واشنطن ومؤتمر الدول المانحة .. من يحتاج لمن.؟
27 شعبان 1424

وعدت الولايات المتحدة الأمريكية، أن تحول العراق إلى نموذجاً فريداً في منطقة الشرق الأوسط، من حيث الديموقراطية والاقتصاد والدستور والحريات والانتعاش الاقتصادي، ووعدت بأن تساهم - شخصياً- بأن تحول دول عديدة في المنطقة، إلى صورة من هذا النموذج الجديد الحلم. إلا أن البداية الاقتصادية كانت متعثرة، ووقفت أمريكا عاجزة عن تمرير ما كانت تحلم به، لذلك فقد عدلت مشروع قرارها حول العراق عدة مرات، قبل أن توافق عليه الأمم المتحدة، ما خولها فيما بعد أن تدعو إلى مؤتمر الدول المانحة، الذي يقام في مدريد يومي الخميس والجمعة 23-24 أكتوبر.<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">العقود الأمريكية في العراق: </font><BR><BR>جاء الإعلان الأمريكي عن مؤتمر الدول المانحة في العاصمة الإسبانية مدريد كي تستطيع الإدارة الأمريكية المضي في سد الاحتياجات المالية اللازمة لها لاستمرار احتلال العراق، وتقديم الأموال اللازمة للشركات الأمريكية بالدرجة الأولى، التي وقعت معها الحكومة الأمريكية عقود إعادة الإعمار. <BR>فقد شهدت العاصمة البريطانية لندن، يوم 13 أكتوبر مؤتمراً للمستثمرين في العراق، من أجل تنظيم العقود الدولية للتجارة وإعادة الإعمار في البلد العربي المحتل. <BR><BR>ووعدت الحكومة الأمريكية العديد من الشركات الأمريكية، ووقعت عقود مع بعض منها؛ لاستغلال كل ما يمكن استغلاله من أموال عراقية.<BR>لذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية، والشركات الأمريكية التي وقعت والتي تحلم بعقود في العراق، تنظر بعين الترقب لهذا المؤتمر الدولي، الذي حظره وزير خارجية أمريكا، رغم التمثيل الدبلوماسي البسيط الذي اتسم به المؤتمر، ما أرغم كولن باول على مقابلة دبلوماسيين صغار في المؤتمر، في سبيل دعم وتفعيل التبرعات المالية العالمية. <BR>أما الرئيس الأمريكي بوش، فقد قام بنفسه بجولة إلى دول عالمية عديدة، طالباً منها أن تساهم بتقديم دعم مادي باسم (إعادة إعمار العراق) ما ساهم في تقديم مبالغ في المؤتمر.<BR><BR>والمؤتمر الدولي الجديد هو -بشكل واقعي- يعتبر مؤشراً حقيقياً لطريقة وأسلوب تعامل الحكومة الأمريكية الراعية لاحتلال العراق، مع الشركات الاقتصادية الأمريكية والعالمية، التي تطمع بالحصول على حصة من التركة العراقية. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4">آمال قديمة بالية: </font><BR><BR>عندما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية احتلالها للعراق، صرحت بأنها تعقد الآمال على إيرادات النفط العراقية، والأصول العراقية المجمدة، بالإضافة إلى دافعي الضرائب، في أن تموّل القسم الأكبر في إعادة إعمار العراق، التي وقعت على كاهل واشنطن، كونها بررت احتلال العراق لذلك. <BR>وأعرب وكيل وزارة الدفاع الأمريكية بول وولفويتز بثقة أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي قبل الحرب, أن النفط العراقي سيكون قادراً على أن يقدم للولايات المتحدة مبالغ مالية تتراوح بين 50 بليون إلى 100 بليون خلال السنتين القادمتين.<BR>إلا أن ما كانت تحلم به الإدارة الأمريكية، ذهب أدراج الريح.<BR><BR>حيث عملت المقاومة العراقية، على تخريب خطوط أنابيب البترول بشكل منتظم، بالإضافة إلى تدني مستوى بدء عمليات استغلال واستخراج النفط العراقي، بسبب عدم وجود سيولة مادية كافية لها، كل هذا أدى إلى تغييب لدور النفط العراقي في تمويل الجيوب الأمريكية. <BR>يقول إدوارد تشو (المسؤول الدولي السابق، والمحلل الاقتصادي الحالي لدى شركة كارنيجي): " على الأغلب ستتجاوز تكاليف استخراج النفط، ما تحصده إيرادات النفط العراقية على المدى القريب والمدى الطويل". <BR>هذا ما أجبر إدارة الرئيس بوش إلى التحول لدافعي الضريبة الأمريكيين، عبر طلبه ميزانية مالية بقيمة 87 بليون دولار. ما دفع بوش ضريبتها من تدني شعبيته في الولايات المتحدة، إذ زادت النقمة الشعبية عليه، وكشفت أمام معارضيه للانتخابات الرئاسية القادمة ثغرة أخرى لإقحامها وسط المنافسة المتزايدة في أمريكا. <BR><BR><font color="#0000FF" size="4">التنازلات الأمريكية: </font><BR><BR>وعلى الرغم من أن إدارة بوش حصلت على مال العراقيين، بالإضافة إلى أموال الضرائب الأمريكية، إلا أنها لم تكن لتفي بالغرض المطلوب، ما أجبر بوش للاستعانة بالدول العالمية الأخرى، وهذا أجبره على التنازل عن إعلانه السابق، بأن أمريكا قادرة على الالتزام بكل ما يخص العراق من جنود وأموال، ما دفعه لتقديم ثلاثة مشاريع قرارات معدلة إلى الأمم المتحدة كي تعطيه الدعم العالمي الشرعي لطلب جنود وأموال من دول عالمية أخرى. <BR><BR>وخلا ل وقت قصير، أعلنت الولايات المتحدة عن مؤتمر الدول المانحة للعراق، الذي وافقت إسبانية (إحدى أكثر الدول الداعمة للاحتلال الأمريكي للعراق) أن تجريه في عاصمتها.<BR>وتوجهت أمريكا إلى الدول الغنية، والدول الدائنة للعراق، من أجل حضور المؤتمر الدولي، وبدأت الدبلوماسية الأمريكية بالتحرك من أجل دعم إنجاح هذا المؤتمر. <BR><BR>ويبدو أن الإدارة الأمريكية بدأت بعرض عقود إعادة إعمار العراق على الدول الأخرى من أجل الحصول منها على مبالغ إضافية في العراق.<BR>حيث نقلت صحيفة (آسيا تايمز) عن أحد كبار المسؤولين الأمريكيين قوله قبيل انعقاد المؤتمر: " نخبركم أن هذا ليس وقت كتابة الشيكات أو إرسال القوات, لكن هذا وقت امتلاك حصة في العراق، لذا فإن مؤسساتكم الحكومية والجماعات الإنسانية مشتركة في تنمية العراق بعد وجود حكومة جديدة في السلطة".<BR>وأضاف: "بالطبع ممثلو الدول الغنية بالجيوب والشيكات، لن يقدموا مالهم دون مقابل"<BR>كما كتبت صحيفة "الفاينانشل تايمز" الصادرة يوم الخميس 23 أكتوبر، في افتتاحيتها " واشنطن أصبحت في فوضى وسط العراق, وتحتاج للمساعدة من أصدقائها، والأصدقاء جاهزون لتقديم المساعدة، إلا أنهم سيطلبون سعراً لذلك" .<BR><BR><font color="#0000FF" size="4">المقابل الأمريكي للدول المانحة: </font><BR><BR>على أن السعر الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة، سيأتي على شكل عقود إعادة إعمار العراق، وتقديم فرصة أيضاً للحصول على تركة الأسرة الحاكمة العراقية السابقة.<BR><BR>أما خصوم الحرب (فرنسا، وألمانيا، وروسيا) فقد أعلنوا أنهم غير جاهزين لأن ينقادوا تحت إرادة الولايات المتحدة الأمريكية، أو أن يسامحوا واشنطن على تعنتها باحتلال العراق ببساطة، ويعلنوا عزمهم على المشاركة في إعادة إعمار العراق بهذه البساطة.<BR>لذلك فقد أرسلت هذه الدول بمسؤولين دبلوماسيين عاديين، لحضور المؤتمر الدولي، في حيث حرصت الدول الأخرى على إعلان ولائها للأمريكيين، عبر تمثيل دبلوماسي رفيع، متمثل بوزراء خارجيتها، بعد أن دعمت احتلال أمريكا للعراق، وهي: اسبانيا وإيطاليا واليابان، بالإضافة إلى دول أخرى حرصت على تمثيل دبلوماسي رفيع المستوى أيضاً لأهداف أخرى.<BR>كما حضر المؤتمر كوفي أنان (الأمين العام للأمم المتحدة)، وكذلك رئيس البنك الدولي جيمس ولفينسون.<BR><br>