أنت هنا

الذين حزنوا لفراق مغنية من أهلنا
10 صفر 1429

حفلات التأبين في البحرين والكويت وسوريا وفلسطين ومصر وغيرهم للراحل عماد مغنية لا تشي إلا بوتيرة متزايدة من النشاط الذي بات ينحى تجاه رفع النبرة وإعلاء سقف الطموح بالنسبة للأقليات الشيعية في العالم العربي، ترافقها بساطة في التفكير من أطراف، وعند أخرى من بعض قيادات أحزاب وقوى في الحوض السني انجذاب نحو بريق ذهب "المعز" الذي تنثره الأجهزة الإيرانية على رؤوس المتعاطفين رغماً عن قناعاتهم الداخلية ـ أحياناً ـ مع "حزب الله" وشبكاته في أكثر من بلد عربي.
الذين حزنوا لفراق مغنية من معتنقي العقيدة الإمامية الشيعية معذورون؛ فهم إزاء شخصية أسطورية رسم لها الإعلام النفطي الإيراني، والصهيوأمريكي على حد سواء، في مخيلات الناس صورة كاريزمية ربما الرجل يستحقها كقاتل محترف خبير من الناحية الأمنية والاستخبارية أو ربما ليس لأنصاره أن يفخر به لمساندة دولة كبيرة ذات سيادة على قراراتها له/إيران، والتي كانت وراءه دوماً بتزوير جوازات السفر وتقديم الدعم اللوجيستي لعملياته والأمان النسبي لها وساهمت بقدر كبير في نجاح معظمها.. وليس هذا هو بيت القصيد؛ فالتاريخ يشهد في كل طائفة وفريق نماذج فريدة من دون أن يدل ذلك على صلاح معتقداتها ونبل أفعالها.
نعم.. إن هؤلاء المتعاطفين والمتباكين الشيعة معذورون إزاء أسطورة بهرتهم ـ على افتراض أسطوريتها ـ، وهؤلاء لا عتب عليهم ولا لوم.. لا نلوم اليهود إن بكوا شارون ولا نلوم النصارى إن بكوا بابا الفاتيكان، فكذلك لا نلوم "حزب الله" إن بكى عماد مغنية بأي اسم كان، أكان فارسياً أم عربياً
وإنما بيت القصيد، ومناط اللوم والعتب، على قوى تنتمي إلى السواد السني العريض في عالمنا الإسلامي تقيم مجالس التأبين لرجل أوقف حياته لتنفيذ أجندة إيرانية بكل ما تحمله من طموحات نراها متعارضة تماماً مع طموحاتنا الإسلامية والعربية والقومية والوطنية مهما كانت توجهاتنا الأيديولوجية داخل الحيز السني، فلا الإسلاميين ولا العروبيين ولا القوميين ولا الوطنيين سيعود عليهم ذاك الاحتفاء بالرجل بالنفع ولا التسويق لأجندة ما يسمى بـ"المقاومة" في لبنان التي هي ضد أجندات كل هؤلاء سواء أكانت واحدة أم متعارضة.
إننا قد نظرنا بكل أسى لحالة استجداء يستغلها الخصم ولا يفيد منها الصديق من قبل قوى بعضها نكن له احتراماً ولا نشك في إخلاصه ورغبته في تحقيق خير للأمة وإن أبعد النجعة هنا أو خالف الصواب هناك.
وبكل احترام للمخلصين فقط من مخالفينا في قضية مغنية، نقول لهم إن عماد مغنية القائد الأمني والاستخباري الشيعي وإن نفذ أحياناً عمليات ضد قوات الاحتلال في لبنان يوماً ما؛ فهو لم يفعل ذلك سوى لتعبيد الطريق لاحتلال فارسي آخر تلوح اليوم ملامحه ليس في لبنان وحدها بل يتعداها إلى خارج حدودها الشرقية، وهو وإن فعل ذلك، لقد قام في مقابله بعمليات إرهابية بحتة في أكثر من بلد عربي وتعدى نشاطه إلى العراق ولبنان (في حيزه المسلم) والكويت وغيرهم.. ولذا نقول لهؤلاء: إن عماد مغنية قد يكون بطلاً في حس البعض لكنه ليس بطلنا ولا شهيدنا، وحسب أهله وشيعته فقط أن يتقبلوه فيه العزاء.