أنت هنا

العراق الحزين..عندما يصبح البلد كعكة!!
9 صفر 1429

ذات يوم كان هنالك بلد عريق اسمه العراق، يضرب في أعماق التاريخ الإنساني،وإن كان قد بلغ ذروة تألقه حقيقة عندما تبوأ مركز قيادة العالم وبؤرة الحضارة في ظل الخلافة الإسلامية.
أما اليوم فقد تكالب على بلاد الرافدين، حقدان يدّعيان أنهما متناقضان متصارعان:حقد اليهود القائم منذ نبوخذ نصر والسبي البابلي،وحقد المجوس المستمر منذ أن اغتال الخنزير أبو لؤلؤة فاروق هذه الأمة في صلاة الفجر!!ولذلك كان الكرد المتعلمنون والرافضة التابعون لولاية الفقيه،مطية الغازي الصليبي لاحتلال بلدهم ونهب ثرواته!
وبعيدا عن الذرائع الكاذبة الساقطة على الملأ حتى باعتراف متأخر من الغزاة أنفسهم،وكذلك بعيدا عن تأسف أكثر العراقيين البسطاء على أيام صدام حسين؛ فإن أحدث الوقائع في العراق المحتل، ما زالت تحمل نذر الشر والبؤس والخراب؛ فبعد مناحرات مضحكة/مبكية دامت شهورا عديدة، توصل ما يسمى"البرلمان"العراقي، إلى صفقة أقر بموجبها ثلاثة قوانين لمصلحة ثلاث من الفئات التي تتقاسم العراق، على تفاوت هائل في حصص المقتسمين.
فالحزبان الكرديان عطّلا البرلمان إلى أن حصلا على نسبة 17% من الميزانية العامة للدولة، ورافضة الائتلاف بزعامة وكيل طهران عبد العزيز الحكيم لم يتزحزحوا عن إقصاء جبهة التوافق التعسة قبل أن يقر لهم الجميع بقانون يكمل تفكيك ما تبقى من العراق تحت شعار(المحافظات غير الداخلة في أقاليم!!)، أما الناطقون ظلما باسم العرب السنة فنالوا قانونا للعفو العام عن ألوف المعتقلين في سجون الصفويين وسجون المحتلين ظلما وعدوانا، إذ يقبعون هناك منذ سنوات بلا محاكمة، ويتعرضون لأبشع أنماط التعذيب والإذلال النفسي والجسدي!!
ولو لم يكن المشاركون باسم السنة شهود باطل لما انخرطوا أصلا في مشروع الاحتلال، الذي سلّم العراق للصفويين في قم ولأذنابهم في العراق، وقد لمسوا حجم الضغينة لدى القادمين إلى السلطة بحماية حراب الغزاة على الإسلام وأهله.
هم يتذرعون بما يسمونه واقعية ينبغي تسميتها (الوقوعية)؛ فالعاقل لا ينضم إلى مشروع بناء مغلوط جذريا،وليس أدل على ذلك من شكاواهم بأنفسهم من سوء المعاملة التي يلقونها من الحكيم وبطانته الطائفية الموتورة.
أليس يعلم أولئك المخدوعون أن إطلاق المعتقلين اعتقالا تعسفيا، محظور حتى في الدستور الذي فرضه المحتل وأزلامه، فما بالهم يسلمون بتفتيت بقايا العراق وتسليم زمامه إلى جلاديه المتآمرين، في مقابل إطلاق بعض السجناء؟ أفلم يلحظوا أنهم بقانونهم الرديء هذا أسبغوا شرعية زائفة وغير دستورية على الاحتجاز مدة ستة أشهر بلا محاكمة بل ولا اتهام!!
أفلم يروا بأم أعينهم أن الجهة الوحيدة التي تؤرّق الاحتلال وأدواته، تنحصر في المقاومة الشريفة عسكريا، وفي هيئة علماء المسلمين سياسيا؟
ولو كانوا صادقين مع شعاراتهم لانسحبوا بعد أن تبين لهم سوء المنقلب من المشاركة البائسة، هذا على افتراض أنهم اجتهدوا اجتهادا خاطئا، وهو مجرد افتراض لأن قضية الاحتلال مما لا يجوز فيه اجتهاد، ليس بالمعيار الشرعي الذي يزعمون التزامه فحسب، بل حتى بالمقاييس الوطنية المحضة.أليس يلعن الفرنسيون حتى يوم الناس هذا حكومة فيشي والجنرال بيتان لتعاونهما مع النازيين عندما احتلوا فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية(1939-1945م)؟
ألا يدري هؤلاء أن آلافا من عملاء الاستعمار الفرنسي في الجزائر هلكوا في فرنسا منبوذين لا يستطيعون العودة إلى وطنهم الذي خانوه، ولا يحظون بمعاملة كلاب الممثلة السابقة العجوز الحيزبون بريجيت باردو؟
إن حال هؤلاء شر من حال الآخرين؛ فالقيادات الكردية شريكة للمحتل من قبل سقوط صدام، وكذلك أذيال الملالي، أما الملتحقون من السنة فهم ديكور يحتاج إليه الغزاة للتخلص من وطأة المقاومة، وللادعاء بنجاح مشروعهم الدنيء.
فهلا يراجعون أنفسهم باعتبار أن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل؟