أنت هنا

رام الله وموسم التخفيضات
7 محرم 1429

قبل أن يغادر جورج بوش الابن المنطقة العربية،وبعد أن منح ربيبته الدولة الصهيونية الفاجرة تفويضا بيهوديتها،و"منح"أتباعه في رام الله إسقاط حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم،سارعت عصابة سارقي حركة التحرير الوطني الفلسطيني(فتح)،إلى تنفيذ آخر وأحدث أمر عمليات في سجلها المخزي،فبادرت إلى تصعيد الشقاق في الصف الداخلي الفلسطيني،وهاجمت أكثرية الشعب الذي يفترض فيها أن تقود نضاله،ممثلا في حركة حماس وسائر فصائل المقاومة،التي ترفض الاستسلام لأوامر أولمرت.فسيوف هؤلاء لا توجه أصلا إلا لرقاب الفلسطينيين،بحسب اتفاقات أوسلو المخزية وسائر توابعها في اللجنة الرباعية وملحقاتها.
وليس أدل على هذا الفصل التآمري الجديد،من أنه يأتي بعد مساع حميدة قامت بها المملكة العربية السعودية ومصر،بين حماس وفتح،وهي جهود أوشكت على إعادة الحوار الفلسطيني إلى بداية جادة وحقيقية،تضع حدا للتمزق الذي تسببت به عصابة الإسمنت والسيارات الفخمة المسروقة،والتي دأبت على تقديم معلومات مفصلة إلى الموساد والشاباك عن تحركات المجاهدين تمهيدا لتصفية من لم يستطع"الأمن الوقائي"!! تصفيتهم جسديا.
فما الحل المتاح أمام العصابة وهي تدرك مأزقها في الداخل وعجزها إلا على البطش بمن يقع في قبضتها في الجيوب المفككة،التي يحاصرها الاحتلال،ويسلط الزبانية المحليين على أهلها المغلوبين على أمرهم؟.
وبما أن التاجر المفلس يعود إلى دفاتره القديمة،عادت عصابة رام الله إلى أشلاء منظمة التحرير الفلسطينية،لتتخذ منها دريئة تتستر بها للإجهاز على ما تبقى من القضية الكبرى.
من هنا كان انعقاد ما يسمى المجلس المركزي،تلويحا لدكاكين القضية المفلسة،بغنائم سلطوية هزيلة من الفتات الذي يزيد عن قصعة اليهود.ولم يجد هؤلاء الذين تفرق دم القضية بينهم من قبل،سوى فتح النار على آخر قلاع الثبات الفلسطينية،والدعوة إلى استئصالها لكي يخلو مزاد التصفية الأخير من أي منغصات!!
وقد برهن أصحاب الدكاكين المفلسة أنهم جاهزون عند الطلب،بعد أن أقصتهم العصابة التي اختطفت المنظمة وفتح والقضية.وهذه العصابة لن تخسر شيئا فهي لن تعطي هؤلاء المفلسين شيئا سوى مناصب وامتيازات فئوية وشخصية،في مقابل غطاء من شرعية زائفة مستعارة.
وكالعادة سوف تستغني عن خدماتهم فور انتهاء مهمتهم الملوثة،واستخدامهم واجهة لمحاربة حماس وتركيع أهل غزة،ما دامت قبضته صلبة في الضفة المحتلة حيث الرعاية اليهودية مباشرة وقوية.
وبذلك يعيد التاريخ نفسه،وتعود زعامة فتح إلى توزيع فتات فتاتها على أصحاب الدكاكين الصغيرة الملحقة،ثم تعيد إغلاقها.أليس ذلك ما حدث عشية أوسلو وما بعدها،فبعد انتفاء الحاجة إلى المنظمات التابعة والمنافسة،أقفلت منظمة التحرير بإحكام،وتم تجميد هياكلها كافة.
بيد أن أولئك التجار الصغار واهمون،ولو كانت تصفية القضية ميسورة إلى هذه الدرجة،لما احتاجت تل أبيب إلى خدماتهم،ولا سيما أن الإف16 ومروحيات الأباتشي ودبابات ميركافا،عجزت عن اقتلاع روح المقاومة من شعب فلسطين،مضافا إلى ذلك كله كلاب الحراسة المحلية،وقطع الدواء والغذاء عن الشعب المكافح المصابر.
فهل يعي هؤلاء قبل فوات الأوان،أم أن المال الحرام والترف الشخصي لهؤلاء وأذنابهم،يغلبان حتى صوت المصلحة الذاتية بمعيار عملي وواقعي؟أما من يتوقع من هؤلاء وأمثالهم صحة ضمير،فإنه في حاجة إلى أن يصحو من غفوته والتخلص من أحلام يقظته،فما هي إلا أضغاث أحلام لا محل لها من الإعراب.وصدق أبو الطيب في قوله:

من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام