مكانة مقتضى الصدر وجيشه "المهدي" في العراق
19 جمادى الثانية 1424

على الرغم من الاسم الكبير الذي يتمتع به مقتضى الصدر في العراق، ونظرة الثقة والعبوس الدائمين الذي يحاول أن يقدمها كصورة لشخصيته، والعباءة السوداء التي يحرص على الظهور فيها بشكل دائم، مع شبك الأذرع والجلوس بانحنائة دائمة، إلا أن الصورة الحقيقية لهذا الرجل الشيعي البارز مغايرة بشكل تام تقريباً.<BR>ومقتضى الصدر يعد أحد أهم الزعماء الشيعيين في العراق، ويعيش في مدينة النجف الشيعية، والتي تعد مدينة مقدسة لدى الشيعة. <BR>ينحدر من أسرة علمية لها نفوذ في العراق، فهو ابن محمد الصدر الكبير، الذي قتلته عناصر من النظام العراقي عام 1991م بعد أن أصبح أحد رموز المقاومة الشعبية الشيعية في العراق. <BR><BR>يقول حسن عبد الرزاق (الباحث العراقي في جامعة إكسيتر للدراسات العربية والإسلامية في بريطانيا): "إنه بعكس حزب الدعوة المتأصل في المجتمع العراقي، أو المجس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، أو الحوزة نفسها متمثلة بعلي السيستاني، فإن هذا الرجل (مقتضى الصدر) جاء كمفاجئة إلى الواقع العراقي". <BR><BR><font color="#0000FF" size="4"> شهادات في حقه: </font><BR><BR>بخلاف زعماء الشيعة الآخرين، والذين حصلوا على هذه الزعامة نتيجة عمرهم وتعليمهم طويل الأمد، والذين يتكلمون اللغة العربية الفصحى، مع بعض العبارات التي تدل على ثقافتهم الواسعة وإطلاعهم، يتكلم مقتضى الصدر لغة عامية مليئة بمفردات وتعابير الشارع العام، مع الكثير من الغرور والتكبر خلال تعامله مع الآخرين، كما لو أنه يشير لهم بأنهم لا يستحقون أي اهتمام منه، <BR>ويدعي مقتضى الصدر أنه يبلغ من العمر 30 عاماً، إلا أن عمره الحقيقي يقارب ال23 سنة طبقاً لمعظم الناس الذين يعرفونه، ويعرفون عمره الحقيقي، بمن فيهم حارسه السابق. <BR><BR>يصفه الصحفي الأمريكي " نير روسن" الموجود حالياً في العراق، فيقول: " إنه شخص غريب لدرجة كبيرة، لا يظهر أي احترام للكبار أو العلماء الآخرين، تعده الحوزة العلمية في النجف بأنه فوضوي ومتكبر، وقد استفاد من اسم أبيه باحترام الرأي العام، إلا أنه لا يمكن تجاهله بسهولة" . <BR>ولعل النقطة الأكثر أهمية التي يبرزها المراسل الأمريكي في العراق أن مقتضى الصدر قد استفاد من اسم والده بشكل كبير، مما حقق له شهرة واسعة في العراق قبل وصولها. <BR><BR> كما نقلت وكالة الأسوشيتدبرس عن المقدم الأمريكي (كريستوفر كونلين) قوله: "إن مقتضى الصدر صغير وغير ناضج، وغير مهم في النجف"<BR><BR><BR><font color="#0000FF" size="4"> شعبيته في العراق: </font><BR><BR>زار مقتضى بغداد للمرة الأولى خلال أيلول الماضي منذ مقتل والده في 23 يونيو 1999م، حيث زار منطقة الكاظمية، وكان في استقباله عشرات الآلاف من الشيعة الموالين لوالده محمد الصدر، وهتفوا له " بالروح بالدم نفديك يا مقتضى" تماماً كما كانوا يهتفون من قبل للرئيس العراقي السابق صدام حسين.<BR>مؤيدو الصدر يقولون: إن لديهم أسباب مقنعة كي يلتفوا حوله، ويشيرون إلى أنهم استعادوا النظام والقانون في المناطق البسيطة الشيعية بسبب وجوده، وأن المتطوعين بنوا المساجد وأعادوا تشغيل المستشفيات، ونشروا جريدة أسبوعية، وأعادوا تشغيل المحاكم. <BR><BR>إلا أن الباحث حسن عبد الرزاق يؤكد أن مقتضى الصدر ليس لديه أي جدول أعمال سياسي، كما يقول: إن هذا الزعيم الشيعي يعد صغيراً جداً على أن يكون زعيماً حقيقياً للشيعة، حيث يحتاج الشخص أن يدرس سنوات طويلة في المذهب الشيعي كي يحظى بلقب عالم أو زعيم شيعي، كما هو متعارف عليه لدى الشيعة أنفسهم. <BR>ويضيف " لا أعتقد أن لدى هذا الرجل مخابرات حقيقية (على سبيل المثال) أو جدول أعمال سياسي حقيقي أو مدروس، إنه يتكلم مثل أي شخص بسيط جداً، ولا أعتقد أنه يستطيع أن يجذب الشيعة" <BR><BR>ويعلق الباحث حسن على المظاهرة الصاخبة التي خرج بها الآلاف من الشيعة أثناء تطويق القوات الأمريكية لمنزله بأنها لا تدل بالضرورة على دعم واسع للصدر، مبيناً أن الدعم الذي تتلقاه المنظمات الشيعية التقليدية الأخرى أكثر من دعم مقتضى الصدر. <BR>وقال: إن نحو 15% من المجتمع الشيعي العراقي قد يكونون متعاطفين مع مقتضى، مؤكداً أن بعض هؤلاء يناصرونه كنوع من الاحتجاج على الوضع السيء في العراق، وعلى عدم السماح للعراقيين باختيار ممثليهم في الحكم بأنفسهم، وهذا ما يستغله الصدر الآن. <BR><BR>أما محمد عبد الجبار أحد الزعماء الشيعيين، ومؤسس حزب سياسي جديد في العراق، فيقول: "إن شعبية الصدر متعلقة مباشرة بالفشل الأمريكي في الحفاظ على القانون والنظام في البلد بعد الغزو". <BR>حيث يواجه العراقيون النقص الحاد في متطلبات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء ودواء ووقود ...إلخ، ويؤكد محمد عبد الجبار أن "الدعم للصدر سيسقط" عندما تتحسن الحياة في العراق.<BR>حيث يشير إلى أن مؤيدي الصدر هم من الفقراء والمساكين، وأنه يحظى بدعم صغير بين الطبقة الوسطى الشيعية. <BR><BR>يتحكم مقتضى الصدر بالآلاف من الشيعة المخلصين له، والمتواجدين في المدن والمناطق الشيعية الأساسية، حيث يعده الكثيرون بأنه " المهدي المنتظر" الذي يعتقد الشيعة بأنه أحد الأئمة الشيعيين الذين اختفوا منذ القرن التاسع، وسيظهر يوماً كي ينصر الشيعة بأفعاله الخارقة. <BR>وفور سقوط نظام صدام حسين، أرسل مقتضى الصدر أتباعه الكبار لتولي إمامة المساجد الأساسية في العراق، ولبسط الأمن، وتسيير الخدمات العامة، من أجل أن يخلق لنفسه حكومة منافسة للحكومة الأمريكية المفترضة، بعد أن يحصد شعبية واسعة في العراق. <BR><BR><BR><font color="#0000FF" size="4"> عداوات مع جميع العلماء والأحزاب الأخرى: </font><BR><BR>يتمتع الصدر حالياً بعداوة من معظم التكتلات والأحزاب في العراق، حيث دخل أنصاره مع الحزب الشيوعي العراقي باشتباكات قبل نحو شهر، بعد أن أطلق الشيوعيون على مقتضى اسم " التمثال المعمم" أي: التمثال الذي يلبس العمامة على رأسه، كما شبهوا صوره الموجودة في كل مكان بصور صدام حسين التي كانت موجودة في كل مكان هي الأخرى. <BR>ويعتقد معظم المراقبين وسكان النجف بأن مقتضى الصدر كان مشتركاً في مقتل عبد المجيد الخوئي (أحد علماء الشيعة المعتدلين)، الذي عاد من منفاه في لندن في إبريل الماضي بعد احتلال القوات الأمريكية والبريطانية للعراق، حيث وجد مقتولاً في أول يوم وصل فيه إلى النجف.<BR>كما قام أنصار مقتضى بمحاصرة بيوت علماء الشيعة المحافظين، من بينهم منزل عالم الشيعة البارز علي السيستاني، وأمهلوه مدة 24 كي يترك مدينة النجف، مما استدعى تحرك 1500 رجل شيعي من أتباع السيستاني للتوجه إلى النجف والدفاع عنه، فانسحب أنصار الصدر، وأعلن هوألا علاقة له ولا لأنصاره بالأمر، كما اتهم القوات الأمريكية بمحاصرة منزله منذ أكثر من شهر، إلا أنه أعلن أن القوات الأمريكية لم تستطع أن تمنعه من الخروج من منزله وملاقات شعبه وأنصاره بسبب جيش المهدي،<BR>مشيراً إلى أن القوات الأمريكية تفرقت بعد أن عرفت أنها ستواجه اختباراً صعباً اسمه "الشيعة"!!<BR><BR>ولم ينس أن يهاجم مجلس الحكم العراقي ويصفه بعدم الشرعية، طالما أنه غير موجود فيه. <BR>وقال في حديثه عن المجلس: إنه أفضل وكيل لخدمة مصالح القوات الأمريكية، مشيراً إلى أن الخدمات كانت في عهد النظام العراقي السابق أفضل منها الآن، كما طالب بحل المجلس، وتشكيل مجلس شعب بدلاً منه. <BR>وقال:" عندما هاجمت أمريكا العراق، لم تكترث للرأي العام العالمي، ووقف العالم بكامله ضد الولايات المتحدة" مشيراً إلى أن الولايات المتحدة وبطريقة مماثلة سوف تتجاهل رأي الشعب العراقي، وستشكل حكومة جديدة تحقق رغباتها. <BR>كما أنكر طموحه في الحصول على منصب سياسي في العراق، وقال: " لا أريد كرسي في الحكومة؛ لأنه سيكون محكوماً بالولايات المتحدة، وأنا لا أريد أن أكون محكوماً من قبل الولايات المتحدة الأمريكية". <BR><BR>ويسخر الصدر من القيادة الشيعية التقليدية، ويختص محمد باقر الحيكم (زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق) بذلك، حيث يقول عنه: إنه يمتلك فيلق بدر المكون من 10 – 12 ألف مؤيد أو مقاتل، فيما يمتلك هو –مقتضى- ثلاثة أرباع الشعب العراقي كجنود له (على حد قوله)!!<BR>ويتهم محمد الحكيم بالخيانة، مشيراً إلى أن الحكيم خان أهالي البصرة والجنوب العراقي عندما حثهم على مقاومة الحكومة العراقية السابقة وإشعال ثورة (انتفاضة عام 1991م) في حين لم يأت لمساعدتهم بعد فشل الثورة. <BR>كما يتهم فليق بدر بأنه قادم من الخارج، ولم يتشكل أو يأت من داخل العراق، أي: أنها لا تشكل الشعب العراقي ولا تنتمي إليه،<BR>كما يتهم مقتضى الصدر علي السيستاني ( المولود في إيران، والذي يحمل إلى الآن لكنة إيرانية بسيطة) بأنه أجنبي ويتلقى الدعم من الخارج، على الرغم من أن المخابرات الأمريكية – كما يقول الصحفي نير روسن- تعتقد أنه يتلقى المال من إيران، إلا أنها غير متأكدة ما إذا كانت هذه الأموال تأتيه من الحكومة الإيرانية أم من رجال الدين. <BR><BR>ويقول محمد عبد الجبار (أحد الزعماء الشيعيين): إن علماء الشيعة الكبار لم يعلقوا شيئاً على انتقادات الصدر أو مبادرته إنشاء جيش المهدي، بسبب احترامهم لأبيه، أو لأنهم يريدون تجنب نزاع مع الجيل الصغير.<BR><BR><BR><font color="#0000FF" size="4"> جيش المهدي: </font><BR><BR>عمل الصدر على إنشاء جيش أسماه "جيش المهدي" من تابعيه وأنصار، ووصفه بأنه جيش تنظيمي غير مسلح، وقال خلال الإعلان عن إنشائهك إنه سيكون مسؤولاً عن حماية العراق، واستتباب الأمن، وحماية المرجعية الشيعية عند الضرورة.<BR>وقد أسمى الصدر جيشه الجديد باسم " جيش المهدي" محاولاً كسب تأييد الشيعة والعزف على وتر المعتقدات الدينية. <BR>وأعلن الصدر عن إنشاء هذا الجيش من أجل "محاربة الانحرافات والإيديولوجية القادمة من الغرب"، مشيراً إلى أن هذه الميليشيا لن تتسلح، ولن تقاتل ضد القوات الأمريكية، وإنما هدفها حفظ السلام والأمن، وقال: إن هذه الميليشيا ستحاول إخراج القوات الأمريكية من العراق بالطرق السلمية (...) <BR><BR>وقال أوس الخفاجي (الناطق بلسان مقتضى الصدر) بعد إعلان بدء تسجيل أسماء المتطوعين الشيعة اللذين يشكلون جيش المهدي قبل نحو شهرين، أن عددهم بلغ 10 آلاف متطوع تقريباً، جاؤوا من المناطق الشيعية الكثيفة التي تحيط ببغداد، وبالأخص في مدينة (الصدر) التي كانت تسمى فيما مضى بمدنية (صدام). <BR>يقول موفق الربيعي (أحد أعضاء مجلس الحكم العراقي المؤقت): إنه لا يستطيع التعليق على أنشطة مقتضى الصدر؛ لأن هذه التعليقات قد تقسم المجتمع العراقي الشيعي، مضيفاً أن هذه القضية حساسة ومهمة واستراتيجية جداً !!<BR>وعندما سئل مقتضى ما إذا كان سيقاوم أمريكا أجاب بأنه سيبدأ بقتالها ما إن يخرج "المهدي المنتظر" (...) "لأن هذه هي أرض محمد المهدي، وهم يحتلون بلده" !!!<BR><BR><br>