أنت هنا

إنهم يذلون أنفسهم
16 ذو الحجه 1428

"مشرف يذل نفسه ما إن يتلقى مكالمة واحدة من واشنطن (حتى يبادر بالإجابة عليها)".."(عندما يوم كنت في السلطة في العام 1998) رفضت الرد على خمس مكالمات هاتفية من الرئيس الأميركي بيل كلينتون حين أراد الاعتراض على التجارب النووية الأولى لباكستان".. "باكستان باتت موضع سخرية في العالم أجمع".."مشرف جعل منا أضحوكة بفصله القضاة." .."أصبحنا موضع سخرية العالم.. حتى في الهند".."ينبغي أن نحرر بلدنا من الأباطرة."، ما قاله رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف في جولته الانتخابية التي قادته إلى سوكور بجنوب البلاد وسط حشد محدود من أنصاره دلت على أن الزعيم الباكستاني قد أراد أن يسير إلى نهاية الطريق حيث لا تقارب متوقع مع الرئيس الباكستاني كما هو الحال مع رئيسة الوزراء الطائفية بنظير بوتو التي حافظت على مسافة غير بعيدة من النظام الباكستاني الموالي للولايات المتحدة الأمريكية، وفي قلبه الرئيس الباكستاني برفيز مشرف.
بوتو التي وضعت على ساعدها شارة تحمل عبارة "يا علي" أملاً في استجلاب "المدد" من الخليفة الراشد الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أو بهدف دغدغة مشاعر الآلاف من طائفتها الذين يؤمنون بمثل ما تؤمن به!!، حملت على المدارس الإسلامية السنية وحدها في مهرجانها الانتخابي الذي عقد في بلدة لاركانا التي تنتمي إليها عائلتها في جنوب البلاد، مشددة على ما دعته بضرورة "إصلاح" المدارس الدينية، التي قالت إن الدولة لم تفعل بشأنها شيئاً، وهي تعني بالأكيد أن نظام مشرف لم يكمل ما بدأه من البطش بها، والذي اتصل حتى مس المسجد الأحمر الكبير في إسلام آباد ذاته حرقاً واقتحاماً وتفجيراً خلال العام الحالي، فقتل فيه المئات من المسلمين العزل.. وهي ادعت أنها "تحترم المدارس الدينية الحقة، لكن هناك المدارس الدينية السياسية، التي تعلم تلاميذها كيف يصنعون القنابل وكيف يستخدمون البنادق وكيف يقتلون النساء والأطفال والشيوخ."!!
وهذا أبرز ما قالته بوتو في حشدها الجماهيري الذي لم تر في نظام مشرف سوى عجزه في قمع طلاب المدارس الدينية التي يخرج منهم فئة قليلة تحمل السلاح مثلما هو معروف في باكستان، لكن عينيها ظلت كليلة عن رؤية الاستبداد الذي ينفذه النظام الباكستاني، والارتهان للأجنبي المحتل، وتبخر القوة الإقليمية السابقة لباكستان إبان حكم الرئيس ضياء الحق وما تبقى منها في عهد نواز شريف..
إن أهل الذل أبداً ما يستنكفون عن خدمة العدو المحتل وعن لعق حذائه إن لزم الأمر، وستجدونهم دوماً شركاء في ذلك يتسابقون إليه، تراهم يسارعون فيهم يقولون تخشى أن تصيبنا دائرة، ويقولون إن رضوا فلا سخط من بعد، وستجدونهم إن اختلفوا فبمقدار تفاوتهم في خدمة أسيادهم، وعليه فلم ير هو ولا رئيسة الوزراء المنتظرة داعياً لأن يغضبوا مما ذكرته صحيفة نيويورك تايمز أمس عن أن المليارات الخمسة التي منحتها الولايات المتحدة لنظام باكستان بهدف مكافحة الإرهاب لا غير من دون أي حديث جرى عن تنمية داخلية أو ضمان اجتماعي أو صحة أو تعليم أو ما شابه، وليس سوى للعمل كمرتزقة تسند الجندي الأمريكي العاثر في أفغانستان وغيرها، ليست إلا دريهمات ذل وتركيع وإذعان للحد الذي جعل سياسياً بحجم نواز شريف يصرخ بكلمات مفعمة بالمرارة ـ ولو ظاهرياً ـ بأن نظام الذل قد جرع بلاده الذل، وأن الجنرال المستمسك بالعرش قد صيرها "أضحوكة العالم"، مع ما تحمله هذه الكلمة من ثقلة نفسية كبيرة على نفس سياسي محنك كشريف وما تجره على بلاده من معرة.. جلبها الذين يستمرئون الذل ويعشقون الركوع..