العلاقات اليمنية الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر
28 رجب 1424

<font color="#0000FF" size="4">تمهيد: </font> </br> عامان على أحداث الثلاثاء 11 سبتمبر 2001م التي شهدتها مدينتي واشنطن ونيويورك الأمريكيتين والعالم لم يفقْ بعد من أثر الصدمة.. </br> لم تكن المشكلة في بضعة آلاف ضحية سقطوا في هذه الحادثة؛ إذ ليس هذا واردًا في حسابات الإدارة الأمريكية، وقد استوفت أمريكا حقها (في أفغانستان وحدها) وزيادة!! لكن المشكلة بالنسبة لنا نحن المسلمين، إلى متى سنظل ندفع ثمن الفاتورة؟! </br> قد كنا نحسبُ –مخطئين- أن هذه الأحداث مجرد عاصفة سوف تمر ونحني لها رؤوسنا قليلاً ثم ما تلبث أن تنتهي ونستريح، لكن الذي يبدو أنها لم تكن عاصفة فحسب، بل كانت حالة مخاض عسيرة ولدت على إثرها واقعًا "مزدوجًا" مشوهًا إلى حدٍ كبير.. واقعًا يجمع بين الحرب والديمقراطية، و الاحتلال والحرية، و الدمار والعدالة المطلقة، و الإرهاب.. والإرهاب الآخر!! </br> واقع جلب العملاقة (بي 52) التي أراحت "كابوس" طالبان في تورا بورا!! وصواريخ (توماهوك) التي حملت على متنها الديمقراطية إلى بغداد.. !! وطائرة (البرايدتور) التي قضت على (الإرهاب) في مأرب!! </br> لقد أسقطت –في ظل هذا الواقع- مصطلحات "العمالة للغرب" و "التبعية للشرق" وحلت محلهما مفاهيم "المصالح المشتركة" و "تبادل المنافع" و مكافحة (الإرهاب) ! .. </br> إن أحداث " الثلاثاء الأسود" كما يسميه الأمريكيون مثَّلت منعطفًا تاريخيًا ونقطة تحولٍ هامة وخطيرة في مسار العلاقات الدولية، وساعدت على تدشين مرحلة جديدة من الصراع في ضوء إفرازات تلك الأحداث وتداعياتها، ومتطلبات هذه المرحلة واستحقاقاتها. </br> في الأول من مارس 2002م قال الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش خلال لقاء صحفي عقده في ولاية أيوا أثناء زيارة قام بها للولاية أنه أبلغ الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أثناء محادثات أجراها معه أنه "لا يمكن إلا أن يكون مع أو ضد الولايات المتحدة، وإذا كنت معنا فنريد نتائج.. !!" . </br>وعليه فإننا وبمناسبة الذكرى الثانية لأحداث 11 سبتمبر سوف نسلط الضوء –بإيجاز- على الخلفية التاريخية للعلاقات اليمنية الأمريكية ثم نعرِّج على تلك النتائج التي تحققت على يد الحكومة اليمنية كبراهين مطلوب إثباتها لدى الإدارة الأمريكية تؤكد من خلالها الالتزام بمكافحة (الإرهاب) واستئصاله وتجفيف منابعه. </br></br><font color="#0000FF" size="4">الخصائص التاريخية للعلاقات اليمنية الأمريكية </font></br>شهدت مرحلة (الحرب الباردة) البداية الحقيقية لقيام العلاقات اليمنية الأمريكية، حيث بدأ في هذه المرحلة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، كما بدأ تبادل البعثات التمثيلية والزيارات الرسمية للمسؤولين في كلا البلدين، وهي المرحلة التي عرفت البداية الأولى لتقديم العون المادي الأمريكي لليمن. </br>كانت العلاقات اليمنية الأمريكية خلال هذه المرحلة تسير في ظل توازن دولي أفرزته نتائج الحرب العالمية الثانية بين المعسكرين الغربي (الرأسمالي) والشرقي (الاشتراكي)، وكان المذهب الاشتراكي هو السائد في الجنوب اليمني بعد نيل الاستقلال في حين اكتفى الجزء الشمالي بإقامة علاقات تعاون بين كلٍ من المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي، وهو ما ألقى بظلاله على العلاقات اليمنية والأمريكية، حيث توجهت السياسة الأمريكية تجاه اليمن إلى دعم الشمال في سبيل محاصرة المد الشيوعي في الجنوب. </br>وبعد زوال الحرب الباردة وقيام الوحدة اليمنية في العام 1990م دخلت العلاقات اليمنية الأمريكية مرحلة جديدة أكثر تطورًا خصوصًا بعد اعتماد النهج الديمقراطي أداة للتداول السلمي للسلطة ممثلاً بذلك نموذجًا يجب أن يحتذى به في المنطقة، وأن يحظى بالدعم الأمريكي.<BR>وعقب الحرب الأهلية وفشل محاولة الانفصال التي شهدتها اليمن عام 1994م ازدادت الأهمية الاستراتيجية لليمن خاصة مع ازدياد الاستقرار السياسي الذي يضمن سيطرة أفضل على مضيق باب المندب المهم استراتيجيًا للولايات المتحدة، واكتشاف الثروات النفطية والمعدنية الجديدة في البلاد، وفتح اليمن لأسواقها أمام التجارة الحرة والعمل بنظام السوق كل ذلك زاد من أهمية اليمن كدولة لها دور مؤثر في الاسترتيجية الدولية في البحر الأحمر، كما زاد من أهمية اليمن في الاستراتيجية الأمريكية وأخذت العلاقات اليمنية الأمريكية خلال هذه المرحلة بعدًا إقليميًا تمثل في تأثر هذه العلاقات سلبًا أو إيجابًا بكل الأحداث التي شهدتها المنطقة. </br>وخلال العقد الأخير من القرن المنصرم شهدت المنطقة أحداثًا هامة ألقت بظلالها على العلاقات اليمنية الأمريكية أولها حرب الخليج الثانية 1990م التي ترافقت مع وجود اليمن كعضو في مجلس الأمن الدولي عن المجموعة العربية، حيث جاء الموقف اليمني الرافض لاستخدام القوة العسكرية ضد العراق والتدخل الأجنبي في المنطقة غير منسجم مع الموقف الأمريكي ما أدى إلى حدوث توتر قوي ليس في العلاقات الثنائية بين اليمن والولايات المتحدة فحسب، وإنما مع دول مجلس التعاون الخليجي كذلك، وظلت علاقة اليمن بالولايات المتحدة ودول الخليج شبه مجمدة حتى نهاية التسعينات.<BR>ونتج عن هذا التوتر في العلاقات قطع المساعدات الأمريكية لليمن، وكذا المساعدات الخليجية التي كانت تعد رافدًا قويًا للاقتصاد اليمني. </br>ومن هنا فإنه وعلى الرغم من الموقف الأمريكي الداعم لوحدة اليمن وما نتج عنه من تطور ملموس في العلاقات بين البلدين إلا أن بروز أزمة الخليج والموقف اليمني منها أدى إلى القضاء على جو التفاهم الذي كان سائدًا في العلاقات بين البلدين. </br>وجاءت حرب 94م ومحاولة الانفصال وكان الموقف الأمريكي مؤيدًا للوحدة، وعد القرار الذي اتخذه قادة الحزب الاشتراكي بالعودة إلى التشطير قرارًا غير قانوني، واستطاعت واشنطن بذلك المحافظة على علاقاتها بصنعاء، ونالت احترامها وتقديرها. </br>وفي 18 ديسمبر 1995م أقدمت دولة أرتيريا على احتلال أرخبيل حنيش جنوب البحر الأحمر، وحين نجحت الدبلوماسية اليمنية في حل النزاع سلميًا ولجأت إلى التحكيم الدولي أعربت الإدارة الأمريكية عن إعجابها الشديد بذلك، ودخلت العلاقات اليمنية الأمريكية مرحلة جديدة من التطور والنماء، وأصبحت الولايات المتحدة تنظر إلى اليمن كعامل أمن واستقرار في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وهو الأمر الذي يعد هدفًا استراتيجيًا بالنسبة لها لتأمين مصالحها في المنطقة. </br>ولكن بالرغم من ذلك فإن الموقف الأمريكي المنحاز مع الكيان الصهيوني أدى إلى بروز حالة توتر واستياء لدى الأوساط العربية الرسمية والشعبية، وساعد على تدهور العلاقات الثنائية بين اليمن والولايات المتحدة. </br>بصورة عامة يمكن القول: إن العلاقات اليمنية الأمريكية بمخلتف مراحلها قد اتسمت بالتذبذب والتراوح وعدم الاستقرار منذ اعتراف واشنطن المتأخر بالنظام الجمهوري في ديسمبر 1962م ، ولكن ما يهمنا هنا هو التركيز على الجانب الأمني والتعاون الكبير بينهما في مكافحة (الإرهاب). </br></br><font color="#0000FF" size="4">الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي صادقت عليها اليمن والخاصة بمكافحة (الإرهاب) </font></br>أ- الاتفاقية العربية لمكافحة (الإرهاب) الموقع عليها في القاهرة من قبل وزراء والعدل العرب بتاريخ 22 أبريل 1998م. </br>ب- البروتوكول الخاص بقمع أعمال العنف اللاشرعية في الموانئ التي تخدم الطيران المدني المكمل لمعاهدة قمع أعمال العنف غير المشروعة ضد سلامة الطيران المدني الموقعة في مونتريال عام 1971م. </br>ج- اتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة الجوية المحررة في روما في مارس 1988م. </br>د- الاستراتيجية العربية لمكافحة (الإرهاب) المقرة في تونس عام 97م. </br>هـ- الاتفاقية الدولية لمناهضة أخذ الرهائن الموقعة في نيويورك في 18 ديسمبر 1979م. </br>و- الاتفاقية الدولية لقمع الهجمات الإرهابية بالقنابل التي تم التوقيع عليها في 31 يناير 1998م في نيويورك. </br></br>هذا بالإضافة إلى القوانيين اليمنية المعمول بها حاليًا، وهي (قانون الجرائم والعقوبات)، وهو ينص على تحريم الأفعال التي انطوت عليها الاتفاقيات العربية لمكافحة (الإرهاب) وبعض الاتفاقيات الدولية المشار إليها، و(قانون الطيران المدني)، و(قانون الاختطاف). </br>وتستند الحكومة اليمنية في جهودها لمكافحة (الإرهاب) والتعاون الوثيق مع كافة الدول العربية والأجنبية، وبالأخص الولايات المتحدة إلى قرار مجلس الأمن رقم (1373) الذي طالب جميع الدول بالعمل معًا على نحو عاجل لمنع الأعمال "الإرهابية" والقضاء عليها، وحثها على التعاون المتزايد والتنفيذ الكامل للاتفاقيات الدولية في هذا الشأن. </br></br><font color="#0000FF" size="4"> (الإرهاب) قاسم مشترك </font></br>برزت العلاقات اليمنية –الأمريكية في المجال الأمني من خلال زيارة وفد أمريكي لليمن عام 1997م، اطلع فيها على طبيعة عمل بعض المؤسسات الأمنية اليمنية، وعقد لقاءات مع قادة أمنيين كبار، وقيل حينها: إن الوفد الأمني الأمريكي طلب من المسؤولين اليمنيين إجراء تغييرات هيكلية في بعض أجهزة الأمن، مثل: استحداث دوائر خاصة بمكافحة (الإرهاب)، وإعادة صيغة المناهج التي تقدم في الكليات والمعاهد العسكرية بما يعطي موضوع (الإرهاب) مساحة واسعة، وتجلى التعاون الأمني من خلال صفقة وسائل مكافحة الشغب والهراوات الكهربائية التي تم شراؤها لقوات الشرطة اليمنية بعد مضي بضعة أشهر من انتخابات أبريل 1997م. </br>وبدأ البلدان برنامج تعاون أمني منذ أواخر العام 1997م تضمن في مرحلته الأولى تدريب المئات من رجال الشرطة اليمنية في مجال مكافحة (الإرهاب)، وبخاصة شرطة المطارات والجمارك، وتواصلت عملية التعاون الأمني بين صنعاء وواشنطن بصورة متتابعة خلال السنوات (97، 98، 99، 2000م) واشتملت المساعدات الأمريكية لليمن في مجال مكافحة (الإرهاب) على برنامح تدريبي لرجال الشرطة اليمنية في مجال مكافحة (الإرهاب) لمدة أسبوعين على يد خبراء في مجال الملاحة الجوية الفيدرالية الأمريكية، وتخرج فيها خمسون ضابط شرطة يمني، وذلك في مايو 1998م. </br></br>أما الصورة الثانية للتعاون الأمني بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية فكانت أثناء تفجير السفارتين الأمريكيتين في دار السلام ونيروبي –شرق أفريقيا- 98م؛ إذ أشاد الدبلوماسيون الأمريكيون حينها بالاستعداد والتعاون الذي أبدته الحكومة اليمنية في تقصي وتتبع الخيوط التي ذهبت الاحتمالات إلى إمكانية التوصل من خلالها إلى التعرف على الجهات المتورطة في تلك الحادثتين، كما لم تبد السلطات اليمنية تحفظًا على حضور خبراء محققين من الشرطة الفيدرالية الأمريكية " FPI " لمتابعة وربما المشاركة في التحقيقات التي أجرتها السلطات اليمنية مع جماعة أبي الحسن المحضار عقب حادث خطف السياح الستة عشر الأجانب في ديسمبر عام 1998م، ومقتل أربعة منهم، ومن المؤكد أن هذا التعاون عزز من علاقات التعاون الأمني بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية.<BR>ووسط هذا التقارب الذي شهدته العلاقات اليمنية –الأمريكية وقع حادث تفجير المدمرة الأمريكية " يو إس إس كول " في ميناء عدن في أكتوبر الماضي 2000م، والذي سببه انفجار زورق مطاطي يحمل شحنة ناسفة، الأمر الذي أحدث فجوة يبلغ قطرها ستة أمتار في الجانب الأيسر للمدمرة، وقد أسفرت هذه العملية عن سقوط 17 أمريكيًا وأصابة 38 آخرين بجروح، وقد حدث الهجوم في الوقت الذي كانت في المدمرة " كول " تتزود بالوقود من ميناء عدن قبيل توجهها إلى الخليج في زيارة غير معلنة لمراقبة الحصار الدولي على العراق.<BR>وفور وقوع الحادث وصل إلى اليمن نحو 100 فرد من فريق الدعم الخارجي، ومن فصيل أمني بحري ومن مكتب التحقيقات الفيدرالي، وذلك للبحث في أسباب وملابسات الحادث، كما عززت واشنطن في وقت لاحق قواتها في اليمن بألفي جندي من مشاة البحرية الأمريكية لتأمين الدفاع عن المحققين وحمايتهم، وذلك في أسطول صغير يضم حاملة المروحيات "تاروا" والسفينتين الحربيتين "دولوت" و "الكوريج" كما تجولت قبالة اليمن سفينة التموين "كامدن" وسفينتا المساندة "دونالد كوك" و "هوس".ورغم تعاون السلطات اليمنية مع فريق المحققين الأمريكيين ولقاء الرئيس علي عبد الله صالح مع السفيرة الأمريكية في اليمن "باربرا بودين" التي أبدت تفهمًا للموقف اليمني المتعاون مع الإدارة الأمريكية بشأن التحقيقات وتوفير التسهيلات المختلفة اللازمة لذلك، إلا أن العلاقات اليمنية –الأمريكية شهدت تراجعًا ملموسًا إثر تفجير المدمرة الأمريكية "كول" بعد أن كانت قد وصلت إلى درجة كبيرة من التقدم في أواخر التسعينات.<BR>وكان من مؤشرات التراجع في العلاقات بين البلدين ما يلي:<BR>اتهام الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية " ريتشارد باوتشر " الحكومة اليمنية بالعجز عن ممارسة سلطاتها، الأمر الذي جعل اليمن ملاذاً لبعض المجموعات الإرهابية –حسب وصفه- ووصف الإجراءات اليمنية كذلك بأنها متساهلة وغير فعالة.<BR>ما تم إعلانه حول اتجاه الكونجرس الأمريكي إلى وقف المساعدات الأمريكية لليمن، حيث بدأ أحد أعضاء مجلس النواب الأمريكي الخطوة الأولى بطلب تجميد المساعدات الأمريكية المزمع تقديمها لليمن.<BR>وفيما يتعلق بالهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001م، فقد أدانت اليمن بشكل واضح تلك الهجمات وأبدت استعدادها للتعاون مع الإدارة الأمريكية حول تعقب المتهمين في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر التي استهدفت برجي التجارة العالمية في نيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية " البنتاغون " في العاصمة الأمريكية واشنطن.<BR>وتزامنًا مع الرغبة اليمنية في التعاون الجاد مع الإدارة الأمريكية صرح وزير الخارجية اليمني د. أبو بكر القربي بأن اليمن تلقت رسالة من الخارجية الأمريكية، عبر سفارتها في صنعاء، وقد طلبت فيها تعاون اليمن في التحقيقات، وأن يكون تعاون اليمن واضحًا وصريحًا، وفي 19 سبتمبر 2001م قال مسؤول بوزارة الخارجية اليمنية أن السلطات اليمنية اعتقلت عددًا من اليمنيين لدى وصولهم إلى البلاد للاشتباه في ارتباطهم بالهجمات الإرهابية في الولايات المتحدة الأمريكية.<BR>وتأتي الاعتقالات وسط تشديد السلطات اليمنية للإجراءات الأمنية في المطارات والمداخل الحدودية، وآلاف من الكيلومترات من الحدود، في محاولة لاعتقال اليمنيين الذين يعتقد المسئولون أنهم ربما سيحاولون العودة إلى اليمن من معسكرات التدريب في أفغانستان.<BR>وقد ذكرت صحيفة " الواشنطن بوست " في عددها الصادر بتاريخ 29/9/2001م بأن الحكومة اليمنية شددت إجراءاتها الأمنية في مطار صنعاء الدولي، فكل من يقوم برحلة إلى تلك المدينة المحاطة بالجبال، وهو من أصل أفغاني أو باكستاني، يوقف أو يؤخذ إلى وزارة الداخلية للتحقيق معه.<BR>وهكذا فقد أبدى الجانب اليمني تعاونًا كبيرًا في مجال مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية على تعقب المتورطين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، الذي أصبح الأمريكيون يطلقون عليه اسم "أيلول الأسود" ومثل هذا التعاون كان محل اهتمام وتقدير الجانب الأمريكي، وهو الأمر الذي أعاد الثقة بين الجانبين اليمني والأمريكي بعد التوتر الشديد الذي ساد علاقة الطرفين إثر التفجير الذي لحق بالمدمرة الأمريكية "يو إس إس كول" في ميناء عدن في أكتوبر الماضي 2000م.<BR>وقد أكد أدموند هول (سفير الولايات المتحدة الأمريكية بصنعاء) أن اليمن شريك أساسي وفاعل في الحملة الدولية ضد (الإرهاب) التي تتزعمها الولايات المتحدة، وقال: إن هجوم يوم الحادي عشر من سبتمبر ضد الولايات المتحدة وحادثة الهجوم ضد المدمرة الأمريكية كول قد أضر بكل من الولايات المتحدة واليمن، لذلك نحن نعد اليمن شريكًا في الحرب الدولية على (الإرهاب).<BR>وكان للزيارة التي قام بها الرئيس علي عبد الله صالح للولايات المتحدة الأمريكية في نوفمبر 2001م أثر بالغ في زيادة التقارب اليمني الأمريكي، وإزالة الكثير من الشكوك والعوائق التي سادت علاقة البلدين منذ حادث المدمرة الأمريكية كول، حيث أكد الرئيس عند لقائه بالرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وغيره من المسؤولين في الإدارة الأمريكية بأن اليمن تدين (الإرهاب) بكافة أشكاله وصوره، كما أكد حرص الجمهورية اليمنية على مساندة الجهود الدولية من أجل مكافحة (الإرهاب) باعتباره آفة خطيرة تهدد الأمن في العالم أجمع، وأن ما حدث في الولايات المتحدة من أعمال إرهابية قد انعكس بآثاره على جميع دول العالم، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الأمني أو الاجتماعي.<BR>وقد ركزت المباحثات التي أجراها الرئيسان اليمني والأمريكي على التعاون الأمني بين البلدين والسبل والآليات التي يجب اتباعها بهدف القضاء على (الإرهاب) واستئصاله، وبما يضمن الحفاظ على المصالح المشتركة بين البلدين.<BR>وكان من أهم التطورات التي وصفت بـ "الإيجابية" في التعاون الأمني بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية موافقة الحكومة الأمريكية على الطلب الذي تقدمت به حكومة الجمهورية اليمنية لإرسال فريق يمني إلى قاعدة جونتانامو الأمريكية في كوبا، وذلك للاطلاع على أحوال المحتجزين اليمنيين الذي تم نقلهم من أفغانستان من قبل القوات الأمريكية والمشاركة في التحقيقات، وذلك في إطار التعاون الأمني بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية.<BR>كما تجاوبت الحكومة اليمنية مع البلاغ الذي تقدمت به السلطات الأمريكية، والذي يفيد بأن هناك أشخاصًا يمنيين ينتمون إلى تنظيم القاعدة موجودين في اليمن، حيث قامت قوات الأمن اليمنية بمتابعة هؤلاء الأشخاص والاشتباك مع العناصر التي كانت تأويهم، ولا تزال ملاحقة مثل هؤلاء الأشخاص مستمرة، وبالإضافة إلى ذلك فقد حرصت الحكومة اليمنية على توفير الحماية اللازمة للرعايا الأمريكيين في اليمن وغيرهم من الرعايا الأجانب، وذلك تحسبًا لأي عمل "إرهابي" من شأنه الإضرار بمصالح البلدين.<BR>وقد عبر أدموند هول السفير الأمريكي في اليمن عن تقدير واشنطن للجهود التي تبذلها الحكومة اليمنية لحماية وتأمين حياة الأمريكيين وكل الأجانب في اليمن والدفاع عنهم وعن مصالحهم، وأكد بأن الدعم والحماية الأمنية التي تقوم بها الحكومة اليمنية تعد نموذجية،<BR>وقد برز التعاون اليمني الأمريكي في المجال الأمني بالزيارة التي قام بها روبرت ميلر (رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالية بالولايات المتحدة الأمريكية) في يناير 2002م، والتي أكدت على حجم الاهتمام الأمريكي باليمن، وعلى أهمية ومكانة اليمن في التحالف الدولي لمكافحة (الإرهاب) الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية، وكان من أهم نتائج الزيارة إشادة ميلر بالتعاون الذي قدمته الجمهورية اليمنية في مجال التحقيقات الجارية حول حادث المدمرة الأمريكية " يو إس كول "، وتأكيده على حرص الإدارة الأمريكية على تطوير وتعزيز التعاون الأمني بين اليمن والولايات المتحدة بما من شأنه خدمة المصالح المشتركة بين البلدين وخدمة الأمن والاستقرار الدوليين.<BR><BR> <BR><font color="#0000FF" size="4">محطات أمنية </font><BR>شهدت اليمن بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر أحداثًا كان لها أثر سلبي أو إيجابي، مباشر أو غير مباشر في مسار العلاقات اليمنية الأمريكية أهمها:<BR><BR><font color="#0000FF"> قضية ليمبورج </font><BR>في السادس من أكتوبر 2002م جرى تفجير ناقلة النفط الفرنسية " ليمبورج " قرب ميناء الضبة بالمكلا بمحافظة حضرموت نتج عن ذلك حدوث فتحة كبيرة في جسم الناقلة أدى إلى احتراقها ووفاة شخص وإصابة 17 آخرين، وتدفق النفط الخام إلى البحر بكميات كبيرة.<BR>ذكرت بعض المصادر أن فريقًا من المحققين الأمريكيين شاركوا في عمليات التحقيق التي باشرتها سلطات الأمن اليمنية مع المشتبه بضلوعهم في حادثة تفجير الناقلة الفرنسية "ليمبورج".<BR><BR><font color="#0000FF"> قضية سوسان </font><BR>في ديسمبر 2002م قامت فرقاطة إسبانية وسفينة دعم تعملان ضمن القوة المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة (الإرهاب) الدولي في بحر العرب باعتراض السفينة " سوسان " التابعة لكوريا الشمالية قبالة السواحل اليمنية التي كانت تحمل على متنها اثني عشر صاروخًا من طراز " اسكود " ورؤوسًا حربية وخلايا للوقود متجهة إلى اليمن.<BR>القضية حظيت بتناولات إعلامية واسعة بعد أن سلمتها أسبانيا للأمريكيين واحتجزوها مدة وجيزة قبل أن تتقدم الحكومة اليمنية بمذكرة احتجاج إلى كل من الولايات المتحدة وأسبانيا تطلب من خلالها إعادة شحنة الصواريخ والإفراج عن السفينة الكورية، إذ أن هذا الشحنة تأتي تنفيذًا لعقود سابقة تم إبرامها منذ وقت طويل، وهي ملك للحكومة اليمنية ولأغراض دفاعية ولن تصل إلى طرف ثالث، وبالفعل استجابت الولايات المتحدة لمذكرة الاحتجاج، وجرى تسليم الشحنة للحكومة اليمنية، ما جعل البعض يعلق قائلاً: إن واشنطن نزعت بذلك فتيل أزمة مع اليمن ربما كانت ستؤثر على التعاون بين البلدين في محاربة (الإرهاب)، لكن مراقبين ومحللين سياسيين لم يستبعدوا حينها أن تكون إثارة هذه الأزمة مجرد حبكة سياسية وإعلامية بين اليمن والولايات المتحدة الغرض منها تلميع الحكومة، وإلجام قوى المعارضة في داخل اليمن التي تتهم حكومتها بالتفريط في السيادة الوطنية. <BR><BR><font color="#0000FF"> قضية أبي علي الحارثي </font><BR>بتاريخ 3 نوفمبر 2002م أطلقت طائرة بريداتور بدون طيار تابعة للمخابرات الأمريكية صاروخًا على سيارة كانت تقل على متنها ستة يمنيين بينهم الشيخ أبو علي الحارثي الذي تتهمه الولايات المتحدة بالإرهاب أثناء سيرها في منطقة النقعة إحدى مناطق محافظة مأرب. السلطات اليمنية أعلنت عن الحادث بعد مرور خمسة أيام من وقته، وقالت: إن انفجار السيارة وقع عندما أشعل أحد الركاب سيجارة فيما كانت السيارة محملة بحمولة كبيرة من المتفجرات، وأوضحت أن " الإرهابي " أبا علي الحارثي الذي كان من المحتمل أن يقوم بعمليات إرهابية في اليمن لقي حتفه في الحادث.<BR>أما الأحزاب السياسية في اليمن فقد أدانت هذه العملية بشدة وعدتها عدوانًا على سيادة اليمن كدولة مستقلة، وحملت الحكومة اليمنية مسؤولية النتائج الخطيرة المترتبة على التفريط بالسيادة الوطنية.<BR>وفي تسويغها لمثل هذه الأعمال أوضحت الحكومة اليمنية في التقرير المقدم إلى مجلس النواب أن قيامها بمثل هذه العملية يأتي في إطار التزامها بمكافحة (الإرهاب)، وأن تعاون أجهزة الأمن اليمنية مع نظيرتها الأمريكية يأتي تطبيقًا لقرارات مجلس الأمن وفي إطار التعاون والتنسيق بين الحكومة اليمنية ونظيرتها الأمريكية لما تتمتع به الولايات المتحدة من إمكانيات متطورة تحدد أماكن "الإرهابيين" وتقضي عليهم، ورفضت اتهام المعارضة لها أو أن يكون ذلك تفريطًا في السيادة الوطنية للبلد.<BR><BR><font color="#0000FF"> قضية مقتل الأطباء الأمريكيين </font><BR>في 3 ديسمبر 2002م أقدم عابد عبد الرزاق كامل بإطلاق النار على أربعة أطباء أمريكيين يعملون في مستشفى المعمداني بجبلة محافظة إب، مما أدى إلى مقتل ثلاثة وجرح الرابع، والمستشفى يتبع جمعية المعمداني الأمريكية " التنصيرية "، وجاء في مرافعات القاتل أثناء محاكمته أن دوافعه لقتل الأطباء الأمريكيين هو أنهم يقومون بأعمال تبشيرية في المنطقة، وذكرت مصادر في وقت سابق أن عددًا من أبناء المنطقة ارتدوا عن الإسلام ودخلوا في النصرانية، وأنه عثر حينها على أوراق من المصحف ممزقة في حمامات بعض مساجد المنطقة وفي براميل القمامة.<BR>على الصعيد نفسه لم يستبعد مراقبون أن يكون إقدام عابد عبد الرزاق على قتل الأطباء الأمريكيين بدافع الانتقام من الولايات المتحدة التي تشن حربًا ضمد المسلمين، كان آخرها عملية اغتيال أبي علي الحارثي ورفاقه من قبل طائرة أمريكية بدون طيار في منطقة النقعة بمحافظة مأرب.<BR>لم تؤثر هذه الحادثة على مسار العلاقات اليمنية الأمريكية خصوصًا وقد أدانت الحكومة اليمنية هذا الحادث وبعثت برقية عزاء للإدارة الأمريكية وأهالي الضحايا، وباشرت على إثرها إجراءات أمنية مشددة في المؤسسات التابعة للحكومة الأمريكية في اليمن أو الأمريكيين عمومًا. <BR><BR><font color="#0000FF"> قضية الحيلة والشيخ المؤيد </font><BR>لقد كشفت قضية الشيخ المؤيد وقبلها رجل الأعمال اليمني عبد السلام الحيلة وجود نشاط مخابراتي دولي غير مسبوق في اليمن، حيث جاء احتجاز الشيخ المؤيد نتيجة لعملية استدارج نجح فيها أحد عملاء المخابرات الأمريكية ويدعي محمد العنسي حين أوهمه بوجود شخصية أمريكية مسلمة تحب الأعمال الخيرية وتسعى إلى دعمها في ألمانيا، وأن هذا الشخص الخيري يشترط ملاقاته فوافق المؤيد على أمل الحصول على دعم الأعمال الخيرية في اليمن المتمثلة بمركز الإحسان الخيري لمساعدة الفقراء الذي يديره، وتزامن ذلك مع رغبة الشيخ بالسفر إلى ألمانيا للعلاج من مرض السكر الذي كان يعاني منه، وبالفعل سافر المؤيد ومعه مرافقه محمد زايد والعميل محمد العنسي وما إن وصلوا إلى مطار فرانكفورت حتى تم احتجاز الشيخ المؤيد ومرافقه بطلب من المخابرات الأمريكية، وذلك يوم 10 يناير 2003م بحجة دعمه للأعمال " الإرهابية "، ومنها اتهامه بدعم وتمويل حركة حماس.<BR>كانت التحركات الرسمية اليمنية في قضية الشيخ المؤيد إيجابية حيث طالبت بإرجاعه إلى بلده، وأن استدراجه يمثل انتهاكًا لقوانين حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليًا.<BR>أما رجل الأعمال عبد السلام الحيلة فقد استدرجته المخابرات المصرية في أكتوبر 2002م بدعوة وجهتها إليه لحضور مؤتمر تقيمه شركة المقاولين العرب، وقد جرى تسليمه للأمريكيين بعد شهر من اعتقاله.<BR><BR><font color="#0000FF"> قضية التعليم الديني </font><BR>ربطت صحيفة الوطن القطرية على لسان جهات عربية "مضطلعة" بين قرار الحكومة اليمنية بإغلاق المعاهد الدينية وبين الطلب الأمريكي الذي يقضي بإلغاء التعليم الديني في المنطقة العربية باعتباره (وعاءً) يتخرج منه الإرهابيون، وإن كان قرار الحكومة اليمنية بإلغاء المعاهد الدينية قد تم اتخاذه قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلا أن المسؤولين اليمنيين يعدونه انتصارًا كبيرًا في طريق مكافحة (الإرهاب).<BR>وحسب ما ذكرته صحيفة عكاظ بتاريخ 4/11/1422هـ الموافق 18/11/2002م فإن دبلوماسيين أمريكيين في السفارة الأمريكية بصنعاء كثفوا من زيارتهم للمعاهد الدينية والمراكز العلمية، حيث قاموا بجمع نماذج من مناهجها التي تركز على التعليم الديني، وطالبوا بمسح أو تغيير الأقوال والكتابات الموجودة على جدران هذه المعاهد، وهي في الغالب آيات قرآنية في الجهاد، أو كلمات مأثورة تتخذها بعض الجماعات الإسلامية شعارًا لها". إضافة إلى الزيارات المستمرة لقيادات أمريكية بهذا الخصوص.<BR>وفي تقريرها الذي قدمته الحكومة اليمنية إلى مجلس النواب في ديسمبر 2002م ربطت الحكومة بين (الإرهاب) وأعمال العنف وبين مكتبات المساجد، ومنابر المساجد التي تحرض على الحكومة وتتهمها بالفساد، وملاحقة واعتقال المجاهدين والعلماء تحت حجة محاربة (الإرهاب)، كما اتهمت بعض التيارات الدينية بتشجيع ودعوة الشباب من جنسيات مختلفة إلى اليمن بهدف إلحافهم بالمدارس والكليات الدينية، وتلقي الفكر الديني المتطرف وعودتهم إلى بلدانهم بما أسموه بالصحوة الإسلامية، وجاء في التقرير وجود تمويل مالي لنشاط هذه الجماعات من قبل بعض المؤسسات الدينية والخيرية وبعض الشخصيات في الخارج.<BR><BR><BR>--------------------------<BR><font color="#0000FF" size="4">قائمة المصادر والمراجع:- </font><BR>تقرير الحكومة اليمنية حول (الإرهاب) المقدم إلى مجلس النواب في ديسمبر 2002م.<BR>(اليمن والدول الكبرى) جـ1 ، الصادر عن مركز البحوث والمعلومات بوكالة الأنباء اليمنية سبأ، يناير 2003م.<BR>(اليمن وأمريكا بعد كول وسبتمبر) جـ6. وكالة الأنباء اليمنية سبأ.<BR>(العلاقات اليمنية الأمريكية). مركز البحوث والمعلومات بوكالة الأنباء اليمنية سبأ.<BR>(أزمة سوسان انتصار جديد للدبلوماسية اليمنية). المكتب الصحفي بوكالة الأنباء اليمنية سبأ.<BR><br>