خارطة الطريق...هل ضلت الطريق..!!؟
6 ربيع الثاني 1424

بعد أن عجزت الإدارة الأمريكية عن حلحلة الوضع المتردي للكيان الصهيوني الذي يتعرض لحرب استنزاف حقيقية من جانب المقاتلين الفلسطينيين نتج عنها أضخم عجز اقتصادي يمر بها الكيان الاحتلالي منذ اغتصابه أرض فلسطين في العام 1948 , ونتج عنها انتكاس الروح المعنوية للمستوطنين وحماتهم من الجنود والضباط والساسة الصهاينة ؛ إذ بلغت أدنى دركات انحطاطها. بعد ذلك كله لجأت الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني إلى العودة إلى طريق أوسلو المنحرف الذي حقق من خلاله الكيان الصهيوني أكبر انتصاراته على الشعب الفلسطيني من خلال تنصيب "حرس فلسطيني" يقوم نيابة عنهم بقمع العمل الجهادي الإسلامي والوطني من الداخل الفلسطيني بعد أن تحطمت آمال وطموحات الصهاينة في تدجين مسلمي فلسطين ودفعهم للاستسلام .. <BR>أمام تعقد الموقف "إسرائيليا" كان على الولايات المتحدة التي خرجت منتصرة في العراق أن تمد للكيان الصهيوني عبر خطة للسلام الملغوم تدعى خارطة الطريق .<BR><font color="#0000FF" size="4">نص خطة "خارطة الطريق</font></br><BR>وتنص خارطة الطريق التي أقرت في ديسمبر الماضي ووافقت عليها الحكومة "الإسرائيلية" الأحد 25/5/2003 مع تحفظات، علي إنشاء دولة فلسطينية علي مراحل بحلول العام 2005 تتعايش سلميا مع "إسرائيل". وقد سلمت وثيقة خارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا) في 30 إبريل الماضي إلى الصهاينة والفلسطينيين.<BR>في ما يلي ابرز النقاط الواردة فيها:<BR>مقدمة: <BR>ـ الحل القاضي بإقامة دولتين فلسطينية و"إسرائيلية" تتعايشان جنبا إلى جنب، ممكن شرط وقف عمليات العنف والإرهاب.<BR>ـ يجب أن تكافح القيادة الفلسطينية الإرهاب فعليا وتحترم مبادئ الديمقراطية والحرية.<BR>ـ يجب أن تكون "إسرائيل" مستعدة للعمل من اجل ولادة دولة فلسطينية.<BR>ـ سيضع الحل حدا للنزاع الفلسطيني ـ "الإسرائيلي" ولاحتلال "إسرائيل" للأراضي التي احتلتها في 1967. وسيؤدي إلى اعتراف الدول العربية بحق "إسرائيل" في العيش بسلام وأمن، لأنه سيسمح أيضا بإعطاء دفع لعملية السلام على المسارين السوري واللبناني.<BR>المرحلة الأولى:<BR> تنص على وقف الإرهاب والعنف وتطبيع حياة الفلسطينيين وإنشاء مؤسساتهم الوطنية.<BR>ـ يتعهد الفلسطينيون بوضع حد فورا للعنف ويستأنفون تعاونهم الأمني مع "إسرائيل".<BR>ـ يبدأ الفلسطينيون إصلاحات سياسية ويستعدون لإقامة دولتهم خصوصا عبر صياغة دستور.<BR>ـ تقوم "إسرائيل" بالانسحاب من المناطق الفلسطينية التي أعادت احتلالها منذ سبتمبر وبتجميد الاستيطان.<BR>ـ تعترف السلطة الفلسطينية بوضوح بحق "إسرائيل" في العيش بسلام وأمن وتدعو إلى وقف غير مشروط لإطلاق النار والى وقف التحريض على العنف.<BR>ـ يتعهد المسؤولون "الإسرائيليون" بوضوح بالعمل على إقامة دولة فلسطينية تتمتع بالسيادة وقابلة للاستمرار.<BR>وتركز هذه المرحلة الأولى الحاسمة على المطالب الأمنية إذ إنها تنص على أن يقوم الفلسطينيون بتوقيف الأشخاص الذين يعتزمون مواصلة أعمال العنف وبتدمير البنية التحتية لـ الإرهاب خصوصا عبر مصادرة أسلحة هؤلاء.<BR>وتبذل "إسرائيل" جهودا لإعادة أجواء الثقة بالامتناع خصوصا عن اللجوء إلى تدابير عقابية (مثل هدم المنازل وقرارات الإبعاد وإجراءات المصادرة وغيرها..) ويتم إنشاء آليات من اجل العمل على تطبيق هذه التعهدات.<BR>وينشئ الفلسطينيون بنى ديمقراطية وتساعدهم "إسرائيل" في هذا الاتجاه خصوصا عن طريق مبادرات إنسانية عبر السماح بإعادة فتح المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية وتفكيك المستوطنات العشوائية في الأراضي الفلسطينية.<BR>المرحلة الثانية:<BR> تركز على الجهود المبذولة لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة بحدود مؤقتة بين يونيو وديسمبر 2003. وتساهم "إسرائيل" في تأمين التواصل الجغرافي لهذه الدولة.<BR>ـ يتم تنظيم انتخابات فلسطينية إذا رأت اللجنة الرباعية أن الظروف تسمح بذلك.<BR>ـ تدعو اللجنة الرباعية إلى عقد مؤتمر دولي بالتشاور مع الأطراف المعنية بهدف تحريك الجهود من اجل سلام شامل في الشرق الأوسط.<BR>ـ تعمل اللجنة الرباعية من اجل اعتراف الأمم المتحدة بهذه الدولة.<BR>المرحلة الثالثة: <BR>تنص على تعزيز الدولة الفلسطينية المؤقتة وتدعيم مؤسساتها والأمن وإطلاق مفاوضات "إسرائيلية" فلسطينية بشأن حل نهائي.<BR>ـ يعقد مؤتمر دولي ثان في بداية 2004 بهدف إنشاء دولة فلسطينية بحدود نهائية بحلول 2005. ويضم جدول الأعمال قضايا مصير القدس واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات.<BR>ـ وفي ختام هذه المرحلة تتم تسوية النزاع "الإسرائيلي" الفلسطيني وتقيم الدول العربية علاقات طبيعية مع "إسرائيل".<BR><font color="#0000FF" size="4">ملاحظات على الخارطة</font></br><BR>يلاحظ على الخارطة العديد من النقاط التي تثير بدورها الكثير من علامات الاستفهام , وتتلخص هذه النقاط فيما يلي : <BR>1 ـ تقدم خارطة الطريق حلا سريعا لمشكلة الكيان الصهيوني الاقتصادية , فمعلوم أن جانبا من ازدهار الاقتصاد الصهيوني في التسعينيات يعود إلى تدفقات أجنبية كبيرة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة بعد توقيع اتفاقيات أوسلو لـ"السلام" . كما أن الصراع الدموي منذ 32 شهرا الذي تسبب فيه الصهاينة ذاتهم بحماقتهم كان المسؤول عن تراجع في قطاعات السياحة والمقاولات والترفيه وأدى إلى اقتراب معدلات البطالة من 11 بالمائة. يقول ستيف شير الصحفي المقيم في القدس المحتلة :" ربما تكون موافقة إسرائيل التاريخية على خطة تساندها الولايات المتحدة لتحقيق السلام مع الفلسطينيين معروفة باسم خارطة الطريق هو ما يحتاجه اقتصادها ليعود إلى تحقيق معدلات كبيرة للنمو".<BR>2 ـ لا تقدم الخارطة أي حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين , وعلى العكس تماما فقد تضمنت موافقة شارون والكنيست الصهيوني المشروطة على الخطة شرطا يضمن استبعاد بحث قضية خمسة ملايين من اللاجئين الفلسطينيين , فقد ذكرت وسائل الإعلام العبرية أن شارون أصدر تعليماته إلى مدير مكتبه المحامي دوف فايسجلاس بإضافة بند إلى خارطة الطريق يربط موافقة تل أبيب بأن تكون الدولة الفلسطينية الحل الوحيد لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين واستيعابهم. وجاءت تعليمات شارون هذه في أعقاب طلب تقدمت به الوزيرة تسيفي ليفني والوزير تومي لبيد بتوضيح هذا الشأن. وهذا الشرط يعتبر محللون إقراره فلسطينيا بمثابة انتحار سياسي لأبي مازن لا يأبه له كثيرا استنادا إلى دعم الإدارة الأمريكية لجهوده "الحميمة" لقمع المقاومة الفلسطينية . <BR>3 ـ لا تقدم الخارطة أي حلول لمشاكل الفلسطينيين المزمنة , في وقت اتجه الحل فيها إلى الجانب الأمني وحسب. وهو ما يتضح من تعيين أبي مازن رئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية في آن واحد والحضور المبرز لأحد الموالين للصهاينة في السلطة الفلسطينية وهو العقيد محمد دحلان , ووضوح بنود الاتفاقية الخاصة بالأمن فقط دون بقية البنود التي ستبقى رهينة المباحثات المطولة . <BR>ولذا كان رد فعل الفصائل المقاومة سريعا على هذه الخطة .<BR><font color="#0000FF" size="4">ردود أفعال فصائل المقاومة على الخارطة وتداعياتها</font></br><BR>لم يتأخر الرد الفلسطيني الإسلامي والوطني كثيرا على خطة تصفية الانتفاضة , فقد أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي 27/5/2003 رفضها لأي هدنة لوقف عمليات المقاومة ضد الكيان الصهيوني .<BR>وفي بيان تلقت وكالة فرانس برس نسخة منه قال القائد الميداني لسرايا القدس بمدينة غزة إننا نرفض أي هدنة لوقف المقاومة والانتفاضة الفلسطينية التي وضعت الكيان الصهيوني في مأزق حرج وجعلته يعيش أسوأ أيامه منذ احتلال فلسطين منذ العام 48 .<BR>وأضاف هذا القائد الذي ذكر البيان أن اسمه أبو خليل لن نسمح لأي شخص أن يوهم شعبنا بأمنيات جديدة بهدف تمرير المؤامرات الأمريكية الصهيونية في محاولة بائسة للقفز على كل مكتسبات الشعب الفلسطيني وتضحياته الجسيمة ولإخراج الكيان الصهيوني من حالة الإفلاس والعجز التي يعيشها .<BR>وأشار البيان إلى أن كل ما يطرح اليوم يهدف لخلق مشروع تسوية يؤمِّن للكيان الصهيوني الأمن والاستقرار ويشرع وجوده الاستيطاني في المنطقة .<BR>وأكد البيان أن خارطة الطريق انبثقت على هامش العدوان الأمريكي الشامل على العراق و بالتلازم مع هذا العدوان من حيث الأهداف والتوقيت فهي تشكل الدعامة الثانية للسيطرة الأمريكية على المنطقة .<BR>ومن جهته , قال إسماعيل هنية أحد قادة حماس في نهاية اجتماع مع أبي مازن عقد يوم22/5/2003 أن وفد حماس ابلغ أبو مازن بموقف الحركة بأنه حال وقف العدو الصهيوني لقتل المدنيين الفلسطينيين ووقف الاغتيالات والتوغلات وإطلاق سراح المعتقلين فإن حماس ممكن أن توقف العمليات العسكرية ضد المدنيين (الإسرائيليين) لكنه أوضح أن المقاومة ستستمر ضد الوجود العسكري الصهيوني والمستوطنين . <BR>أما كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح فقد جددت يوم 29/5/2003 رفضها لخارطة الطريق. وقالت كتائب الأقصى في بيان أن خارطة الطريق التي تستهدف تركيع الشعب الفلسطيني أصبحت غير مقبولة ومرفوضة من الشعب الفلسطيني وأننا سنقاوم بقوة أي شخص مهما كان يساوم على دماء الشهداء وحقوق الشعب الفلسطيني .<BR>وأضاف البيان نعلن رفضنا لخارطة الطريق... ووقف إطلاق النار بشكل قاطع حتى عودة كافة حقوق الشعب الفلسطيني ودون شرط أو قيد .<BR>وتعهدت الكتائب بالمضي في الجهاد والمقاومة على طريق الشهداء والأسرى حتى دحر الاحتلال عن فلسطين .<BR>وبرغم ما أشيع عن أن الكتائب قد قبلت الخطة إلا أن بيانها نفى ذلك محذرا وسائل الإعلام المختلفة من التعامل مع جهات أو أشخاص يتحدثون إليها باسمها بلغة تناقض سياسة الكتائب بدون التحقق من الموقف الرسمي. <BR>هذه هي الخارطة في نظر المناضلين الإسلاميين والوطنيين فأي ثمن يبحث عنه المفاوضون ؟!<BR><br>