خلفيات الصراع المسلح بولايات دارفور
25 ذو الحجه 1424

<font color="#0000FF">النسيج السكاني في دارفور والصراعات العرقية: </font><BR>يعد النسيج السكاني لولايات دارفور خليط من قبائل ذات أصول زنجية أو غير عربية، مثل: الفور والزغاوة والمساليت والبديات والبرقد والبرقو وغيرهم، وهم الأغلب، بالإضافة إلى قبائل ذات أصول عربية، مثل: الرزيقات والتعايشة والهبانية وبني هلبة والمهدية والزيادية والعريقات والعطيفات والأحامدة وغيرهم، وهم أقل عدداً من الفريق الأول. </br> المجموعات غير العربية جماعات مستقرة وتمارس الزراعة في الأغلب أو الزراعة مع الرعي عند بعضهم، مثل: الزغاوة ، أما العرب فأغلبهم يمارسون الرعي ويتنقلون بحثاً عن المراعي .<BR>شهد العقد الأخير من مدة (الإنقاذ) صراعات دامية بين القبائل العربية وقبيلة (الفور) نتيجة احتكاكات طبيعية بين الرعاة والمزارعين، ثم أخذت تلك الصراعات طابعاً عنصرياً، فأصبح (الفور) يستهدفون بالقتل كل عربي، والعرب يقتلون كل من يصادفهم من قبيلة (الفور)، ما أدى إلى إحراق قرى بأكملها، وشملت تلك الصراعات الدامية التقتيل بين الرجال والنساء والأطفال وحتى الحيوانات، ثم أخمدت نار الفتنة بصلح مهدد بالانهيار تعتريه خروقات من حين لآخر، إلى أن انهار بشكل كبير إبان الصراع الدائر الآن في المنطقة.<BR>كما شهد العقد الأخير من (الإنقاذ) صراعات دموية عنصرية بين العرب وقبيلة (الزغاوة) انتهت بصلح امتد إلى قبيل تمرد دارفور في 2003 م.<BR>المواطنون في دارفور من غير قبائل أطراف النزاع يعيشون في وئام وانسجام تام، ولا يحسون بالغبن تجاه الحكومة المركزية، أما القيادات السياسية من أبناء دارفور بمختلف انتماءاتهم السياسية فعلى الخلاف من ذلك، إذ إنهم يكنون غبناً تجاه الحكومة الاتحادية، ويتهمونها بالمحاباة والعنصرية وتكريس السلطة، وحصرها في عناصر تضمها بقعة جغرافية واحدة أو قبائل بعينها.<BR>وتأتي مشاركة أبناء الغرب في إطار دفع التهمة فقط . <BR>وبرز هذا الشعور إلى السطح وبوضوح أكثر عقب انقسام الحزب الحاكم إلى وطني وشعبي وظهور الكتاب الأسود.<BR><BR><font color="#0000FF">القتال.. أقل الضررين.!! </font><BR>في العام 1998م زارني بالمنزل بجوبا قيادي بالحركة الإسلامية من أبناء دارفور ومن قبيلة (الفور)، وعضو بالمجلس الوطني الذي تم حله قبل إكمال دورته، وهو قيادي سياسي لحركة التمرد القائم الآن بدارفور، وهو يقيم الآن بلندن كلاجئ سياسي حسب معلوماتي، فذكر لي في ذلك الحين أن الحركة الإسلامية تبقى متماسكة ببقاء الشيخ حسن الترابي لكونه لا يعرف المحاباة والعنصرية، لكنه إن زال فهو شخصياً أحد الذين يشهرون عصا الجاهزية للصدام ، فقلت له: "الإخوان يرون في الأستاذ علي عثمان خير خليفة للشيخ"، فنفى ذلك بشدة واتهمه بالعنصرية، وبعد عام تقريباً وقع التصدع الشهير وحل المجلس الوطني.<BR>وعلمت أنه على رأس جسم جديد يقال له كيان الغرب، فزرته بمنزله بأم درمان ونصحته وزملاءه بالابتعاد عن حمل السلاح؛ لأن أخاك المسلم وإن ظلمك فلا سبيل لاستحلال دمه ، فقال لي: " لا يسمع صوت من لا يحمل السلاح، وأظهر أنهم يرتكزون على فتوى، وهي أن الحكومة الاتحادية غير محايدة في الصراع الدائر بين العناصر العربية وغير العربية في دارفور، وكل عام يفقدون حوالي ألفي نفس، فلم لا تقوم حركة مسلحة يهلك فيها خمسمائة نفس ويسلم الباقون من باب ارتكاب أخف الضررين".<BR><BR><font color="#0000FF">تدخل الحكومة وأعمال (الجمجويد): </font><BR>وأخيراً اندلعت حركة التمرد القائمة حالياً بدارفور وأكثر القبائل مشاركة فيها قبيلتي (الزغاوة والفور)، وشرعت الحكومة في إخمادها فاستعانت بتسليح مجموعات من القبائل العربية عن طريق معسكرات الدفاع الشعبي وغيرها كما حدث في تمرد دارفور الأول في العام 1992م بزعامة أحد قيادات الحركة الإسلامية المهندس داود يحيى بولاد، وهذه المجموعات هي التي عرفت عند المواطنين (بالجمجويد).<BR>وقد قال أحد المسئولين الأمنيين في الولاية: " إن هذه المجموعات أفلحت بالفعل في إلحاق خسائر بالتمرد لكونهم يقيمون في الخلاء معاً، لكنهم بعد ذلك مالوا إلى تنفيذ أجندتهم الخاصة".<BR>وبعد أن فقدت هذه المجموعات التي تم تسليحها أنفساً من عضويتها في القتال مع المتمردين، توجهت إلى قرى قبائل (الزغاوة) بضواحي كتم ، وقرى (الفور) بضواحي كبكابية وريفي الفاشر، وعاثت في الأرض فساداً بتقتيل المقيمين بالقرى من الرجال والنساء والأطفال، ولا علاقة لهم عملياً أو نظرياً بالتمرد إلا رابطة القبيلة بينهم وبين أغلب المتمردين.<BR>فاضطر أهل القرى والبوادي والأرياف إلى الهجرة إلى المدن والمراكز، وصارت دارفور أشبه ما تكون برواندا والكنغو.<BR> وتنامى الحقد والكراهية والغبن لدى المواطنين بالقرى والأرياف الذين اكتووا بنار (الجمجويد) لكونهم يزعمون ويدعون مساندة الحكومة وهي التي قامت بتسليحهم، ويقول المواطنون: إنهم لم يشهدوا الحسم المطلوب من الحكومة تجاه فساد وإفساد (الجمجويد) بل وقفت متفرجة، ومالت قلوب المنكوبين مع المتمردين، وقد التقيت بعدد من أقاربي من ريفي الفاشر في زيارات عيد الفطر، وقلوبهم مشحونة غبناً وحقداً تجاه الحكومة المركزية، وحينما قلت لهم: " ليس للحكومة مكسب مما فعلته مجموعات (الجمجويد) ،بل خسرت باستمالة قلوب المنكوبين وأقاربهم تجاه التمرد"، ثاروا في وجهي، وربما اتهموني بالخيانة والعمالة وحذروني أن أبوح بمثل هذا الكلام في دارفور.<BR>وقالوا لي: " الحكومة قصدت إيقاف التمرد بأي وسيلة مشروعة أو غير مشروعة، وما فعلته مجموعات (الجمجويد) بأهالي المتمردين نوع من الضغط النفسي ترجو الحكومة أن يحمل المتمردين على إيقاف الحرب".<BR>ولست أدري هل تعاملت حركة التمرد بردود الفعل فقصدت الاعتداء على الأهالي بقرى وأرياف المجموعات العربية، أم التزمت مسارها باستهداف القوات النظامية وموظفي الدولة ذوي المناصب<BR>السياسية.<BR>ولا حول ولا قوة إلا بالله.<BR><br>