أنت هنا

بضاعة بوش المزجاة والمشتري اليتيم!!
4 محرم 1429

"إليكم أيها العرب والمسلمون أحدث منتجات "العم سام"،تتسلمونها بلا مقابل،وهذا ما لا نفعله مع أحد من الأمم سواكم.فنحن نحبكم!!ماذا تقولون في القلوب ألستم تقولون في مأثوراتكم الشعبية الجميلة:القلب وما يهوى؟!"....
لنتخيل-للحظات-أن هذا الترويج الخائب جاء في أفلام الكرتون التي يصدّرها الأمريكيون لمسخ أطفال العالم،فهل من عاقل يتوقع أن ينطلي تسويق بهذا المستوى من البؤس على الأطفال في المرحلة الابتدائية؟فما لزعيم أقوى دولة في العالم،يظن أن منتجاته التعسة،سوف تخدع ساسة ومفكرين ورجال علم وأدب وإعلام؟
ألم يفشل في عقر داره –بمؤتمر أنابوليس مؤخرا-في التلاعب بالعرب وجذبهم إلى هوة التطبيع المجاني مع الكيان الصهيوني؟أولم يضطر إلى إظهار سروره المصطنع بما ادعى تحقيقه هناك،في حين أن الصحافة الأمريكية-قبل سواها-فضحت "النصر"المزعوم،وكشفت طبيعته الدعائية المحضة؟فالإنجاز اليتيم في أنابوليس تمثل في اقتياد سلطة رام الله إلى مفاوضات بلا سقف،مع الاحتلال اليهودي،بل وفقا لخطط الحاخامات/الجنرالات في تل أبيب!!وهذا إنجاز يثير ضحكا كالبكاء،لأنه تحصيل حاصل فهو في جعبة أولمرت ورهن إشارة باراك من قبل ومن بعد.
ومتى كان مولود أوسلو المسخ مستقلا عن الإملاءات العبرية،باستثناء فترة حصار صاحبها عرفات،الذي ربما راجع نفسه متأخرا،أو استعصى عليه المضيّ في تسديد الثمن فاختار موقفا دفع ثمنه حصارا مذلا ثم موتا مريبا.
وها هي رحلة بوش تأتيه بالثمار المرّة ذاتها،فلهو لن يجد مشترين جددا،فبعض المستهدفين يدرك أنه ليس في جراب الرئيس الأمريكي سوى الأفاعي الرقطاء،وبعضهم لا يجرؤ على الجهر باستسلامه،وثمت فريق يتاجر بالصمود لمصالحه الخاصة.أما المشترون المعتادون كخاطفي حركة فتح،فليس لديهم ثمن البضاعة،إذ إنهم قاموا بكل ما في وسعهم من نحر لشعبهم وتمزيق لمجتمعهم وتآمر على المجاهدين من أبنائه،بما في ذلك منع الجمعيات الخيرية التي تساعد عائلات الشهداء والأسرى.فقوتهم لا تمارس إلا على ضحاياها الواقعين في قبضتها رغما عن إرادتهم،بما في ذلك منع مظاهرة سلمية تعترض على قدوم بوش المنحاز كليا إلى اليهود على عدوانهم وتوسعهم!!والمضحك/المبكي أن اليهود الذين لا يعيشون إلا بأموال واشنطن وسلاحها،استقبلوا بوش بمظاهرات مناوئة لم يزعمون أنه تراجع منه عن تأييد الملطق لهم،ما دام لا يؤازرهم في اجتياح العالم العربي كله!!
وما الذي جاء به بوش أصلا لينقذ أدواته الفاشلة؟
أولى هداياه كانت تأكيد الطابع اليهودي الصرف للكيان الصهيوني،الأمر الذي يعني التفريط الرسمي بحق اللاجئين في العودة،بل إنه ينطوي على تهديد بقاء عرب 1948 مع أنهم يحملون جنسية الدولة الغاصبة"واحة الديموقراطية"في المنطقة،بحسب الأسطورة الأمريكية الأمّ!!
ولم يكن لدى بوش ذرة من اللياقة،وهو يقايض شعب فلسطين المشرد بدريهمات في مقابل التنازل عن وطنه المبارك المقدس!!ربما لأن أكثرية الأمريكيين ليسوا أصحاب وطن أساسا،فهم غزاة كأتباعهم اليهود،استأصلوا أهل الأرض الأصليين،وأقاموا دولة القوة المتغطرسة على أشلاء الهنود الحمر وفوق جماجمهم..
وبوش قدم إلى المنطقة بمشروع لإدامة الفتنة وزيادة احتراقها،فهو يدعو إلى محاربة حماس وغيرها من فصائل المقاومة،ويضعها مع "حزب الله"ونظام الآيات في قم،يضعهم جميعا في سلة واحدة،بالرغم من أنه يعلم نقيض ذلك تماما!!بل إن سياساته الفعلية تتعامل مع الجهتين المتمايزتين تعاملا مختلفا اختلافا جذريا.ففي حين يحاصر وأذنابه اليهود نحو مليوني فلسطيني في قطاع غزة،يكتفي بالتهويش الإعلامي ضد حسن نصر الله،ويقدّم بقواته المحتلة كلا من العراق وأفغانستان هدية مجانية لنظام خامنئي!!
وإذا كان ما يزعمه بعض المحللين صحيحا عن احتمال توجيه ضربة عسكرية أمريكية محدودة لإيران،فإنها بؤس إضافي يريد البيت الأبيض جلبه إلى العرب بالذات،فهو يسعى إلى أن يتحملوا عنه ردة فعل الرافضة المتوقع،لأنه يعلم يقينا أننا العدو الحقيقي عند هؤلاء القوم.