: </font><BR>في إجراء يتم لأول مرة، قررت هيئة رؤساء تحرير الصحف والمجلات البالغة 72 صحيفة ومجلة مقاطعة جميع المؤتمرات لقوات الاحتلال ومجلس الحكم وعدم نشر أخبارهم في الصحف التي تضمها الهيئة في إطار نقابة الصحافيين وذلك لمدة أسبوع. <BR><BR>وقالت الهيئة في بيان صدر عقب اغتيال مراسلي " العربية ": "أن محاربة قوات الاحتلال ومجلس الحكم للصحافيين والإعلاميين تدعونا لاتخاذ هذا الموقف لحين إعطاء الأسرة الصحافية والإعلامية ونقابة الصحافيين حقوقها المشروعة وإيقاف المحاربات التعسفية ضد الصحافيين ومنها توجيه نيرانهم ضد الكلمة الصادقة". <BR>وأضاف البيان " إن استشهاد الزميلين منتسبي قناة «العربية» علي عبد العزيز وعلي الخطيب، جريمة بشعة ويمكن أن تتكرر كل يوم وتنال منا جميعا". <BR><BR>كما قام الصحفيون العراقيون بالانسحاب من المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الخارجية الأمريكي “ كولن باول “احتجاجا على جرائم قوات الاحتلال بحق الصحفيين . <BR><BR><font color="#0000FF">ما العمل؟ </font><BR>استعرض الكاتب المصري " طه عبد الرحمن " آراء عدد من خبراء الإعلام العرب في عملية التضليل الإعلامي الذي تمارسه الولايات المتحدة الأمريكية، ووسائل التصدي المطلوب ضدها حيث.<BR>ورأى الخبراء الإعلاميون ضرورة تحرك المؤسسات والمنظمات المعنية للوقوف ضد محاولات النيل من الحقيقة، والتصدي لأساليب التضليل الإعلامي التي تسعى قوات الاحتلال إلى فرضها في العراق. <BR><BR>وحسب تأكيد الدكتور حسن عماد المكاوي - وكيل الأكاديمية الدولية للإعلام- أنه عندما نجحت الفضائيات العربية في نقل وجهة نظر مغايرة للاحتلال، رأى الأمريكان أنها مخالفة له في ظل إذاعة هذه الفضائيات من أخبار عمّا تتكبدها القوات المتحالفة في العراق من خسائر يومية من جراء المقاومة. <BR><BR>ويضيف "إن كل ذلك يثير حفيظة قوات الاحتلال، فتقوم من وقت لآخر بالانتقام من الإعلاميين والمراسلين، وكانت البداية بقصف مقري “أبو ظبي و”الجزيرة” إلى أن انتقل الانتقام إلى موقع آخر وهو مقر إقامة المراسلين العرب والأجانب في بغداد، وظهر ذلك في شكل الضربة المتعمدة، والتي لا يمكن بأي حال أن تكون بطريق الخطأ، حتى وصل بهم الحال إلى الوضع الراهن بمنع الفضائيات من ممارسة عملها". <BR>مشيراً إلى أن كل ذلك يؤكد أن إدارة الحكومة الأمريكية تضيق بالرأي الآخر، وتكشف أيضا عن الصورة الحقيقية لمجلس الحكم الانتقالي، بأنه ألعوبة في أيدي جيش الاحتلال، عندما انساق وراء الإملاءات الأمريكية بمنع الفضائيات العربية عن ممارسة مهامها، والتلويح بأن هذا القرار قابل للتكرار. <BR><BR><font color="#0000FF">الموساد أيضا ً: </font><BR>ويرى الإعلامي السيد الغضبان أن محاولات التضليل الإعلامي هي سياسات معدة سلفا من الإدارة الأمريكية، لتكون واسعة المجال، تمتد أهدافها إلى دول أخرى، وليس فقط أفغانستان والعراق، وهي تسير بمخططات صهيونية، ويشارك فيها عناصر من الموساد، الأمر الذي -حسب قوله- يؤكد أنها لا تختلف كثيرا عما يدور في الأراضي العربية الفلسطينية، من ممارسات ضد الإعلاميين بالمنع والقتل والاعتقال، بهدف احتكار الحقيقة. <BR><BR>ويقول الغضبان: إن التضليل الإعلامي في العراق ما هو إلا سياسة عامة للإدارة الأمريكية تمتد إلى داخل الولايات المتحدة نفسها، واتسعت إلى خارجها، ظهرت تداعياتها في العراق، حيث تفرض الإدارة الأمريكية على أجهزة الإعلام العالمية ومنها العربية طوقا تمنع حريته، يضاف إلى الحصار الذي يتعرض له من جانب الحكومات، إضافة إلى التضييق على الحريات العامة في الوطن العربي. <BR><BR><font color="#0000FF">جرائم باسم الحرية: </font><BR>علي الكليدار - صحافي عراقي مقيم في القاهرة - يرى أن الصحافة وأجهزة الإعلام عموما يمكن أن تقوم بدور كبير في كشف مخططات التضليل الإعلامي الجاري حاليا في العراق، ومحاولات الاحتلال التغطية على المقاومة ووصفها بالإرهاب.. ويعتبر محاولات فرض الدعاية الأمريكية على ما يمارسه الاحتلال من جرائم ضد العراقيين، بأنه محاولة لتخويف الجميع، والحد من إيصال الحقيقة إلى الرأي العام العالمي. <BR><BR>ويكشف الكليدار أن الاحتلال أصبحت لديه رغبة قوية في أن تمر عليه كافة المتابعات للفضائيات العربية حول ما يدور في العراق، قبل أن ينقلها المراسلون إلى مراكز إرسال قنواتهم، وأنه بالرغم من مخالفة هذا الإجراء قواعد العمل الصحافي، إلا انه ينم عن ضيق دعاية الحرية بكل صورة أو صوت يخالف توجهاتهم!. <BR><BR>ويقول: إن الإدانة الدولية بدأت تتسع ضد ما يرتكبه جيش الاحتلال الأمريكي في العراق من مخالفات باسم الحرية، حتى وصلت هذه الإدانة إلى الدار نفسه، عندما انتقد الكونجرس أخيرا ما يدور في العراق، إضافة الى الاستياء العالمي من جانب الرأي العام حول ما يجري في العراق. ويضيف أن الإجراءات المتبعة ضد الفضائيات العربية في العراق تؤكد وجود تشابه كبير بين ما يتبعه الاحتلال الأمريكي في العراق وبين الإجراءات التي يتبعها الاحتلال “الإسرائيلي” في فلسطين، وأن الأولى تثبت الأكذوبة الكبرى بحرية الرأي التي تزعم الإدارة الأمريكية تبنيها. <BR>ويطالب بضرورة الوقوف الإعلامي العربي مع المقاومة العراقية، والتصدي لجميع وسائل التضليل الإعلامي في العراق، وتعبئة الشعب العربي لتلقين الاحتلال درسا قاسيا. <BR>ويشير إلى أن مجلس الحكم الانتقالي، غير مفوض بإصدار قرارات التملك أو الجنسية أو مصادرة وسائل أجهزة الإعلام ومنعها. <BR><BR><font color="#0000FF">أكذوبة الديمقراطية : </font><BR>من جانبه يعتبر الإعلامي سعد لبيب كل ما يدور في العراق من محاولات فرض التضليل الإعلامي بأنه أكذوبة كبرى، أكدتها السنوات الأخيرة، وتحديدا في حرب العراق، فما حدث أن الدول التي تنادي بالحرية وتقوم بالحرب من أجل إقرار الديمقراطية والحرية لا تسمح بممارسة عملية لأي صوت يخالف صوتها، حتى أصبحنا نعيش في أكذوبة تحت دعوى الحرية والديمقراطية التي فتداولها المستعمرون والقوات الغاشمة للتغطية على تضليلهم. <BR><BR>ويؤكد لبيب أن أجهزة الإعلام تعيش في ظل أجواء صعبة في ظل حالات القمع والمطاردة وخاصة في الأراضي المحتلة سواء في العراق وفلسطين، وتسعى إلى نقل الحقيقة بقدر ما تستطيع في وقت أصبح على الجميع إبراز الحقيقة حتى في أمريكا نفسها!<BR><br>