أنت هنا

الرسوم المسيئة.. لحظة صدق
13 صفر 1429

هل يمكن أن نصدّر شيئاً لا ننتجه ولا نستحوذ عليه؟
هل يكفي رفع الصوت لإظهار الولاء؟
نعم، إن الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قائم وموجود في قلوب الغاضبين من الصور المسيئة والتي أعادت الدنمارك نشرها مجدداً، ولا نستطيع إنكار تعبيرها عن جانب من صور الولاء والمحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين.
ونعم، نحن ندرك أن الإيمان يزداد وينقص في نفوس المؤمنين، وأن النفوس تتعرض لفترات من الخمول التعبدي القلبي، وأنه يعتريها من الوهن ما يعتريها، لكن علينا أن نصارح أنفسنا بمدى ولائها الحقيقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم والوفاء له والعرفان بفضله والغضب له.
إن مقاييس الإيمان في القلوب لا يمكن رصد صداها من خلال الصراخ في المظاهرات أو حرق الأعلام، وإنما في عمق التأثر الذاتي ومجاهدة النفس على الاستقامة على خط رسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسار عليه وأصحابه وتابعوه.. "قل إن كنتم تحبون الله ورسوله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم".
بإمكاننا أن نوحي للآخرين بأننا غاضبون بالفعل والألم يعتصرنا حين نرى كل هذا التداعي الصحفي في الدنمارك على رسم الصور المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، دونما اكتراث برد الفعل.. رد الفعل، الذي لا نعني ضرورة أن يكون ترجمة متهورة لقضية لم تدرس أو يتم التعاطي معها بقدر عالٍِ من الحكمة والتفكر.. بإمكاننا ـ حين يكون غضبنا حقيقياً وتعبيرنا صادقاً..فكما تقدم إن ما يمكن أن نصدره للغير لا يمكن لنا إلا أن نحوزه ابتداءً، وإلا لهزئ بنا الآخرون، وازدادوا جرأة علينا..
إن أول ما يتبادر إلى عقول الباحثين والمهتمين بقضية الصور المسيئة وكل ممارسة مسيئة من قبل من لا يؤمنون بما نؤمن، هو تساؤلهم وتساؤلنا: لماذا هم بهذه الجرأة علينا، آمنين من ردود أفعالنا؟ وإن أول ما ينبغي أن يتبادر إلى عقولنا عند الإجابة على هذا السؤال أنه من عند ذواتنا.. وأننا لا نمارس قدراً من الشفافية في فهم أنفسنا ولا نعالج قلوبنا بالدواء الذي يناسبها..
إن من اليسير جداً أن نقول إن من أمن العقوبة أساء الأدب، لكن أول دركات الإساءة هو غفلتنا عن سنة نبينا صلى الله عليه وسلم الباطنة قبل الظاهرة، وعدم استحضار شخصه في عقولنا، قولاً وعملاً وتصديقاً وانتماءً.. هذه أول الدركات وقد هيأناها لهم.
هم يستهينون بنا بالفعل ويهزؤون بردات أفعالنا، لا لأنهم لا يخشون قيام شباب لا يدرك مغبات الأمور بالرد عليهم؛ فهم يزعجهم ذلك لكنه لا يردعهم. إنما الرادع الحقيقي هو داخل القلوب.. هو سلاحنا الأقوى والأنجع.. بصلاح القلوب وإزالة الران عنها.
تعلمون، لقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة عظيمة لحل معضلة كهذه وغيرها، ورسم بكلمات واضحات لنا الطريق، بانتظار السالكين.
(ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله. ألا وهي القلب).. وحين يصلح القلب انقلب السحر على الساحرين؛ فإذا هم منا يفرقون.